غزة... معارك ضارية ومحاولات توغل والقتال «من منزل إلى منزل»

الفلسطينيون يتحدثون عن 10 آلاف قتيل... وإسرائيل تقول إنها قتلت 20 ألفاً نصفهم قضوا «في أنفاق حماس»

TT

غزة... معارك ضارية ومحاولات توغل والقتال «من منزل إلى منزل»

نزوح إلى جنوب قطاع غزة عبر طريق صلاح الدين في البريج الأحد (أ.ب)
نزوح إلى جنوب قطاع غزة عبر طريق صلاح الدين في البريج الأحد (أ.ب)

في اليوم الـ30 للحرب على قطاع غزة، واصل الجيش الإسرائيلي، الأحد، محاولاته التقدم في عمق القطاع، على وقع تقارير عن قتال ضارٍ يدور من منزل إلى منزل، وسط مزيد من الغارات الجوية التي تسببت في سقوط ما لا يقل عن 200 قتيل في الساعات الماضية. ويرتفع بذلك عدد ضحايا الهجوم الإسرائيلي على غزة إلى قرابة 10 آلاف قتيل، وفق مصادر فلسطينية، بينما يضع الإسرائيليون الرقم بحدود 20 ألفاً، نصفهم قضوا في «الأنفاق» التي يتحصن فيها مقاتلو «حماس».

وبالتزامن مع المعارك البرية والغارات الجوية، جدد رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ربطه وقف إطلاق النار في الحرب على غزة بـ «عودة أسرانا»، في إشارة إلى قرابة 250 شخصاً أسَرتهم حركة «حماس»، ونقلتهم رهائن إلى قطاع غزة خلال هجومها المفاجئ على مستوطنات غلاف غزة في 7 أكتوبر (تشرين الأول) الماضي. وأكد نتنياهو في زيارة لقاعدة جوية في جنوب إسرائيل، الأحد: «نؤكد لأعدائنا وأصدقائنا على حد سواء: سوف نواصل (القتال) حتى نهزمهم».

صورة وزعها الجيش الإسرائيلي لجنود خلال مواجهات مع مقاتلي «حماس» في قطاع غزة السبت (رويترز)

وللمرة الأولى منذ اندلاع الحرب، توجه رئيس الأركان الإسرائيلي الجنرال هيرتسي هاليفي إلى قطاع غزة، حيث تفقد القوات التي تخوض معارك ضارية ضد مقاتلي «حماس».

وجاء ذلك في وقت تتواصل فيه المعارك البرية شمال القطاع، على الرغم من دعوات عربية لوقف إطلاق النار. ونشر الجيش الإسرائيلي مشاهد ظهرت فيها قواته تخوض معارك من منزل إلى آخر، بينما تتحرك دبابات وجرافات عسكرية بهدف تشديد الطوق على مدينة غزة. وألقت طائرات إسرائيلية منشورات تحث سكان مدينة غزة على الإجلاء جنوباً بين الساعة العاشرة صباحاً والثانية بعد الظهر، علماً أن مسؤولاً أميركياً أشار إلى وجود 350 ألف مدني على الأقل في مدينة غزة وحولها.

قوات إسرائيلية تشارك في الهجوم على قطاع غزة الأحد (أ.ف.ب)

وقالت «كتائب القسّام»، الجناح المسلح لحركة «حماس»، إن مقاتليها خاضوا اشتباكات مع قوات إسرائيلية تحاول التقدم شمال غربي غزة صباح الأحد وليلة السبت. وأضافت «القسّام»، في بيان، أن مقاتليها قتلوا «عدداً من الجنود الإسرائيليين من مسافةٍ قريبة»، وأنهم دمروا دبابة إسرائيلية خلال الاشتباكات.

أما «سرايا القدس»، الجناح العسكري لحركة «الجهاد الإسلامي»، فقالت إن مقاتليها يخوضون اشتباكات ضد قوة إسرائيلية متوغلة شرق خان يونس بقطاع غزة، وفق ما أوردت «وكالة أنباء العالم العربي». والتوغل شرق خان يونس يعني أن الإسرائيليين لا يحاولون التقدم فقط في شمال قطاع غزة حيث مركز حكم «حماس»، بل أيضاً في مناطق جنوبية، علماً أنهم دعوا سابقاً سكان شمال القطاع إلى النزوح جنوباً كي لا تطولهم الضربات الإسرائيلية.

فلسطينيون يبحثون عن ضحايا وناجين عقب غارة إسرائيلية في شمال قطاع غزة الأحد (إ.ب.أ)

وذكر تلفزيون فلسطين مساء الأحد أن قتلى وجرحى سقطوا في قصف إسرائيلي على منطقة سكنية وسط مخيم جباليا شمال قطاع غزة الذي كان في الأيام الماضية محور غارات عنيفة تسببت في سقوط مئات الضحايا. وأكدت إسرائيل مسؤوليتها عن تلك الغارات، مشيرة إلى أنها استهدفت قيادياً في «حماس» وقتلته.

كذلك قالت مصادر طبية إن نحو 45 شخصاً قُتلوا وعشرات أصيبوا بجروح فجر الأحد في غارات إسرائيلية على منازل سكنية في مخيم المغازي للاجئين وسط القطاع. وأشارت المصادر إلى مقتل 22 شخصاً من عائلة واحدة معظمهم أطفال ونساء بفعل قصف إسرائيلي على منزلهم قرب ميناء غزة.

ووفق مصادر أمنية، فإن طائرات حربية إسرائيلية واصلت هجمات مكثفة على مناطق متفرقة من قطاع غزة بما في ذلك منازل ومركز شرطة وخزانات مياه ومحالّ تجارية.

فلسطينية مع طفلها تحاول النزوح من شمال قطاع غزة إلى جنوبه عبر طريق صلاح الدين الأحد (أ.ب)

ومن جهتها، نقلت وكالة الأنباء الفلسطينية عن مصادر طبية أن 200 مواطن، أغلبهم من الأطفال والنساء، قتلوا في هجمات للقوات الإسرائيلية في قطاع غزة خلال الساعات الماضية. أما وزيرة الصحة الفلسطينية مي الكيلة فقالت، الأحد، إن الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة خلّفت أكثر من 9700 قتيل بينهم 4800 طفل حتى الآن.

وقدّم أشرف القدرة، المتحدث باسم وزارة الصحة في قطاع غزة، أرقاماً مماثلة الأحد، إذ أشار إلى أن ما لا يقل عن 9770 فلسطينياً، بينهم 4008 أطفال، قُتلوا في الضربات الجوية الإسرائيلية على غزة منذ السابع من أكتوبر.

أبنية دمرتها الغارات الإسرائيلية في مخيم المغازي بوسط قطاع غزة الأحد (رويترز)

وفي المقابل، أعلن مسؤول كبير في الحكومة الإسرائيلية أن عدد الفلسطينيين الذين قُتلوا في «القصف من بعيد» بلغ 20 ألف شخص، أي ضعف العدد الذي يعلنه الفلسطينيون. وكان الناطقون الإسرائيليون يعترضون على التقارير الفلسطينية اليومية الرسمية عن عدد ضحايا الحرب على غزة، ويتهمون وزارة الصحة الفلسطينية بالمبالغة المتعمدة، حتى إن الرئيس الأميركي جو بايدن نفسه تحدث عن هذه المبالغة فتحدته الوزارة الفلسطينية بنشر قائمة تضم الاسم الرباعي لكل قتيل ورقم هويته.

ولكن في خضم هذا الجدل قرر المسؤولون في تل أبيب بشكل مفاجئ إحداث انقلاب في نهجهم إزاء هذا الموضوع. إذ نُقل عن «مسؤول كبير في الحكومة الإسرائيلية» إنه قال للقناة 12 ولصحيفة «معاريف» إن «عدد القتلى الفلسطينيين في قطاع غزة منذ بداية الحرب يزيد على 20 ألفاً»، أي ضعف الرقم الفلسطيني.

فلسطينيون ينزحون إلى جنوب قطاع غزة عبر طريق صلاح الدين في البريج الأحد (أ.ب)

والتفسير لهذا الفارق، وفق تفسير المسؤول المذكور، هو أن الأرقام الفلسطينية لا تحسب عدد القتلى من مقاتلي «حماس» الذين قُتلوا تحت الأرض، نتيجة تدمير الكثير من الأنفاق، وأضاف: «هذا الفارق يغيّر أيضاً الصورة التي يحاول إظهارها الفلسطينيون، على أننا قتلة أطفال. فوفق حساباتهم، أكثر من 65 في المائة من القتلى هم أطفال ونساء، لكن الصحيح هو أن عدد الأطفال والنساء لا يتعدى نسبة الثلث، لو افترضنا أن معطياتهم دقيقة».

لكن ما يختفي وراء هذا الادعاء، يتعدى مسألة أعداد القتلى. وهو كما يبدو كان جزءاً من النقاش الذي أثاره وزير الخارجية الأميركي، أنتوني بلينكن، خلال زيارته إسرائيل الجمعة – السبت، واجتماعه مع الفريق الذي يقود الحرب، والذي يضم كلاً من رئيس الوزراء، بنيامين نتنياهو، ووزير الدفاع، يوآف غالانت، ووزراء الدولة، بيني غانتس وغادي آيزنكوت ورون دريمر ومعهم رؤساء الأجهزة الأمنية. ومما رشح عن الاجتماع أن بلينكن عاد، وأكد التزامه بدعم إسرائيل في هذه الحرب، لكنه تذمّر من أن مرور نحو الشهر على شن الحرب والأسبوع الأول من الاجتياح البري لم يحققا شيئاً ملموساً، في حين أن الجنرالات الأميركيين كانوا ينتظرون أن تنجز هذه العمليات شيئاً يتيح للجيش الإسرائيلي استعادة قوة ردعه واحترامه في العالم. ونُقل عن بلينكن قوله: «أنتم تعرفون ولا شك في أننا وفرنا لكم ولا نزال غطاءً سياسياً دولياً كبيراً، لكن الوقت يمر والعالم يشاهد صور أطفال غزة، وينقلب ضدكم وضدنا. التأييد الذي كان جارفاً في 7 أكتوبر بدأ يتآكل بسرعة. وهنالك حاجة لمزيد من الحذر والانتباه وتخفيض المساس بالمدنيين. ونعتقد أن هناك مكاناً لتغيير تكتيك الحرب. نحن نؤيد الاستمرار في الحرب حتى تحققوا انتصاراً واضحاً على «حماس». ولكن ينبغي عمل ذلك بطريقة أخرى. خففوا من القصف الجوي الجارف، وعودوا إلى العمليات الجراحية العينية، واستخدموا قنابل أخف تحدث ضرراً عينياً وليس دماراً شاملاً».

شاحنة فلسطينية تنقل غالونات مياه في مدينة رفح بجنوب قطاع غزة الأحد (أ.ف.ب)

وقد أجابه رئيس أركان الجيش، هيرتسي هاليفي، قائلاً: «لو كنا عملنا بالضبط حسب نصائح الجنرالات الأميركيين الذين يحضرون اجتماعات مجلس الحرب، لكانت صور الأطفال الغزيين مزعزعة أكثر وعدد القتلى أكبر وأضخم. فنحن ببساطة ننفذ خططنا بحذر بناءً على نصائحكم بألا نخرق القانون الدولي». ومع نشر هذه التسريبات، دفع الجيش بتسريبات إضافية تباهى خلالها بإيقاع أكثر من 20 ألف قتيل فلسطيني. ووفق ذلك المسؤول فإن كل موقع أو نفق هُدِم، دُفن تحته من 50 إلى 100 شخص. وبهذا الحساب وصل العدد إلى 20 ألفاً.

وقالت مصادر سياسية لصحيفة «يديعوت أحرونوت» إن الأميركيين يرون أن على إسرائيل أن توجِّه ضربة كاسحة وقوية واحدة، وتوقف الحرب وليس إدارة عمليات طويلة. وهم يخشون أن تنجر إسرائيل لحرب استنزاف طويلة لا يبقى لها من يؤيدها في الغرب.


مقالات ذات صلة

انقلابيو اليمن يضيفون «7 أكتوبر» إلى قائمة مناسباتهم الاحتفالية

العالم العربي اجتماع حوثي في صنعاء لما تسمى «اللجنة العليا للاحتفالات والمناسبات» (إعلام حوثي)

انقلابيو اليمن يضيفون «7 أكتوبر» إلى قائمة مناسباتهم الاحتفالية

أضافت الجماعة الحوثية ذكرى يوم السابع من أكتوبر 2023 إلى قائمة مناسباتها الاحتفالية التي تنفق عليها مليارات الريالات اليمنية سنوياً.

«الشرق الأوسط» (صنعاء)
المشرق العربي إطلاق صواريخ من قطاع غزة خلال تدريبات عسكرية قبل هجوم السابع من أكتوبر 2023 («كتائب القسام» عبر «تلغرام»)

إصابة إسرائيليتين جراء قصف «كتائب القسام» تل أبيب في ذكرى هجوم السابع من أكتوبر

قالت قيادة الجبهة الداخلية بالجيش الإسرائيلي إن صفارات الإنذار دوّت بتل أبيب، اليوم الاثنين، في الذكرى السنوية الأولى لهجوم حركة «حماس» على جنوب إسرائيل.

«الشرق الأوسط» (تل أبيب)
شؤون إقليمية أفراد عائلات الرهائن الإسرائيليين وأنصارهم يحضرون احتجاجاً في الذكرى السنوية الأولى للهجوم الذي قادته «حماس» في 7 أكتوبر 2023 بجوار مقر إقامة رئيس الوزراء الإسرائيلي في تل أبيب (إ.ب.أ)

مقتل رهينة محتجز في قطاع غزة

أعلن منتدى عائلات الرهائن في إسرائيل اليوم (الاثنين) مقتل رهينة محتجز في قطاع غزة.

«الشرق الأوسط» (تل أبيب)
المشرق العربي فلسطيني يحمل طفله وأغراضه على كرسي متحرك بعد إخلائه منزله في جباليا شمال قطاع غزة (أ.ف.ب)

الجيش الإسرائيلي يقصف «مجمع قيادة» داخل مدرسة شمال غزة... ومقتل 17 فلسطينياً

قُتل 17 فلسطينيا، الأحد، بعدما قال الجيش الإسرائيلي إنه شنّ غارة على ما وصفه بـ«مجمع قيادة وسيطرة في منطقة استُخدمت سابقا مدرسة خليفة بن زايد بشمال قطاع غزة».

«الشرق الأوسط» (تل أبيب)
المشرق العربي فلسطينيون يفحصون أنقاض مسجد شهداء الأقصى في دير البلح بعدما تعرض للتدمير في غارة إسرائيلية (إ.ب.أ)

الجيش الإسرائيلي يعلن «تطويق» جباليا في شمال قطاع غزة

أعلن الجيش الإسرائيلي، الأحد، أن قواته «تطوق» منطقة جباليا في شمال قطاع غزة بعد تقييم يفيد بأن حركة «حماس» تعيد بناء قدراتها هناك بعد أشهر من القتال.

«الشرق الأوسط» (غزة)

مصادر لـ«الشرق الأوسط»: تأخر التواصل مع السنوار فوّت 3 فرص لتقدم المفاوضات

يحيى السنوار... إسرائيل تلوّح بقتله بعد نصر الله (أ.ف.ب)
يحيى السنوار... إسرائيل تلوّح بقتله بعد نصر الله (أ.ف.ب)
TT

مصادر لـ«الشرق الأوسط»: تأخر التواصل مع السنوار فوّت 3 فرص لتقدم المفاوضات

يحيى السنوار... إسرائيل تلوّح بقتله بعد نصر الله (أ.ف.ب)
يحيى السنوار... إسرائيل تلوّح بقتله بعد نصر الله (أ.ف.ب)

أكدت مصادر مطلعة في حركة «حماس» لـ«الشرق الأوسط»، أن رئيس المكتب السياسي للحركة، يحيى السنوار، «وجه قبل أيام قليلة رسالة لبعض الوسطاء من خلال قيادة الحركة... حملت تأكيداً على تمسك (حماس) بمواقفها السابقة بضرورة انسحاب إسرائيل بشكل كامل من غزة، والالتزام بإعادة إعمار القطاع، ورفع الحصار بشكل كامل، وعودة النازحين بدون معوقات، وإبرام صفقة تبادل أسرى مُشرفة».

وفي حين شددت مصادر «حماس» التي طلبت عدم الكشف عن هويتها، على أن «السنوار مطلع بشكل دائم على ما يجري في الحركة وخارجها، حتى وإن تأخرت بعض القرارات والرسائل»، تحدثت مصادر مطلعة على أجواء المفاوضات أن تأخر التواصل مع السنوار تسبب بـ«تفويت 3 فرص على الأقل، كان يمكن البناء عليها للتوصل لاتفاق نهائي لو جرت في مسارها الصحيح، وفي وقتها الصحيح».

ومنذ أواخر أغسطس (آب) الماضي، تجمّد تقريباً مسار المفاوضات الذي تقوده الولايات المتحدة ومصر وقطر للوساطة بين «حماس» وإسرائيل، على خلفية اتهامات متبادلة بين طرفي الحرب بتغيير بنود المقترح الأميركي لوقف إطلاق النار وتبادل الأسرى.

السنوار «يتواصل بطريقته»

وكشفت المصادر من «حماس» عن أن «التواصل بين السنوار وقيادة الحركة لم ينقطع في أي وقت، ولكنه في ظروف معينة كان يتأخر لظروف أمنية بحتة، كما أنه كان لظروف ميدانية وسياسية وضمن خطة يعتمدها (السنوار) بشكل ممنهج يتواصل بطريقته مع الوسطاء وفق طريقة يحددها بنفسه، وليس وفق ما يريده الوسطاء أو أي طرف».

ووفق ما تحدثت مصادر أخرى من خارج «حماس» لـ«الشرق الأوسط»، فإن «عدم قدرة الوصول للسنوار وقيادة الحركة وجناحها المسلح في فترات ماضية تسببت بتفويت فرص تتعلق بالمضي قدماً في بعض الملفات المتعلقة بالمفاوضات».

ودللت المصادر المطلعة على مفاوضات صفقة التبادل، على تأثير تأخر التواصل على المفاوضات بالقول: «في شهر ديسمبر (كانون الأول) الماضي، كان هناك اقتراح جديد وافقت إسرائيل على معظم ما جاء فيه بعد مفاوضات مع الوسطاء، إلا أن تأخر رد (حماس) بسبب صعوبات التواصل مع السنوار وقيادة الحركة و (القسام) فوّت (فرصة كبيرة للتقدم)».

وتضيف المصادر: «تأخر الرد صعّب من مهام الوسطاء الذين شعروا بقليل من الغضب إزاء ما يجري من إدارة للمفاوضات داخل (حماس) في بعض الأحيان، وهو ما دفع إسرائيل أحياناً إلى التراجع عما كان يتم الاتفاق عليه».

واعترفت «حماس» سابقاً على لسان أسامة حمدان القيادي فيها، خلال مقابلة صحافية في شهر أغسطس (آب) الماضي، أن هناك «بعض الصعوبات في التواصل نتيجة طبيعة المعركة والعدوان الإسرائيلي، ولكن التواصل دائم ويحقق المصالح المرجوة وإدارة الحركة تتم على نحو جيد».

وقال حمدان حينها: «قيادة الحركة تتابع مع السنوار عملية استكمال ترتيبات العمل القيادي، والأمور تسير بطريقة سلسة، وربما تأخذ بعض الوقت للضرورات الأمنية».

واختارت «حماس» السنوار زعيماً للحركة في 6 أغسطس الماضي، وذلك بعد اغتيال زعيم الحركة السابق إسماعيل هنية في عملية تمت داخل طهران. وبدا لافتاً تغيب السنوار عن الظهور بأي صورة أو بثه لرسائل (الاثنين) بالمواكبة مع ذكرى مرور عام على عملية «طوفان الأقصى» في السابع من أكتوبر (تشرين الأول) 2023.

وزعمت تقارير إسرائيلية، قبل أيام، مقتل السنوار في ظل «غياب أي رسائل منه للوسطاء» خلال الأسابيع الماضية.

وكان موقع «أكسيوس» قد نقل (الاثنين) عن مصدر إسرائيلي رسمي تأكيده أن السنوار استكمل التواصل مع قيادة «حماس» في قطر؛ غير أنه لم يحدد ما إذا كان التواصل يتعلق بالأوضاع العسكرية لـ«حماس» على جبهة القتال، أم ملف «هدنة غزة».

ولم تتمكن إسرائيل خلال عملية واسعة شنتها بجميع مناطق محافظة خان يونس على مدار 3 أشهر من الوصول إلى السنوار فوق أو تحت الأرض، كما لم تنجح بالوصول إليه في أي مكان بالقطاع.

وكانت مصادر قالت سابقاً لـ«الشرق الأوسط»، إن «قلة قليلة فقط تعرف مكان السنوار، ولا يمكن الجزم بموقعه»، ووفقاً للمصادر، فإن السنوار «كان حاضراً في الكثير من المواقف (خلال الحرب) ويوجه تعليمات مرة كل أسبوعين وأحياناً مرة كل شهر، وفي بعض الأحيان كانت تصل منه تعليمات لقادة العمل السياسي والحكومي في (حماس) مرة أسبوعياً».

وتشير المصادر إلى أن «هذه الرسائل والتعليمات كانت تصل مكتوبة باليد، وأحياناً مطبوعة وعليها توقيعه، وتنقل من مكانه بطرق آمنة وسرية، وتصل لجميع الجهات المختصة بطرق تسمح بعدم تعقبها ومعرفة ما فيها».

وتقول مصادر من حركة «حماس» في خارج القطاع، إنه «في مرتين على الأقل نقلت رسائل مكتوبة منه، ورسالة واحدة مسجلة صوتياً للوسطاء حول بعض القضايا التي تتعلق بمصير المفاوضات، خصوصاً عند وصولها إلى وقت حرج».