تأثيرات الحرب في المنطقة تُلقي بظلالها على اجتماع «المركزي المصري»

فريق يتوقع التثبيت وآخر الرفع وسط أوضاع متقلبة

مقر البنك المركزي في العاصمة الإدارية (أ.ف.ب)
مقر البنك المركزي في العاصمة الإدارية (أ.ف.ب)
TT

تأثيرات الحرب في المنطقة تُلقي بظلالها على اجتماع «المركزي المصري»

مقر البنك المركزي في العاصمة الإدارية (أ.ف.ب)
مقر البنك المركزي في العاصمة الإدارية (أ.ف.ب)

تجتمع لجنة السياسة النقدية بالبنك المركزي المصري يوم الخميس، للنظر في أسعار الفائدة، وسط تغيرات جيوسياسية انعكست بدورها على اقتصاد أكبر دولة من حيث التعداد السكاني في المنطقة.

وبينما توقع البعض التثبيت، يرى محللون أن البنك المركزي سيتجه إلى الرفع، للسيطرة على معدلات التضخم المرتفعة والمتوقع استمرار صعودها مع تصاعد وتيرة حرب إسرائيل - غزة، والتي تؤثر بالسلب على الإمدادات وترفع أسعار السلع نتيجة ارتفاع أسعار الشحن.

توقعت هبة منير، محللة الاقتصاد الكلي بشركة «إتش سي» أن تقوم لجنة السياسات النقدية برفع أسعار الفائدة بـ200 نقطة أساس قبل نهاية العام، بما في ذلك 100 نقطة أساس في الاجتماع المقرر عقده في 2 نوفمبر (تشرين الثاني)، وذلك «بهدف الحفاظ على استقرار الجنيه المصري أمام العملات الأجنبية في ظل مشتريات المصريين من الذهب، التي تزايدت مؤخراً، مما قد يساهم في زيادة معدلات التضخم».

وأوضحت هبة أنه «بالرغم من توقعات بزيادة سعر الفائدة فإنه سيظل العائد الحقيقي في الوقت الحالي سلبيا بسبب ارتفاع التضخم المدفوع بنقص المعروض من السلع أكثر من كونه من جانب زيادة الطلب من المستهلكين».

وكانت لجنة السياسات النقدية بالبنك المركزي المصري، قررت في اجتماعها السابق يوم 21 سبتمبر (أيلول)، الإبقاء على أسعار الفائدة للإيداع والإقراض لليلة واحدة عند 19.25 في المائة و20.25 في المائة على التوالي، بارتفاع بـ300 نقطة أساس منذ بداية العام وحتى الآن و800 نقطة أساس في عام 2022.

في حين توقعت شركة «كابيتال إيكونوميكس»، أن يبقي المركزي المصري على أسعار الفائدة الرئيسية دون تغيير، رغم الضغوط المتزايدة على العملة.

غير أن الشركة توقعت أن يرفع البنك المركزي أسعار الفائدة بمقدار 200 نقطة أساس تزامناً مع خفض لقيمة الجنيه بعد الانتخابات الرئاسية التي من المقرر أن تُجرى في ديسمبر (كانون الأول) المقبل.

وأوضح جيمس سوانستون الخبير الاقتصادي المعني بالشرق الأوسط وشمال أفريقيا في «كابيتال إيكونوميكس»، أنه بعد أن رفع البنك المركزي أسعار الفائدة بمقدار 100 نقطة أساس في أغسطس (آب)، في خطوة فاجأت المحللين، أوقف البنك دورة تشديد السياسة النقدية الشهر الماضي، وفق ما نقلته وكالة «أنباء العالم العربي».

تسارع معدل التضخم السنوي في مصر إلى مستوى قياسي بلغ 38.0 في المائة في سبتمبر الماضي، مقارنة بـ37.4 في المائة على أساس سنوي في أغسطس، وفقاً لبيانات الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء. وارتفعت الأسعار الشهرية بنسبة 2.0 في المائة على أساس شهري في سبتمبر مقارنة بزيادة قدرها 1.59 في المائة على أساس شهري في الشهر السابق.

وتوقعت هبة منير، أن يواصل التضخم في مصر الارتفاع بنسبة 2.6 في المائة على أساس شهري و38.0 في المائة على أساس سنوي في أكتوبر (تشرين الأول)، على غرار أرقام سبتمبر، «الأمر الذي يعكس نقص إمدادات السلع والمنتجات الأساسية نتيجة تقييد الاستيراد وتصدير بعض المحاصيل الزراعية، ونقص المعروض من العملة الصعبة، والأثر الموسمي لبداية العام الدراسي في المدارس والجامعات». ونوهت إلى قيام وكالتي «موديز» و«ستاندرد آند بورز» بتخفيض التصنيف الائتماني لإصدارات الحكومة المصرية بالعملتين الأجنبية والمحلية على المدى الطويل مع نظرة مستقبلية مستقرة.

بينما أشار سوانستون، إلى تعرض الجنيه المصري لمزيد من الضغوط، وانخفاضه في السوق الموازية إلى 47.5 جنيه للدولار ما يمثل هبوطاً بنسبة 16 في المائة منذ اجتماع لجنة السياسة النقدية في سبتمبر.

كانت مصر أبرمت اتفاقاً مع صندوق النقد في ديسمبر الماضي للحصول على دعم بقيمة 3 مليارات دولار على مدى 46 شهراً، وقطعت في برنامجها عدداً من التعهدات من بينها الالتزام بسعر صرف مرن وبيع أصول مملوكة للدولة لخفض العجز في ميزانيتها. غير أن البرنامج توقف نتيجة عدم سماح السلطات بمرونة سعر الصرف، مع تزايد الضغوط المحلية.

إلى ذلك، هناك جانب إيجابي أشارت إليه «منير»، حيث «سجل ميزان المدفوعات الكلي فائضاً قدره 601 مليون دولار في الربع الرابع من السنة المالية 2022 - 2023، و882 مليون دولار لإجمالي السنة المالية 2022 - 2023، كما ارتفع صافي احتياطي النقد الأجنبي بنسبة 5.34 في المائة على أساس سنوي و0.12 في المائة على أساس شهري إلى 35.0 مليار دولار في سبتمبر، وأيضاً ارتفعت الودائع غير المدرجة في الاحتياطيات الرسمية بنسبة 6.4 في المائة على أساس شهري، و3.82 مرة على أساس سنوي إلى 5.05 مليار دولار في سبتمبر».

وبالمثل تراجعت صافي التزامات القطاع المصرفي من العملة الأجنبية بقيمة 585 مليار دولار على أساس شهري للشهر الثاني على التوالي إلى 25.7 مليار دولار في أغسطس، بسبب تراجع التزامات البنك المركزي المصري من العملات الأجنبية بمقدار 995 مليون دولار على أساس شهري، وفقاً لبيانات البنك المركزي.

في الأثناء، ارتفعت استثمارات الأجانب في أذون الخزانة المصرية بقيمة 1.6 مليار دولار بنهاية الربع الأول من السنة المالية 2023 - 2024 لتصل إلى 14.2 مليار دولار، وفقاً لمصدر مسؤول تحدث لـ«وكالة أنباء العالم العربي».


مقالات ذات صلة

«وسط البلد»... معرض يُحاكي زحمة القاهرة وأحوال أهلها

يوميات الشرق البنايات تتداخل مع الرموز والأفكار والتاريخ في معرض «وسط البلد» (الشرق الأوسط)

«وسط البلد»... معرض يُحاكي زحمة القاهرة وأحوال أهلها

تظل منطقة وسط البلد في القاهرة المكان الأكثر زخماً بتفاصيلها العمرانية ونماذجها البشرية، ما يظهر في أعمال فنانين تشبَّعوا بروح المكان، وأفاضوا في إعادة صياغته.

محمد الكفراوي (القاهرة )
يوميات الشرق مقر كلية السياحة والفنادق بجامعة حلوان (إدارة الكلية)

منشآت على «نيل القاهرة» مهدَّدة بالإزالة بعد إلغاء حق الانتفاع

اتّسعت دائرة المنشآت الموجودة على «نيل القاهرة» المهدَّدة بالإزالة بعد أيام من إعلان بعض الفنانين عن مخطّط لإزالة «المسرح العائم» بجزيرة الروضة.

أحمد عدلي (القاهرة )
يوميات الشرق تابوت «إيدي» بأسيوط (وزارة السياحة والآثار المصرية)

مصر: اكتشاف حجرة دفن ابنة حاكم أسيوط خلال عصر سنوسرت الأول

اكتشفت البعثة الأثرية المصرية - الألمانية المشتركة بين جامعتَي سوهاج وبرلين، حجرة الدفن الخاصة بسيدة تدعى «إيدي» التي كانت الابنة الوحيدة لحاكم إقليم أسيوط.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
شمال افريقيا الخبز أحد أهم السلع المدعومة في مصر (وزارة التموين)

«الحوار الوطني» المصري يناقش إعادة هيكلة الدعم الحكومي

يعتزم «الحوار الوطني» المصري، خلال الأيام المقبلة، مناقشة قضية الدعم الحكومي المقدم للمواطنين، في ضوء قرار الحكومة بإعادة هيكلته.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
شمال افريقيا يوسف بطرس غالي (أرشيفية)

ساويرس يجدد الجدل حول تعيين بطرس غالي بمنصب اقتصادي في مصر

جدد رجل الأعمال المصري، نجيب ساويرس، الجدل حول تعيين وزير المالية الأسبق، يوسف بطرس غالي، عضواً في «المجلس التخصصي للتنمية الاقتصادية».

أحمد عدلي (القاهرة )

في أحدث صورها بـ«غازبروم»... العقوبات الأميركية على روسيا تربك حلفاء واشنطن

شعار شركة «غازبروم» الروسية على أحد الحقول في مدينة سوتشي (د.ب.أ)
شعار شركة «غازبروم» الروسية على أحد الحقول في مدينة سوتشي (د.ب.أ)
TT

في أحدث صورها بـ«غازبروم»... العقوبات الأميركية على روسيا تربك حلفاء واشنطن

شعار شركة «غازبروم» الروسية على أحد الحقول في مدينة سوتشي (د.ب.أ)
شعار شركة «غازبروم» الروسية على أحد الحقول في مدينة سوتشي (د.ب.أ)

رغم عدم إعلان العديد من الدول الحليفة لواشنطن بـ«شكل مباشر» لاعتراضها على جوانب من أحدث حلقات العقوبات الأميركية ضد روسيا، فإن التصريحات المتوالية أشارت إلى تضرر هذه الدول وبحثها عن حلول لتجاوز شظايا العقوبات.

وعقب إعلان واشنطن يوم الخميس عن فرض عقوبات على حزمة من البنوك الروسية، قفزت إلى السطح مشكلة معقدة، إذ إن أحد تلك البنوك هو «غازبروم بنك»، المملوك من شركة الغاز الحكومية «غازبروم»، ويعد من أهم الحلقات المالية للتحويلات مقابل شراء الغاز الروسي من الدول الخارجية.

وقالت وزارة الخزانة الأميركية إن الولايات المتحدة فرضت عقوبات جديدة على بنك غازبروم، في الوقت الذي يكثف فيه الرئيس جو بايدن الإجراءات لمعاقبة موسكو على غزوها لأوكرانيا قبل أن يترك منصبه في يناير (كانون الثاني).

وبفرض العقوبات الأميركية، وتجريم التعامل مع البنك الروسي، فإن واشنطن حكمت عرضيا باحتمالية وقف إمداد دول كثيرة حليفة لها بالغاز الروسي.

وفي ردود الفعل الأولية، قالت وزارة الاقتصاد في سلوفاكيا إنها تحلل العقوبات الأميركية الجديدة ضد «غازبروم بنك»، وستعرف تأثيرها المحتمل على سلوفاكيا قريبا. وتمتلك شركة «إس بي بي»، المشتري الحكومي للغاز في سلوفاكيا، عقدا طويل الأجل مع «غازبروم».

كما قالت وزارة الخارجية المجرية في رد بالبريد الإلكتروني على «رويترز» يوم الخميس إنها تدرس تأثير العقوبات الأميركية الجديدة ضد «غازبروم بنك»، وستتصل بمورد الغاز الطبيعي إذا لزم الأمر. وبموجب اتفاق مدته 15 عاماً تم توقيعه في عام 2021، تحصل المجر على 4.5 مليار متر مكعب سنوياً من روسيا من خلال شركة غازبروم.

وخارج القارة الأوروبية، قال وزير الصناعة الياباني يوجي موتو يوم الجمعة إن اليابان ستتخذ كافة التدابير الممكنة لمنع حدوث اضطرابات في تأمين إمدادات مستقرة من الغاز الطبيعي المسال من مشروع «سخالين-2» الروسي في أعقاب العقوبات الأميركية الجديدة.

ومنحت العقوبات الأميركية إعفاءات للمعاملات المتعلقة بمشروع النفط والغاز سخالين-2 في أقصى شرق روسيا حتى 28 يونيو (حزيران) 2025، وفقاً لرخصة عامة محدثة نشرتها وزارة الخزانة.

وقال موتو في مؤتمر صحافي يوم الجمعة: «إن سخالين-2 مهم لأمن الطاقة في اليابان»، مشيراً إلى أنه لا يوجد انقطاع فوري، حيث يتم استبعاد المعاملات من خلال «غازبروم بنك» مع «سخالين-2» أو «سخالين إنرجي» من العقوبات. وقال: «سنستمر في تقديم تفسيرات مفصلة للولايات المتحدة وأعضاء مجموعة السبع الآخرين كما فعلنا في الماضي، واتخاذ جميع التدابير الممكنة لضمان عدم وجود عقبات أمام تأمين إمدادات مستقرة لليابان».

من ناحية أخرى، قال رئيس شركة «أوساكا» للغاز، وهي مشتري للغاز الطبيعي المسال «سخالين-2»، إن العقوبات الأميركية الجديدة لن تؤثر على عملية تسوية شراء الوقود.

ولا تتوقع الشركة، وهي ثاني أكبر مزود للغاز في اليابان، والتي تشتري الوقود المبرد للغاية من «سخالين-2» بموجب عقد طويل الأجل، أن تؤثر العقوبات الأميركية على معاملاتها، كما قال رئيس شركة أوساكا للغاز ماساتاكا فوجيوارا للصحافيين يوم الجمعة، مشيراً إلى أن الشركة لا تستخدم «غازبروم بنك» للتسوية.

وبحسب وزارة الخزانة الأميركية، التي استخدمت أقوى أداة عقوبات لديها، فإن «غازبروم بنك» لا يمكنه التعامل مع أي معاملات جديدة متعلقة بالطاقة تمس النظام المالي الأميركي، وتحظر تجارته مع الأميركيين وتجمد أصوله الأميركية.

وتحث أوكرانيا الولايات المتحدة منذ فبراير (شباط) 2022 على فرض المزيد من العقوبات على البنك، الذي يتلقى مدفوعات مقابل الغاز الطبيعي من عملاء «غازبروم» في أوروبا.

كما فرضت وزارة الخزانة عقوبات على 50 بنكاً روسياً صغيراً ومتوسطاً لتقليص اتصالات البلاد بالنظام المالي الدولي ومنعها من إساءة استخدامه لدفع ثمن التكنولوجيا والمعدات اللازمة للحرب. وحذرت من أن المؤسسات المالية الأجنبية التي تحافظ على علاقات مراسلة مع البنوك المستهدفة «تنطوي على مخاطر عقوبات كبيرة».

وقالت وزيرة الخزانة جانيت يلين: «إن هذا الإجراء الشامل سيجعل من الصعب على الكرملين التهرب من العقوبات الأميركية وتمويل وتجهيز جيشه. سنواصل اتخاذ خطوات حاسمة ضد أي قنوات مالية تستخدمها روسيا لدعم حربها غير القانونية وغير المبررة في أوكرانيا».

كما أصدرت وزارة الخزانة ترخيصين عامين جديدين يسمحان للكيانات الأميركية بإنهاء المعاملات التي تشمل «غازبروم بنك»، من بين مؤسسات مالية أخرى، واتخاذ خطوات للتخلص من الديون أو الأسهم الصادرة عن «غازبروم بنك».

وقالت وزارة الخزانة إن «غازبروم بنك» هو قناة لروسيا لشراء المواد العسكرية في حربها ضد أوكرانيا. وتستخدم الحكومة الروسية البنك أيضاً لدفع رواتب جنودها، بما في ذلك مكافآت القتال، وتعويض أسر جنودها الذين قتلوا في الحرب.