جولة لميقاتي في جنوب لبنان وتأكيد على التزام القرارات الدولية

التقى قائد الـ«يونيفيل» وأكد أن الجيش ركن البنيان الوطني

الرئيس نجيب ميقاتي مع قائد الجيش العماد جوزيف عون (يمين) وقائد «اليونيفيل» الجنرال أرولدو لازارو (أ.ف.ب)
الرئيس نجيب ميقاتي مع قائد الجيش العماد جوزيف عون (يمين) وقائد «اليونيفيل» الجنرال أرولدو لازارو (أ.ف.ب)
TT
20

جولة لميقاتي في جنوب لبنان وتأكيد على التزام القرارات الدولية

الرئيس نجيب ميقاتي مع قائد الجيش العماد جوزيف عون (يمين) وقائد «اليونيفيل» الجنرال أرولدو لازارو (أ.ف.ب)
الرئيس نجيب ميقاتي مع قائد الجيش العماد جوزيف عون (يمين) وقائد «اليونيفيل» الجنرال أرولدو لازارو (أ.ف.ب)

أكد رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي «أن لبنان ملتزم بالقرارات الدولية وفي مقدمها القرار 1701»، وأشاد بدور القوات الدولية «يونيفيل» في حفظ استقرار الجنوب، بالتعاون والتنسيق الكامل مع الجيش اللبناني، واصفا إياه بـ«ركن البنيان الوطني».

وجاء كلام ميقاتي خلال جولة مفاجئة قام بها في الجنوب، حيث تفقد، بمشاركة قائد الجيش العماد جوزيف عون، منطقة القطاع الغربي؛ للاطلاع على الأوضاع هناك، والمهام التي يقوم بها الجيش بالتعاون مع قوات «اليونيفيل» التي التقى قائدها أرولدو لازارو في بلدة الناقورة الحدودية.

ولفت ميقاتي إلى أن الجيش «يدفع دوماً، ضريبة دفاعه عن كامل أراضي الوطن بوجه كيانٍ غاصب لا يعرف الرحمة»، مؤكداً «احترام لبنان قرارات الشرعيّة الدوليّة، والالتزام بتطبيق قرار مجلس الأمن الدّولي الرقم 1701»، وشدد على «أن منطق القوة المتبع اليوم في وجه الحق لا يستقيم كل الأوقات، والمطلوب العودة إلى منطق قوة الحق، وفق ميثاق الأمم المتحدة وشرعة حقوق الإنسان».

ووصف ميقاتي الجيش بـ«ركن البنيان الوطني الذي تشخص إليه العيون اليوم في الداخل والخارج»، معرباً عن تقديره العميق «لتضحياته دفاعاً عن لبنان، في ظل الأوضاع الاستثنائية الراهنة عند الحدود الجنوبية والاعتداءات المتكررة من جانب العدو الإسرائيلي».

وتوجه إلى العسكريين خلال زيارة مقر قيادة قطاع جنوب الليطاني في الجيش، قائلاً: «حضورنا إلى هنا اليوم رسالة معبرة بأنكم الأساس في حماية الوطن والذود عن كرامته، ولكم الفضل في إبقاء الدولة وشرعيتها ومؤسساتها. أنتم ركن البنيان الوطني، وإليكم تشخص العيون اليوم في الداخل والخارج».

وقال: «كل الأطراف جربت وتجرب الخيارات الجانبية التي تشكل خطاً موازياً مع الخيارات الوطنية الجامعة، وكل الأطراف عادت ولو بعد حين إلى خيار الدولة الواحدة الموحدة لجميع أبنائها»، مضيفاً: «أنا على ثقة بأن الجيش سيبقى رمزاً للوحدة الوطنية الجامعة»، وأثنى على قيادة قائد الجيش الحكيمة «الذي يواجه كل الصعوبات التي تعترض الجيش في الميدان وفي الثكنات، بشهامة وحنكة».

وجدد المطالبة بوقف إطلاق النار في فلسطين ووقف الجرائم الإسرائيلية، كما طالب «بوقف الانتهاكات الإسرائيلية الدائمة للسيادة اللبنانيّة»، مضيفاً: «ونحن نرى اليوم بأم العين إجرامها وبطشها، ضاربةً بعرض الحائط كافة القرارات والمواثيق الدولية».

من جهته، أكد قائد الجيش «أن الدفاع عن لبنان واجب طبيعي ومشروع للجيش في مواجهة الأخطار التي تهدده، وعلى رأسها العدو الإسرائيلي، وأن المؤسسة العسكرية تتابع تطورات الأوضاع وتحافظ على الجهوزية عند الحدود الجنوبية، بالتزامن مع تنفيذ مختلف المهمات في الداخل»، مشيراً «إلى الإرادة الصلبة لدى العسكريين وإيمانهم بقدسية المهمة من دون تردد»، ومثمناً «دعم الرئيس ميقاتي للجيش ووقوفه إلى جانبه». وشدد بدوره على «ضرورة استمرار التنسيق الوثيق بين الجيش و(اليونيفيل) ضمن إطار القرار الدولي 1701».

وخلال زيارته إلى الجنوب، اجتمع ميقاتي في مقر قيادة قوة الأمم المتحدة المؤقتة في لبنان «اليونيفيل» في الناقورة، مع القائد العام لـ«اليونيفيل» الجنرال أرولدو لازارو ساينز، في حضور كبار ضباط «اليونيفيل» والجيش، حيث أكد «أن لبنان ملتزم بالقرارات الدولية، وفي مقدمها القرار 1701»، مشيداً «بدور (اليونيفيل) في حفظ استقرار الجنوب بالتعاون والتنسيق الكامل مع الجيش».

وعن هذا الاجتماع، قال ميقاتي: «أتينا اليوم لشكر (اليونيفيل) على كافة تضحياتها، وعلى كل ما قدمته وتقدمه في سبيل لبنان. وتزامنت زيارتنا مع الاحتفال بيوم الأمم المتحدة، وكم نتمنى أن يطبق ميثاق الأمم المتحدة؛ لأن منطق القوة في وجه الحق المتبع اليوم لا يستقيم كل الأوقات. والمطلوب العودة إلى منطق قوة الحق».

وخلال الاحتفال في الذكرى الثامنة والسبعين لتأسيس الأمم المتحدة، أكدت المنسقة الخاصة في لبنان يوانا فرونتسكا أن «المنظمة تلتزم بحزم دعم لبنان لحماية أمنه واستقراره، في وقت تواجه فيه منطقة الشرق الأوسط واحدة من أكثر اللحظات حرجاً منذ عقود».

وذكّرت بأن «الهدف الرئيسي للأمم المتحدة، التي تضم في عضويتها 193 دولة، وفقاً لميثاقها، هو تجنيب الأجيال المقبلة مآسي الحروب»، وقالت: «للأسف، تتزايد المخاطر على سلام وأمن لبنان والمنطقة، ولكن علينا ألا نتخلى أبداً عن آمال إحلال السلام لبلوغ مستقبل أكثر استدامة لشعب لبنان».

وإذ لاحظت بـ«قلق بالغ استمرار تبادل إطلاق النار عبر الخط الأزرق، فقد دعت لوقف التصعيد وإنهاء العنف واستعادة الهدوء في المنطقة». وقالت: «أصبح من الملحّ أكثر من أي وقت مضى وقف الأعمال العدائية، وتطبيق قرار مجلس الأمن رقم 1701 بشكل كامل».

ومع تأكيدها «التزام سيادة لبنان وأمنه واستقراره وتنميته وسلامة أراضيه»، أكدت المنسقة الخاصة «مواصلة دعم لبنان وشعبه»، مشيرة إلى أن الأمم المتحدة تنسق حالياً مع لبنان خطط الطوارئ والجهوزية، وتبذل جهوداً حثيثة أيضاً بالتنسيق مع الشركاء الدوليين للمساعدة على حماية لبنان من النزاع والحفاظ على أمنه واستقراره».

وأوضحت أنه «على الرغم من الجهود الدولية المشتركة، فإن السلام المستدام لا يمكن أن يتأمن إلا من الداخل»، وقالت: «هذا هو الوقت المناسب لتعزيز الوحدة الوطنية والتضامن الجماعي لمواجهة هذه الأوقات الصعبة التي يمر بها لبنان». وأضافت: «أفضل طريقة للقيام بذلك هي عبر تعزيز وتقوية مؤسسات الدولة، بما في ذلك انتخاب رئيس جديد للجمهورية دون مزيد من التأخير».



إعمار جنوب لبنان مشروط بتجاوب «حزب الله» بحصر السلاح بيد الدولة

رجل يسير بين ركام المنازل في كفركلا (رويترز)
رجل يسير بين ركام المنازل في كفركلا (رويترز)
TT
20

إعمار جنوب لبنان مشروط بتجاوب «حزب الله» بحصر السلاح بيد الدولة

رجل يسير بين ركام المنازل في كفركلا (رويترز)
رجل يسير بين ركام المنازل في كفركلا (رويترز)

إعادة إعمار المناطق التي دمّرتها إسرائيل تبقى متعلقة بالتزام الحكومة اللبنانية بحصر السلاح بيد الدولة وتحقيق الإصلاحات، ومن دون وضع كل هذه الالتزامات على سكة التطبيق لا يمكنها الحصول على مساعدات عربية ودولية لإعمارها، ولم يعد خافياً على أحد ربط الدول المانحة والقادرة على تقديم العون المالي للبنان بنزع سلاح «حزب الله»، وقيادته تدرك ذلك جيداً، ولا يمكنها الالتفاف عليه.

فجلسة مناقشة البيان الوزاري لحكومة الرئيس نواف سلام، التي تنال على أساسها ثقة نيابية مريحة، سجّلت تقاطع الكتل النيابية، بأكثريتها الساحقة وغير المسبوقة، على حصر السلاح بيد الدولة، تجاوباً مع تأكيد رئيس الجمهورية العماد جوزيف عون في خطاب القسم بأن الدولة وحدها تحتكره، رغم أن مطالبة «حزب الله» بإدراج البحث في سلاحه في إطار التوصل للاستراتيجية الدفاعية لن تبدّل في الإصرار على وضعه، اليوم قبل الغد، تحت كنف الدولة ورعايتها وعدم استثنائه، ما يتيح للحكومة التوجه إلى المجتمع الدولي ومطالبته بإلزام إسرائيل بالانسحاب من الجنوب تطبيقاً للقرار 1701 بكل مندرجاته وبنوده، ومنها الـ1559، الذي ينص على نزع السلاح غير الشرعي على كافة الأراضي اللبنانية.

انسحاب إسرائيل الكامل

وفي هذا السياق، يؤكد مصدر سياسي لـ«الشرق الأوسط» أن إلزام إسرائيل بالانسحاب من النقاط الخمس يقع على عاتق هيئة المراقبة الدولية برئاسة الجنرال الأميركي جاسبر جيفرز، شرط أن تلتزم الحكومة بحصر السلاح بيد الدولة لمنع إسرائيل من التذرّع باحتفاظ «حزب الله» بسلاحه لتبرير عدم انسحابها، ويقول إنه لا علاقة لهذه الهيئة بإعادة ترسيم وتحديد الحدود بين لبنان وإسرائيل الذي هو من صلاحية اللجنة الثلاثية المؤلفة من ممثلَيْن عن الجيش اللبناني والإسرائيلي وقيادة قوات الطوارئ الدولية المؤقتة «يونيفيل»، وهي تواصل اجتماعاتها من حين لآخر في مقرها في الناقورة.

ويؤكد المصدر المواكب لجلسة مناقشة البيان الوزاري لمنح الحكومة الثقة، أن تقطيع الوقت، على خلفية إتاحة الفرصة للحوار اللبناني للتوصل إلى صيغة موحدة حول الاستراتيجية الدفاعية باستيعاب سلاح «حزب الله»، لن يكون لصالح الإسراع في وضع خطة متكاملة لإعادة إعمار ما دمرته إسرائيل، خصوصاً أن البلدات الجنوبية الواقعة على الخطين الأماميين قبالة إسرائيل سوّيت أرضاً وأزيلت عن الخريطة، ومنها: يارين، أم التوت، الزلغوطية، البستان، الضهيرة، مروحين، رامية، عيتا الشعب ومحيبيب.

تدمير يصل إلى 90 %

ويكشف المصدر عن أن هناك عشرات البلدات الجنوبية التي دُمّرت منازلها بنسبة تتراوح بين 70 و90 في المائة، وأبرزها الناقورة، يارون، مارون الراس، عيترون، بليدا، ميس الجبل، وصولاً إلى مركبا، العديسة وكفركلا، امتداداً إلى الطيبة، دير سريان، بني حيان وطلوسة. ما عدا البلدات التي أصيبت بتدمير لا يستهان به تقع في القطاعيين الغربي والشرقي وبينهما الأوسط.

ويسأل: ماذا ستقول حكومة «الفرصة الأخيرة» للجنوبيين عندما تحل «ضيفاً» على بلداتهم التي تحولت، من جراء العدوان الإسرائيلي، إلى أشبه بمخيم أطاح بالحدود المرسومة بين المنازل؟، وهل تطلب منهم الإقامة في العراء ريثما تتأمن المساعدات لإعادة إعمار بلداتهم، خصوصاً أنه يتعذر عليهم الإقامة فيها ولو مؤقتاً، لقيام إسرائيل بتدمير شبكات الاتصالات والكهرباء والمياه والطرقات، فيما بادرت وحدات من الجيش اللبناني المنتشرة فيها، بالتعاون مع مجلس الجنوب والبلديات؛ لإزالة السواتر الترابية والركام لتسهيل دخولهم إلى قراهم لتفقد ما تبقى من منازلهم؟

ويسأل المصدر السياسي: ألم يحن الأوان لمبادرة الحكومة، فور نيلها ثقة البرلمان، لإعداد دفتر الشروط الذي تضعه الدول المانحة والذي من دونه لا يمكنها الحصول على المساعدات لإعادة الإعمار، وهي تعلم بأن روحيته تلحظ، بلا أي مواربة، نزع السلاح غير الشرعي والمقصود به أولاً «حزب الله» وحصر احتكاره بالشرعية، وأن ترددها في حسم أمرها سيؤدي إلى ترحيل إعمارها وترك مصير أهلها للقضاء والقدر؟ وهذا ما يدعو الحزب لاتخاذ قرار شجاع يقضي بتموضعه بلا شروط تحت سقف انخراطه بمشروع الدولة ووقوفه خلفها في الدفاع عن لبنان في وجه الاعتداءات، خصوصاً أن أمينه العام الشيخ نعيم قاسم كان فتح الباب على طريق لبننة مواقفه، آخذاً بالتحولات التي شهدها البلد، في مقابل أن يلاقيه شركاؤه في الوطن في منتصف الطريق، وعدم التعامل معه على أنه مهزوم في حربه مع إسرائيل.

ولا يفوت المصدر نفسه التركيز على أن الأسواق والمراكز التجارية في جنوب الليطاني وشماله، والضاحية الجنوبية لبيروت، وبعض البلدات البقاعية تعرضت إلى تدمير ممنهج استهدف بنيتها الاقتصادية والتجارية والصناعية، وهم في حاجة الآن لالتقاط الأنفاس ليعيدوا الروح لهذه الأسواق، ويعولون على أن يشكل الرئيس عون بتعاونه مع الحكومة رافعة لتعبيد الطريق أمام عودتهم إلى قراهم، وأن دعوتهم للتحلي بالصبر الاستراتيجي على الطريقة الإيرانية لا تفي بالغرض المطلوب للنهوض من تحت الركام، ما لم يأخذ الحزب على عاتقه الاستجابة لدفتر الشروط للحصول على المساعدات، ما دام أنه يضع مسؤولية الإعمار على الدولة.