هل بدأت الصين التخلص من السندات الأميركية؟

شهدت أعلى وتيرة بيع في 4 سنوات

سيدتان تمران أمام مقر بنك الشعب الصيني المركزي في العاصمة بكين (رويترز)
سيدتان تمران أمام مقر بنك الشعب الصيني المركزي في العاصمة بكين (رويترز)
TT
20

هل بدأت الصين التخلص من السندات الأميركية؟

سيدتان تمران أمام مقر بنك الشعب الصيني المركزي في العاصمة بكين (رويترز)
سيدتان تمران أمام مقر بنك الشعب الصيني المركزي في العاصمة بكين (رويترز)

باع المستثمرون في الصين خلال أغسطس الماضي، سندات وأسهماً أميركية بأعلى وتيرة في 4 سنوات، مما أثار تكهنات بأن السلطات ربما تحركت لتعزيز مواردها المالية للدفاع عن اليوان الضعيف.

وبحسب «بلومبرغ»، فإن الجزء الأكبر من المبيعات البالغة 21.2 مليار دولار في شهر أغسطس كان في سندات الخزانة والأسهم الأميركية، مع قيام الصناديق في الدولة الآسيوية أيضاً بخفض حيازاتها من ديون الوكالات (السندات الصادرة عن الشركات المرتبطة بالحكومة)، وفقاً لبيانات وزارة الخزانة الأميركية التي صدرت يوم الأربعاء.

وفي أغسطس، انخفض اليوان المتداول في البر الرئيسي بالصين إلى أدنى مستوى له مقابل الدولار منذ نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، مما دفع بكين إلى مطالبة البنوك المملوكة للدولة بتكثيف التدخل في سوق العملة.

وقال غاريث بيري، محلل العملات وأسعار الفائدة لدى «ماكواري غروب» في سنغافورة لـ«بلومبرغ»: «قد تكون تصفية بعض حيازات السندات بهدف الحصول على أموال نقدية بالدولار الأميركي في حالة الحاجة إليها لاحقاً لدعم اليوان من خلال عمليات التدخل... وقد يكون السبب نفسه وراء بيعهم للأسهم».

وأظهرت البيانات أن المستثمرين الصينيين باعوا رقماً قياسياً قدره 5.1 مليار دولار من الأسهم الأميركية في أغسطس.

ورغم أن الصناديق الصينية باعت حيازتها من سندات الخزانة الأميركية بوتيرة ملحوظة منذ بداية 2023، فإنها كانت تشتري كميات معادلة إلى حد ما من سندات الوكالات الأميركية. لكن في المقابل فإن صافي مبيعات كلا نوعي السندات في أغسطس الماضي سيثير دهشة المستثمرين الذين يتتبعون معدلات الطلب على الديون الأميركية، بحسب «بلومبرغ».

وشهدت السندات الأميركية موجات بيع قوية مرة أخرى منذ بداية 2023، حيث دفعت بيانات التوظيف والتضخم الأقوى من المتوقع، مسؤولي الاحتياطي الفيدرالي إلى تشديد السياسة النقدية. ويتجه مؤشر «بلومبرغ» لسندات الخزانة للشهر السادس على التوالي من الخسائر، في حين ارتفعت عائدات السندات الأميركية لأجل عامين إلى أعلى مستوى منذ عام 2006 الأسبوع الجاري.

وعلى الصعيد الداخلي في الصين، أظهر مسح أجرته «رويترز» أنه من المتوقع على نطاق واسع أن يترك بنك الشعب الصيني (المركزي) أسعار الفائدة الأساسية على القروض دون تغيير يوم الجمعة، في ظل ضعف اليوان الذي يعرقل المزيد من التيسير النقدي، وبيانات أخرى تشير إلى أن الاقتصاد يستقر.

ويتم احتساب أسعار الفائدة الأساسية على القروض، والتي يتم تحميلها عادة على أفضل عملاء البنوك، ونشرها في اليوم العشرين من كل شهر، بعد أن يقدم 18 بنكاً تجارياً الأسعار المقترحة إلى البنك المركزي.

في استطلاع للرأي شمل 29 محللاً ومتداولاً في السوق، توقع 28 مشاركاً أن يظل سعر الفائدة على القروض لمدة عام دون تغيير عند 3.45 في المائة، وتوقع مشارك واحد فقط انخفاضاً هامشياً قدره 5 نقاط أساس.

وبالنسبة للقروض لفترة 5 سنوات - والتي تعتمد عليها معدلات الرهن العقاري - توقع جميع المشاركين أن يبقى المعدل دون تغيير عند 4.20 في المائة.

وتشير بيانات الناتج المحلي الإجمالي ومبيعات التجزئة التي جاءت أفضل من المتوقع في الربع الثالث، إلى أن التعافي الاقتصادي في الصين بدأ في التحسن، مما يقلل من احتمالات الخفض.

وفي الوقت نفسه، نفذت الحكومة الصينية مؤخراً مجموعة من التدابير بما في ذلك خفض أسعار الفائدة على الرهن العقاري الحالي في بعض المدن للمساعدة في تجديد الثقة بين مشتري المنازل.

وقال محللون إن خفض نسبة الفائدة على القروض أقل احتمالاً؛ لأن ذلك من شأنه أن يزيد من الضغط على صافي هوامش الفائدة للبنوك، التي تتعرض بالفعل لضغوط... وبالإضافة إلى ذلك، فإن زيادة السيولة من شأنها أن تضع ضغوطاً على اليوان الصيني، الذي انخفضت قيمته بأكثر من 5 في المائة هذا العام.

وتعتمد معظم القروض الجديدة والمستحقة في ثاني أكبر اقتصاد في العالم على معدل الفائدة على القروض لمدة عام واحد، في حين يؤثر معدل السنوات الخمس على تسعير الرهن العقاري.

وحتى الآن هذا العام، تم تخفيض معدل نسبة تغطية القروض لأجل سنة واحدة و5 سنوات بمقدار 20 نقطة أساس و10 نقاط أساس، على التوالي.


مقالات ذات صلة

لأول مرة منذ 4 أشهر... السندات الآسيوية تجذب تدفقات أجنبية في فبراير

الاقتصاد رجل يقف بجوار لوحة إلكترونية لأسعار الأسهم في طوكيو (رويترز)

لأول مرة منذ 4 أشهر... السندات الآسيوية تجذب تدفقات أجنبية في فبراير

استقطبت السندات الآسيوية تدفقات أجنبية لأول مرة منذ 4 أشهر في فبراير (شباط)، مع سعي المستثمرين لخيارات أكثر أماناً في ظل التحديات التي تواجه الأسهم الإقليمية.

«الشرق الأوسط» (سنغافورة )
الاقتصاد أوراق نقدية من فئة اليورو (رويترز)

ارتفاع طفيف في عائدات سندات اليورو قبيل تصويت برلماني ألماني

سجّلت عائدات سندات حكومات منطقة اليورو ارتفاعاً طفيفاً يوم الثلاثاء، وسط ترقب المستثمرين لتصويت برلماني ألماني قد يمهّد الطريق لزيادة كبيرة في الاقتراض الحكومي.

«الشرق الأوسط» (لندن)
الاقتصاد علم اليونان يرفرف أعلى مدينة ساحلية قرب أثينا (رويترز)

اقتصاد اليونان يعود لوضعه الطبيعي بعد 15 عاماً

رحبت حكومة يمين الوسط اليونانية برفع تصنيفها الائتماني من جانب وكالة «موديز»، وهي آخر وكالة تصنيف رئيسية تلغي وضع «عالية المخاطر» لسندات حكومية كونها غير مضمونة

«الشرق الأوسط» (أثينا)
الاقتصاد علم ألمانيا يُرى خارج البوندستاغ الألماني (رويترز)

تراجع عوائد السندات الألمانية وسط تركيز على خطط زيادة الإنفاق العام

تراجعت عوائد السندات الألمانية القياسية في منطقة اليورو من أعلى مستوياتها في 17 شهراً يوم الخميس، وسط استمرار التركيز على الخطط الألمانية لزيادة الإنفاق العام.

«الشرق الأوسط» (برلين)
الاقتصاد صورة جوية للعاصمة الكويتية (كونا)

«فيتش»: الكويت ثالث أكبر مصدّر للديون بالدولار في الخليج في 2024

احتلت الجهات المصدرة الكويتية المرتبة الثالثة بين أكبر مصدرين للديون بالدولار الأميركي في دول مجلس التعاون الخليجي خلال عام 2024، على الرغم من غياب قانون الدين.

«الشرق الأوسط» (الكويت)

هونغ كونغ تنتقد صفقة بيع الشركة المشغلة لمواني قناة بنما

سفينة للبضائع تعبر قناة بنما (رويترز)
سفينة للبضائع تعبر قناة بنما (رويترز)
TT
20

هونغ كونغ تنتقد صفقة بيع الشركة المشغلة لمواني قناة بنما

سفينة للبضائع تعبر قناة بنما (رويترز)
سفينة للبضائع تعبر قناة بنما (رويترز)

انضم رئيس السلطة التنفيذية لهونغ كونغ، إلى الجدل الدائر بشأن قيام شركة صينية عملاقة ببيع أصولها في ميناء قناة بنما إلى اتحاد شركات (كونسورتيوم) يضم شركة الاستثمار المالي الأميركي «بلاك روك»، وهي الصفقة التي تثير غضب الصين، وتبرز كيف يمكن أن يؤدي تصاعد التوترات بين بكين وواشنطن إلى مشكلات صعبة بالنسبة لقادة الأعمال في هونغ كونغ التي تعدُّ مركزاً مالياً رئيسياً في الصين.

وقال جون لي، رئيس السلطة التنفيذية في هونغ كونغ، للصحافيين في المؤتمر الصحافي الأسبوعي، إن اتفاق شركة «سي.كيه هوتشيسون هولدنغز» من حيث المبدأ على بيع حصة مسيطرة في شركة تشغيل موانٍ في بداية ونهاية قناة بنما، خضع لنقاش مكثف وأثار المخاوف بشأنها، دون أن يحدد ماهية هذه المخاوف.

وقال إن الحكومة تحث الحكومات الأجنبية على توفير بيئة عادلة ونزيهة للشركات، «ونحن نعارض استخدام أساليب الإكراه والتنمر في العلاقات الاقتصادية والتجارية الدولية».

وتجنب لي، ذكر الرئيس الأميركي دونالد ترمب بشكل مباشر، كما امتنع عن انتقاد شركة «سي.كيه هوتشيسون»، وعائلة الملياردير «لي كا شينغ» التي تمتلك حصة مسيطرة في الشركة. وجاءت تصريحات لي في أعقاب رد فعل عنيف من جانب بكين على الصفقة.

يذكر أن شركة «سي.كيه هوتشيسون» فاجأت الأسواق عندما أعلنت يوم 4 مارس الحالي، اعتزامها بيع كل حصتها في شركة «هوتشيسون بورت هولدنغز» و«هوتشيسون بورت غروب هولدنغز» إلى اتحاد شركات، في صفقة بلغت قيمتها نحو 23 مليار دولار، منها 5 مليارات دولار ديون مستحقة على الشركتين. وقالت «هوتشيسون» إن الصفقة تمت على أساس تجاري بحت ولا ترتبط بالتوترات المحيطة بقناة بنما.

وفي حال إتمام الصفقة سيسطر اتحاد الشركات على أكثر من 43 ميناء في 23 دولة، ومنها ميناءا «بالباو» و«كريستوبال» الموجودان في بداية ونهاية قناة بنما، إلى جانب موانٍ أخرى موجودة في المكسيك وهولندا ومصر وأستراليا وباكستان، وغيرها من الدول.

وتحتاج الصفقة إلى موافقة السلطات في بنما. ولا تشمل الصفقة المواني التابعة للشركة في هونغ كونغ وبر الصين الرئيسي.

وتقول حكومة بنما إنها تسيطر سيطرة كاملة على الممر الملاحي، وإن تشغيل «هوتشيسون» للمواني لا يرقى إلى مستوى السيطرة الصينية على القناة، مضيفة أن بيع «سي.كيه هوتشيسون» إلى شركة مقرها الولايات المتحدة لا يمثل أي «استعادة» أميركية للقناة.

يذكر أن الولايات المتحدة شقت القناة في أوائل القرن العشرين، سعياً منها لإيجاد طريق أسرع للسفن التجارية والعسكرية للسفر بين سواحلها.

وتنازلت واشنطن عن السيطرة على الممر المائي لبنما في 31 ديسمبر (كانون الأول) 1999، بموجب معاهدة وقعها الرئيس آنذاك جيمي كارتر عام 1977.

في المقابل، يقول الرئيس ترمب إن كارتر تنازل «بغباء» عن القناة. وتمثل السفن المتجهة من وإلى المواني الأميركية نحو 70 في المائة من حركة المرور البحرية في قناة بنما.