مكاسب الأصول الروسية المجمدة تضع «يوروكلير» في مأزق مزدوج

الاتحاد الأوروبي يواجه ضغوطاً لتوجيه الأرباح إلى أوكرانيا

قطار مترو يسير عبر الجسر فوق نهر موسكو أمام السفارة البريطانية في روسيا 25 أكتوبر 2023 (وكالة حماية البيئة)
قطار مترو يسير عبر الجسر فوق نهر موسكو أمام السفارة البريطانية في روسيا 25 أكتوبر 2023 (وكالة حماية البيئة)
TT

مكاسب الأصول الروسية المجمدة تضع «يوروكلير» في مأزق مزدوج

قطار مترو يسير عبر الجسر فوق نهر موسكو أمام السفارة البريطانية في روسيا 25 أكتوبر 2023 (وكالة حماية البيئة)
قطار مترو يسير عبر الجسر فوق نهر موسكو أمام السفارة البريطانية في روسيا 25 أكتوبر 2023 (وكالة حماية البيئة)

تجد شركة «يوروكلير» للتسويات المالية نفسها في أزمة غير متوقعة، بعد أن تم تكليفها بإدارة الأصول الروسية المجمدة بموجب العقوبات الأوروبية. فالأرباح التي تتجاوز التوقعات لهذه الأصول تضعها في مأزق مزدوج، بين المطالبات الروسية المتوقعة بالأرباح، وإمكانية المطالبات الأوروبية المضادة للحصول على هذه الأرباح من أجل دعم أوكرانيا.

وحصلت «يوروكلير» على أكثر من 3 مليارات يورو (3.1 مليار دولار) حتى الآن هذا العام من الأصول الروسية المجمدة في مستودع الأوراق المالية بسبب عقوبات الاتحاد الأوروبي، في مكاسب غير متوقعة من المرجح أن تزيد الضغط على القادة الأوروبيين لتوجيه الأرباح إلى أوكرانيا.

وقالت المجموعة، التي تتخذ من بلجيكا مقراً لها، إن الدخل المتعلق بالأصول الروسية المجمدة قفز في الأشهر التسعة الأولى من العام من 347 مليون يورو (365 مليون دولار) في الفترة نفسها من عام 2022، مدفوعاً بارتفاع أسعار الفائدة، وفقاً لصحيفة «فاينانشيال تايمز».

وهذا الارتفاع الحاد غير مريح بالنسبة لشركة «يوروكلير»، التي ظلت تعتمد على الأصول الروسية منذ غزو الرئيس الروسي فلاديمير بوتين لأوكرانيا، خاصة وأن العقوبات اللاحقة التي فرضها الاتحاد الأوروبي على موسكو تعني أنها لا تستطيع نقل الأموال إلى البنوك الروسية.

ووفق الحكومة البلجيكية، فإن حوالي 197 مليار يورو (207 مليارات دولار) من الأصول الروسية عالقة في «يوروكلير». ومن هذا المجموع، هناك 180 مليار يورو (189 مليار دولار) من البنك المركزي الروسي، وهي حصة الأسد من أصول البنك المركزي البالغة 300 مليار يورو (316 مليار دولار) والتي تم تجميدها بسبب العقوبات الغربية.

وتراكمت الفوائد على القسائم وأرباح الأسهم والاستردادات منذ فرض العقوبات العام الماضي، وتزايدت مع قيام البنوك المركزية برفع أسعار الفائدة. ووصل صافي أرباح الفوائد إلى أكثر من 3.8 مليار يورو (4.01 مليار دولار) للأشهر التسعة الأولى من عام 2023 منها 3 مليارات يورو (3.16 مليار دولار) مرتبطة بتأثير العقوبات الروسية.

وقالت الحكومة إن بلجيكا قامت بالفعل بتخصيص ضريبة الشركات التي تجنيها من الأرباح غير العادية في «يوروكلير» لأوكرانيا. ووفقاً لبيانها المالي، دفعت «يوروكلير» هذا العام ضرائب بقيمة 740 مليون يورو (779 مليون دولار) على أرباح الأصول الروسية المجمدة حتى سبتمبر (أيلول) الماضي.

ويتصارع المسؤولون في الاتحاد الأوروبي حول أفضل السبل للإفراج عن عائدات الأصول الروسية العالقة في النظام المالي الأوروبي، حيث يتم استخدام الأرباح غير المتوقعة التي تحققها «يوروكلير» لأوكرانيا. وتحث مسودة بيان القادة، التي اطلعت عليها صحيفة «فاينانشيال تايمز»، المفوضية الأوروبية على تسريع العمل بهدف تقديم مقترحات بشأن استخدام الإيرادات الاستثنائية الناتجة عن الأصول الروسية المجمدة في أوكرانيا.

وأبدت بعض الدول الأعضاء مثل ألمانيا شكوكها في الخطط التي سيناقشها الاتحاد الأوروبي، وحذر المصرف المركزي الأوروبي من الاستيلاء على الأرباح التي حققتها «يوروكلير» بسبب المخاطر المحتملة على اليورو، محذراً من أن ذلك قد يدفع البنوك المركزية الأخرى التي تمتلك أصولاً مقومة باليورو إلى التخلي عنها وإضعاف العملة.

ويقول مسؤولو الاتحاد الأوروبي إنهم لن يتخذوا خطوات للاستفادة من الأصول إلا كجزء من مبادرة عالمية بدعم من البنوك المركزية والحكومات الأخرى، وخاصة واشنطن.

من جهتها، أشارت «يوروكلير» في بيانها إلى تركيزها على تقليل المخاطر القانونية والتقنية والتشغيلية المحتملة التي قد تنشأ لنفسها وعملائها من تنفيذ أي مقترحات من المفوضية الأوروبية.

أما الرئيس التنفيذي لمجموعة «يوروكلير» ليف موستري، فقال: «على الرغم من تعقيد إدارة العقوبات الدولية على الأصول الروسية، فإن نموذج أعمالنا المتنوع يسمح لنا بالتركيز على دعم العملاء خلال هذه الأوقات المضطربة، وتوفير بنية تحتية قوية، والوفاء بواجباتنا بوصفها بنية تحتية موثوقة للسوق المالية»، وفق ما ذكرت وكالة «رويترز».

تجدر الإشارة إلى أنه بينما يسعى الاتحاد الأوروبي إلى صرف الأرباح، تواجه «يوروكلير» دعاوى قضائية من روسيا لإجبارها على تسليم الأموال. وقالت الشركة إنها أنفقت 34 مليون يورو (35.8 مليون دولار) في الأشهر التسعة الأولى من العام لإدارة الآثار المترتبة على الأصول الروسية والتكاليف القانونية، وهي قفزة من 12 مليون يورو (12.6 مليون دولار) مقارنة بالفترة نفسها من العام الماضي بسبب «التعقيد المتزايد للوضع».


مقالات ذات صلة

قرضان للمغرب لـ«تحسين الحوكمة الاقتصادية»

شمال افريقيا عزيز أخنوش رئيس الحكومة المغربية (الشرق الأوسط)

قرضان للمغرب لـ«تحسين الحوكمة الاقتصادية»

قال البنك الأفريقي للتنمية، الجمعة، إنه قدّم للمغرب قرضين بقيمة 120 مليون يورو (130 مليون دولار) لكل منهما؛ بهدف تمويل منطقة صناعية.

«الشرق الأوسط» (الرباط)
الاقتصاد جانب من اجتماع وزير الطاقة والموارد الطبيعية التركي ألب أرسلان بيرقدار مع رئيس شركة «روساتوم» الروسية المنفذة لمشروع محطة الطاقة النووية «أككويوو» في جنوب تركيا بإسطنبول الأسبوع الماضي (من حساب الوزير التركي على «إكس»)

«المركزي» التركي: لا خفض للفائدة قبل تراجع الاتجاه الأساسي للتضخم

استبعد مصرف تركيا المركزي البدء في دورة لخفض سعر الفائدة البالغ حالياً 50 في المائة قبل حدوث انخفاض كبير ودائم في الاتجاه الأساسي للتضخم الشهري

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
الاقتصاد صيدلية في أحد شوارع منطقة مانهاتن بولاية نيويورك الأميركية (أ.ف.ب)

ارتفاع معتدل لأسعار السلع الأميركية في يونيو

ارتفعت أسعار السلع في الولايات المتحدة بشكل معتدل في يونيو الماضي

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
الاقتصاد بريطانيون يحتسون القهوة على ضفة نهر التيمز بالعاصمة لندن (رويترز)

بريطانيا تتأهب للكشف عن «فجوة هائلة» في المالية العامة

تستعد وزيرة المال البريطانية الجديدة رايتشل ريفز للكشف عن فجوة هائلة في المالية العامة تبلغ 20 مليار جنيه إسترليني خلال كلمة أمام البرلمان يوم الاثنين.

«الشرق الأوسط» (لندن)
الاقتصاد سيدة تسير إلى جوار متجر «آيفون» في مدينة ووهان الصينية (رويترز)

«أبل» تنضم للشركات الملتزمة بقواعد البيت الأبيض للذكاء الاصطناعي

انضمت شركة «أبل» إلى حوالي 12 شركة تكنولوجيا التزمت اتباع مجموعة قواعد للحد من مخاطر الذكاء الاصطناعي.

«الشرق الأوسط» (سان فرانسيسكو)

مصر تتطلع إلى موافقة صندوق النقد على صرف شريحة جديدة من القرض

وزير المالية المصري أحمد كجوك خلال لقائه كريستالينا غورغييفا المدير العام لصندوق النقد الدولي (الشرق الأوسط)
وزير المالية المصري أحمد كجوك خلال لقائه كريستالينا غورغييفا المدير العام لصندوق النقد الدولي (الشرق الأوسط)
TT

مصر تتطلع إلى موافقة صندوق النقد على صرف شريحة جديدة من القرض

وزير المالية المصري أحمد كجوك خلال لقائه كريستالينا غورغييفا المدير العام لصندوق النقد الدولي (الشرق الأوسط)
وزير المالية المصري أحمد كجوك خلال لقائه كريستالينا غورغييفا المدير العام لصندوق النقد الدولي (الشرق الأوسط)

قال وزير المالية المصري أحمد كجوك، إن بلاده تتطلع إلى موافقة مجلس إدارة صندوق النقد الدولي على المراجعة الثالثة لبرنامج الإصلاح الاقتصادي المصري يوم 29 يوليو (تموز) الحالي، «ونستهدف استمرار المراجعات القادمة بنجاح، والعمل على مسار الحصول على تمويل من صندوق المرونة والاستدامة».

وأكد الوزير، في بيان صحافي، السبت: «إننا نتعامل في مصر بتوازن شديد مع تداعيات جيوسياسية مركبة، في إطار برنامج شامل لتحسين الأداء الاقتصادي».

وأجرت بعثة من صندوق النقد الدولي، زيارة إلى القاهرة في مايو (أيار) الماضي، لإجراء المراجعة الثالثة لبرنامج الإصلاح الاقتصادي. لكنه أجّل مناقشة صرف الشريحة الثالثة من القرض الممنوح لمصر بقيمة 820 مليون دولار، إلى 29 يوليو الحالي، بعدما كانت على جدول اجتماعاته المقررة 10 يوليو.

واعتمد مجلس الصندوق في نهاية مارس (آذار) الماضي، المراجعتين الأولى والثانية، في إطار تسهيل الصندوق الممدد لمصر، ووافق على زيادة قيمة البرنامج الأصلي بنحو 5 مليارات دولار، ليصل إجماليها إلى 8 مليارات دولار، ما سمح لمصر بسحب سيولة من الصندوق بنحو 820 مليون دولار على الفور.

وخلال لقائه كريستالينا غورغييفا المدير العام لصندوق النقد الدولي، على هامش اجتماعات «مجموعة العشرين» في البرازيل، قال الوزير: «إننا ملتزمون بتحقيق الانضباط المالي من أجل وضع مسار دين أجهزة الموازنة للناتج المحلي في مسار نزولي، ونستهدف خلق مساحة مالية كافية تتيح زيادة الإنفاق على التعليم والصحة والحماية الاجتماعية، ونعمل أيضاً على خفض معدلات التضخم لضمان استقرار الأسعار لتحسين الأحوال المعيشية للمواطنين، ومساندة تنافسية الشركات».

وأشار الوزير إلى أن أولوية الحكومة خلال الفترة المقبلة زيادة حجم استثمارات القطاع الخاص ودفع الأنشطة الإنتاجية والتصديرية، وكذلك تطوير بيئة الأعمال لتعزيز القدرة التنافسية للاقتصاد المصري وجذب الاستثمار الأجنبي المباشر، لافتاً إلى «أننا نعمل على تبسيط الإجراءات الخاصة بمنظومتي الضرائب والجمارك لإعادة بناء الثقة بين مجتمع الأعمال والإدارة الضريبية وتحسين الخدمات للممولين».

وأوضح كجوك، أن بلاده حريصة على دفع الإصلاحات الهيكلية ودفع الاستثمارات الخاصة في مجالات الطاقة المتجددة والتكنولوجيا وتحلية المياه والبنية التحتية، مشيراً إلى العمل أيضاً على «اتساق السياسات الاقتصادية من خلال وضع سقف لإجمالي الاستثمارات العامة والضمانات الحكومية ونسبة دين الحكومة العامة للناتج المحلي».

على صعيد موازٍ، عقدت الدكتورة رانيا المشاط، وزيرة التخطيط والتنمية الاقتصادية والتعاون الدولي المصرية، لقاءاتٍ مكثفة مع وزراء الاقتصاد والتنمية والتعاون الدولي، إلى جانب مسؤولي مؤسسات التمويل الدولية، المُشاركين في الاجتماع الوزاري لـ«مجموعة العشرين» بمدينة ريو دي جانيرو البرازيلية، وذلك لبحث أولويات التعاون المشترك وتعزيز الشراكات المستقبلية في ضوء أولويات وبرنامج الحكومة.

والتقت المشاط بكل من: أحمد حسين وزير التنمية الدولية الكندي، وإيفا جرانادوس وزيرة الدولة للتعاون الدولي الإسبانية، وريم الهاشمي وزيرة الدولة لشؤون التعاون الدولي في حكومة دولة الإمارات العربية المتحدة، وسيفينا شولز الوزيرة الاتحادية الألمانية للتعاون الاقتصادي والتنمية، وأنيليز جين دودز وزيرة الدولة لشؤون المرأة والمساواة في المملكة المتحدة، وخوسيه دي ليما وزير الدولة للاقتصاد الأنغولي، وكريسولا زاكاروبولو وزيرة الدولة للتعاون الإنمائي بفرنسا.

كما عقدت الوزيرة لقاءً مع جوتا أوربيلينين المفوضة الأوروبية للشراكات الدولية، وسيندي ماكين المديرة التنفيذية لبرنامج الأغذية العالمي (WFP)، وريبيكا جرينسبان الأمين العام لمؤتمر الأمم المتحدة للتجارة والتنمية (أونكتاد)، كما التقت أنيل كيشورا نائب الرئيس والمدير التنفيذي لبنك التنمية الجديد (NDB)، وألفارو لاريو رئيس الصندوق الدولي للتنمية الزراعية (إيفاد).

وخلال اللقاءات ناقشت المشاط، فُرص التعاون المستقبلي مع الاتحاد الأوروبي استمراراً للشراكة الاستراتيجية بين الجانبين وجهود تعزيز الاستثمارات من خلال آلية ضمان الاستثمار التي يجري تنفيذها، وكذلك تعزيز جهود الإصلاحات الهيكلية.