المعارضة السورية تطالب بتدخل خليجي ـ تركي لمنع الروس من قلب الموازين

الجيش الحر يتحدث عن تنسيق أميركي ـ روسي وضربات روسية أكبر وأوسع

المعارضة السورية تطالب بتدخل خليجي ـ تركي لمنع الروس من قلب الموازين
TT

المعارضة السورية تطالب بتدخل خليجي ـ تركي لمنع الروس من قلب الموازين

المعارضة السورية تطالب بتدخل خليجي ـ تركي لمنع الروس من قلب الموازين

رجّح معارضون سوريون بارزون أن تصعّد موسكو من تدخلها العسكري في سوريا في الأسبوعين المقبلين في محاولة لقلب موازين القوى في الميدان، تمهيدا لفرض الرئيس السوري بشار الأسد جزءا من المرحلة الانتقالية المقبلة. وحثّ هؤلاء على تدخل عسكري خليجي – تركي لمواجهة المخطط الروسي – الإيراني، فيما تحدث الجيش الحر عن تنسيق أميركي – روسي وتقاسم أدوار في العمليات الحاصلة في سوريا.
وقال المعارض السوري البارز، وعضو الائتلاف المعارض برهان غليون، إن «سوريا مقبلة على أسبوعين من التصعيد العسكري الروسي قبل التوقيع النهائي للاتفاق النووي الإيراني بمسعى لقلب موازين القوى وبالتحديد تصفية القواعد العسكرية للمعارضة حول العاصمة دمشق»، لافتا إلى أن «الروس لم يقبلوا التسوية التي كان يسوق لها الأميركيون، وارتأوا الاستفادة من الفترة الحالية لفرض أمر واقع في الميدان ليكونوا الطرف الأقوى الذي يفرض شروطه في المفاوضات المقبلة».
واستبعد غليون في تصريح لـ«الشرق الأوسط» أن تكون واشنطن «قررت فعليا تسليم سوريا وبالتالي منطقة الشرق الأوسط لدول عدوة، خاصة أن هذه المنطقة خط أمني لأوروبا والغرب ومنبع النفط والغاز، وبالتالي تسليم سوريا للحلف الإيراني – الروسي لا يعني التضحية بمصالح الشعب السوري؛ بل بالمصالح الغربية، وهو ما يُعد غير منطقي». وأضاف: «لا شك أن التصعيد العسكري الحاصل هو أصلا جزء من المفاوضات، إلا أن جميع الأطراف يجب أن يعوا أن الشعب السوري لن يقبل باستمرار الأسد، وهو سيستمر بالقتال، وبالتالي الحري بهم البحث عن معادلة يقبلها السوريون أولا».
وعدّ غليون أنّه «قد يكون على دول المنطقة التحرك لمواجهة التدخل الروسي العسكري السافر في سوريا، خاصة أن الأمن القومي لهذه الدول في حال نجحت موسكو في فرض المعادلة التي تطمح إليها، سيكون مهددا بشكل مباشر».
وتنظر المعارضة السورية بكثير من الخيبة إلى المواقف الأميركية الحادة التي كان آخرها ما أعلنه الرئيس الأميركي من على منبر الأمم المتحدة، والتي لا تقترن، في رأيهم، بأفعال. ورأى مدير «المركز السوري للدراسات السياسية والاستراتيجية» في واشنطن رضوان زيادة، أن سوريا دخلت في الساعات الماضية «منعطفا خطيرا» بعد انطلاق العمل العسكري الروسي في الميدان السوري، مستبعدا أن يكون هناك رد فعل أميركي عملي «نتيجة الضعف الكبير في سياسة الرئيس الأميركي باراك أوباما في التعاطي مع ملفات منطقة الشرق الأوسط».
وقال زيادة لـ«الشرق الأوسط»: «التصعيد الروسي هدفه المباشر فرض وقائع جديدة في الميدان، إلا أن المعارضة لن تستكين وترضخ، وما نأمله وندفع باتجاهه تحرك إقليمي عسكري خليجي – تركي لمواجهة هذا التصعيد».
ويعوّل زيادة على الموقف الأخير الذي أطلقه وزير الخارجية السعودي عادل الجبير الذي شدّد على وجوب رحيل الأسد أو مواجهة «خيار عسكري»، لافتا إلى أن «القوة وحدها الكفيلة بإسقاط هذا النظام، وبالتالي وضع قطار الحل على السكة الصحيحة». وأضاف: «الأسد لن يقبل بتسليم السلطة إلا بالقوة، وهذا ما أكدته التجارب الأخيرة».
ونبّه زيادة من السياسة الأميركية الجديدة بعد الاتفاق مع طهران، والقائلة بأن إيران قد تكون «لاعب سلام» في المنطقة، مشددا على أن ذلك «وهم كبير ورهان خاطئ، والمطلوب عودة الأميركيين للتعامل مع حلفائهم التقليديين».
واستبعد زيادة أن تكون التطورات الأخيرة تمهّد لخيار تقسيم سوريا، لافتا إلى أن «التقسيم قد يكون حاصلا في الميدان، نظرا لسيطرة الفرقاء على مناطق مختلفة في سوريا، لكنّه لا يمكن أن يكون نهائيا مهما طال أمد الحل».
وتبدو فصائل المعارضة المقاتلة في الداخل السوري متشائمة من المشهد العام، وهو ما أوحى به عضو المجلس العسكري المجمّد أبو أحمد العاصمي الذي تحدث عن تنسيق أميركي – روسي على تقاسم الأدوار في سوريا. وقال لـ«الشرق الأوسط»: «هم اتفقوا على أن تستهدف روسيا الفصائل غير المصنفة على لائحة الإرهاب، فيما تتولى واشنطن ضرب المجموعات التي تعدها إرهابية».
وعدّ العاصمي أن هناك كذلك قرارا أميركيا – روسيا بالإطاحة بالأسد، وفي الوقت نفسه الإطاحة بكل ما يهدد مصالح الدول الكبرى، وأضاف: «الأمر قد رُتّب، ونتوقع في الأيام المقبلة ضربات روسية أكبر وأوسع، ويستدعي، برأينا، تدخلا عربيا سريعا لمواجهة الاحتلال الروسي المستجد للأراضي السورية».



هدنة غزة: انتشار «حماس» في القطاع يثير تساؤلات بشأن مستقبل الاتفاق

مسلحو «حماس» يسلمون رهينة إسرائيلية إلى أعضاء اللجنة الدولية للصليب الأحمر (رويترز)
مسلحو «حماس» يسلمون رهينة إسرائيلية إلى أعضاء اللجنة الدولية للصليب الأحمر (رويترز)
TT

هدنة غزة: انتشار «حماس» في القطاع يثير تساؤلات بشأن مستقبل الاتفاق

مسلحو «حماس» يسلمون رهينة إسرائيلية إلى أعضاء اللجنة الدولية للصليب الأحمر (رويترز)
مسلحو «حماس» يسلمون رهينة إسرائيلية إلى أعضاء اللجنة الدولية للصليب الأحمر (رويترز)

أثار انتشار عسكري وأمني لعناصر من «حماس» وموالين لها، عقب بدء تنفيذ اتفاق وقف إطلاق النار بقطاع غزة، تساؤلات بشأن مستقبل الصفقة، في ظل ردود فعل إسرائيلية تتمسك بالقضاء على الحركة، وجهود للوسطاء تطالب الأطراف بالالتزام بالاتفاق.

تلك المشاهد التي أثارت جدلاً بمنصات التواصل بين مؤيد ورافض، يراها خبراء تحدثوا لـ«الشرق الأوسط»، ستكون ذريعة محتملة لإسرائيل للانقلاب على الاتفاق بعد إنهاء المرحلة الأولى والعودة للحرب، معولين على جهود للوسطاء أكبر لإثناء «حماس» عن تلك المظاهر الاستعراضية التي تضر مسار تنفيذ الاتفاق.

بينما قلل محلل فلسطيني مختص بشؤون «حماس» ومقرب منها، في حديث لـ«الشرق الأوسط»، من تأثير تلك الأجواء، وعدّها «بروتوكولية» حدثت من قبل أثناء صفقة الهدنة الأولى في نوفمبر (تشرين الثاني) 2023.

وبزي نظيف وسيارات جديدة وأسلحة مشهرة، خرج مسلحون يرتدون شارة الجناح العسكري لـ«حماس» يجوبون قطاع غزة مع بداية تنفيذ اتفاق الهدنة، الأحد، وسط بيان من وزارة الداخلية بالقطاع التي تديرها عناصر موالية للحركة، كشف عن مباشرة «الانتشار بالشوارع»، وخلفت تلك المشاهد جدلاً بمنصات التواصل بين مؤيد يراها «هزيمة لإسرائيل وتأكيداً لقوة وبقاء (حماس) بالقطاع»، وآخر معارض يراها «استفزازية وتهدد الاتفاق».

عناصر من شرطة «حماس» يقفون للحراسة بعد انتشارهم في الشوارع عقب اتفاق وقف إطلاق النار (رويترز)

إسرائيلياً، تساءل المعلق العسكري للقناة 14 نوعام أمير، بغضب قائلاً: «لماذا لم يتم ضرب (تلك الاستعراضات) جواً؟»، بينما هدد وزير المالية بتسلئيل سموتريتش، بإسقاط الحكومة في حال الانتقال إلى تنفيذ المرحلة الثانية من الاتفاق.

وأكد مكتب رئيس الوزراء، بنيامين نتنياهو، في بيان الاثنين، «مواصلة العمل لإعادة كل المختطفين؛ الأحياء منهم والأموات، وتحقيق كل أهداف الحرب في غزة»، التي تتضمن القضاء على «حماس».

ويصف الخبير في الشؤون الإسرائيلية، الدكتور سعيد عكاشة، ما قامت به «حماس» بأنه «استعراض مزيف لعلمها بأنها لن تدير غزة، لكنها تحاول أن تظهر بمظهر القوة، وأنها تستطيع أن تحدث أزمة لو لم توضع بالحسبان في حكم القطاع مستقبلاً، وهذا يهدد الاتفاق ويعطي ذريعة لنتنياهو لعودة القتال مع تأييد الرأي العام العالمي لعدم تكرار ما حدث في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023».

ويتفق معه المحلل السياسي الفلسطيني، عبد المهدي مطاوع، قائلاً إن «(حماس) لا تزال بعقلية المقامرة التي حدثت في 7 أكتوبر، وتريد إرسال رسالتين لإسرائيل وللداخل الفلسطيني بأنها باقية رغم أنها تعطي ذرائع لإسرائيل لهدم الاتفاق».

بالمقابل، يرى الباحث الفلسطيني المختص في شؤون «حماس» والمقرب منها، إبراهيم المدهون، أن «الاستعراض لا يحمل أي رسائل وظهر بشكل بروتوكولي معتاد أثناء تسليم الأسرى، وحدث ذلك في الصفقة الأولى دون أي أزمات»، مشيراً إلى أن «الحركة لها جاهزية ونفوذ بالقطاع رغم الحرب، والانتشار الأمني يعدّ دور وزارة الداخلية بالقطاع وتنفذه مع توفر الظروف».

وعقب دخول الاتفاق حيز التنفيذ، استقبل رئيس وزراء قطر، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني في مكتبه بالدوحة، وفداً من الفصائل الفلسطينية، مؤكداً ضرورة العمل على ضمان التطبيق الكامل للاتفاق، وضمان استمراره، وفق بيان لـ«الخارجية» القطرية الأحد.

وبينما شدد وزير الخارجية المصري، خلال لقاء مع رئيس المجلس الأوروبي، أنطونيو كوستا، ببروكسل، مساء الأحد، على «أهمية التزام أطراف الاتفاق ببنوده»، وفق بيان لـ«الخارجية» المصرية، سبقه تأكيد مجلس الوزراء الفلسطيني، الأحد، استعداد رام الله لتولي مسؤولياتها الكاملة في غزة.

وبتقدير عكاشة، فإن جهود الوسطاء ستتواصل، لا سيما من مصر وقطر، لوقف تلك المواقف غير العقلانية التي تحدث من «حماس» أو من جانب إسرائيل، متوقعاً أن «تلعب غرفة العمليات المشتركة التي تدار من القاهرة لمتابعة الاتفاق في منع تدهوره»، ويعتقد مطاوع أن تركز جهود الوسطاء بشكل أكبر على دفع الصفقة للأمام وعدم السماح بأي تضرر لذلك المسار المهم في إنهاء الحرب.

وفي اتصال هاتفي مع المستشار النمساوي ألكسندر شالينبرغ، الاثنين، شدد الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، على «ضرورة البدء في جهود إعادة إعمار القطاع، وجعله صالحاً للحياة، بما يضمن استعادة الحياة الطبيعية لسكان القطاع في أقرب فرصة». بينما نقل بيان للرئاسة المصرية، عن المستشار النمساوي، تقديره للجهود المصرية المتواصلة على مدار الشهور الماضية للوساطة وحقن الدماء.

ويرى المدهون أنه ليس من حق إسرائيل أن تحدد من يدير غزة، فهذا شأن داخلي وهناك مشاورات بشأنه، خصوصاً مع مصر، وهناك مبادرة مصرية رحبت بها «حماس»، في إشارة إلى «لجنة الإسناد المجتمعي» والمشاورات التي استضافتها القاهرة مع حركتي «فتح» و«حماس» على مدار الثلاثة أشهر الأخيرة، ولم تسفر عن اتفاق نهائي بعد بشأن إدارة لجنة تكنوقراط القطاع في اليوم التالي من الحرب.