في وقت تتجه فيه أنظار العالم إلى الحرب الإسرائيلية على غزة وما يتعرض له الفلسطينيون من هدم مبانٍ وتهجير مع قطع كل إمدادات الحياة من اتصالات ومياه وكهرباء، شدد وزير الخارجية البريطاني جيمس كليفرلي على «أهمية الدفع بالمبادرة العربية وحل الدولتين».
وقال وزير الخارجية البريطانية، في حوار مع «الشرق الأوسط» في الرياض الخميس: «إننا عملنا بجد للغاية لمنع تحول هذا إلى صراع إقليمي، وتحدثت مع وزراء خارجية السعودية (الأمير فيصل بن فرحان) ولبنان (عبد الله بوحبيب) والأردن (أيمن الصفدي) حول ذلك. وقبل يومين تحدثت مع وزير الخارجية الإيراني (حسين أمير عبداللهيان). وكل محادثاتي تدور حول محاولة منع انتشار هذا الوضع إلى البلدان المجاورة».
وأضاف كليفرلي: «تحدثت مع وزير الخارجية الإيراني بأنه يجب على الإيرانيين استخدام نفوذهم على (حزب الله) وعلى الحوثيين وعلى الميليشيات في العراق وسوريا لتوضيح أنه يجب عليهم ألا يستغلوا ذلك كفرصة لخلق المزيد من العنف في العراق وفي المنطقة».
وبرر كليفرلي الانعكاسات السالبة للموقف الأوروبي الداعم للموقف الأميركي بعد صدور موقف أممي بوقف الحرب على غزة، بـ«الخشية على حياة الإسرائيليين المهددة من قبل (حماس)»، داعيا إلى «سلطة فلسطينية تطمئن إسرائيل بجانب تطمينها للشعب الفلسطيني». فإلى تفاصيل الحوار:
ما الموقف البريطاني مما يحدث في قطاع غزة؟
- حقيقة رأينا الفظائع وأعمال العنف والإرهاب التي شهدتها إسرائيل في 7 أكتوبر (تشرين الأول). وكذلك رأينا أنهم يستجيبون لمحاولة إعادة إرساء أمنهم. نحن نحترم وندعم حق إسرائيل في الدفاع عن نفسها. نريد أن نرى إسرائيل آمنة ومأمونة. ولكننا نريد أيضا أن نرى الشعب الفلسطيني آمنا. نعتقد أن أفضل طريقة لتحقيق ذلك هي من خلال حل الدولتين، إذ لا بد أن تحفز القيادة الفلسطينية مبدأ المحبة للسلام في غزة وبجانب حق إسرائيل بالأمان داخل حدودها. وهذا ما نشجع إسرائيل على العمل من أجله، والتحدث مع القيادة الفلسطينية حول هذا الأمر أيضا. وسيكون هذا هو محور السياسة الخارجية البريطانية في المنطقة.
إلى أي مدى يمكنك استثمار العلاقة الاستراتيجية بين السعودية وبريطانيا للمساعدة في إيجاد حل لهذا الصراع؟
- نحن نقدر صداقتنا طويلة الأمد مع المملكة العربية السعودية. لقد أتيحت لي الفرصة هذا الصباح للقاء الأمير فيصل وزير الخارجية السعودي وناقشنا مبادرة السلام العربية وكذلك اتفاقيات أوسلو وناقشنا أيضا ما يمكننا القيام به الآن لمحاولة ضمان عدم تكرار عمليات القتل الفظيعة التي شهدناها في 7 أكتوبر والخسائر في الأرواح التي نشهدها في غزة الآن.
وتعتقد المملكة المتحدة أن أفضل طريقة لتحقيق ذلك هي التعامل مع هذا الوضع الرهيب واستخدامه لمحاكاة العالم للعمل من أجل التوصل إلى حل سلمي للدولتين. وهذا أمر ناقشناه مع أصدقائنا الأعزاء هنا في المملكة العربية السعودية ومع بقية وزراء خارجية العالم العربي.
وزير إسرائيلي تحدث عن إسقاط قنبلة نووية على غزة... كيف ترد على هذا؟
- إن تعليقات مثل هذه حول وضع سلاح نووي في غزة خاطئة تماما وغير مناسبة على الإطلاق. يسعدني جداً أن أقول إن رئيس الوزراء (بنيامين) نتنياهو أوقف الوزير على الفور، لذلك فمن الواضح أن رئيس وزراء إسرائيل لا يوافق على هذه التعليقات. مثل هذه التعليقات لا تساعد في إنهاء وضع صعب بالفعل. نحن بحاجة إلى عقول أكثر هدوءا، نحتاج إلى أشخاص مفكرين ملتزمين بالسلام، حتى نتمكن من العمل معهم لتحقيق إسرائيل المسالمة التي تعيش جنبا إلى جنب مع وطن فلسطيني مسالم.
كنت ذكرت مبادرة السلام العربية، ولكن ما هي رؤيتك بشأنها؟
- ربما يبدو حل الدولتين في هذه اللحظة وكأنه غير قابل للتحقيق. ونحن نرى الصور الفظيعة في غزة وننظر إلى جرائم القتل الفظيعة التي وقعت يوم 7 أكتوبر. ولكن من المهم ألا نترك هؤلاء الناس يموتون عبثا، ولهذا السبب فإن المملكة المتحدة متحمسة للغاية للعمل مع القيادة السلمية بين الفلسطينيين ومع الإسرائيليين للتوصل إلى حل سلمي لهذا الصراع.
تحدثنا عن مبادرة السلام العربية، وهناك الكثير مما نتفق معهم فيها. وستعمل المملكة المتحدة مع شركائنا، شركاء السلام في القيادة الفلسطينية وفي إسرائيل والعالم العربي، لمحاولة تحقيق السلام في هذه المنطقة، لأن الناس هنا يستحقون ذلك.
الولايات المتحدة وبعض الدول الأوروبية لا تؤيد وقف الهجوم الإسرائيلي على غزة... ما رأيك؟
- أؤكد أن السبيل الوحيد لتحقيق السلام هو عندما تشعر إسرائيل بأنها لم تعد مهددة من غزة. ومن المؤسف أننا نرى قيادة حماس تقول علنا بالتهديد، وبشكل منتظم، إنه إذا أتيحت لهم الفرصة، فسيرتكبون جرائم قتل جماعية، كما رأينا في السابع من أكتوبر، مرارا وتكرارا. وعندما تقول قيادة حماس مثل هذه الأمور، لا يمكن للإسرائيليين أن يشعروا بالأمان، ويسعون إلى الدفاع عن أنفسهم. لذا فإن أفضل طريقة لإنهاء هذا الأمر هي أن يتم تغيير هؤلاء الأشخاص العدوانيين، هؤلاء الأشخاص العنيفين في القيادة بأشخاص ملتزمين بالسلام. أعلم أن هناك الكثير من الفلسطينيين الملتزمين بالسلام. عندما يتولون مسؤولية الشعب الفلسطيني، لن تشعر إسرائيل بعد الآن بالتهديد، ولن تحتاج بعد الآن إلى القيام بعمل عسكري في غزة.
إلى أي مدى ترى أن الموقف الأوروبي المساند للموقف الأميركي لمنع صدور قرار أممي لإيقاف الحرب على غزة سيحفز عدة جهات إسلامية من بينها إيران و«حزب الله» على أن تلعب دورا في توسيع الصراع في المنطقة؟
- إننا عملنا بجد للغاية لمنع تحول هذا إلى صراع إقليمي، إذ أتيحت لي هذا الصباح فرصة اللقاء مع وزير الخارجية اللبناني، وتحدثت مع صديقي العزيز وزير الخارجية الأردني خلال اجتماع هذا الصباح أيضا. وقبل يومين تحدثت مع وزير الخارجية الإيراني. وكل محادثاتي تدور حول محاولة منع انتشار هذا الوضع إلى البلدان المجاورة. تحدثت مع وزير الخارجية الإيراني بأنه يجب على الإيرانيين استخدام نفوذهم على «حزب الله» وعلى الحوثيين وعلى الميليشيات في العراق وسوريا لتوضيح أنه يجب عليهم ألا يستغلوا ذلك كفرصة لخلق المزيد من العنف في العراق وفي المنطقة.