«المغامرة»... مسرحية مصرية تتناول «الصراع على السلطة»

العرض مأخوذ عن نص لسعد الله ونوس

أداء اتسم بالكوميديا والسخرية (الشرق الأوسط)
أداء اتسم بالكوميديا والسخرية (الشرق الأوسط)
TT

«المغامرة»... مسرحية مصرية تتناول «الصراع على السلطة»

أداء اتسم بالكوميديا والسخرية (الشرق الأوسط)
أداء اتسم بالكوميديا والسخرية (الشرق الأوسط)

يتسم المسرح الشعبي بخصائص عدّة تجعل منه خياراً محبباً لدى الجمهور العادي، منها الاعتماد على حكاية مشوقة ذات طابع غرائبي تجعل الصراع بين الخير والشر حاداً بلا أي مساحة رمادية وخلق حالة من «متعة الفرجة» لدى المتلقي، فضلاً عن طرافة الشخصيات بما تتضمنه من نماذج إنسانية وقدرتها على خلق مشاعر الدهشة، وكذلك الخاتمة التي تحمل مضموناً أخلاقياً ويمكن استخلاص الدروس والعبر منها.

على هذه الخلفية، يمكن النظر إلى مسرحية «المغامرة» التي تُعرض حالياً على مسرح «السامر» في الجيزة، ضمن النشاط المسرحي لهيئة قصور الثقافة التابعة لوزارة الثقافة.

يستلهم العمل تقنيات الحكي الشعبي من خلال حكاية شديدة التشويق، فضلاً عن أجواء تشبه «الحكواتي» و«السامر» اللذين يسيران في الطرق والأسواق كجهازٍ إعلامي متنقل ليخبرا الناس بوقائع مثيرة لم يتسنَّ لهم الاطلاع عليها في السابق.

المسرحية مأخوذة عن نص المخرج السوري سعد الله ونوس (1941 - 1997)، الذي حمل عنوان «مغامرة رأس المملوك جابر».

الديكورات لعبت دوراً مهماً في العرض (الشرق الأوسط)

ويعود العمل الأصلي إلى زمن الصراع على السلطة في نهاية عصر الدولة العباسية وقبيل غزو المغول لبغداد. في ذلك التوقيت البعيد، تنشب معركة على مقاليد الحكم بين الخليفة ووزيره القوي، فالأول يريد استقرار الأمر بيده بينما يسعى الثاني إلى الاستيلاء على قصر الخلافة من خلال التحالف مع العدو الخارجي الذي يعسكر على مسيرة أيام من المدينة.

يُحكِم الخليفة قبضته على مداخل العاصمة ومخارجها حتى لا تتسرب الرسالة إلى العدو فيحار الوزير ولا يعرف كيف يتصرف. هنا يظهر دور أحد مماليك الوزير وهو المملوك جابر، الذي يتطوع لتنفيذ المهمة وتوصيل الرسالة للأعداء. لا يبالي المملوك بحقيقة أنه يخون بلاده لأن كل ما يكترث له هو عتقه من العبودية وتزويجه من الجارية الجميلة زُمردة.

يستجيب الوزير لمطالب المملوك، الذي يبدأ التنفيذ ويحلق شعره تماماً، ويعطي رأسه للوزير ليكتب الرسالة المرتقبة على فروة رأسه وحين ينمو شعره مجدداً يخرج للتنفيذ. تقع المفاجأة الكبرى حين يقتل الأعداء المملوك جابر لأن الرسالة التي كتبها الوزير على رأسه كانت مكونة من عبارة واحدة: اقتلوا حامل تلك الرسالة.

يُعدّ سعد الله ونوس أحد أبرز الأسماء على خريطة التأليف المسرحي العربي في النصف الثاني من القرن العشرين. ولد بمدينة طرطوس بسوريا وعُرف بأعماله التي تنتقد الواقع السياسي والاجتماعي العربي، لا سيما في أعقاب هزيمة 1967. ومن أبرز أعماله «حفلة سمر لخمسة حزيران» 1968، و«الفيل يا ملك الزمان» 1969، و«الملك هو الملك» 1977، و«طقوس الإشارات والتحولات» 1994.

وجاءت آخر أعماله قبيل وفاته 1997 بعنوان «الأيام المخمورة» وهو يعاني من مرض السرطان.

حافظ مخرج العرض مراد منير على روح النص الأصلي وخطوطه الدرامية العريضة، وإن خفف من بعض الخيوط الفرعية والتفاصيل التاريخية مع تبسيط المضمون والتشديد على الرسالة التي يحملها العمل وهو المصير القاسي الذي ينتظر خونة الأوطان في كل مكان وزمان.

جاء العرض إجمالاً، مشحوناً بالبهجة ولا يخلو من الكوميديا رغم جدية المضمون. ولعبت الاستعراضات الراقصة التي صممها محمد بيلا مع أشعار أحمد الشريف، وألحان محمد عزت، دوراً في تعميق حالة البهجة والتخفيف من قتامة الحدث، فيما جسدت ملابس ناجح أبو المجد، وديكورات إبراهيم المطيلي، الهوية التاريخية والمكانية للعمل.

استعراضات غنائية مميزة (الشرق الأوسط)

وعلى مستوى الأداء التمثيلي، استطاع الفنان يوسف مراد منير، ابن المخرج مراد منير، الإمساك بأبرز مفاتيح شخصية المملوك جابر، مثل الانتهازية والطمع والولاء لمن يدفع أكثر، مع الذكاء وخفة الظّل والحذر المبالغ فيه. وتجلّت صراعات الحكم في أداء محمد النبوي وحامد سعيد.

وقال الفنان يوسف مراد منير لـ«الشرق الأوسط» إن «العمل يناسب طبيعة مسرح (السامر) الذي يقوم على متعة الفرجة الشعبية وحرارة التفاعل مع الجمهور الذي ننزل إليه في الصالة وقد يصعد إلينا على خشبة المسرح أثناء العرض».

ورأى يوسف أن «المسرحية تحمل بعض الإسقاطات على الواقع المعاصر مع كسر الحاجز الوهمي بين الجمهور وخشبة العرض وكذلك تغيير الديكور والملابس أمام المتفرجين، وهو ما يبدو جديداً على نصوص سعد الله ونوس».


مقالات ذات صلة

منة شلبي تخوض أولى تجاربها المسرحية في «شمس وقمر»

يوميات الشرق الفنانة المصرية منة شلبي تقدم أول أعمالها المسرحية (حسابها على «فيسبوك»)

منة شلبي تخوض أولى تجاربها المسرحية في «شمس وقمر»

تخوض الفنانة المصرية منة شلبي أولى تجاربها للوقوف على خشبة المسرح من خلال عرض «شمس وقمر» الذي تقوم ببطولته، ويتضمن أغاني واستعراضات.

داليا ماهر (القاهرة )
يوميات الشرق عرض مسرحي

مهرجان للمسرح في درنة الليبية ينثر فرحة على «المدينة المكلومة»

من خلال حفلات للموسيقى الشعبية الليبية والأغاني التقليدية، استقطب افتتاح المهرجان أعداداً كبيرة من سكان درنة، لينثر ولو قليلاً من الفرح بعد كارثة الإعصار.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
يوميات الشرق حفل ختام مهرجان شرم الشيخ المسرحي شهد غياب مشاهير الفن (شرم الشيخ المسرحي)

«شرم الشيخ المسرحي» يُختتم بعيداً عن «صخب المشاهير»

اختتم مهرجان شرم الشيخ الدولي للمسرح الشبابي فعاليات دورته التاسعة، مساء الأربعاء، بعيداً عن صخب المشاهير.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
يوميات الشرق تملك المسرحية «اللؤم» المطلوب لتُباشر التعرية المُلحَّة للواقع المسكوت عنه (البوستر الرسمي)

«الماعز» على مسرح لندن تُواجه عبثية الحرب وتُسقط أقنعة

تملك المسرحية «اللؤم» المطلوب لتُباشر التعرية المُلحَّة للواقع المسكوت عنه. وظيفتها تتجاوز الجمالية الفنية لتُلقي «خطاباً» جديداً.

فاطمة عبد الله (بيروت)
يوميات الشرق مجموعة نشاطات فنّية يقدّمها الفريق في كل مركز (فضاء)

مؤسّسة «فضاء» تؤرشف للمسرح خلال الحرب

يختصر عوض عوض أكثر ما لفته في جولاته: «إنهم متعلّقون بالحياة ومتحمّسون لعيشها كما يرغبون. أحلامهم لا تزال تنبض، ولم تستطع الحرب كسرها».

فيفيان حداد (بيروت)

العلاج لا يصل لـ91 % من مرضى الاكتئاب عالمياً

الاكتئاب يُعد أحد أكثر الاضطرابات النفسية شيوعاً على مستوى العالم (جامعة أوكسفورد)
الاكتئاب يُعد أحد أكثر الاضطرابات النفسية شيوعاً على مستوى العالم (جامعة أوكسفورد)
TT

العلاج لا يصل لـ91 % من مرضى الاكتئاب عالمياً

الاكتئاب يُعد أحد أكثر الاضطرابات النفسية شيوعاً على مستوى العالم (جامعة أوكسفورد)
الاكتئاب يُعد أحد أكثر الاضطرابات النفسية شيوعاً على مستوى العالم (جامعة أوكسفورد)

كشفت دراسة دولية أن 91 في المائة من المصابين باضطرابات الاكتئاب في جميع أنحاء العالم لا يحصلون على العلاج الكافي.

وأظهرت الدراسة، التي قادها فريق من جامعة كوينزلاند في أستراليا، ونُشرت نتائجها، الجمعة، في دورية «The Lancet Psychiatry»، أن كثيرين من المصابين بالاكتئاب لا يتلقون العناية اللازمة، ما يزيد من معاناتهم ويؤثر سلباً على جودة حياتهم.

ووفقاً لمنظمة الصحة العالمية، يعاني أكثر من 300 مليون شخص الاكتئاب، مما يجعله السبب الرئيسي للإعاقة عالمياً. وتشير التقديرات إلى أن 5 في المائة من البالغين يعانون هذا المرض. وضمّت الدراسة فريقاً من الباحثين من منظمة الصحة العالمية وجامعتيْ واشنطن وهارفارد بالولايات المتحدة، وشملت تحليل بيانات من 204 دول؛ لتقييم إمكانية الحصول على الرعاية الصحية النفسية.

وأظهرت النتائج أن 9 في المائة فقط من المصابين بالاكتئاب الشديد تلقّوا العلاج الكافي على مستوى العالم. كما وجدت الدراسة فجوة صغيرة بين الجنسين، حيث كان النساء أكثر حصولاً على العلاج بنسبة 10.2 في المائة، مقارنة بــ7.2 في المائة للرجال. ويُعرَّف العلاج الكافي بأنه تناول الدواء لمدة شهر على الأقل، إلى جانب 4 زيارات للطبيب، أو 8 جلسات مع متخصص.

كما أظهرت الدراسة أن نسبة العلاج الكافي في 90 دولة كانت أقل من 5 في المائة، مع تسجيل أدنى المعدلات في منطقة جنوب الصحراء الكبرى بأفريقيا بنسبة 2 في المائة.

وفي أستراليا، أظهرت النتائج أن 70 في المائة من المصابين بالاكتئاب الشديد لم يتلقوا الحد الأدنى من العلاج، حيث حصل 30 في المائة فقط على العلاج الكافي خلال عام 2021.

وأشار الباحثون إلى أن كثيرين من المرضى يحتاجون إلى علاج يفوق الحد الأدنى لتخفيف معاناتهم، مؤكدين أن العلاجات الفعّالة متوفرة، ومع تقديم العلاج المناسب يمكن تحقيق الشفاء التام. وشدد الفريق على أهمية هذه النتائج لدعم خطة العمل الشاملة للصحة النفسية، التابعة لمنظمة الصحة العالمية (2013-2030)، التي تهدف إلى زيادة تغطية خدمات الصحة النفسية بنسبة 50 في المائة على الأقل، بحلول عام 2030. ونوه الباحثون بأن تحديد المناطق والفئات السكانية ذات معدلات علاج أقل، يمكن أن يساعد في وضع أولويات التدخل وتخصيص الموارد بشكل أفضل.

يشار إلى أن الاكتئاب يُعد أحد أكثر الاضطرابات النفسية شيوعاً على مستوى العالم، حيث يؤثر على ملايين الأشخاص من مختلف الأعمار والفئات الاجتماعية، ويرتبط بشكل مباشر بمشاعر الحزن العميق، وفقدان الاهتمام بالنشاطات اليومية، مما يؤثر سلباً على الأداء الوظيفي والعلاقات الاجتماعية.