جهات إسرائيلية تعتبر تنسيق نتنياهو مع بوتين انتصارًا لمحور إيران ـ «حزب الله»

قائد كبير في سلاح البحرية: قدوم بارجة روسية أخرى إلى طرطوس يطير النوم من عيني

الرئيس الروسي فلاديمير بوتين مرحبا برئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في نوفوأوغاريوفو خارج موسكو (أ.ب)
الرئيس الروسي فلاديمير بوتين مرحبا برئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في نوفوأوغاريوفو خارج موسكو (أ.ب)
TT

جهات إسرائيلية تعتبر تنسيق نتنياهو مع بوتين انتصارًا لمحور إيران ـ «حزب الله»

الرئيس الروسي فلاديمير بوتين مرحبا برئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في نوفوأوغاريوفو خارج موسكو (أ.ب)
الرئيس الروسي فلاديمير بوتين مرحبا برئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في نوفوأوغاريوفو خارج موسكو (أ.ب)

على عكس الانطباع الذي تولد من لقاء رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، مع الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، بدأت تتصاعد الأصوات الإسرائيلية التي تعتبر النشاط الروسي في سوريا مضرًا بالمصالح الإسرائيلية ومفيدًا للمحور الإيراني في المنطقة وبشكل خاص لـ«حزب الله». ويطالب هؤلاء نتنياهو بتصحيح الموقف خلال اجتماعات لجنة التنسيق بين البلدين، التي ستلتئم بعد عشرة أيام في تل أبيب برئاسة نائبي رئيسي أركان الجيشين، الروسي والإسرائيلي.
وقال الخبير العسكري، أمير بحبوط، إن الانتقادات الأكبر تسمع لدى المسؤولين في أجهزة الاستخبارات الذين يرون أنه «كلما هدأ غبار المحادثات الحساسة بين نتنياهو وبوتين، كلما فهموا في الجهاز الأمني أن الوضع على الحدود الشمالية يدخل مرحلة حساسة جدًا، وسيصبح أكثر حساسية كلما عمق الجيش الروسي من سيطرته على المناطق السورية وشارك في الحرب ضد (داعش). وهم لا يتحسبون فقط من (تعقيدات التنسيق أمام جيش أجنبي)، وإنما من حقيقة قيام الجيش الروسي، حسب منشورات أجنبية، بتفعيل محطة إنذار وجمع معلومات ضد الجيش الإسرائيلي على الحدود الشمالية، وقيامه حاليًا بالتنسيق وتفعيل قواته سوية مع جيوش (الرئيس السوري بشار) الأسد وإيران و(حزب الله)».
ويضيف بحبوط، نقلاً عن مصدر سياسي في تل أبيب قوله، أن «إسرائيل تتجه نحو المحادثات بين نائبي رئيسي الأركان الإسرائيلي والروسي، بعد أسبوعين، من دون أي مفر آخر؛ مما يعني أن تصحيح الأخطاء غير سهل».
ويسود التخوف – حسب هذا المصدر - من أن المنظومات المتطورة التي سيبدأ الجيش الروسي بتفعيلها قريبًا لتشويش الرادارات ووسائل الاتصال، يمكنها أن تزعج بل وتشل المنظومات الإسرائيلية التي تهدف في قسم منها للتحذير وجمع المعلومات والسيطرة والمراقبة الدائمة. كما تتخوف إسرائيل من أن زيادة نشاط الجيش الروسي في البحر المتوسط ستصعب جدًا عمل الجيش الإسرائيلي، خصوصًا في مسألة جمع المعلومات ومواصلة التحذير.
وتتلاءم هذه التقديرات مع تصريحات نقلتها الإذاعة الإسرائيلية، أمس، على لسان قائد كبير في سلاح البحرية الإسرائيلي، الذي قال إن «الخبر عن قدوم بارجة حربية روسية أخرى إلى ميناء طرطوس يطير النوم من عيوني». وأضاف: «حتى الآن كنا نبحر كما نشاء، بالسفن الحربية أو القوارب الصغيرة أو الغواصات أمام الشواطئ اللبنانية والسورية، نجمع المعلومات ونراقب التحركات ونقوم بنشاطات كبيرة لخدمة الأمن الإسرائيلي. أما الآن، فإن المجنون فقط يتصور أننا نستطيع ذلك بحرية. ولا أستبعد حدوث صدامات في حالات متطرفة بيننا وبين الروس».
وحسب الإذاعة الرسمية الإسرائيلية، فإن الأمل لدى الإسرائيليين يكمن فقط في احتمالات الفشل الروسي. ونقلت تقديرات لدى الجهات الأمنية في تل أبيب، أن «الجيش الروسي يقف على باب معركة قد يتورط فيها، رغم نيته إدارتها عبر الجو. فتنظيم داعش الذي يقف على أبواب دمشق ويتطلع إلى مدن الساحل، سيحاول إيقاع خسائر في صفوف القوات الروسية، وكلما تعاظمت المعارك يمكن للجيش الروسي أن يجد نفسه يواجه معارك ضارية. وفي هذه المرحلة سيحتاج كما يبدو إلى الاستخبارات الإسرائيلية. وهنا سيواجه صناع القرار الإسرائيلي المعضلة الرئيسية: كيف سيتم التعاون مع الجيش الروسي الذي سيرجع كل يوم لتنسيق المواقف مع ألد أعداء إسرائيل – الجيش السوري، ألوية القدس في الحرس الثوري الإيراني، و(حزب الله). في هذه النقطة، التي سيعزز فيها الجيش الروسي قواته في سوريا ويعزز نشاطه ضد المتمردين، سيصبح الوضع أكثر تعقيدًا».
وحتى في صحيفة نتنياهو «يسرائيل هيوم»، كتب الخبير العسكري، يوسي منشروف، أن «الواقع الجديد الذي يتولد في سوريا يتميز بقيام روسيا بترسيخ وجودها في الشرق الأوسط بشكل كبير، ويوفر لنظام الأسد قوة إضافية ملموسة. وسيتم بسببه إغلاق سماء سوريا في وجه إسرائيل وتركيا، وسوف تنشر روسيا في سوريا بطاريات مضادة للطائرات سيقوم بتفعيلها جنود روس». وأضاف أن «موسكو تصر على الحفاظ على سلطة الأسد أمام تقدم قوات المتمردين و(داعش) وزيارة قاسم سليماني، قائد وحدات النخبة في الحرس الثوري الإيراني، إلى موسكو، قد تشير إلى كون الاستعداد الروسي في سوريا منسقًا مع طهران».
ويتعزز هذا التقييم، حسب المصدر نفسه، في ضوء التصريح الذي أدلى به المستشار الأمني للمرشد الأعلى الإيراني علي خامنئي، يحيى رحيم صفوي، خلال خطبة الجمعة الرئيسية في طهران الأسبوع الماضي؛ إذ قال إن «إيران وروسيا تعملان بالتنسيق على الحلبة السورية. ويبدو أن القاعدة الجوية التي تقيمها روسيا بالقرب من اللاذقية، والتي تفيد التقارير بأنه لا يسمح للجيش السوري بدخولها، تعكس الواقع الجديد الذي يجعل روسيا صاحبة البيت في سوريا».
لكن صحيفة نتنياهو تنشر هذا النقد والتحذيرات فقط من أجل المساهمة في تحسين مكانة إسرائيل والحفاظ على مصالحها الحيوية على الحدود الشمالية، ومواصلة منع نقل السلاح المتطور إلى «حزب الله»، والسيطرة على مصير مستودعات الأسلحة الكيماوية والبيولوجية السورية.



الحكومة الإسرائيلية تغري النازحين للعودة إلى بيوتهم في الجليل

متظاهرون يحتجون أمام وزارة الدفاع الإسرائيلية على الاتفاق المقترح مع لبنان (أ.ف.ب)
متظاهرون يحتجون أمام وزارة الدفاع الإسرائيلية على الاتفاق المقترح مع لبنان (أ.ف.ب)
TT

الحكومة الإسرائيلية تغري النازحين للعودة إلى بيوتهم في الجليل

متظاهرون يحتجون أمام وزارة الدفاع الإسرائيلية على الاتفاق المقترح مع لبنان (أ.ف.ب)
متظاهرون يحتجون أمام وزارة الدفاع الإسرائيلية على الاتفاق المقترح مع لبنان (أ.ف.ب)

أعلنت الحكومة الإسرائيلية عن تخصيص مبالغ مالية مرتفعة ستعطى منحاً لمن يوافق على العودة من النازحين من البلدات الواقعة على الحدود الشمالية مع لبنان. ولكن ممثلي هؤلاء السكان من رؤساء بلديات وقادة ميدانيين يرفضون العودة، ويقولون إنهم لا يثقون بوعود الحكومة، ويعتقدون أن الاتفاق سيئ، ولا يوجد فيه ضمان حقيقي لوقف العمليات الحربية.

وقالت وزارة المالية الإسرائيلية إنها ستدفع مبلغ يتراوح ما بين 100 ألف و200 ألف شيقل (27 إلى 54 ألف دولار)، تشجيعاً له على العودة، وهذا إضافة إلى التعويضات التي ستعطى لكل متضرر.

وقالت الوزارة إنه منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023، تم تدمير 8834 بيتاً في البلدات الإسرائيلية من جراء هجوم «حماس» و«حزب الله»، وتدمير 7029 سيرة و343 منشأة زراعية و1070 منشأة أخرى أي ما مجموعه 17276 منشأة أو عقاراً. وتقع هذه الإصابات بالأساس في البلدات الشمالية، حتى طبريا شرقاً وحيفا غرباً.

وقد خصص مبلغ 140 مليون شيقل لغرض المنح، التي تخصص لإغراء المواطنين بالعودة.

ولكن رؤساء البلدات في الشمال، لا يتحمسون لإعادة السكان.

ويقولون إنهم يرون أن الاتفاق سيقلب ساعة الرمل تمهيداً لحرب لبنان الرابعة. وبحسب رئيس بلدية كريات شمونة، أفيحاي شتيرن، فإن بوليصة تأمين إسرائيل تعتمد على حرية العمل تجاه «التهديد الفوري» الذي هو تعريف قابل لكثير جداً من التفسيرات؛ فمنذ نهاية حرب لبنان الثانية، في صيف 2006، بنى «حزب الله» معظم بناه التحتية بشكل يزعم أنه لا يخلق «تهديداً فورياً».

كما أن نقل وسائل القتال من إيران، تدريب وحدات الرضوان وحفر الخنادق لم تعد «تهديداً فورياً». وعندها ننهض في الصباح، ونكتشف أنه على مسافة 300 متر من المطلة تمترست قوة عسكرية خبيرة، مدرَّبة ومسلحة حتى الرقبة، وأمر واحد فقط يفصل بينها وبين ذبح الإسرائيليين.

وتساؤل: ماذا سيحدث إذا كان أحد سكان لبنان يريد أن يعود ويعيد بناء بيته؟ ولنفترض أنه جاء بملابس مدنية، فمن يضمن لنا ألا يكون شيعياً ينتمي لـ«حزب الله»، بل ربما يكون مقاتلاً أيضاً؟ جنوب لبنان هو مملكة الشيعة. لا توجد عائلة شيعية لا تنتمي لـ«حزب الله» بشكل من الأشكال: هذه هي الحقيقة المريرة التي تعلمناها من انتشار السلاح في كل بيت ثانٍ. ومن المهم الإيضاح: «حزب الله» ليس «حماس»: هذا الواقع لم يفرض بقوة الذراع على السكان. فما العمل مع ذاك المواطن؟ هل مسموح بتعريفه «تهديداً فورياً»؟

وقال رئيس مجلس محلي قرية المطلة، دافيد أزولاي: «في هذه اللحظة يخيل أن رئيس الوزراء، ذاك الذي عدَّ اتفاق الغاز الذي أبرمته الحكومة السابقة، استسلاماً، وحرص على القول إنه الوحيد الذي يصمد أمام الضغوط الدولية. إنه اليوم مصمم على إغلاق وقف النار بشروط دونية، بل إنه يفعل هذا من فوق رأس زعماء الجمهور، بينما يتذكر مؤيدوه في الإعلام فجأة أن يذكروا أن الجيش «بحاجة إلى الإنعاش» وغيرها من الحجج. في هذه الأثناء في قيادة الجبهة الداخلية يشددون التعليمات، والجمهور في الشمال يستعد منذ الآن لأيام صعبة يحاول فيها «حزب الله» أن يرى أنه لم يستسلم. من ينتصر بشكل واضح لا يصل إلى مثل هذه الوضعية، بل يملي قواعد وقف النار، وإذا لم يقبل بها الطرف الآخر، فإنه يواصل ضربه. وإلا فإن هذا ليس نصراً، وبالتأكيد ليس نصراً مطلقاً».