لبنان «في قلب الحرب»... والتصعيد قد يكون أعنف من «حرب تموز»

أستراليا تحذر رعاياها: قدرتنا على مساعدتكم ستكون محدودة في أوقات الأزمات

إعلاميون لبنانيون وأجانب اعتصموا أمام مقر «الإسكوا» في بيروت احتجاجاً على استهداف إسرائيل لصحافيين عند الحدود الجمعة (الشرق الأوسط)
إعلاميون لبنانيون وأجانب اعتصموا أمام مقر «الإسكوا» في بيروت احتجاجاً على استهداف إسرائيل لصحافيين عند الحدود الجمعة (الشرق الأوسط)
TT

لبنان «في قلب الحرب»... والتصعيد قد يكون أعنف من «حرب تموز»

إعلاميون لبنانيون وأجانب اعتصموا أمام مقر «الإسكوا» في بيروت احتجاجاً على استهداف إسرائيل لصحافيين عند الحدود الجمعة (الشرق الأوسط)
إعلاميون لبنانيون وأجانب اعتصموا أمام مقر «الإسكوا» في بيروت احتجاجاً على استهداف إسرائيل لصحافيين عند الحدود الجمعة (الشرق الأوسط)

تأخذ المواجهات بين «حزب الله» وإسرائيل منحى تصاعدياً يوماً بعد يوم في موازاة الرسائل التهديدية التي تصدر من الطرفين، ما جعل لبنان في «قلب الحرب» التي لم يعلن عن انطلاقها بشكل رسمي حتى الآن، وإن كانت المعطيات الميدانية تعكس وفق عدد من المراقبين أن القصف المتبادل هو مقدمة لحرب قد تكون أعنف من حرب يوليو (تموز) 2006 التي لم توفر حينها لا البشر ولا الحجر.

وتأتي التصريحات التي يعلن عنها مسؤولو «حزب الله» في هذا السياق، وكان آخرها قول النائب في «حزب الله» حسن فضل الله (الأحد) إن «لبنان في قلب المعركة ونحن لسنا على الحياد»، محذراً بأنه «على العدو ألا يخطئ بحساباته سواء في قطاع غزة أو في لبنان»، في وقت أكد فيه عضو المجلس المركزي في الحزب الشيخ نبيل قاووق، على أن «أي عدوان إسرائيلي على لبنان في أي زمان ومكان، سيقابل بالرد القاسي والعاجل».

وفي حين تشير المعلومات إلى أن «حزب الله» بات جاهزاً للحرب على مختلف المستويات، وهو الذي نعى حتى الآن خمسة من عناصره، فإن البيانات التي تصدرها السفارات الأجنبية محذرة رعاياها في لبنان تعكس أجواء حرب محتملة أو توقع تدهور الوضع الأمني في أي لحظة.

وهذا الواقع يشير إليه الباحث والأستاذ الجامعي مكرم رباح، واصفاً الوضع بالقول: «نحن اليوم في قلب الحرب»، ويوضح لـ«الشرق الأوسط»: «ما يقوم به (حزب الله) من عمليات على الحدود مع فلسطين المحتلة هو أكثر من مناوشات... يتقيدون بخطوط الاشتباك الأساسية بعدم قصف العمق الإسرائيلي، أو عبر ضربات مدروسة ومتفق عليها بطريقة ضمنية». من هنا يرى رباح أن الحرب القادمة باتت مسألة وقت لأسباب عدة وبسيطة، وهي أن الحزب هو المسؤول الأساسي عن «طوفان الأقصى»، إضافةً إلى أن الخطر على الحدود الشمالية مع إسرائيل هو أمر لا يمكن أن يترك بعد القضاء على «حركة حماس»... «حزب الله» يقول إنه يتمتع باستقلالية معينة، ولكن في آخر المطاف عندما يأتي الأمر من طهران بفتح الحدود سيكون لعدة أسباب، وليس فقط بعد غزو غزة براً؛ لأن ما يحصل اليوم أسوأ بكثير من الغزو البري، من هنا يعبّر رباح عن اعتقاده بأنه سيكون هناك نوع معين من ضربة وإن محدودة لإيران، «ما سيؤدي إلى فتح كل الجبهات، وعلى رأسها الجبهة اللبنانية، ودخولنا في حرب سيدفع ثمنها الشعب اللبناني بأكمله».

وعن طبيعة هذه الحرب، يرى رباح أن المواجهة ستكون أشرس من «حرب تموز»؛ «لأن إسرائيل اليوم تتمتع بدعم عالمي لكونهم يعدون أن ما تقوم به هو في إطار الدفاع عن النفس بغض النظر عما إذا كان ذلك صحيحاً، كما أصبح هناك قناعة راسخة بأن (حزب الله) هو رأس الحربة الإيرانية، وهذا ما لن تسمح به الحكومة الإسرائيلية الحالية». ويوضح: «تركيبة مجلس الحرب الموجودة تتألف من جنرالات اختصاصهم (حزب الله)، في حين أن الوضع الحالي في لبنان غير جاهز لمواجهة أي نوع من الحروب محدودة كانت أو شاملة، على عكس ما حصل عام 2006 عندما كان الاقتصاد اللبناني في وضع ممتاز، وكان الدعم العربي والخليجي للبنان هو الأساس في صموده».

وفي وقت تتجه فيه الأنظار إلى الحدود الجنوبية اللبنانية حيث تشهد يومياً مواجهات أدت إلى وقوع قتلى في صفوف الإسرائيليين ومن عناصر «حزب الله»، إضافةً إلى مواطنين لبنانيين، شدد النائب في «حزب الله» حسن فضل الله في حديث تلفزيوني على أن «معادلة أي اعتداء إسرائيلي سيقابل برد هي معادلة ثابتة لدينا». وقال: «المعركة الآن محورها الأساسي في غزة، والمواجهة في لبنان قائمة ضمن مشروع الدفاع الوطني للمقاومة، وما يجري على الحدود الآن هو في إطار العمل الدفاعي الذي تقوم به المقاومة منذ اليوم الأول»

وجدد التأكيد على استعداد الحزب لكل الاحتمالات، قائلاً: «مستعدون لكل الاحتمالات وكل الخيارات، لكن لا نريد أن نكشف عن الخطوات اللاحقة؛ لأن ذلك جزء من المعركة»، مشيراً إلى أن «رد المقاومة الحالي هو جزء من المشهد، أما الجزء الآخر فيرتبط بما يجري بقطاع غزة»، مضيفاً: «نحن في قلب هذه المعركة، وطبعاً لسنا على الحياد، ومن الطبيعي أن نكون إلى جانب فلسطين، أما ترجمة ذلك فلا نقدم معلومات للعدو»، قائلاً إن «على العدو ألا يخطئ حساباته سواء في قطاع غزة أو في لبنان».

كذلك، لفت إلى أن «الدول الغربية والجهات التي تواصلت معنا مباشرة أو بشكل غير مباشر لم تحصل منا على إجابة بشأن خطواتنا المقبلة»، مضيفاً: «موقفنا مدروس بدقة متناهية، ونأخذ بالاعتبار كل السيناريوهات والاحتمالات».

ويأتي ذلك في وقت استمرت فيه تحذيرات عدد من الدول لرعاياها في لبنان؛ إذ بعدما كانت كلّ من الولايات المتحدة الأميركية وبريطانيا قد حذرتا رعاياهما من السفر إلى لبنان، حذرت ألمانيا (الأحد) من السفر إلى لبنان وإسرائيل والأراضي الفلسطينية، بعدما كانت قد أوقفت رحلاتها إلى بيروت. كما دعت السفارة الكندية لدى لبنان، الأحد، رعاياها بتجنب السفر غير الضروري إلى لبنان «بسبب الظروف الأمنية التي لا يمكن التنبؤ بها، وزيادة خطر الهجمات الإرهابية والنزاع المسلح مع إسرائيل»، مشيرةً إلى احتمال تدهور الوضع الأمني ​​من دون سابق إنذار.

وقال السفير الأسترالي في بيروت أندرو بارنس، متوجهاً إلى مواطنيه: «إذا كنتم في لبنان، فعليكم تقدير ما إذا كانت حاجتكم للبقاء فيه أساسية. إذا كنتم ترغبون في المغادرة، فاعلموا أن أزمةً قد تحد من الطيران المدني. يجب أن تفكروا في الخيارات المتاحة لكم. ستكون قدرة الحكومة الأسترالية على مساعدتكم للمغادرة محدودة للغاية في أوقات الأزمات».


مقالات ذات صلة

وزير التعليم اللبناني يعلن تعليق الدراسة الحضورية بالمدارس غداً في بيروت

المشرق العربي كرة لهب ودخان تظهر في الضاحية الجنوبية لبيروت نتيجة غارات إسرائيلية (أ.ف.ب)

وزير التعليم اللبناني يعلن تعليق الدراسة الحضورية بالمدارس غداً في بيروت

أعلن وزير التربية والتعليم العالي اللبناني عباس الحلبي تعليق الدراسة حضورياً في المدارس والمعاهد المهنية الرسمية والخاصة، ومؤسسات التعليم العالي الخاصة.

«الشرق الأوسط» (بيروت)
المشرق العربي لبنانيون يشاهدون من جانب الطريق الدخان يتصاعد نتيجة قصف إسرائيلي على ضاحية بيروت الجنوبية (رويترز)

تقرير: إسرائيل تطالب بإبعاد فرنسا عن اتفاق وقف إطلاق النار في لبنان

نشرت القناة 12 الإسرائيلية تفاصيل عما وصفته بأنه «النقاط العالقة» بين إسرائيل و«حزب الله» اللبناني للوصول إلى وقف لإطلاق النار.

«الشرق الأوسط» (تل أبيب)
المشرق العربي رئيس الحكومة اللبنانية نجيب ميقاتي خلال زيارته وزارة الدفاع (حسابه عبر منصة إكس)

ميقاتي: اللبنانيون مصرون رغم كل الظروف على إحياء ذكرى استقلالهم

أكد رئيس الحكومة اللبنانية نجيب ميقاتي أن «اللبنانيين مصرون رغم كل الظروف على إحياء ذكرى استقلالهم لإيمانهم بما تحمل لهم من معاني الحرية والسيادة»

«الشرق الأوسط» (بيروت)
الخليج الشيخ محمد بن زايد آل نهيان والملك عبد الله الثاني بن الحسين ويظهر الشيخ عبد الله بن زايد وأيمن الصفدي وعدد من المسؤولين خلال اللقاء (وام)

تأكيد إماراتي أردني على أهمية تكثيف الجهود لوقف إطلاق النار في غزة ولبنان

الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، رئيس دولة الإمارات، بحث مع العاهل الأردني، الملك عبد الله الثاني بن الحسين، قضايا المنطقة والعلاقات الثنائية.

«الشرق الأوسط» (أبوظبي)
المشرق العربي مسيّرة إسرائيليّة من نوع (هرمز 450)

«حزب الله» يعلن إسقاط مسيّرة إسرائيلية من طراز «هرمز 450» فوق الطيبة

أعلنت جماعة حزب الله اللبنانية، في ساعة مبكرة من صباح اليوم الثلاثاء، أنها أسقطت مسيرة إسرائيلية بصاروخ أرض-جو في جنوب لبنان.

«الشرق الأوسط» (هرمز 450)

بيدرسن: من الضروري عدم جر سوريا إلى النزاع

لقاء صباغ وبيدرسن في مقر وزارة الخارجية السورية 24 نوفمبر 2024 (حساب الوزارة على فيسبوك)
لقاء صباغ وبيدرسن في مقر وزارة الخارجية السورية 24 نوفمبر 2024 (حساب الوزارة على فيسبوك)
TT

بيدرسن: من الضروري عدم جر سوريا إلى النزاع

لقاء صباغ وبيدرسن في مقر وزارة الخارجية السورية 24 نوفمبر 2024 (حساب الوزارة على فيسبوك)
لقاء صباغ وبيدرسن في مقر وزارة الخارجية السورية 24 نوفمبر 2024 (حساب الوزارة على فيسبوك)

اعتبر المبعوث الخاص للأمم المتحدة إلى سوريا، غير بيدرسن، بعد لقائه وزير الخارجية السوري بسام الصباغ في دمشق، أمس، أنه «من الضروري للغاية ضمان أن يكون هناك وقف فوري لإطلاق النار في غزة ولبنان، وأن نجنب جر سوريا» إلى النزاع في المنطقة.

من جانبها، لم تُصدر الخارجية السورية أي تفاصيل حول نتائج لقاء بيدرسن والصباغ، واكتفت ببيان مقتضب أعلنت فيه عن اللقاء من دون تفاصيل. وكانت مصادر محلية قد أفادت بأن زيارة بيدرسن الثانية إلى دمشق خلال هذا العام تهدف إلى بحث إمكانية استئناف «اللجنة الدستورية» لحل الأزمة السورية، اجتماعاتها المتعثرة منذ أكثر من عامين، بسبب الخلاف على مكان عقد الاجتماع، وذلك بعد الرفض الروسي القاطع لعقدها في جنيف على خلفية موقف سويسرا من الحرب الروسية - الأوكرانية. وعقدت اللجنة الدستورية 8 جلسات وتم تأجيل الجلسة التاسعة بعد طلب روسيا تغيير مكان انعقاد المحادثات.