نظارة المستقبل القادمة مصنوعة من البذور

أنجح البدائل البلاستيكية مصنوع من بذور الخروع (وكالة تريبيون)
أنجح البدائل البلاستيكية مصنوع من بذور الخروع (وكالة تريبيون)
TT

نظارة المستقبل القادمة مصنوعة من البذور

أنجح البدائل البلاستيكية مصنوع من بذور الخروع (وكالة تريبيون)
أنجح البدائل البلاستيكية مصنوع من بذور الخروع (وكالة تريبيون)

هناك تشابه مفاجئ في معظم النظارات، سواء كان إطاراً فاخراً يمكن أن يكلف آلاف الدولارات، أو زوجاً من نظارات القراءة رخيصة الثمن والمتوفرة في الصيدليات.

عبر هذا الطيف السعري الضخم، تُصنع غالبية النظارات من البلاستيك. وعلى الرغم من إمكانية إعادة التدوير المفترضة للمواد، فإن الملايين من أزواج النظارات المصنوعة من الوقود الأحفوري ينتهي بها الحال إلى مدافن النفايات كل عام، حسب «وكالة تريبيون».

ويأمل «مارشون»، وهو واحد من أكبر مصممي ومنتجي النظارات في العالم، في تغيير ذلك. بدلاً من الاستمرار في الاعتماد على البلاستيك، يجد مارشون طرقاً مبتكرة لاستخدام المواد المُعاد تدويرها والمواد الحيوية في 22 مليون إطار للنظارات ينتجه سنوياً لعلامات تجارية مثل «لاكوست»، و«نايكي»، و«كالفين كلاين».

ويقول توماس بوركهارت، رئيس شركة «مارشون»: «في غضون بضع سنوات فقط، طوّرنا مجموعة كاملة من الأدوات تتكون من أكثر من اثنتي عشر مادة أكثر استدامة، سواء كانت مُعاد تدويرها أو قائمة على أساس بيولوجي، وخالية من الوقود الأحفوري. كل المنتجين الرئيسيين تقريباً حذوا حذوهم».

نظارة مصنوعة من البذور (وكالة تريبيون)

ويذكر أن أحد أنجح البدائل البلاستيكية مصنوع من زيت بذور الخروع، وهي بذور شجرة سريعة النمو تُزرع في الغالب في الهند.

ويقول بوركهارت: إنه في البداية، بدا استخدام مادة نباتية وكأنه خيال. ويقول: «وضع أحد زملائي إطاراً على مكتبي وقال (ها هي نظارات شمسية جديدة مصنوعة من حبوب الخروع)، فأجبته قائلاً، (أجل، صحيح). لكن الإطار بدا وكأنه يشبه تماماً إطارات النظارات الأخرى المصنوعة من البلاستيك التقليدي».

لذا؛ قرر بوركهارت، الذي كان في طريقه لقضاء عطلة في كاليفورنيا، أن يجرب النظارات الشمسية بنفسه. ويقول: «لقد اختبرت حرفياً هذا الإطار. اعتقدت أنه في اللحظة التي نزلت فيها إلى البحر ومياهه المالحة بهذا الإطار أنه سوف يذوب. في الواقع تركته طوال الليل في دلو من الماء المالح. وتعرفون ماذا؟ لا يزال لدي هذا الإطار، وهو لا يزال جيداً بقدر ما هو جميل».

هذا ما دفع بوركهارت إلى الضغط من أجل الحصول على المزيد من نظارات بذور الخروع.

في غضون أشهر قليلة، تم تغيير خط إطارات «دراغون» بأكمله لاستخدام المواد الحيوية المستمدة من بذور الخروع. كما حفزت هذه الجهود في جميع أقسام الشركة لتحويل المزيد من إطارات النظارات إلى مواد بيولوجية مُعاد تدويرها، سواء للعلامات التجارية الداخلية مثل «دراغون» أو للعمل المُرخص لصالح «كالفين كلاين»، و«لاكوست»، و«نايكي»، و«فيراغامو»، من بين شركات أخرى.

ويقول بوركهارت إن الابتعاد عن البلاستيك ليس بالبساطة مثل أخذ مادة من مصنع واستبدال مادة أخرى. وكان لزاماً على المواد الجديدة أن تخضع لعمليات هندسية ومراجعة مكثفة، على عكس «الاختبارات القاسية» المؤقتة التي أجراها في كاليفورنيا. ويُلاحظ أن هذا التحول يجري العمل عليه منذ نحو خمس سنوات، والآن جاهز للتنفيذ.


مقالات ذات صلة

«طيران ناس» يوقع اتفاقية تعاون مع «سوق الكربون الطوعي الإقليمية»

الاقتصاد طائرة تابعة لـ«طيران ناس» السعودي (الشرق الأوسط)

«طيران ناس» يوقع اتفاقية تعاون مع «سوق الكربون الطوعي الإقليمية»

وقّع «طيران ناس»، الناقل الجوي السعودي، اتفاقية مع «شركة سوق الكربون الطوعي الإقليمية» المملوكة لـ«صندوق الاستثمارات العامة» و«مجموعة تداول السعودية القابضة».

«الشرق الأوسط» (الرياض)
علوم يتم إنتاج كميات كبيرة من الكتل الحيوية من مياه الصرف الصحي يومياً (جامعة ولاية بنسلفانيا)

استخراج مواد لاصقة ودهانات من مياه الصرف الصحي

تتجه مجموعة من الباحثين إلى إحداث ثورة في مجال تطبيقات «الكتلة الحيوية» المستخرجة من محطات معالجة مياه الصرف الصحي.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
الاقتصاد من افتتاح «المنتدى اللوجيستي العالمي» في الرياض (تصوير: تركي العقيلي)

السعودية تنجح في تجارب «أول قطار هيدروجيني» إقليمياً

نجحت السعودية في تجارب أول قطار هيدروجيني؛ بهدف قياس مدى مناسبة هذه التقنية للبيئة في المملكة.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
الاقتصاد مركز الملك عبد الله المالي في الرياض (الشرق الأوسط)

«السيادي» السعودي يضع 19.4 مليار دولار للإنفاق على المشاريع الخضراء

حدد صندوق الاستثمارات العامة السعودي متطلبات الإنفاق الرأسمالي الخاص بالمشاريع الخضراء المؤهلة بقيمة 19.4 مليار دولار.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
الولايات المتحدة​ الرئيس الأميركي جو بايدن (د.ب.أ)

10 قتلى جراء الإعصار «ميلتون»... وبايدن يحث السكان على البقاء في أماكن آمنة

حث الرئيس الأميركي جو بايدن السكان في ولاية فلوريدا على البقاء في أماكن آمنة في أعقاب إعصار ميلتون.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)

« دبلوماسية الكشري»... الطبق المصري يبني جسوراً للتواصل السياسي

وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي يتناول الكشري خلال زيارته للقاهرة (مطعم أبو طارق)
وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي يتناول الكشري خلال زيارته للقاهرة (مطعم أبو طارق)
TT

« دبلوماسية الكشري»... الطبق المصري يبني جسوراً للتواصل السياسي

وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي يتناول الكشري خلال زيارته للقاهرة (مطعم أبو طارق)
وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي يتناول الكشري خلال زيارته للقاهرة (مطعم أبو طارق)

هنا، في قلب القاهرة، عندما تقصد شارع شامبليون، الذي يحمل اسم مكتشف رموز اللغة الهيروغليفية المصرية، يمكنك التعرف عن قرب على رمزٍ آخر للهوية المصرية، ممثلاً في طبق «الكشري»، لدى مطعم «أبو طارق»، أحد أشهر محال الكُشري في مصر، حيث اكتسب الطبق الشعبي فيه مذاقاً سياسياً، وتحوّل لأداة دبلوماسية، تقرّب المسافات بين الثقافات.

فعلى مدار السنوات الماضية، استقبل «أبو طارق» عشرات الوزراء والدبلوماسيين والمسؤولين الأمميين في القاهرة، كان أحدثهم وزير الخارجية الإيراني، عباس عراقجي، الذي تغزّل في الطبق بعد تناوله، قائلاً إنه «وجبة لذيذة وشهية». ما عدّه مراقبون بأن تناوله للوجبة الشعبية يؤرخ لـ«دبلوماسية الكشري»، في ظل سنوات من جمود العلاقات بين القاهرة وطهران.

على مدار السنوات الماضية، كتب «أبو طارق» فصولاً أخرى من رواية «دبلوماسية الكشري». فالمطعم الشعبي تحوّل إلى ما يشبه نادياً دبلوماسياً غير رسمي في القاهرة، يجمع وزراء ودبلوماسيّي الشرق والغرب، بعد أن جذبتهم مكونات الطبق من الأرز والمعكرونة والعدس والحمص والبصل، ومعها «الدقة والشطة»، في خلطةٍ وضع سرَّها العم يوسف، مؤسس المطعم، منذ عام 1950.

سفير مالي في القاهرة بوبكر ديالو في مطعم «أبو طارق» (مطعم أبو طارق)

أسفل صورة مؤسّس المطعم، تحدثنا إلى نجله طارق يوسف، رئيس مجلس إدارة سلسلة محلات «أبو طارق»، الذي قال لـ«الشرق الأوسط»: «اجتذب مطعمنا نحو 47 سفيراً في مصر، ومرافقيهم من الملاحق والممثلين الدبلوماسيين، وعشرات المسؤولين من دول عدّة لتجربة الكشري»، مشيراً إلى أن مطعمه، الذي صنّفه الموقع العالمي «TasteAtlas» من بين أكثر 100 مطعم متميّز حول العالم في العام الماضي، أطلق مبادرة منذ 4 سنوات، لتنشيط سياحة الطعام وتبادل الثقافات عبر استضافة كثير من السفراء، الذين رحّبوا بالمشاركة، وتناول الكشري وسط الأجواء الشعبية المصرية.

عباس عراقجي أشاد بطبق الكشري (مطعم أبو طارق)

المحلل والصحافي المصري المتخصص في الشؤون الدولية، خالد الشامي، الذي جمعته مائدة كشري «أبو طارق» مع الوزير الإيراني، يقول لـ«الشرق الأوسط»: «اختار عراقجي الكشري تحديداً لأنه حاول إيصال رسالة بتقارب الثقافة والتقاليد المصرية والإيرانية، وحرص بلاده ورغبتها في الانفتاح على التقارب مع مصر».

كان سفير نيوزيلندا السابق، جريج لويس، أول من شارك في مبادرة المطعم، ومن ثمّ توالى حضور سفراء بريطانيا، وأستراليا، وتشيلي، والأرجنتين، والمكسيك، وجورجيا، ومالي، وكولومبيا، وبلجيكا، وهولندا، وأفغانستان، ونيبال، والدنمارك، وبيرو، وكوريا الجنوبية، والبوسنة والهرسك، وغيرهم العشرات.

يقول رئيس مجلس إدارة المطعم: «الأمين العام للجامعة العربية الحالي، أحمد أبو الغيط، عندما كان وزيراً للخارجية المصرية، كان يصطحب ضيوفه من المسؤولين الأجانب لتذوّق الكشري لدينا، وكان يداعبنا بقوله إنه (يقوم بنفسه بعمل الدعاية لنا بين الأوساط الدبلوماسية)».

طبق الكشري الشهير (مطعم أبو طارق)

ويذكر مساعد وزير الخارجية المصري الأسبق، السفير رخا أحمد حسن، لـ«الشرق الأوسط»، أنه أثناء مباحثات مسؤولين مصريين مع نظرائهم الأجانب يتم التطرق أحياناً لبعض الأحاديث الجانبية، للتخفيف من «ثقل» الأحاديث السياسية، قد تكون حول موضوعات ثقافية أو عن العادات والمأكولات الشعبية، وبالتالي يتعرّف الضيف على بعض أنواع الأطعمة الشهيرة، وبعضها تُرشّح له لتذوّقها، وفي الغالب يختار من بينها الكُشري.

سفير البوسنة والهرسك بالقاهرة ثابت سوباشيتش ومساعدة وزير الخارجية البوسنية عايدة هودزيك يتناولان الكشري (مطعم أبو طارق)

«لماذا يجتذب الكشري تحديداً الأجانب؟»، تجيب أستاذة العلاقات الدولية في جامعة القاهرة، الدكتورة نورهان الشيخ، «الشرق الأوسط»، قائلة: «الكشري هو الوجبة الوحيدة التي لا تقدّمها دولة أخرى، وبالتالي تحمل خصوصية شعبية، إلى جانب مرونة تجهيز مكوناتها بالزيادة والنقصان، ما يجعله يقدم بتفضيلات كثيرة، وبالتالي مناسبته لثقافات السفراء المختلفة».

في حين تقول الدكتورة سهير عثمان، أستاذة الإعلام بجامعة القاهرة، لـ«الشرق الأوسط»: «ينال الكشري شهرة كبيرة مع اسمه القائم على فكرة المزج بين مكوناته، وهي الفكرة نفسها التي تقوم عليها الدبلوماسية، والتي تحاول المزج بين الدول وثقافاتها».

سفير هولندا السابق بالقاهرة يتناول الكشري في المطعم برفقة ممثلة منظمة الصحة العالمية السابقة في مصر نعيمة القصير (مطعم أبو طارق)

عودة إلى السفير رخا، الذي يروي واقعة طريفة عندما كان سفيراً لمصر في زيمبابوي، قائلاً: «مع تنظيم السفارة سنوياً حفل العيد الوطني المصري، كان يتم الاحتفاء بتقديم بعض المأكولات الشعبية المصرية لضيوف الحفل، ومنها الكشري، الذي كان يروق كثيراً لممثل دولة الفاتيكان، الذي أخبرني أنه ينتظر الحفل المصري سنوياً ليتذوّق الكشري، وفي مناسبات عديدة كان دائم الإشادة به».

الإشادة نفسها تمتد مع تناول دبلوماسيين أجانب الكشري في القاهرة، وفي مقدمتهم سفير الاتحاد الأوروبي في القاهرة، كريستيان برجر، الذي أكد أن «الكشري من الوجبات المفضلة له»، بجانب وزير خارجية سويسرا، إيجنازيو كاسيس، والمساعدة السابقة لوزير الخارجية الأميركي لشؤون الشرق الأدنى بالإنابة، يائل لامبرت. كما أبدى سفير تشيلي، بابلو أرياران، إعجابه الشديد بـ«الكشري» ورأى أنه يستحق نشره في دول العالم وتعلم طهيه. بينما قال سفير جورجيا، ألكسندر نالبندوف، إن «دبلوماسية الطعام تُعدّ أفضل دبلوماسية».

مطعم «أبو طارق» أشهر محال الكشري في مصر (مطعم أبو طارق)

يُظهر نجل مؤسس «أبو طارق» أن كلّ سفير يحاول أن يوثق تجربته في تناول الكشري لديهم عبر الكلمات والصور ومقاطع الفيديو ونشرها بمنصات التواصل الاجتماعي، مُبيناً أنه أصبح هناك تنافس بين السفراء في عدد المشاهدات التي ستجلبها هذه المقاطع، قائلاً إن خوان راتاناك، سفير كمبوديا السابق، حقّق فيديو مشاركته أكثر من مليون ونصف مليون مشاهدة.

هنا، تلفت أستاذة الإعلام إلى أن وسائل التواصل الاجتماعي هي الأساس الذي يروج لجميع الأطعمة الشعبية التي تشتهر بها مصر، حيث منحت «الفوود بلوغرز» الأجانب فرصة الترويج لها، وسمحت بانتشار صفحات تهدف للتأريخ للمطبخ المصري، كما استخدمتها المطاعم، وعلى رأسها كشري «أبو طارق»، لإبراز استقباله للسفراء والمشاهير، وبالتالي كانت هي السبب الأول لتقديم فكرة «دبلوماسية الكشري».