تونس: هروب 5 مساجين متهمين في قضايا إرهابية

من بين الفارين متورطون باغتيال أمنيين وسياسيين

عساكر تونسيون في حالة استنفار (أرشيف وسائل إعلام محلية)
عساكر تونسيون في حالة استنفار (أرشيف وسائل إعلام محلية)
TT

تونس: هروب 5 مساجين متهمين في قضايا إرهابية

عساكر تونسيون في حالة استنفار (أرشيف وسائل إعلام محلية)
عساكر تونسيون في حالة استنفار (أرشيف وسائل إعلام محلية)

أعلن بلاغ رسمي تونسي، الثلاثاء، عن «فرار 5 مساجين خطرين من السجن المدني بالمرناقية، أكبر سجون البلاد غربي العاصمة تونس».

الصور التي نشرتها وزارة الداخلية التونسية في موقعها الرسمي عن المساجين الفارين

ونشرت وزارة الداخلية صور المساجين الخمسة وأسماءهم، ووصفتهم بالخطرين، ودعت المواطنين إلى المشاركة في الكشف عن أماكن اختفائهم والإبلاغ عنهم.

وأكدت مصادر قضائية لـ«الشرق الأوسط» أن المساجين الفارين الخمسة من بين أخطر الموقوفين خلال السنوات الماضية في قضايا إرهابية اتهمت بها شخصيات محسوبة على «تنظيم أنصار الشريعة الإرهابي» و«القاعدة»، وتنظيمات إرهابية مسلحة لها امتداد في بلدان «المغرب»، و«دول الساحل والصحراء الأفريقية».

ويقضي هؤلاء المساجين عقوبات صدرت ضدهم، بينها أحكام المؤبد والأشغال الشاقة بعد تحقيقات بدأت منذ اغتيال الزعيمين المعارضين اليساريين شكري بلعيد ومحمد البراهمي في 2013، ضمن عمليات تبنتها تنظيمات إرهابية تونسية متشددة كان لديها امتداد في ليبيا وبقية بؤر التوتر في سوريا والعراق وأفغانستان.

وأورد محامون وصحافيون سبق أن زاروا سجن المرناقية، أكبر سجون البلاد، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، أنهم فوجئوا بخبر هروب هؤلاء الإرهابيين الكبار، نظراً لما يتميز به هذا السجن من إجراءات صارمة، من بينها إيداع كل سجين خطير في زنزانة انفرادية.

نقاط استفهام

ولم تؤكد السلطات بعد، ولم تنف، ما تردد عن احتمال قطع الشباك الحديدي للزنزانات، لكن محامين وحقوقيين وإعلاميين تونسيين أكدوا لـ«الشرق الأوسط» أن من بين الإجراءات الأمنية المشددة في سجن المرناقية، أن السجين يجد أمامه بعد مغادرة زنزانته ما لا يقل عن 7 إلى 9 أبواب قبل أن يصل إلى الباب الخارجي للسجن «الذي تراقبه غرف مراقبة متطورة وأجهزة تصوير حديثة جداً، فضلاً على كون السجن يوجد في ضيعة تبعد عن التجمعات السكنية كيلومترات عدة، ويصعب لمن غادره أن يصل إليها دون أن تكشفه قوات الأمن وحراس السجون الرابضون في أبراج المراقبة»، على حد تعبير الإعلامي سرحان الشيخاوي الذي أكد أنه زار السجن سابقاً في مهمة عمل.

وأكد المعنى نفسه المستشار السابق في رئاسة الجمهورية الإعلامي والأكاديمي طارق الكحلاوي، الذي لم يستبعد خلال رد فعله على الخبر أن «تكشف التحقيقات عن وجود مؤامرة على أمن تونس بسبب مواقف الرئيس قيس سعيد المبدئية من قضية فلسطين والحرب الحالية في قطاع غزة وفي المشرق العربي».

ويعد سجن المرناقية، 20 كيلومتراً غرب العاصمة تونس، أكبر سجون البلاد، وقد وقع إنجازه وتشييده في العقد الأخير من حكم الرئيس الأسبق زين العابدين بن علي، وفق مواصفات عالمية، وبدعم مالي وتكنولوجي دولي. وبه آلاف من الموقوفين والمساجين في جرائم حق عام وفي قضايا المتهمين بالتآمر على أمن الدولة، بمن فيهم عسكريون وأمنيون ورجال أعمال متهمون بالفساد وقياديون في «جبهة الخلاص الوطني» المعارضة، وشخصيات قيادية من أحزاب يسارية وليبرالية وإسلامية عدة، بينها راشد الغنوشي ورفاقه في قيادة «حزب النهضة»، وعصام الشابي الأمين العام للحزب الجمهوري، والمحامي رضا بلحاج الأمين العام لـ«حزب أمل»، وغازي الشواشي الوزير السابق والأمين العام السابق لـ«حزب التيار الديمقراطي».

لكن غالبية المساجين في سجن المرناقية من بين الموقوفين أو المحكوم عليهم في تهم عدة، ممن ينتظرون استئناف محاكمتهم في قضايا أخرى.

وغالباً يُنقل المساجين الخطرون الذين بتَّ القضاء في شأنهم إلى سجون بنزرت شمال البلاد، بعيداً عن العاصمة، لكن سجن «برج الرومي»، وهو أبرز السجون في تونس منذ 65 عاماً، شهد بدوره منذ 6 أشهر محاولة فرار عدد من المساجين «الخطرين» من مجرمي الحق العام، ممن حفروا خندقاً تحت أرضية السجن تفطّن له الحراس فأجهضوا عملية الفرار، وفق ما أوردت الصحافة أواخر شهر أبريل (نيسان)، ومطلع شهر مايو (أيار) الماضيين.

وكان عشرات من المساجين قد فروا من السجن نفسه في الساعات الأخيرة من حكم بن علي في يناير (كانون الثاني) 2011، عندما انتشرت الفوضى الأمنية والإدارية، وعجز الحراس عن التحكم في عدد من المساجين الذين أضرموا النيران وداهموا الباب الخارجي للسجن.

لكن عملية الهروب الأخيرة «نادرة جداً»، وفق بلاغ وزارة الداخلية التونسية التي تعهدت بمتابعة الملف بحزم، علماً بأن السجون التونسية تتبع منذ 10 أعوام وزارة العدل التي لم تصدر بعد أي توضيح رسمي حول ملابسات فرار المساجين الخطرين الخمسة، وإن كان الأمر يتعلق بحالة فرار أو بـ«مؤامرة» فتح الأبواب لهم وتهريبهم ضمن أجندة قد تستفيد منها بعض الأطراف السياسية واللوبيات في الداخل والخارج.

وقالت وزارة الداخلية إنه تم استنفار جميع الوحدات الأمنية بضرورة تكثيف البحث والتقصي والتفتيش السريع، بقصد القبض عليهم في أقرب الآجال.

ونقلت مصادر متطابقة لـ«العربي» أن الفارين تتعلق بهم تهم «إرهابية، والمشاركة في عمليات اغتيال شخصيات سياسية في تونس»، كما نشرت الوزارة صور السجناء الهاربين، ودعت المواطنين إلى إبلاغ الشرطة عند رؤيتهم لمنع وقوع «أعمال إرهابية».

تحقيقات سريعة

ووفق مصادر لإذاعة «موزاييك إف إم» المحلية، فإن ممثل النيابة العمومية بالقطب القضائي لمكافحة الإرهاب، توجه برفقة عدد من المسؤولين القضائيين والأمنيين إلى مقر السجن المدني بالمرناقية؛ «لإجراء المعاينات الأولية، وإجراء جملة من السماعات اللازمة للكشف عن ملابسات عملية الفرار».

ووفقاً لذات المعطيات، فقد جرى تكليف وحدة أمنية مركزية مختصة في مكافحة الإرهاب، بمباشرة الأبحاث اللازمة للكشف عن ملابسات الواقعة.

إقالة مديرين

إضافة إلى ذلك، أعلنت وزارة الداخلية التونسية عن إقالة مديرين اثنين في أعقاب فرار العناصر الإرهابية الخمسة. وذكرت الوزارة في بيان، عن إنهاء مهام المدير العام للمصالح المختصة والمدير المركزي للاستعلامات العامة، التابعين للإدارة العامة للأمن الوطني.


مقالات ذات صلة

وفد باكستاني رفيع المستوى يجري محادثات في كابل

آسيا المبعوث الباكستاني محمد صادق (متداولة)

وفد باكستاني رفيع المستوى يجري محادثات في كابل

أجرى وفد رفيع المستوى بقيادة المبعوث الباكستاني الخاص إلى أفغانستان، محمد صادق، محادثات حاسمة في كابل

«الشرق الأوسط» (إسلام آباد)
المشرق العربي إردوغان تعهد بدفن مسلحي الوحدات الكردية أحياء (الرئاسة التركية)

أنقرة لفتح قنصلية في حلب... ورفض يوناني للاتفاق البحري

كشف الرئيس رجب طيب إردوغان عن استعدادات بلاده لفتح قنصلية لها في مدينة حلب قريباً، لتسهيل عودة اللاجئين السوريين إلى بلادهم.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
أوروبا سفينة الشحن الروسية «أورسا ميجر» (أرشيفية - رويترز)

غرق سفينة الشحن الروسية قبالة إسبانيا «عمل إرهابي»

نقلت وكالة الإعلام الروسية اليوم الأربعاء عن الشركة المالكة لسفينة الشحن الروسية «أورسا ميجر» التي غرقت بالبحر المتوسط قولها إن السفينة غرقت بسبب «عمل إرهابي».

«الشرق الأوسط» (موسكو)
أوروبا محكمة روسية تقضي بسجن رجل أُدين بتخريب سكك حديد بتوجيه من أوكرانيا عام 2023 (رويترز)

روسيا: السجن 22 عاما لرجل أدين بتخريب سكك حديد بتوجيه من أوكرانيا

أعلنت محكمة عسكرية روسية، اليوم، إدانة رجل بتخريب سكك حديد، بتوجيه من أوكرانيا عام 2023 في شبه جزيرة القرم، التي ضمّتها روسيا قبل عقد، وقضت بسجنه 22 عاماً.

«الشرق الأوسط» (موسكو)
شؤون إقليمية دمار أحدثه الانفجار بمصنع المتفجرات في باليكسير غرب تركيا الثلاثاء (رويترز)

تركيا: مصرع وإصابة 18 شخصاً في انفجار بمصنع للذخيرة

لقي 11 شخصاً مصرعهم وأصيب 7 آخرون، الثلاثاء، جراء انفجار وانهيار جزئي في مصنع لإنتاج الذخيرة والمتفجرات في ولاية باليكسير، غرب تركيا.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)

السلطات المصرية تحسم جدل «ضريبة» الجوالات المستوردة

مصر وضعت ضوابط لمنع تهريب الجوالات (تصوير: عبد الفتاح فرج)
مصر وضعت ضوابط لمنع تهريب الجوالات (تصوير: عبد الفتاح فرج)
TT

السلطات المصرية تحسم جدل «ضريبة» الجوالات المستوردة

مصر وضعت ضوابط لمنع تهريب الجوالات (تصوير: عبد الفتاح فرج)
مصر وضعت ضوابط لمنع تهريب الجوالات (تصوير: عبد الفتاح فرج)

حسمت مصر إشاعات فرض ضريبة جديدة على الجوالات المستوردة من الخارج، بداية من يناير (كانون الثاني) المقبل، وأكدت أنه لا جمارك جديدة ستفرض، لكن ستطرح منظومة جديدة لمواجهة التهريب، الذي كان يصل لنحو 95 في المائة من الواردات ويضر خزينة الدولة.

وأكد مسؤول مصري في تصريحات، الأربعاء، أن المنظومة ستطبق خلال أيام، بهدف مزيد من الحوكمة، وتطويق عمليات تهريب أجهزة الجوالات غير المسبوقة من الخارج، وسط تأكيد مختصين تحدثوا لـ«الشرق الأوسط» أن الإجراء سيحمي الاستثمارات الداخلية، ويشجع الصناعة المحلية دون أي تأثير على أسعار الهواتف داخل مصر.

وكشف نائب وزير المالية المصرية، للسياسات الضريبية، شريف الكيلاني، في مقطع مصور الأربعاء، عن أن هناك «إشاعات انتشرت في الآونة الأخيرة خاصة بفرض ضريبة جديدة على الجوّال»، مؤكداً أنه «لا فرض ضريبة إضافية على الجوالات».

هواتف «غوغل بيكسل» الجديدة (غوغل)

كما أوضح المسؤول المصري أن «كل ما في الأمر هو أن هناك حوكمة أكبر للجوالات القادمة من المنافذ الجمركية»، لافتاً إلى أن «الآونة الأخيرة شهدت للأسف الشديد ظاهرة تهريب الجوالات بطريقة فاقت التوقعات».

«ويتم تهريب 95 في المائة من الجوالات المستوردة، وتدفع فقط 5 في المائة الرسوم الجمركية المقررة منذ زمن»، بحسب الكيلاني، الذي شدد على أن التهريب أضر بالخزينة العامة للدولة، دون تحديد قيمة الخسائر.

وتعد رسوم استيراد أجهزة الاتصالات محددة وثابتة، وتشمل 14 في المائة ضريبة قيمة مضافة، و10 في المائة رسوم جمارك.

ولمواجهة آفة التهريب، قال نائب وزير المالية، إن الوزارة صممت تطبيقاً على الجوالات يسمح للقادمين من الخارج، سواء في المواني أو المطارات، بتسجيل جوالاتهم الشخصية عن طريق التطبيق بمجرد دخولهم إلى البلاد، دون أي جمارك أو رسوم إضافية، على أن يتم إرسال رسالة نصية للجوالات المهربة غير المسجلة على ذلك التطبيق، تنص على المطالبة بدفع الرسوم الجمركية المقررة خلال 90 يوماً، ليتم بعدها وقف تشغيل الجوالات المهربة غير المسددة للرسوم.

مصر لمواجهة تهريب الهواتف المحمولة (آبل)

ويوضح رئيس شعبة المحمول بالغرفة التجارية بالقاهرة، محمد طلعت، في حديث لـ«الشرق الأوسط» تفاصيل أخرى، مبرزاً أن هناك شكاوى قدمت للجهاز القومي لتنظيم الاتصالات، من صناع ومعنيين في السوق المحلية، من إدخال البعض جوالات مستوردة من الخارج، دون دفع جمارك أو ضرائب، مما يضر باستثماراتهم والسوق المحلية. وأكد أن التطبيق «سيواجه ذلك التهريب، وينتظر الإعلان عن موعد دخوله حيز التنفيذ، ولن يؤثر سلباً على السوق»، موضحاً أن تلك الجوالات كانت تدخل بطريقة غير رسمية للبلاد، وكانت تضر السوق.

وكانت النائبة مرثا محروس، وكيل لجنة الاتصالات بمجلس النواب، قد كشفت قبل أيام عن أن هناك بلبلة بشأن وقف إدخال الجوالات المستوردة من الخارج، ابتداء من يناير 2025.

وأوضحت أن «هناك مشكلة في الرقابة، ذلك أن دخول الجوالات من السوق الأوربية لمصر بشكل كبير أثر على عملية البيع المحلي في مصر»، لافتة إلى أن الجوالات «سيتم السماح بدخولها لكن سيتم دفع الرسوم المقررة».

وأكدت وكيل لجنة الاتصالات بمجلس النواب أن دخول الجوال المستورد من الخارج بالضريبة «سيجعل تكلفته أغلى من سعره في الداخل، ومن ثمّ سيساهم في تقليل الاستيراد، وتعزيز البيع المحلي، وعدم اللجوء للخارج»، مؤكدة أن التوجهات الرسمية تفيد بدخول جوال واحد كل سنة دون ضريبة، وإن زاد على ذلك فلابد من دفع الرسوم المقررة.

وانتقد الرئيس المصري، عبد الفتاح السيسي، استيراد كميات كبيرة من السلع، من بينها الجوالات؛ ما يسبب أزمة في توافر الدولار، وقال خلال افتتاحه مشروعات نقل جديدة في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، إن «بلاده تستورد بنحو 9 مليارات دولار (الدولار الأميركي يعادل 49.30 جنيه مصري) جوالات سنوياً»، ودعا إلى «ضرورة الاتجاه للتصنيع المحلي؛ لتقليل فاتورة الاستيراد».

ويتوقع رئيس شعبة المحمول بالغرفة التجارية بالقاهرة، محمد طلعت، أن يعزز عمل المنصة الجديدة مواجهة الجوالات المهربة داخل السوق، مرجحاً أنها قد تتلاشى مع مخاوف من عدم عملها داخل مصر، خاصة أنها قد لا تدفع الجمارك المقررة عليها، مشدداً على أن تلك الخطوة «ستشجع الاستثمارات المحلية بشأن تصنيع الجوالات، ولن تؤدي إلى أي ارتفاع جديد في أسعار الجولات داخل البلاد».

هاتف «شاومي 14 ألترا» (إدارة الشركة)

ويصل إجمالي الطاقة الإنتاجية للشركات الأجنبية المصنعة للجوالات في مصر إلى نحو 11.5 مليون وحدة سنوياً، حسب إفادة من وزارة الاتصالات المصرية، أغسطس (آب) الماضي.

وارتفعت واردات مصر من الجوالات بنسبة 31.4 في المائة، خلال الخمسة الأشهر الأولى من العام الحالي 2024، حيث سجلت 1.828 مليون دولار مقابل 1.391 مليون دولار خلال الفترة نفسها من عام 2023، حسب إفادة من «الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء» بمصر في أغسطس الماضي.