تركيا ترفض تقرير التقدم في مفاوضاتها مع الاتحاد الأوروبي

انتقد وضع الديمقراطية والحريات والحقوق الأساسية واستقلالية القضاء

أتراك ينتظرون لزيارة نصب مصطفى كمال أتاتورك بالذكرى الـ85 لوفاته في أنقرة أمس (إ.ب.أ)
أتراك ينتظرون لزيارة نصب مصطفى كمال أتاتورك بالذكرى الـ85 لوفاته في أنقرة أمس (إ.ب.أ)
TT

تركيا ترفض تقرير التقدم في مفاوضاتها مع الاتحاد الأوروبي

أتراك ينتظرون لزيارة نصب مصطفى كمال أتاتورك بالذكرى الـ85 لوفاته في أنقرة أمس (إ.ب.أ)
أتراك ينتظرون لزيارة نصب مصطفى كمال أتاتورك بالذكرى الـ85 لوفاته في أنقرة أمس (إ.ب.أ)

رفضت تركيا ما وصفته بـ«الادعاءات والانتقادات غير العادلة» الواردة في تقرير المفوضية الأوروبية حول التقدم في مفاوضات عضويتها بالاتحاد الأوروبي للعام 2023، لا سيما في ما يتعلق بالمعايير السياسية والفصول الخاصة بالسلطة القضائية والحقوق الأساسية.

ودعت أنقرة الاتحاد الأوروبي إلى إزالة العقبات التي تعترض عملية انضمامها إليه، وتحمل المزيد من المسؤوليات والوفاء بمبدأ الحفاظ على الاتفاقات، وتعزيز التعاون بما يتماشى والمصالح المشتركة، شريطة العمل بروح التعاون والحوار بدلًا من الانتقاد أحادي الجانب وغير العادل.

وقالت الخارجية التركية: «على الرغم من أن تقرير تركيا لعام 2023 هو التقرير الخامس والعشرون الذي أعدته المفوضية لبلدنا، فإن حقيقة تمسُك الاتحاد الأوروبي بنهجه غير العادل والمتحيز تجاه تركيا أمر مقلق لمستقبل قارتنا التي تواجه الكثير من التهديدات».

رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين في مؤتمر صحافي ببروكسل الأربعاء الماضي (أ.ف.ب)

انتقادات شديدة

وحذر التقرير السنوي للاتحاد الأوروبي، الذي أعلنه كل من رئيسة المفوضية الأوروبية، أورسولا فون دير لاين، ومفوض شؤون الجوار والتوسيع أوليفر فارهيلي في مؤتمر صحافي في بروكسل، الأربعاء، من وجود أوجه قصور خطيرة في أداء المؤسسات الديمقراطية في تركيا، وكذلك استقلال القضاء، وحرية التعبير والتجمع، وضعف الجهود المبذولة لمكافحة الفساد.

ونبه إلى أن تركيا واصلت تراجعها في مجال التحول الديمقراطي مع استمرار المشكلات الهيكلية، خصوصاً في النظام الرئاسي، وعدم تطبيق توصيات لجنة البندقية التابعة لمجلس أوروبا بشأن هذا النظام.

ولفت إلى التغطية أحادية الجانب في وسائل الإعلام وعدم توافر شروط متساوية للمرشحين في الانتخابات الرئاسية والبرلمانية في مايو (أيار) الماضي، وهو ما أعطى حزب «العدالة والتنمية» الحاكم والرئيس رجب طيب إردوغان ميزة «غير عادلة».

وأوضح أن السلطات مركّزة على المستوى الرئاسي، ولا يمكن تحقيق فصل سليم وفعّال بين السلطات التنفيذية والتشريعية والقضائية، بسبب عدم فاعلية آلية التوازن والرقابة.

وأشار التقرير إلى أن التعددية السياسية لا تزال تتعرض للتقويض عبر استهداف أحزاب المعارضة والنواب الواحد تلو الآخر. وحذر من أن ضغط الحكومة على رؤساء البلديات الأعضاء في أحزاب المعارضة يضعف الديمقراطية المحلية.

وأكد أن حريات التعبير وتكوين الجمعيات والتجمع مقيدة، وأن هناك تمييزاً بين الجنسين وضد الأقليات والأفراد من مجتمع المثليين، ولا يزال العنف والتمييز وخطاب الكراهية مصدرَ قلقٍ بالغٍ.

ورصد التقرير «استمرار التدهور الخطير في استقلالية القضاء، إلى جانب عدم التزام أنقرة بقرارات محكمة حقوق الإنسان الأوروبية»، وعدّه أمراً مثيراً للقلق.

وذكر أن السلطات التركية لا تبدي الالتزام الكامل بمبادئ سيادة القانون، وحقوق الإنسان، والحريات الأساسية في إجراءاتها لمكافحة الإرهاب.

وأكد التقرير غياب استراتيجية وخطة عمل لمكافحة الفساد، وعدم الالتزام بتوصيات مجموعة دول مجلس أوروبا، ما يدل على عدم وجود إرادة لمحاربة الفساد بشكل حاسم.

رد تركي

وقالت الخارجية التركية، في بيانها رداً على التقرير إن «تقديم ادعاءات غير عادلة ضد بلدنا بشأن الكثير من القضايا، هو مظهر من مظاهر نهج الاتحاد الأوروبي غير الصادق، وازدواجية المعايير».

وعدّ البيان أن «من غير المتسق عرقلة آليات الحوار والتعاون رفيعة المستوى الحالية مع تركيا، بوصفها دولة مرشحة، بشأن السياسة الخارجية والتطورات الإقليمية، والأمن والدفاع والقضايا القطاعية، ومن ثم يتم الادعاء بأن امتثالنا لسياسات الاتحاد الأوروبي في هذه المجالات الحيوية قد انخفض».

وقال البيان: «إننا نعدّ تضمين التقرير الأوروبي نقداً لبلادنا، وتأكيده أن موقف تركيا تجاه الحرب بين (حماس) وإسرائيل يتعارض تماماً مع موقف الاتحاد الأوروبي، هو بمثابة إشادة بنا».

أضاف أنه «يتعين تذكير الاتحاد الأوروبي، الذي يقف في المكان الخطأ من التاريخ في مواجهة مذبحة مدنية عادت إلى الظهور من ظلمات العصور الوسطى في القرن الحادي والعشرين، بأن السياسات القائمة على القيم العالمية والقانون الدولي والمبادئ الإنسانية يجب ألا تكون صالحة لأوكرانيا أو أية منطقة أخرى في أوروبا فحسب، بل لجميع أنحاء العالم، بما في ذلك الشرق الأوسط».

وفي ما يتعلق بقضايا شرق البحر المتوسط وقبرص وبحر إيجه الواردة بالتقرير، عدّتها الخارجية التركية انعكاساً للأطروحات اليونانية القبرصية «غير القانونية وغير الواقعية والمتشددة»، واستمراراً للموقف الإقصائي المتجاهل للسياسات المحقة لتركيا وحقوق القبارصة الأتراك، تحت ستار التضامن مع الدول الأعضاء.

مفوض شؤون الجوار والتوسيع في الاتحاد الأوروبي أوليفر فارهيلي في مؤتمر صحافي ببروكسل الأربعاء الماضي (د.ب.أ)

ورأى البيان أن تأكيد التقرير الأوروبي على تطور الاقتصاد التركي وقدرته على مواجهة الضغوط التنافسية وقوى السوق داخل الاتحاد، فضلاً عن مواءمة تركيا تشريعاتها معه، هو مؤشر على السياسات الحازمة التي تتبعها للامتثال لمعايير الاتحاد في كثير من المجالات.

وشدد على الحاجة لتعزيز العلاقات في جميع المجالات أكثر من أي وقت مضى، وأن هذه الحقيقة يقرها الاتحاد الأوروبي ذاته.


مقالات ذات صلة

3 سيّدات يروين لـ«الشرق الأوسط» رحلة الهروب من عنف أزواجهنّ

يوميات الشرق في عام 2023 قُتلت امرأة كل 10 دقائق على يد شريكها أو فرد من عائلتها (أ.ف.ب)

3 سيّدات يروين لـ«الشرق الأوسط» رحلة الهروب من عنف أزواجهنّ

«نانسي» و«سهى» و«هناء»... 3 أسماء لـ3 نساءٍ كدن يخسرن حياتهنّ تحت ضرب أزواجهنّ، قبل أن يخترن النجاة بأنفسهنّ واللجوء إلى منظّمة «أبعاد».

كريستين حبيب (بيروت)
آسيا نيلا إبراهيمي ناشطة في مجال حقوق الفتيات الأفغانيات تفوز بجائزة السلام الدولية للأطفال (أ.ف.ب)

فرت وعائلتها هرباً من «طالبان»... أفغانية تفوز بجائزة السلام الدولية للأطفال

فازت فتاة مراهقة فرت مع عائلتها من أفغانستان بعد عودة «طالبان» إلى السلطة قبل ثلاث سنوات، بجائزة «كيدز رايتس» المرموقة لنضالها من أجل حقوق المرأة.

«الشرق الأوسط» (كابل - أمستردام)
شمال افريقيا أوزرا زييا (الثانية على اليسار) بجانب السفير الجزائري في واشنطن (السفارة الأميركية في الجزائر)

مسؤولة أميركية تبحث بالجزائر الحرية الدينية وإدارة الهجرة

عطاف اتصل هاتفياً بنظيره الأميركي، وأبلغه بأن «معلوماته بشأن الحرية الدينية في الجزائر، خاطئة وغير دقيقة».

«الشرق الأوسط» (الجزائر)
المشرق العربي البروفسور نظام محمود

جرّاح بريطاني يصف استهداف الطائرات المُسيّرة للأطفال في غزة

روى جراح متقاعد من لندن ما شاهده خلال عمله التطوعي في مستشفى بغزة، وتحدث عن استهداف الطائرات المُسيّرة للأطفال بعد القصف.

«الشرق الأوسط» (لندن)
شؤون إقليمية امرأتان تشربان الشاي في الهواء الطلق بمقهى شمال طهران (أ.ب)

إيران: عيادة للصحة العقلية لعلاج النساء الرافضات للحجاب

ستتلقى النساء الإيرانيات اللاتي يقاومن ارتداء الحجاب، العلاجَ في عيادة متخصصة للصحة العقلية في طهران.

«الشرق الأوسط» (لندن)

موسكو تؤكد عزمها الرد على التصعيد الأميركي «غير المسبوق»

صحافيون يلتقطون صوراً لبقايا صاروخ استهدف منطقة دنيبرو في مركز لتحليل الطب الشرعي بمكان غير محدد بأوكرانيا الأحد (أ.ب)
صحافيون يلتقطون صوراً لبقايا صاروخ استهدف منطقة دنيبرو في مركز لتحليل الطب الشرعي بمكان غير محدد بأوكرانيا الأحد (أ.ب)
TT

موسكو تؤكد عزمها الرد على التصعيد الأميركي «غير المسبوق»

صحافيون يلتقطون صوراً لبقايا صاروخ استهدف منطقة دنيبرو في مركز لتحليل الطب الشرعي بمكان غير محدد بأوكرانيا الأحد (أ.ب)
صحافيون يلتقطون صوراً لبقايا صاروخ استهدف منطقة دنيبرو في مركز لتحليل الطب الشرعي بمكان غير محدد بأوكرانيا الأحد (أ.ب)

أكدت موسكو، الأحد، عزمها الرد على ما سمّته التصعيد الأميركي «غير المسبوق»، فيما دعا الرئيس الأوكراني إلى تعزيز الدفاعات الجوية لبلاده بعدما أسقطت وحدات الدفاع الجوي 50 من إجمالي 73 طائرة مسيّرة أطلقتها روسيا ليل السبت - الأحد فوق كثير من المناطق.

وقال الكرملين في بيان إنه يتعين على روسيا أن ترد على التصعيد غير المسبوق الذي أثارته الإدارة الأميركية بسماحها لأوكرانيا باستخدام صواريخ بعيدة المدى يمكن أن تصل إلى قلب روسيا. وأضاف أن الولايات المتحدة تتخذ «خطوات متهورة» بشكل زائد مما يثير توترات بشأن الصراع في أوكرانيا. وذكّر الكرملين بأن «العقيدة النووية المحدثة لروسيا بمثابة إشارة إلى الغرب».

وخففت روسيا الأسبوع الماضي من القيود المفروضة على العقيدة النووية ليصبح من الممكن عدّ أي هجوم تقليدي بمساعدة بلد يمتلك قوة نووية هجوماً مشتركاً على روسيا.

«أضرار بالغة خلال دقائق»

وفي وقت لاحق، حذّر نائب رئيس مجلس الأمن الروسي دميتري ميدفيديف الولايات المتحدة من أن روسيا ستزود أعداء أميركا بتقنيات نووية إذا أقدمت واشنطن على تزويد كييف بأسلحة نووية. ونقلت وكالة «سبوتنيك» الروسية للأنباء عن ميدفيديف قوله: «صاروخ أوريشنيك الروسي يمكنه إلحاق أضرار بالغة بالعواصم الغربية خلال دقائق»، داعياً أوروبا إلى التوقف عن الدعم العسكري لأوكرانيا. وأضاف ميدفيديف، في منشور عبر تطبيق «تلغرام»: «تتساءل أوروبا عن الضرر الذي يمكن أن يسببه نظام (أوريشنيك) إذا كان مزوداً برؤوس نووية، وما إذا كان من الممكن إسقاط هذه الصواريخ ومدى سرعة وصولها إلى عواصم العالم القديم»، بحسب ما ذكرته وكالة «سبوتنيك» الروسية للأنباء. وقال ميدفيديف إن «الضرر سيكون بالغاً، ومن المستحيل إسقاط الصاروخ بالوسائل الحديثة، نحن نتحدث عن دقائق»، مشيراً إلى أن «الملاجئ لن تساعد في شيء، وأن الأمل الوحيد هو أن تقدم روسيا على إصدار تحذير مسبق قبل عمليات الإطلاق... ولذلك من الأفضل للعواصم الغربية التوقف عن دعم الحرب في أوكرانيا». وكان المتحدث باسم الكرملين، دميتري بيسكوف قد أكد أن المواجهة الحالية يتم إشعالها من قبل الدول الغربية، مشيراً إلى أن المرسوم الخاص بتحديث العقيدة النووية لروسيا يمكن عدّه إشارة للغرب.

الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي يتحدث خلال مؤتمر دولي في كييف السبت (د.ب.أ)

هجوم بـ73 مسيّرة

بدوره، قال الرئيس الأوكراني إن بلاده بحاجة إلى تعزيز دفاعاتها الجوية لحماية المدنيين بعدما أسقطت وحدات الدفاع الجوي 50 من إجمالي 73 طائرة مسيّرة أطلقتها روسيا الليلة الماضية فوق كثير من المناطق. وأضاف عبر تطبيق «تلغرام» أنه «تم إطلاق إنذارات من هجمات جوية بشكل يومي تقريباً في أنحاء أوكرانيا هذا الأسبوع». وتابع قائلاً إن روسيا استخدمت خلال الأسبوع الماضي أكثر من 800 قنبلة جوية موجهة ونحو 460 طائرة مسيّرة هجومية، وما يزيد على 20 صاروخاً من أنواع مختلفة. وذكر أن «أوكرانيا ليست أرضاً لتجربة الأسلحة فيها. أوكرانيا دولة ذات سيادة ومستقلة. لكن روسيا لا تزال تواصل مساعيها لقتل شعبنا ونشر الخوف والذعر وإضعافنا».

«إقالة» قائد عسكري روسي

في سياق متصل، قال مدونون موالون لروسيا ووسائل إعلام روسية إن موسكو أقالت جنرالاً كبيراً لتقديمه تقارير مضللة عن تقدم في الحرب، بينما يحاول وزير الدفاع أندريه بيلوسوف إقصاء القادة غير الأكفاء. ونقلت وسائل إعلام روسية عن مصادر لم تحددها قولها إن الكولونيل جنرال جينادي أناشكين قائد الجيش في المنطقة الجنوبية أقيل من منصبه. لكن لم يصدر بعد تأكيد رسمي.

واشتكى مدونون روس معنيون بالحرب منذ فترة طويلة من طريقة قيادة العمليات حول سيفيرسك، إذ قالوا إن الوحدات الروسية هناك يزج بها في معارك طاحنة دون دعم مناسب، مقابل ما بدا أنها مكاسب تكتيكية ضئيلة. وقال ريبار، وهو مدون مؤيد لروسيا يحظى باحترام: «فقط الكسالى لم يكتبوا عن المشاكل هناك... بشكل عام، استغرق الأمر من النظام نحو شهرين حتى يستجيب للأمر بالشكل المناسب». وأضاف ريبار: «أقيل أناشكين من منصبه بسبب تقارير كاذبة عن جبهة سيفيرسك»، مستخدماً الاسم الذي تطلقه روسيا على المنطقة، حسبما نقلت عنه وكالة «رويترز».

ونقلت صحيفة «آر بي سي» عن مصدر لم تذكر اسمه في وزارة الدفاع قوله إن أناشكين نُقل ضمن عمليات «تغيير مناصب مخططة» للقادة. وفي تقاريره عن تغيير القيادات، نقل المدون الحربي البارز المؤيد لروسيا يوري بودولياكا عن وزير الدفاع بيلوسوف قوله: «يمكن أن ترتكب الأخطاء لكن الكذب مرفوض».

وقبل حلول فصل الشتاء، تقدمت القوات الروسية بأسرع وتيرة في أوكرانيا منذ بدء الغزو في 2022، رغم أن التقدم جاء أبطأ بكثير في بعض المناطق، خصوصاً حول سيفيرسك في منطقة دونيتسك في الشرق. وإذا تمكنت روسيا من السيطرة على منطقة سيفيرسك، فيمكنها بعد ذلك التقدم نحو كراماتورسك وهي مدينة رئيسة في المنطقة.