لبنان يحضّر خطة واسعة لمواجهة ذيول الحرب

«حزب الله» يخطط لإجلاء مناصريه من مناطق القتال

نازحون لبنانيون من قرى حدودية مع إسرائيل في إحدى مدارس مدينة صور (الشرق الأوسط)
نازحون لبنانيون من قرى حدودية مع إسرائيل في إحدى مدارس مدينة صور (الشرق الأوسط)
TT

لبنان يحضّر خطة واسعة لمواجهة ذيول الحرب

نازحون لبنانيون من قرى حدودية مع إسرائيل في إحدى مدارس مدينة صور (الشرق الأوسط)
نازحون لبنانيون من قرى حدودية مع إسرائيل في إحدى مدارس مدينة صور (الشرق الأوسط)

انخرط لبنان في إطار الاستعدادات للتعامل مع أي تدهور إضافي للتطورات الأمنية الآخذة بالازدياد في جنوب البلاد، حيث أعدّت الأمم المتحدة خطة طوارئ، وبدأت الحكومة اللبنانية البحث فيها لمواكبة التطورات الراهنة في لبنان خدماتياً وإنسانياً وصحياً واجتماعياً، بينما وضع «حزب الله» بشكل مستقل خطة مدنية استباقية لمواجهة تداعيات الحرب على الداخل اللبناني.

ووزّع «حزب الله» فرق عمل لتأمين الجبهة المدنية وضمان وجود الإمدادات الغذائية والطبية، فضلاً عن تأمين مواقع إيواء النازحين في حال حدوث حرب.

وقالت مصادر ميدانية في الجنوب إن الحزب أبلغ مناصريه أنه وضع خطة إخلاء في حال اندلعت الحرب، إلى جانب استنفار بـ«حدوده القصوى» لضمانة تأمين احتياجات الناس. وقالت المصادر لـ«الشرق الأوسط» إن الحزب «ملأ مستودعات الأغذية، وعمل على توزيعها في المناطق على مستودعات صغيرة ومتعددة احتياطاً في حال تم قصف بعضها»، مشيرة إلى «استراتيجية لتوفير الأغذية وضعها لمئات آلاف السكان، وذلك لتلبية الاحتياجات في حال انقطعت الإمدادات الغذائية».

وتنسحب الاستعدادات، حسبما قالت المصادر في الجنوب، على المواد الطبية والأدوية والاستنفار في هذا الجانب، حيث «أجرى تقييماً قبل أيام للاحتياجات الطبية، وبدأ بنقل المستلزمات والأدوية إلى مناطق في الجنوب»، من ضمن خطة الاستعدادات للتعامل مع حرب واسعة. وتشمل الاستعدادات، حسب المصادر، إيجاد مراكز إسعافات أولية وسيارات نقل مصابين ومرضى، مضيفة: «تشبه حالة الاستنفار ما قام به الحزب في أزمة كورونا».

وفي الجنوب، كما في مواقع أخرى يمكن أن ينتقل إليها النازحون المدنيون، كثّف «حزب الله» تواصله مع فعاليات اجتماعية محلية لتأمين وصول المدنيين واستقبالهم. وقالت مصادر في جبل لبنان الجنوبي إن مسؤولين في الحزب «تواصلوا مع حلفاء لهم وفعاليات اجتماعية وسياسية للاستفسار عن إمكانية استضافة النازحين وتأمين الإمدادات الغذائية والطبية لهم، وإيجاد منازل ومراكز تؤوي الآلاف من النازحين في حال اندلاع حرب». وقالت مصادر أخرى في إقليم الخروب إن الحزب نسق مع بعض البلديات والمخاتير لاستئجار مستودعات وتعبئتها بالمواد الغذائية، استعداداً لأي طارئ ولتأمين مستلزمات السكان والنازحين المدنيين في حال اندلعت حرب.

عائلة لبنانية نزحت إلى مدرسة في صور (الشرق الأوسط)

خطة حكومية للطوارئ

وبدأت الحكومة اللبنانية بإعداد خطة عملانية للطوارئ في حال حصول أي مستجدات، ليكون لبنان حاضراً للتعامل مع أي تطور، بالتنسيق مع المنظمات الدولية، وتشمل عمليات الإيواء والإسعاف والعمل الإنساني والإغاثي. وأوضح وزير البيئة في حكومة تصريف الأعمال ناصر ياسين المكلف من قبل الحكومة بالتواصل مع المؤسسات الدولية، أن الخطة تقوم على الاستجابة الفورية لأي طارئ، وذلك تحت إدارة اللجنة الوطنية لإدارة الكوارث وبالتنسيق بين الوزارات والإدارات والجمعيات والمنظمات الإنسانية.

وتتضمن الخطة تقسيماً للمناطق اللبنانية حسب احتمالات الحرب. وقالت مصادر مواكبة للإجراءات إن المناطق تبدأ من تلك التي يمكن أن تتعرض لقصف عنيف وتحتاج إلى إخلاء، وهي المنطقة الواقعة في جنوب الليطاني، أي منطقة عمليات قوات «اليونيفيل»، وتلحظ مراكز إيواء مؤقتة وعاجلة فيها لنازحين محتملين.

أما المنطقة الثانية فهي الواقعة على بُعد 60 كيلومتراً من الحدود، التي يُفترض أن تستقبل النازحين المدنيين وتمثل خط إمداد لوجستي وإسعافي متقدماً، في إشارة إلى المناطق الواقعة شرق صيدا وجبل لبنان الجنوبي في الشوف وإقليم الخروب. أما المنطقة الثالثة فهي منطقة الإيواء الواقعة في الشمال وشرق بيروت وجبل لبنان الشمالي وقضاءي عاليه وبعبدا.

حكومياً أيضاً، كان وزير الشؤون الاجتماعيّة في حكومة تصريف الأعمال هكتور حجّار عقد اجتماعاً تنسيقياً مع الجمعيّات والهيئات المحليّة واتفقوا على ضرورة تفعيل العمل بمنصّة موحّدة لجمع البيانات الخاصة بالنازحين اللبنانيين من جهة والبيانات الخاصة بالجمعيات من جهة أخرى، والتنسيق بين الوزارات والبلديات والمنظّمات الدولية لإشراكها في خليّة الأزمة.

الأمم المتحدة

وتنسق الحكومة في هذه الخطة مع تحركات الأمم المتحدة التي بدأت تحضيراتها في الأسبوع الماضي، إثر التطورات الأمنية في الجنوب، حسبما قالت مصادر أممية لـ«الشرق الأوسط». وتشمل الخطة ضمانة وصول النازحين المدنيين إلى أماكن آمنة وتوفير الرعاية والاحتياجات الإنسانية لهم، وتأمين الأدوية والمستلزمات الطبية والأغذية، وذلك بالتنسيق مع المنظمات الدولية وشركائها في المجتمع المدني، ومن ضمنها «الصليب الأحمر الدولي» ومنظمة الصحة العالمية.

وبالفعل، عجّلت منظمة الصحة العالمية بتسليم إمدادات طبية حيوية إلى لبنان للمساعدة على الاستعداد لمواجهة أي أزمة صحية قد تحدث. ووصلت إلى بيروت يوم الثلاثاء الماضي، شحنتان من مركز الإمدادات اللوجستية التابع للمنظمة في دبي، وتضمنتا كمية كافية من الأدوية واللوازم الجراحية ولوازم العلاج لتلبية احتياجات ما بين 800 و1000 مصاب. وتعمل وزارة الصحة اللبنانية على تحديد مستشفيات الإحالة التي ستتلقى هذه الإمدادات بالغة الأهمية.


مقالات ذات صلة

لبنان: «حزب الله» يستهدف تجمعاً لقوات إسرائيلية قرب مارون الراس

المشرق العربي تصاعد الدخان فوق جنوب لبنان (رويترز)

لبنان: «حزب الله» يستهدف تجمعاً لقوات إسرائيلية قرب مارون الراس

أعلن «حزب الله» اللبناني في بيان أن عناصره استهدفوا منتصف ليل أمس الاثنين تجمعاً لقوات إسرائيلية عند الأطراف الجنوبية الغربية لبلدة مارون الراس.

«الشرق الأوسط» (بيروت)
المشرق العربي صورة بالأقمار الاصطناعية لقرية عيتا الشعب في جنوب لبنان - 24 أكتوبر 2024 (أ.ب)

إسرائيل مسحت 29 بلدة لبنانية من الخريطة

واصلت إسرائيل مسح قرى لبنانية حدودية من الخريطة، بتفخيخها وتفجيرها، في حين تشير التقديرات الأولية للخسائر الناجمة عن الحرب الإسرائيلية على لبنان إلى ما يقارب.

«الشرق الأوسط» (بيروت - دمشق)
شؤون إقليمية حافلة تسير بينما يتصاعد الدخان على الجانب الإسرائيلي من الحدود مع لبنان وسط الأعمال العدائية المستمرة بين «حزب الله» والقوات الإسرائيلية في شمال إسرائيل، 4 نوفمبر 2024 (رويترز)

الجيش الإسرائيلي: «حزب الله» أطلق نحو 90 قذيفة صاروخية على إسرائيل

قال الجيش الإسرائيلي إن جماعة «حزب الله» اللبنانية أطلقت نحو 90 قذيفة صاروخية باتجاه إسرائيل اليوم الاثنين.

«الشرق الأوسط» (تل أبيب)
المشرق العربي من الصور الأولية لاستهداف محيط السيدة زينب (مواقع)

إسرائيل تقول إنها هاجمت «أصولا استخباراتية» لـ«حزب الله» قرب دمشق

قُتل عنصران، وأصيب 5 من «حزب الله» اللبناني بجراح خطيرة، نتيجة ضربات إسرائيلية على مزرعة ببلدة نجها بريف دمشق جنوب منطقة السيدة زينب قرب العاصمة السورية.

«الشرق الأوسط» (لندن)
المشرق العربي قرية لبنانية دمرت بالكامل كما تبدو من الناحية الإسرائيلية (رويترز)

إسرائيل تُبيد 29 بلدة لبنانية حدودية

يعتمد الجيش الإسرائيلي على سيناريو تحويل المنطقة الحدودية في جنوب لبنان إلى أرض محروقة بالكامل؛ تمهيداً لإعلانها منطقة عازلة.

بولا أسطيح (بيروت)

مقتل نحو 12 ألف طالب فلسطيني منذ بدء الحرب الإسرائيلية على غزة

أطفال فلسطينيون يفرزون القمامة أثناء جمعهم البلاستيك من مكب نفايات وسط نقص في غاز الطهي والوقود في مخيم خان يونس للاجئين (إ.ب.أ)
أطفال فلسطينيون يفرزون القمامة أثناء جمعهم البلاستيك من مكب نفايات وسط نقص في غاز الطهي والوقود في مخيم خان يونس للاجئين (إ.ب.أ)
TT

مقتل نحو 12 ألف طالب فلسطيني منذ بدء الحرب الإسرائيلية على غزة

أطفال فلسطينيون يفرزون القمامة أثناء جمعهم البلاستيك من مكب نفايات وسط نقص في غاز الطهي والوقود في مخيم خان يونس للاجئين (إ.ب.أ)
أطفال فلسطينيون يفرزون القمامة أثناء جمعهم البلاستيك من مكب نفايات وسط نقص في غاز الطهي والوقود في مخيم خان يونس للاجئين (إ.ب.أ)

قالت وزارة التربية والتعليم العالي الفلسطينية، اليوم (الثلاثاء)، إن 11 ألفاً و923 طالباً «استشهدوا» و19 ألفاً و199 أصيبوا منذ بدء العدوان الإسرائيلي في السابع من أكتوبر (تشرين الأول) 2023 على قطاع غزة والضفة.

وأوضحت «التربية»، في بيان، أوردته وكالة الأنباء والمعلومات الفلسطينية (وفا)، أن «عدد الطلبة الذين استشهدوا في قطاع غزة منذ بداية العدوان وصل إلى أكثر من 11 ألفاً و808، والذين أصيبوا بلغ عددهم 18 ألفاً و596»، مشيرة إلى «استشهاد 115 طالباً وإصابة 603 آخرين، واعتقال 450 في الضفة».

ولفتت إلى أن «561 معلماً وإدارياً استشهدوا وأصيب 3729 بجروح في قطاع غزة والضفة، واعتقل أكثر من 148 في الضفة».

ولفتت إلى أن 341 مدرسة حكومية وجامعة ومباني تابعة لها و65 تابعة لوكالة الغوث وتشغيل اللاجئين (الأونروا) تعرضت للقصف والتخريب في قطاع غزة، ما أدى إلى تعرض 138 منها لأضرار بالغة، و77 للتدمير بالكامل، كما تعرضت 84 مدرسة وسبع جامعات في الضفة للاقتحام والتخريب.

وأكدت «التربية» أن 788 ألف طالب في قطاع غزة ما زالوا محرومين من الالتحاق بمدارسهم وجامعاتهم.