قواعد قتالية مختلفة تكبّد «حزب الله» خسائر بشرية كبيرة

50 قتيلاً للحزب وحلفائه على جبهة جنوب لبنان

تشييع عنصر من «حزب الله» في بعلبك شرق لبنان (رويترز)
تشييع عنصر من «حزب الله» في بعلبك شرق لبنان (رويترز)
TT

قواعد قتالية مختلفة تكبّد «حزب الله» خسائر بشرية كبيرة

تشييع عنصر من «حزب الله» في بعلبك شرق لبنان (رويترز)
تشييع عنصر من «حزب الله» في بعلبك شرق لبنان (رويترز)

فرضت حرب إسرائيل على غزّة واقعاً جديداً على إدارة المعركة بينها وبين «حزب الله»، ودفعت الأخير لاعتماد استراتيجية العمليات المحدودة المختلفة عن نمط الحروب السابقة، لا سيما أن الفريقين خرقا «قواعد الاشتباك» السائدة منذ حرب عام 2006، وتكبدا خسائر كبيرة في الأرواح والمعدات العسكرية.

وعلى مدى أسبوعين سقط حوالي 50 قتيلاً على الجانب اللبناني، بينهم 27 مقاتلاً لـ«حزب الله»، والباقون لحلفائه من فصائل فلسطينية ولبنانية، وهذا العدد من الضحايا يعدّ مرتفعاً.

ويشدد مدير مركز «المشرق للشؤون الاستراتيجية» الدكتور سامي نادر، على أن «(حزب الله) غير مستعدّ الآن للدخول بحرب مدمرة يعرف أن تداعياتها ستكون كبيرة عليه وعلى لبنان، كما أنه وجد نفسه أمام هذه المواجهة من دون تنسيق مسبق معه، إذ إنه لم يكن شريكاً في عملية (طوفان الأقصى) ولم يختر توقيتها أو يتحضّر لها، بدليل انتقاد خالد مشعل لحلفائه في محور المقاومة».

ويتابع نادر: «لا شكّ أن (حزب الله) محرج الآن، لأنه إذا أخذ مسافة عن (حماس) سيُلام من الرأي العام العربي والإسلامي، وإذا اندفع إلى المواجهة سيقع في الفخّ الذي تريده إسرائيل».

قواعد قتال جديدة

الخسائر البشرية المرتفعة لدى «حزب الله» مبنيّة على قواعد قتال مختلفة عمّا كان يعتمده في السابق، وفق تقدير الخبير العسكري والاستراتيجي العميد خالد حمادة، الذي يعدُّ أن «ما يجري من مواجهات بين لبنان وإسرائيل يندرج ضمن قواعد اشتباك جديدة فرضتها التطورات في غزّة».

تشييع أحد عناصر «حزب الله» في ضاحية بيروت الجنوبية الاثنين (أ.ف.ب)

ويوضح لـ«الشرق الأوسط» أن «العمليات العسكرية تدور بين مواقع ظرفية لـ(حزب الله) في المناطق المتاخمة للشريط الحدودي، وبين مواقع إسرائيلية لا تبعد أكثر من كيلو متر واحد عن لبنان». ويلاحظ أنه «في حرب الـ2006، اعتمد الحزب على غزارة الصواريخ التي أطلقها على العمق الإسرائيلي، وعلى انتظار العدو ليتوغّل وينصب له الكمائن»، لافتاً إلى أن «قتال المواقع الذي يحصل الآن لا يتفق مع قواعد تدريب (حزب الله) ولا مع سياسة القوات غير النظامية التي تستخدم عمليات التسلل والتفجير والمباغتة»، مشدداً على أن الحزب «لا يعتمد تكتيك الجيوش الكلاسيكية، وهذا الفنّ الذي لا يتقنه نهائياً يكبّده هذا العدد من الخسائر البشرية».

تدمير أبراج المراقبة

وفرض تدمير «حزب الله» أبراج المراقبة الإسرائيلية المنصوبة على الحدود مع لبنان واقعاً جديداً من المواجهة بين الطرفين، إذ أفقدها أبرز أدوات المراقبة والتنصّت ورصد التحركات على طول الحدود مع لبنان، لكنّ نادر يعد أن «تدمير هذه الأبراج لا يعني أن إسرائيل فقدت وسائل الرقابة، فلديها التقنيات البديلة الكافية من طائرات تجسس واستطلاع التي لا تغيب عن أجواء الجنوب، خصوصاً المناطق المحاذية للشريط الحدودي»، لافتاً إلى أن «البوارج الأميركية تمتلك تقنيات هائلة لرصد أي تحرّك وبما يخدم إسرائيل».

تشييع أحد عناصر «حزب الله» في ضاحية بيروت الجنوبية الاثنين (أ.ف.ب)

استراتيجية ردع

وفيما ترتفع الأصوات المنتقدة لانكفاء «حزب الله» عن الانخراط في حرب تخفف من وطأة الضغط الإسرائيلي على قطاع غزّة، وتخفف من المجازر التي ترتكب بحق المدنيين، ثمّة من يطالبه بعدم أخذ البلد إلى حربٍ مدمرةٍ، وبرأي المنسّق السابق للحكومة اللبنانية لدى قوات «اليونيفيل» العميد منير شحادة، فإن «(حزب الله) يعتمد سياسة ردع للعدو من دون توريط لبنان في حرب لها تداعياتها ونتائجها على الأرض». ويعدُّ في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، أن «حسابات حرب عام 2006 تختلف عن حسابات حرب جديدة، فالحزب يدرك جيداً أن الوضع الاقتصادي اللبناني لا يحتمل الانخراط بحرب شاملة، ومنذ عملية (طوفان الأقصى) تعلو الأصوات التي تناشد وتحذر من أخذ لبنان في الحرب، لكن هذا لا يعني أنه إذا فرضت الحرب لن يشارك فيها».

ويلفت العميد شحادة إلى أن «العمليات التي ينفذها الحزب في الجنوب تعدّ ناجحة، فرغم التكلفة التي يدفعها بعدد مقاتليه، يكبّد إسرائيل خسائر كبيرة، حيث قتل وأصاب حتى الآن حوالي 50 ضابطاً وجندياً إسرائيلياً ودمّر مراكز وآليات وأبراج مراقبة». 

وتستقطب المستجدات العسكرية في غزّة اهتمام المراقبين لما ستتركه من تداعيات على الجبهة مع لبنان وربما جبهات أخرى، ويشدد العميد منير شحادة على أن «كلّ خطوة سيقدم عليها (حزب الله) ستكون مدروسة، ومسألة فتح جبهة الجنوب على نطاق واسع مرهونة بالتطورات العسكرية في غزّة، ومن المؤكد أن الحزب ومحور المقاومة لن يسمحا بهزيمة (حماس) لأنها مسألة حياة أو موت لهذا المحور بأسره». 

ضربات محدودة 

ومع ارتفاع وتيرة العمليات العسكرية يوماً بعد يوم بين الجيش الإسرائيلي و«حزب الله»، بدا لافتاً التزام الأخير بضربات محدودة رغم تأكيده مجدداً على وحدة الساحات لدى محور المقاومة، ويرى الدكتور سامي نادر أن هناك اعتبارات كثيرة تفرض على الحزب تغيير قواعد المواجهة من إسرائيل، ويذكّر بأن «إيران لا تريد الدخول في الحرب وتسعى بكل الوسائل السياسية لوقف إطلاق النار في غزّة، لتحقق انتصاراً عسكرياً بالنقاط». ويؤكد نادر في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، أن «(حزب الله) فقد القدرة على المبادرة وتوجيه ضربة استباقية لإسرائيل كما لوّح وزير الخارجية الإيراني حسين أمير عبداللهيان». ويقول: «إسرائيل تفكّر الآن بتوجيه ضربة استباقية للبنان، وفق ما سرّب عن بنيامين نتنياهو، لكنّ ما يؤخر ذلك الضغوط التي تمارسها الإدارة الأميركية التي لا تريد تورّط إسرائيل في حرب على جبهة ثانية». 

 

ضربة استباقية للبنان 

السيناريو المعتمد حالياً قد يستمرّ طويلاً، فالمعطيات المتوافرة على الجانبين اللبناني والإسرائيلي تنذر بإمكان اشتعال الجبهة بأي وقت، بدليل إخلاء كلّ المستوطنات الإسرائيلية القريبة من الحدود اللبنانية، ولجوء آلاف العائلات المحسوبة على بيئة «حزب الله» لاستئجار مساكن تبعد عن الجنوب والضاحية الجنوبية لبيروت تحسباً لوقوع الحرب، ويشير نادر إلى أن «بعض الجنرالات في إسرائيل يريدون توجيه ضربة استباقية للبنان، كبديل عن تأخير الهجوم البرّي على قطاع غزّة، لأن الجيش الإسرائيلي يتهيّب الدخول بحرب طويلة مع (حماس)، لكنّ إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن هي التي تؤخر الضربة حتى الآن».


مقالات ذات صلة

الجيش اللبناني يؤكد أن جندياً من بين قتلى غارة إسرائيلية على الجنوب

شؤون إقليمية السيارة التي استهدفها الجيش الإسرائيلي في صيدا بجنوب لبنان (د.ب.ا)

الجيش اللبناني يؤكد أن جندياً من بين قتلى غارة إسرائيلية على الجنوب

أعلن الجيش اللبناني، اليوم الثلاثاء، أن أحد جنوده كان من بين ثلاثة قتلى سقطوا جراء غارة إسرائيلية على سيارة في جنوب البلاد.

«الشرق الأوسط» (تل أبيب)
المشرق العربي إنزال الأمن السوري حمولة صواريخ «غراد» بمحافظة حمص في سيارة معدة للتهريب باتجاه الحدود اللبنانية (أرشيفية - الداخلية السورية)

واشنطن تتدخل لتهدئة الاشتباكات بين «قسد» والأمن السوري

تقارير: إيران ليس لديها أي تردد في إبرام ترتيبات تكتيكية مع الجماعات المتطرفة مثلما حدث مع تنظيم «القاعدة» و«طالبان»، وقد تتبنى هذا التكتيك في سوريا مع «داعش».

هبة القدسي (واشنطن)
المشرق العربي ضبط صواريخ من نوع «سام 7» معدة للتهريب خارج البلاد في البوكمال شرق سوريا (سانا)

مصدر: الصواريخ المضبوطة داخل البوكمال كانت ستهرب إلى «حزب الله» في لبنان

رجحت مصادر أن تكون الجهة التي كان من المفترض تهريب دفعة صواريخ «سام 7» إليها عبر الأراضي السورية هي «حزب الله» بلبنان، الذي كان يقاتل أيضاً إلى جانب نظام الأسد.

موفق محمد (دمشق)
المشرق العربي الدخان يتصاعد من موقع غارة إسرائيلية استهدفت جنوب لبنان في 18 ديسمبر 2025 (أ.ف.ب) play-circle

ثلاثة قتلى بغارة إسرائيلية استهدفت سيارة في جنوب لبنان

أعلن الجيش الإسرائيلي، اليوم الاثنين، قصف عدة أهداف تابعة لـ«حزب الله» في صيدا بجنوب لبنان.

«الشرق الأوسط» (بيروت)
المشرق العربي عناصر من «حزب الله» خلال مناورة عسكرية بجنوب لبنان في مايو 2023 (د.ب.أ)

سيناتور أميركي يتهم «حزب الله» بإعادة تسليح نفسه

اتهم عضو مجلس الشيوخ الأميركي، ليندسي غراهام، «حزب الله» بالسعي إلى إعادة تسليح نفسه

«الشرق الأوسط» (بيروت)

غزيّون تحت القصف يخشون تهجيراً جديداً شرق «الخط الأصفر»

أطفال ينظرون من ملجأ في مخيم النصيرات للنازحين الفلسطينيين وسط قطاع غزة (أ.ف.ب)
أطفال ينظرون من ملجأ في مخيم النصيرات للنازحين الفلسطينيين وسط قطاع غزة (أ.ف.ب)
TT

غزيّون تحت القصف يخشون تهجيراً جديداً شرق «الخط الأصفر»

أطفال ينظرون من ملجأ في مخيم النصيرات للنازحين الفلسطينيين وسط قطاع غزة (أ.ف.ب)
أطفال ينظرون من ملجأ في مخيم النصيرات للنازحين الفلسطينيين وسط قطاع غزة (أ.ف.ب)

في بلدة بني سهيلة بجنوب قطاع غزة، لا تجد أم أحمد قديح جواباً لأطفالها الذين يرتجفون خوفاً مع كل غارة إسرائيلية، ويسألونها: لماذا لا يغادرون للنجاة نحو غرب خان يونس، حيث تتركز حركة النزوح؟

خلال الأسبوع الأخير، شنّ الجيش الإسرائيلي غارات مكثفة على المناطق الشرقية من خان يونس، أي تلك الواقعة شرق الخط الأصفر، حيث يعيش عشرات آلاف الفلسطينيين في خيام أو منازل تضررت جراء حرب ضروس استمرت لعامين.

تقول قديح (40 عاماً)، المقيمة مع أطفالها في خيمة إلى جوار منزلها المدمر: «لا ننام طوال الليل بسبب الخوف لتواصل القصف في المنطقة الشرقية»، مضيفة أنّ أطفالها يسألونها: «لماذا لا ننزح من المنطقة، أصوات الانفجارات لا تتوقف، إلى أين سنذهب؟ وأنا لا أملك جواباً؛ لأنه فعلياً لا يوجد بديل حقيقي»، وفقاً لما ذكرته «وكالة الصحافة الفرنسية».

صورة لرضيع متوفى في مستشفى ناصر نتيجةً لسياسة إسرائيلية مستمرة تُقيّد بشدة الوصول إلى الأدوية وحليب الأطفال والمعدات الطبية الأساسية وأنظمة التدفئة (د.ب.أ)

وتتابع أن «منطقة المواصي (غرب خان يونس) ممتلئة بالكامل بالخيام»، مشيرة إلى أن البقاء قرب المنزل المدمر «أهون علينا من المجهول».

وفي شمال شرقي خان يونس، يقول عبد الحميد الفرا (70 عاماً) إن عائلته تقيم على أنقاض منزلها المدمر جزئياً، مؤكداً أن «بقاءنا هنا (...) ليس لأننا بأمان، بل لأننا لا نجد مكانا آخر»، قبل أن يضيف بنبرة من التحدي: «لن نخرج من هنا (...) هذه أرضنا مهما اشتد القصف سنبقى، والتهجير لن يكون حلاً لنا، بل مأساة جديدة».

وحسب الفرا، لم تعد المواصي قادرة على استيعاب مزيد من النازحين، بينما يرى أن استمرار نسف المنازل في المناطق الشرقية يهدف إلى «إفراغ المنطقة بالكامل من شرق الخط الأصفر».

والخط الأصفر الخاضع لسيطرة إسرائيل، وهو خط ترسيم بموجب هدنة بين إسرائيل وحركة «حماس» دخلت حيّز التنفيذ منذ 10 أكتوبر (تشرين الأول).

وفي وقت سابق من الشهر الحالي، وصف رئيس أركان الجيش الإسرائيلي إيال زمير الخط الأصفر بأنه «الحدود الجديدة» مع إسرائيل.

وقال الجيش إن ضرباته تعود إلى «تهديدات» الفصائل الفلسطينية.

وأوضح في بيان إلى «وكالة الصحافة الفرنسية» أن عملياته «الحالية في غزة وانتشاره على وجه الخصوص في منطقة الخط الأصفر، تتمّ لمواجهة تهديدات مباشرة من منظمات إرهابية في غزة».

«لا خيام ولا طعام ولا دواء»

اندلعت الحرب في غزة في السابع من أكتوبر 2023، عقب هجوم غير مسبوق شنّته حركة «حماس» على جنوب إسرائيل، وأسفر عن مقتل 1221 شخصاً، حسب إحصاء لـ«وكالة الصحافة الفرنسية» استناداً إلى أرقام رسمية إسرائيلية.

ومنذ اندلاع الحرب، قُتل أكثر من 70 ألف شخص في غزة، وفق وزارة الصحة في القطاع، في حين نزح معظم سكانه البالغ عددهم 2.2 مليون نسمة، وكثيرون منهم مرات عدة.

ومنذ سريان وقف إطلاق النار، يتبادل الطرفان بانتظام الاتهامات بخرقه.

وحسب المتحدث باسم الدفاع المدني محمود بصل، فإن بعض السكان يغادرون منازلهم بسبب القصف، لكن الأعداد تبقى محدودة؛ ذلك أن «لا خيارات أمام المواطنين، كثيرون يفضّلون البقاء رغم مخاطر الموت بسبب القصف، ولا مكان آمناً في القطاع».

ويشير بصل إلى أن الجيش الإسرائيلي «كثَّف في الأسابيع الأخيرة القصف الجوي والمدفعي يومياً على خان يونس ومناطق أخرى في القطاع لترحيل الناس؛ لتبقى المناطق الشرقية خالية أمام الاحتلال».

سيدات ينتظرن استلام حصص غذائية مُتبرع بها في مطبخ خيري بخان يونس جنوب قطاع غزة (أ.ف.ب)

يصف رئيس بلدية خان يونس علاء البطة القصف الإسرائيلي بأنه «خروق لاتفاق وقف إطلاق النار»، عادَّاً أنّه يهدف إلى «تهجير الناس من مناطقهم»، وطالب بتدخل عاجل لوقف تلك الخروق؛ إذ إن «مئات آلاف النازحين يفتقرون لأبسط مقومات الحياة لا خيام ولا طعام ولا دواء».

وفي بلدة خزاعة، يقول محمود بركة (45 عاماً) إن القصف المدفعي «لا يتوقف» في المناطق الشرقية، وإن أصوات الانفجارات «قريبة جداً».

يسير الناس وسط الملاجئ في مخيم النصيرات للنازحين الفلسطينيين وسط قطاع غزة (أ.ف.ب)

ويلفت بركة إلى أن الجيش الإسرائيلي ينفذ عمليات نسف يومية للمنازل «وكأننا في ساحة حرب. هدف الاحتلال إخافتنا».

ويردف: «لا ننام طوال الليل. أطفالي ما زالوا يرتجفون من الخوف وأيضاً من البرد، نحن نعيش مأساة حقيقية، لكن فعلياً لا يوجد خيار ولا بديل أمامنا إلا البقاء هنا».

ويأمل بركة بانتهاء هذا الوضع مع بدء المرحلة الثانية من اتفاق وقف إطلاق النار وانسحاب الجيش الإسرائيلي، مؤكداً: «نحاول استرجاع حياتنا بالتدريج؛ فنحن تعبنا جداً».

وتتبادل إسرائيل و«حماس» الاتهامات بشأن تأخير بدء مفاوضات المرحلة الثانية من الاتفاق، الذي ينص على انسحاب القوات الإسرائيلية من مواقعها الحالية، وتولي سلطة مؤقتة إدارة القطاع بدلاً من حكومة حركة «حماس»، إضافة إلى نشر قوة استقرار دولية.


هل يستطيع لبنان الانتقال عملياً لسحب السلاح شمال الليطاني؟

مقاتلون من «حزب الله» خلال مناورة في جنوب لبنان (أرشيفية - د.ب.أ)
مقاتلون من «حزب الله» خلال مناورة في جنوب لبنان (أرشيفية - د.ب.أ)
TT

هل يستطيع لبنان الانتقال عملياً لسحب السلاح شمال الليطاني؟

مقاتلون من «حزب الله» خلال مناورة في جنوب لبنان (أرشيفية - د.ب.أ)
مقاتلون من «حزب الله» خلال مناورة في جنوب لبنان (أرشيفية - د.ب.أ)

ينتظر الجيش اللبناني قراراً سياسياً يفترض أن تتخذه الحكومة للانتقال مطلع العام لتنفيذ المرحلة الثانية من الخطة التي كان قد وضعها لحصرية السلاح.

وقد أتت تصريحات رئيس الحكومة نواف سلام عبر «الشرق الأوسط» ليعلن الانتقال قريباً لحصر السلاح بين نهري الليطاني والأولي، لتؤكد أن الأسابيع الأولى من العام الجديد ستكون حاسمة في هذا المجال. إلا أن تشدد «حزب الله» ورفضه رفضاً قاطعاً تسليم سلاحه شمال نهر الليطاني يطرح علامات استفهام كبيرة حول خطة الدولة للتعامل معه، علماً أن مقربين منه عدّوا موقف سلام الأخير «خطوة تنازلية جديدة يسعى إليها لبنان الرسمي من دون أي خطوة مقابلة من الطرف الإسرائيلي».

ويبدو واضحاً أن تعامل الحزب مع ما وصفها بـ«الخطوات التنازلية» التي اضطر للرضوخ إليها جنوب الليطاني، سواء من خلال استلام الجيش سلاحه ومواقعه العسكرية أو امتناعه عن الرد على الاعتداءات الإسرائيلية المتواصلة أو تعيين مدني في الوفد الذي يفاوض إسرائيل، لن يكون مماثلاً لتعامله مع احتمال التوسع لتطبيق خطة حصرية السلاح شمال الليطاني دون موافقته على ذلك.

عناصر من الجيش اللبناني بمحاذاة شاحنة تعرَّضت لغارة إسرائيلية في ساحل جبل لبنان الجنوبي الأسبوع الماضي (أ.ف.ب)

ويربط الحزب أي خطوة في هذا الاتجاه، بمجموعة شروط، أبرزها انسحاب إسرائيل من الأراضي المحتلة، وإعادة الأسرى ووقف الاعتداءات والشروع في إعادة الإعمار، علماً أنه يربط مصير سلاحه شمال النهر بـ«استراتيجية دفاعية وطنية» يتم التفاهم عليها داخلياً.

الواقع العسكري

وحسب المعلومات، فإن عناصر وضباط الجيش التزموا طوال الفترة الماضية خلال مهماتهم بحصر السلاح جنوب الليطاني بتعليمات واضحة بعدم الاقتراب من مواقع شمال الليطاني، علماً أن مصادر أمنية تؤكد أنه وبالتوازي مع المهام الميدانية التي كانت تحصل جنوب النهر كانت هناك إجراءات حاسمة تتخذ شمالاً، أي على مختلف الأراضي اللبنانية، وبالتحديد لجهة منع نقل السلاح كما التصدي لأي محاولات تهريب له على الحدود اللبنانية - السورية.

وعما إذا كان الجيش جاهزاً لاستكمال تنفيذ الخطة التي وضعتها القيادة، وبالتالي الانتقال إلى المنطقة الواقعة بين نهري الليطاني والأولي، تقول المصادر الأمنية لـ«الشرق الأوسط»: «الخطة وُضعت لتُنفَّذ، والانتقال إلى هذه المرحلة يتطلب قراراً سياسياً»، لافتة إلى أن «تشدد (حزب الله) ورفضه التسليم يعني وضع الجيش بمواجهة مع عناصره؛ ما قد يهدد السلم الأهلي، وهو ما يُعدّ خطاً أحمر بالنسبة لرئاسة الجمهورية وقيادة الجيش».

محاذير سحب السلاح بالقوة

ويستبعد أستاذ العلوم السياسية في الجامعة الأميركية في بيروت الدكتور هلال خشان انتقال الدولة اللبنانية لتطبيق قرارها حصرية السلاح شمال الليطاني بالقوة، عادَّاً أن «لبنان دولة ناعمة، وهناك دائماً بالنسبة إليها ثغرة بين اتخاذ القرار وتنفيذه».

ويرى خشان في تصريح لـ«الشرق الأوسط» ألا خيارات أمام الدولة، «وهي تحاول أن تماطل وتطالب بتمديد المهلة المعطاة لها لحصر السلاح حتى أواخر عام 2026».

جنود في الجيش اللبناني يسيرون في نفق حفره «حزب الله» في منطقة زبقين بجنوب لبنان في وقت سابق وسيطر عليه الجيش بعد الحرب (أرشيفية - أ.ب)

ويؤيد خشان وجهة النظر القائلة بأن محاولة سحب السلاح بالقوة «ستؤدي إلى حرب أهلية وانفراط عقد الجيش وانشقاق الضباط الشيعة»، موضحاً أن «الجيش بتركيبته وعقيدته لا يحارب طائفة أو مجموعة وازنة».

أما عن موقف «حزب الله»، فيرجّح خشان أن يتعاطى الحزب مع أي محاولات لمواجهته بالقوة وفق المنطق القائل «عليّ وعلى أعدائي»، متحدثاً عن «مزاج عام مسيطر لدى الشيعة في لبنان برفض تسليم السلاح؛ لأن ذلك يعني الإطاحة بكل الإنجازات التي تحققت للطائفة خلال أكثر من 40 عاماً». ويضيف: «كما أن الحزب غير مهتم بطروحات تقول بإعطائه امتيازات سياسية مقابل السلاح، فهو الذي بقي مسيطراً على الحياة السياسية في لبنان طوال السنوات الماضية، يُدرك أن امتيازات كهذه لا تدوم».

ويرى خشان أن الحزب وبطرحه الاستراتيجية الدفاعية، «يحاول شراء الوقت لعلمه بأن أي نقاشات داخلية لا يمكن أن تصل إلى نتائج في هذا الملف، وهو ما اختبرناه لسنوات طويلة»، مرجحاً أن «يؤدي هذا الواقع لتصعيد إسرائيلي غير واضح إذا ما كان سيرتقي لحرب».

الحزب يرفض

ويؤكد الكاتب السياسي الدكتور قاسم قصير المطلع من كثب على موقف «حزب الله» أن الحزب «يرفض مطلقاً الانتقال لحصر السلاح شمالي الليطاني ويعدّ أن المسؤولية اليوم أمام الدولة والجيش اللبناني والحكومة لوقف الاعتداءات الإسرائيلية وإنهاء الاحتلال وإطلاق الأسرى»، لافتاً إلى أنه «من غير الواضح بعد كيف ستتم ترجمة عملية الرفض، خاصة بعدما قال الشيخ نعيم قاسم بوضوح في آخر خطاب له إن السلاح مثل الروح والأرض ولن يتم التخلي عنه».

وعما إذا كان الحزب قد يقبل في مرحلة ما مبادلة سلاحه بامتيازات سياسية، يقول قصير لـ«الشرق الأوسط»: «الحزب لا يطالب بامتيازات سياسية مقابل السلاح، لكنه يطالب بوقف الاعتداءات الإسرائيلية، والاحتلال الإسرائيلي، وإطلاق الأسرى، وإعادة الإعمار، ويعلن الاستعداد للحوار حول الاستراتيجية الدفاعية أو القومية... وغير ذلك لا توجد مطالب لدى الحزب».


الشيباني وأبو قصرة في موسكو لإجراء مباحثات

وزير الخارجية السوري أسعد الشيباني ونظيره الروسي سيرغي لافروف في لقاء سابق في موسكو (أ.ب)
وزير الخارجية السوري أسعد الشيباني ونظيره الروسي سيرغي لافروف في لقاء سابق في موسكو (أ.ب)
TT

الشيباني وأبو قصرة في موسكو لإجراء مباحثات

وزير الخارجية السوري أسعد الشيباني ونظيره الروسي سيرغي لافروف في لقاء سابق في موسكو (أ.ب)
وزير الخارجية السوري أسعد الشيباني ونظيره الروسي سيرغي لافروف في لقاء سابق في موسكو (أ.ب)

وصل وفد سوري يضم وزيري الخارجية والدفاع إلى العاصمة الروسية موسكو اليوم الثلاثاء، وفق ما أعلنت إدارة الإعلام بوزارة الخارجية والمغتربين السورية.

ونقلت وكالة الأنباء الرسمية (سانا) عن الإدارة قولها إن وزير الخارجية أسعد حسن الشيباني ووزير الدفاع اللواء مرهف أبو قصرة ومسؤولون في الاستخبارات العامة وصلوا إلى موسكو لإجراء مباحثات مع المسؤولين الروس.

وفي يوليو (تموز) الماضي، التقى أبو قصرة نظيره الروسي أندريه بيلوسوف في موسكو بحضور كل من الشيباني ورئيس الاستخبارات العامة حسين سلامة، حيث شهد اللقاء مباحثات بشأن عدد من القضايا العسكرية المشتركة.
وأكد الشيباني، خلال مؤتمر صحافي مع وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف، آنذاك، أن «الحوار مع روسيا خطوة استراتيجية تدعم مستقبل سوريا»، موضحاً أن «سوريا تتطلع إلى تعاون وتنسيق كامل مع روسيا لدعم مسار العدالة الانتقالية فيها، كما أن التعاون مع روسيا يقوم على أساس الاحترام».