مقربون من نتنياهو يديرون حملة ضد الاجتياح البري

قالوا إن الحكومة والجيش يتجهان لحرب دون تحديد أهدافها

جنديان إسرائيليان مرابضان عند الحدود مع غزة (أ.ف.ب)
جنديان إسرائيليان مرابضان عند الحدود مع غزة (أ.ف.ب)
TT

مقربون من نتنياهو يديرون حملة ضد الاجتياح البري

جنديان إسرائيليان مرابضان عند الحدود مع غزة (أ.ف.ب)
جنديان إسرائيليان مرابضان عند الحدود مع غزة (أ.ف.ب)

في الوقت الذي خرجت فيه إلى العلن، أسرار الخلاف بين الحكومة والجيش حول قرار الاجتياح البري لقطاع غزة، خرجت مجموعة من الشخصيات السياسية والخبراء في الاستراتيجية والإعلام، معروفة بقربها من رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، في حملة واسعة ضد تنفيذ خطة الجيش، وحذرت من أن الاجتياح البري سيضع جنود الجيش الإسرائيلي في خطر عمليات «حماس» ويهدد بخلاف مع الإدارة الأميركية، ويتسبب في حرب إقليمية واسعة ويهدد حياة الأسرى لدى «حماس».

ويرفع أصحاب هذه الحملة شعاراً مركزياً يقول: «ندمّر غزة ونسوّيها بالأرض قبل الاجتياح البري». ويكتبون في منشوراتهم النصية على الشبكات الاجتماعية، وكذلك في أشرطة مصورة، أن القصف من بعيد يستهدف تصفية أكبر قدر من المباني. ويُعربون عن تأييدهم حتى لقصف المستشفيات والمدارس وغيرها من الأماكن التي يتخذها المواطنون المدنيون ملاذاً من القصف الإسرائيلي. ويقولون: «هذه ليست مستشفيات بل هي مقرات قيادة (حماس). وهذا ليس ملجأ إنسانياً بل مخزن للصواريخ. هذه ليست مدرسة بل كمين لصواريخ مضادة للدبابات. حياة أولادنا أهم».

الرئيس الأميركي جو بايدن في أثناء زيارته تل أبيب لدعم إسرائيل ولقاء رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو (د.ب.أ)

إدارة الحملة

ويدير هذه الحملة كل من أرييل سيغال وإيرز تدمور، وهما مستشاران إعلاميان واستراتيجيان، ومعهما عضو الكنيست عن حزب الليكود، عميت هليفي. ولا يُعرف مصدر تمويلها. لذلك قالت صحيفة «يديعوت أحرونوت» إنها حملة نتنياهو، التي يديرها في مواجهة قرار الجيش بأنه جاهز للاجتياح مع أخذ الاحتياطات اللازمة.

وقد ردَّ الجيش على هذه الحملة بالقول إنه ينتظر الإذن من القيادة السياسية لتنفيذ العملية البرية. وسُرب من طرفه نبأ أن نتنياهو اجتمع مرة ثانية مع الجنرال المتقاعد إسحاق بريك، الذي يعد منبوذاً في الجيش، وهو من أشد المعارضين لتنفيذ عملية اجتياح، لأنها ستكلف عدداً كبيراً من الخسائر في الأرواح وستفتح حرباً إقليمية واسعة من خمس وربما ست جبهات، هي: غزة، والضفة الغربية، ولبنان، وسوريا، واليمن، وربما إيران. ويتهم بريك القيادات العسكرية الإسرائيلية خلال السنوات العشرين الأخيرة بأنها لم تُعدّ الجيش بشكل حقيقي لخوض حرب بهذه الضخامة والتحديات. وحسب متابعي السياسة الإسرائيلية فإن هذه هي طريقة عمل قيادة الجيش عندما تنوي الإلقاء بعبء القرارات السياسية الاستراتيجية على الحكومة أو بالأساس على رئيس الوزراء.

دبابات إسرائيلية متمركزة قرب الحدود مع قطاع غزة (رويترز)

أزمة ثقة بين نتنياهو والجيش

كان الكاتبان الأبرز في صحيفة «يديعوت أحرونوت»، ناحوم برنياع ورونين بيرغمان، قد نشرا مقالاً على عرض الصفحة الأولى تحت عنوان «أزمة ثقة بين نتنياهو والجيش»، أكدا فيه أن المسألة ليست مسألة خلاف مهني واستراتيجي على إدارة الحرب، بل هو نابع من اعتقاد الجيش أن نتنياهو يدير الحرب وفق مصالحه الخاصة وليس بدافع المصلحة، وأنه يسعى لإطالة الحرب حتى يبقى أطول فترة في الحكم.

وجاء في المقال: «أزمة الثقة هي ضرر مضاف إلى الضرر الرهيب الذي تكبّدت إسرائيل أهواله في 7 أكتوبر (تشرين الأول) الجاري. فهو يجعل من الصعب جداً التركيز على الحرب وعلى اتخاذ القرارات بما فيها القرارات الأليمة. إسرائيل بحاجة الآن إلى زعامة فاعلة، مركِّزة على المهمة».

وقالا: «البيوت ممكن إعادة بنائها. الأصعب بناء الثقة. في 1973 فوجئت إسرائيل بمرارة وضُربت بشدة في البداية لكنّ قيادتها، معظمها على الأقل، واصلت أداء مهامها، ولاعبو تعزيز انضموا فأسهموا في التجربة والهدوء لإعادة مسيرة اتخاذ قرارات مرتّبة وثقة بأننا في النهاية سننتصر. أما اليوم فإن إسرائيل تتصرف لكن ليست لها إدارة تؤدي مهامها. هذه هي مصيدة 2023».

وتابع المقال القول: «فهذه المرة، ورغم النيات الطيبة، يترك لاعبا التعزيز، الوزيران بيني غانتس وغادي آيزنكوت، أثراً هشاً على النتيجة النهائية، في هذه اللحظة على الأقل. بحكم الاتفاق الذي وقّعا عليه مع نتنياهو، لا يمكن للرجلين أن يلتقيا الضباط خارج مداولات الكابينت إلا بإذن رئيس الوزراء. وقد مر 17 يوماً منذ الهجوم الإجرامي لـ(حماس) في غلاف غزة. بالنسبة إلى العائلات التي يُحتجَز أعزاؤها في مكان ما في غزة، هذا زمن طويل جداً. كما أن هذا زمن طويل أيضاً لأولئك الذين يدفنون موتاهم كل يوم، أولئك الذين ينتظرون الأمر في الوحدات العسكرية في الشمال وفي الجنوب وللمجتمع الإسرائيلي كله. الإسرائيليون ينجحون في التحدي».

نتنياهو في أثناء زيارته جنوداً قرب غزة الأحد (د.ب.أ)

توتر بين نتنياهو ووزير دفاعه

وكشفت مصادر سياسية أن منظومة العلاقات أيضاً بين نتنياهو ووزير دفاعه تجعل من الصعب جداً العمل المشترك. فالرواسب نشأت قبل مارس (آذار) حين أقال نتنياهو غالانت واضطر لأن يتراجع. واحتدمت بعد أن سرّب نبأ بموجبه استخدم نتنياهو الفيتو على عملية عسكرية أرادها الجيش وغالانت في الشمال، ولم تُعرف تفاصيلها حتى اليوم. وكشف أنه في أثناء زيارة الرئيس الأميركي جو بايدن البلاد منع نتنياهو غالانت من تفصيل تقديراته على مسمع من الرئيس الأميركي. فاكتفى بأن روى لوزير الخارجية بلينكن أنه أراد أن يهاجم في بداية الأمر «حزب الله» لكنه توقف بقرار من جهات أخرى.

ويقول برنياع وبريغمان إن المواجهة ليست فقط بين خطط مختلفة بل أيضاً على خلفية شخصية. فنتنياهو يُعدّ نفسه للصراع الجماهيري الذي سيبدأ بكل الشدة عندما يستقر الوضع في الميدان. مقربوه في الشبكة الاجتماعية يُلقون المسؤولية عن المصيبة على جهاز الأمن، من غالانت ورئيس الأركان فما دونهما. والخوف من العاصفة التي ستأتي في اليوم التالي يوجِّه أيضاً خطى الوزراء ويتسلل إلى قيادة الجيش الإسرائيلي. ففي المداولات يتحدثون للبروتوكول، انطلاقاً من التفكير في اليوم الذي ستقوم فيه لجنة تحقيق. هذا يجعل الحديث الصادق، الثاقب، كما ينبغي، بين أصحاب القرار، صعباً جداً.

من الدمار الذي خلّفته غارة إسرائيلية (د.ب.أ)

هدف الحرب

لقد أعلنت الحكومة عن هدف للحرب يشكك الجيش الإسرائيلي إذا كان قابلاً للتحقق. ففي تصريحات مختلفة، وعد نتنياهو وغالانت بمحو «حماس» عن وجه غزة، ولم يشرحا ما المعنى العمليّ للتعهد. وقال رئيس الأركان هليفي: «إننا سنفكك كل البنية التحتية التنظيمية التي توجد من تحت يحيى السنوار»، لكن كيف سيتحقق هذا الهدف؟ هل ينبغي لهذه أن تكون المناورة الأخيرة؟

هل فقط في مدينة غزة، أو في سيطرة كاملة على كل القطاع؟ ومتى سيعرف الجيش الإسرائيلي وتعرف الحكومة إن إسرائيل انتصرت بالفعل؟ في الجيش يقولون إن الذنب يقع على القيادة السياسية التي لم تحدد للجيش أهدافاً واضحة. قد يكون هذا صحيحاً، لكنّ جيشاً يخرج إلى حرب دون الإيضاح كيف سيعرف إذا كان انتصر، ناهيك بكيف سيخرج من ساحة القتال، يجب على الأقل أن يحذر من أن هذا هو الوضع. عرف الجيش كيف يحذر في السنة الأخيرة من الأزمة التي نشبت بسبب الانقلاب القضائي. أما هذه المرة، على الأقل بقدر ما هو معروف لنا، فقد خبا صوته. كما أنه، على حد علمنا، لا يجري بحث مسألة ماذا سيكون الواقع في غزة بعد أن تُطرد «حماس»، إذا ما طُردت، لا في الجيش ولا في الحكومة. إسرائيل تسعى لأن تدخل إلى غزة دون تعريف واضح متى وكيف ستخرج من هناك، وماذا ستخلّفه وراءها.


مقالات ذات صلة

واشنطن تريد معرفة «الأهداف» الإسرائيلية من اقتحامات الضفة الغربية

المشرق العربي مركبة مدرعة إسرائيلية خلال عملية عسكرية في مخيم نور شمس للاجئين بطولكرم الخميس 29 أغسطس 2024 (أ.ب)

واشنطن تريد معرفة «الأهداف» الإسرائيلية من اقتحامات الضفة الغربية

أكد مسؤول كبير بالبيت الأبيض، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» أن إدارة الرئيس جو بايدن على تواصل مع المسؤولين الإسرائيليين لمعرفة «أهداف إسرائيل من هجمات الضفة».

هبة القدسي (واشنطن) «الشرق الأوسط» (رام الله)
المشرق العربي فتاة تجر كرسيا بعجلات فيه طفلان وسط الدمار في قطاع غزة (أ.ف.ب)

الجيش الإسرائيلي ينقذ رهينة في قطاع غزة وسط استمرار القصف وسقوط الضحايا

أعلن الجيش الإسرائيلي، الثلاثاء، إنقاذ رهينة عربي إسرائيلي في جنوب قطاع غزة، بينما يواصل قصف مناطق وإصدار أوامر إخلاء جديدة، ما أدى إلى تفاقم الأزمة الإنسانية.

«الشرق الأوسط» (غزة)
المشرق العربي بن غفير متحدثاً من باحة المسجد الأقصى في 17 يوليو 2024 (أ.ف.ب)

بن غفير يحيي شبح الحرب الدينية بفكرة بناء كنيس في الأقصى

جدد وزير الأمن القومي المتطرف، إيتمار بن غفير، دعوته للسماح لليهود بالصلاة في الأقصى، معلناً أنه يريد بناء كنيس هناك، ما خلّف عاصفة من التهديدات والانتقادات.

كفاح زبون (رام الله)
المشرق العربي صورة أرشيفية ليحيى السنوار زعيم «حماس» الجديد (أ.ف.ب)

رادار أميركي متطور ووحدة إسرائيلية خاصة لملاحقة السنوار

منذ الهجمات التي وقعت يوم السابع من أكتوبر (تشرين الأول) الماضي بإسرائيل والتي خطط لها يحيى السنوار وأدارها، فإنه أصبح أشبه بالشبح؛ إذ لم يظهر في العلن قط.

مارك مازيتي (واشنطن) رونين بيرغمان جوليان بارنز آدم غولدمان
شؤون إقليمية وزير الأمن القومي الإسرائيلي إيتمار بن غفير يتحدث إلى عناصر الطوارئ مطلع الشهر الحالي (رويترز)

بن غفير يتحدى «الشاباك» بزيارة لـ«إرهابي صهيوني» مسجون

تحدى وزير الأمن القومي الإسرائيلي المتطرف، إيتمار بن غفير، تحذيرات جهاز «الشاباك» من تصاعد خطورة «الإرهاب الصهيوني»، وزار الإرهابي عميرام بن أوليئيل في سجنه.

«الشرق الأوسط» (تل أبيب)

نجل شمخاني يدير «إمبراطورية» إيران النفطية

صورة تتداولها وكالات إيرانية لحسين شمخاني
صورة تتداولها وكالات إيرانية لحسين شمخاني
TT

نجل شمخاني يدير «إمبراطورية» إيران النفطية

صورة تتداولها وكالات إيرانية لحسين شمخاني
صورة تتداولها وكالات إيرانية لحسين شمخاني

كشف موقع «بلومبرغ» عن هوية «الزعيم العالمي لتجارة النفط الإيراني» الذي يلقَّب بـ«التاجر السري... هيكتور».

وقال تقرير للموقع، إن «حسين، وهو نجل علي شمخاني، المستشار البارز لدى المرشد علي خامنئي»، تحوّل إلى «إمبراطور يدير كميات كبيرة من صادرات النفط الخام الإيرانية والروسية العالمية».

وحسب التقرير، فإن «قلة قليلة حول العالم، على صلة بتجارة النفط، تعرف أن هذا الرجل هو نجل شمخاني، ويسمونه هيكتور».

وتبيع الشركات في شبكته النفط والبتروكيماويات من دول غير خاضعة للعقوبات، وأحياناً تخلط الخام من دول مختلفة حتى يصعب على المشترين تحديد بلد المنشأ، وفقاً للتقرير.