استهداف المنشآت الحيوية والتجمعات يشل الحياة العامة في إدلب

مسعفون من «الخوذ البيضاء» يحاولون إنقاذ مصابين من تحت الأنقاض في إدلب الأحد (إ.ب.أ)
مسعفون من «الخوذ البيضاء» يحاولون إنقاذ مصابين من تحت الأنقاض في إدلب الأحد (إ.ب.أ)
TT

استهداف المنشآت الحيوية والتجمعات يشل الحياة العامة في إدلب

مسعفون من «الخوذ البيضاء» يحاولون إنقاذ مصابين من تحت الأنقاض في إدلب الأحد (إ.ب.أ)
مسعفون من «الخوذ البيضاء» يحاولون إنقاذ مصابين من تحت الأنقاض في إدلب الأحد (إ.ب.أ)

يواجه السوري عمر أبو العز «خطر الموت» كلما غادر بيته إلى عمله في مدينة الدانا، في ريف إدلب الشمالي؛ فهو لم يكن يتوقع يوماً أن تكون أحياء مدينته مصدراً للخوف، إذ كانت هي الملجأ الآمن لآلاف النازحين من الأرياف الجنوبية بحملات عسكرية سابقة.

يصف أبو العز، لـ«الشرق الأوسط»، الوضع الإنساني بأنه «مأساوي»، إذ إن معظم المحال مغلقة، والشوارع تشبه «مدينة الأشباح» بعد غروب الشمس. ويقول: «بالنسبة إليَّ أنا أكسب أجري يومياً لإطعام أطفالي، لا أستطيع القعود ولا إغلاق متجري، أنا أخرج وأنا أحمل روحي على كفي».

استمرت حملة تصعيد القصف المكثف من قبل النظام السوري وحليفته روسيا على إدلب وريفها لليوم الرابع على التوالي. أعداد الضحايا المدنيين بلغت 41 قتيلاً، بينهم 13 طفلاً و7 نساء، و220 مصاباً بينهم نساء وأطفال، وفقاً لإحصاءات فرق الدفاع المدني السوري (الخوذ البيضاء).

صباح الأحد شهد استهدافاً مباشراً لمجمع للمراكز الصحية وسط مدينة إدلب، سبقه استهداف لمدارس، وجوامع، وأسواق، وأفران، ومراكز تابعة للدفاع المدني، وفرق للإسعاف، ومخيمات للنازحين، ومرافق عامة، مع إصدار مديرية الصحة في إدلب قراراً بتعليق دوام العيادات غير الإسعافية، ومديرية التربية قراراً بتعليق الدوام المدرسي بقية الأسبوع.

كما أصدر الدفاع المدني والمراصد العسكرية المتعقبة لإشارات الاتصال بين قوات النظام السوري والمتتبعة لاتجاه الإطلاق الصاروخي والمدفعي تحذيرات منع التجمعات المدنية، واستمر دوي صفارات الإنذار التي تعني استهداف القذائف للأحياء السكنية في عشرات المدن والقرى والبلدات في المنطقة.

نزوح بلا أمان

بعدما شملت حملة القصف كل المناطق في إدلب، لم تعد خيارات النزوح المتاحة توفر الأمان للعائلات، إضافة إلى أن قوافل النزوح ونقل الحاجيات من مكان لآخر تعد هدفاً مباشراً للقصف أيضاً، لذلك اضطر المدنيون لمغادرة المدن وتجمعاتها مشياً باتجاه الأماكن الزراعية الخالية والبقاء تحت العراء، حسبما قال أحد سكان مدينة جسر الشغور في ريف إدلب الغربي، أحمد نجوم، لـ«الشرق الأوسط».

مسعفون من «الخوذ البيضاء» يخمدون نيراناً تسبب بها القصف في إدلب الأحد (إ.ب.أ)

الحال متشابهة في معظم المواقع المستهدفة في المنطقة؛ لذلك بقيت شوارع المدينة خالية أيضاً كمثيلتها في الدانا، وأغلقت معظم المحال التجارية، أحمد لم يغلق متجره لبيع مستلزمات الحدادة، وقال: «تمر السيارات من الشوارع بسرعة كبيرة وهي تغادر، الحركة جمدت وانشلت بالكامل... بقيت في متجري لأؤمن ما أستطيع من قوت عائلتي، لا خيارات لدي للمغادرة وهذه سبيل عيشي الوحيدة».

وسط مدينة إدلب علقت مديرة المركز الخاص بتدريبات المرأة «إشراقة أمل» عهد ديوب الدوام ضمنه حفاظاً لـ«سلامة» العاملات والمستفيدات. وأضافت في حديثها لـ«الشرق الأوسط»: «القصف أثر بشكل كبير على الحياة العامة، فالأسواق انعدمت والأعمال توقفت»، وأشارت إلى أنها غير قادرة على مغادرة البيت ولا حتى لتأمين مستلزمات الطبخ، مع اعتمادها مع عائلتها على مؤنة الطعام المخزنة فقط.

وفي أريحا، بريف إدلب الجنوبي، اضطر الناس للبحث عن الخبز اليابس في بيوتها للاعتماد عليه بالطعام، حسبما قال محمد حلوم لـ«الشرق الأوسط»، مضيفاً أن الناس تجمعوا مع بعضهم وسط حالة من الرعب، «في الحي الذي أقيم فيه تبقى كل 10 عوائل معاً، مع حالات من الفزع والانهيار العصبي، وغياب للأطباء وتعطل المشافي».

نائب مدير الدفاع المدني السوري منير مصطفى قال لـ«الشرق الأوسط» إن النظام يستهدف كل أماكن الاستقرار، والتحذيرات الموجهة المدنيين تهدف لتقليل عدد الإصابات، «الهدف قتل أكبر عدد ممكن من السكان، وهذا يوصف بهجمات إبادة مباشرة لتقويض استقرار المدنيين».

وأضاف مصطفى: «الهجمات الإرهابية التي يشنها نظام الأسد وروسيا هي هجمات ممنهجة ومتعمدة وهدفها قتل الحياة وتدمير

سوريون يفرون من مخيم في إدلب خوفاً من القصف (إ.ب.أ)

جميع المرافق الحيوية، اليوم الشمال الغربي يواجه تهديداً بموجة نزوح غير مسبوقة منذ عام 2011».

وتعد منطقة شمال غربي سوريا منطقة لتجمع النازحين داخلياً والمهجرين من مناطق سيطرة النظام السوري بعد حملات عسكرية سابقة شنها على مناطق سيطرة الفصائل المعارضة، ويبلغ عدد سكانها، وفقاً لإحصاءات الأمم المتحدة، 4.5 مليون شخص، بينهم 2.9 مليون من المهجرين والنازحين، ونحو مليونين منهم يقيمون في المخيمات.


مقالات ذات صلة

كندا ترفع سوريا من قائمة الدول الراعية للإرهاب

المشرق العربي الرئيس السوري أحمد الشرع يتحدث أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة في سبتمبر الماضي (رويترز)

كندا ترفع سوريا من قائمة الدول الراعية للإرهاب

قالت الحكومة الكندية، اليوم (الجمعة)، إنها رفعت اسم سوريا من قائمة الدول الأجنبية الراعية للإرهاب وحذفت «هيئة تحرير الشام» من قائمة الكيانات الإرهابية.

«الشرق الأوسط» (أوتاوا)
المشرق العربي الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون ونظيره السوري أحمد الشرع يتصافحان بعد انتهاء مؤتمرهما الصحافي المشترك في قصر الإليزيه يوم 7 مايو الماضي (أرشيفية - أ.ف.ب)

فرنسا تنظر بإيجابية إلى التحولات الجارية في سوريا

بعد عام على سقوط بشار الأسد، تنظر فرنسا بإيجابية للتطورات الحاصلة في دمشق، وتعتبر أن سوريا مستقرة ضرورة للتوازن الإقليمي والدولي.

ميشال أبونجم (باريس)
المشرق العربي وزير الخارجية السوري أسعد الشيباني (أ.ف.ب)

الشيباني: نشكر كندا على رفع اسم سوريا من قوائم الدول الراعية للإرهاب

شكر وزير الخارجية السوري أسعد الشيباني «كندا على قرارها رفع اسم سوريا من قوائم الدول الراعية للإرهاب».

«الشرق الأوسط» (دمشق)
المشرق العربي عنصر من القوات السورية الجديدة بالقرب من صورة للرئيس المخلوع بشار الأسد وشقيقه ماهر في مقر الفرقة الرابعة بدمشق يناير الماضي (رويترز)

من منفاهما في روسيا... رئيس سابق للمخابرات السورية وابن خال الأسد يخططان لانتفاضتين

كشف تحقيق عن أن اثنين كانا ذات يوم من أقرب رجال بشار الأسد وفرَّا من سوريا بعد سقوطه، ينفقان ملايين الدولارات على عشرات الآلاف من المقاتلين المحتملين

«الشرق الأوسط» (دمشق)
المشرق العربي مركبة عسكرية إسرائيلية تسير في مرتفعات الجولان السوري المحتل... 18 ديسمبر 2024 (رويترز)

قوة إسرائيلية تتوغل في ريف القنيطرة بجنوب سوريا

قالت «الوكالة العربية السورية للأنباء»، اليوم (الجمعة)، إن قوة تابعة للجيش الإسرائيلي توغلت في ريف القنيطرة بجنوب البلاد.

«الشرق الأوسط» (دمشق)

احتفالات بذكرى سقوط الأسد... وأنصاره يخططون لـ«انتفاضتين»

حشد كبير في ساحة العاصي بحماة أمس احتفالا بالذكرى السنوية الأولى لسقوط نظام بشار الأسد أمس (إ.ب.أ)
حشد كبير في ساحة العاصي بحماة أمس احتفالا بالذكرى السنوية الأولى لسقوط نظام بشار الأسد أمس (إ.ب.أ)
TT

احتفالات بذكرى سقوط الأسد... وأنصاره يخططون لـ«انتفاضتين»

حشد كبير في ساحة العاصي بحماة أمس احتفالا بالذكرى السنوية الأولى لسقوط نظام بشار الأسد أمس (إ.ب.أ)
حشد كبير في ساحة العاصي بحماة أمس احتفالا بالذكرى السنوية الأولى لسقوط نظام بشار الأسد أمس (إ.ب.أ)

في موازاة احتفالات مستمرة في سوريا بمرور قرابة سنة على إسقاط حكم الرئيس المخلوع بشار الأسد، تسربت معلومات أمس عن خطط يقف وراءها رئيس سابق للمخابرات السورية وابن خال الأسد لإطلاق انتفاضتين في الساحل السوري ضد حكم الرئيس أحمد الشرع.

وجاءت هذه المعلومات، في وقت شهدت ساحة العاصي بمدينة حماة، الجمعة، فعالية حاشدة بمناسبة مرور عام على تحريرها من قوات الأسد. ورفع مشاركون في الفعالية علماً سوريّاً بطول 500 متر، وعرض 4 أمتار، وسط الساحة «في مشهد رمزي يؤكد وحدة الأرض والشعب»، بحسب ما جاء في تقرير لوكالة «سانا» الرسمية.

تزامناً مع هذه الاحتفالات، نشرت «رويترز» تحقيقاً ذكرت فيه أن اللواء كمال حسن المسؤول السابق في المخابرات السورية، وابن خال الأسد الملياردير، رامي مخلوف، ينفقان ملايين الدولارات على عشرات الآلاف من المقاتلين المحتملين؛ أملاً في إشعال انتفاضتين ضد الحكومة الجديدة.

وقال 4 أشخاص مقربين من العائلة إن الأسد، الذي فرّ إلى روسيا في ديسمبر (كانون الأول) 2024، استسلم إلى حد كبير لفكرة العيش في المنفى بموسكو.


قاسم يؤيد «الدبلوماسية» ويتمسك بسلاح «حزب الله»

أمين عام «حزب الله» نعيم قاسم متحدثاً في احتفال «تعظيماً للعلماء الشهداء على طريق القدس وأولي البأس» (الوكالة الوطنية للإعلام)
أمين عام «حزب الله» نعيم قاسم متحدثاً في احتفال «تعظيماً للعلماء الشهداء على طريق القدس وأولي البأس» (الوكالة الوطنية للإعلام)
TT

قاسم يؤيد «الدبلوماسية» ويتمسك بسلاح «حزب الله»

أمين عام «حزب الله» نعيم قاسم متحدثاً في احتفال «تعظيماً للعلماء الشهداء على طريق القدس وأولي البأس» (الوكالة الوطنية للإعلام)
أمين عام «حزب الله» نعيم قاسم متحدثاً في احتفال «تعظيماً للعلماء الشهداء على طريق القدس وأولي البأس» (الوكالة الوطنية للإعلام)

رفع الأمين العام لـ«حزب الله»، نعيم قاسم، أمس، سقف خطابه السياسي، مؤكداً أنّ المشاركة برئيس مدني في لجنة وقف إطلاق النار تمثل «إجراءً مخالفاً للتصريحات والمواقف الرسمية السابقة»، التي كانت تشترط، حسب تعبيره، وقف الأعمال العدائية من قبل إسرائيل قبل إشراك أي مدني في آلية التنفيذ.

وفيما أعرب قاسم عن تأييده «خيار الدبلوماسية» الذي تتبعه السلطات اللبنانية، رأى أن تعيين السفير سيمون كرم على رأس الوفد اللبناني «تنازل مجاني لن يغيّر من موقف إسرائيل ولا من عدوانها ولا من احتلالها»، مشيراً إلى أنّ «المندوب المدني ذهب واجتمع فازداد الضغط، وأن إسرائيل ومعها أميركا تريدان إبقاء لبنان تحت النار». وأضاف: «نحن مستعدون للتضحية إلى الأقصى، ولن نستسلم».


«ونعمين» و«صياح» يحلقان بكأسي ولي العهد في السباق الفروسي الكبير

أمير الرياض يسلم الأمير متعب بن عبدالله كأس ولي العهد خلال مراسم التتويج (واس)
أمير الرياض يسلم الأمير متعب بن عبدالله كأس ولي العهد خلال مراسم التتويج (واس)
TT

«ونعمين» و«صياح» يحلقان بكأسي ولي العهد في السباق الفروسي الكبير

أمير الرياض يسلم الأمير متعب بن عبدالله كأس ولي العهد خلال مراسم التتويج (واس)
أمير الرياض يسلم الأمير متعب بن عبدالله كأس ولي العهد خلال مراسم التتويج (واس)

تحت رعاية الأمير محمد بن سلمان ولي العهد رئيس مجلس الوزراء، ونيابة عنه، حضر الأمير فيصل بن بندر أمير منطقة الرياض، أولى السباقات الكبرى للفئة الأولى على كأسي ولي العهد لشوطي الخيل المنتجَة «محليًا»، والشوط مفتوح الدرجات «إنتاج محلي ومستورد» المصنف دوليًا بدرجة «ليستد»، والمقام ضمن الحفل الثالث والأربعين من موسم سباقات الرياض بميدان الملك عبد العزيز في الجنادرية، وبجائزة مالية قدرها مليونا ريال.

وفي الشوط الثامن على كأس ولي العهد للإنتاج محلي الفئة الأولى مسافة 2400 متر، أحرز الجواد «ونعمين» العائدة ملكيته إلى أبناء الملك عبد الله بن عبد العزيز بالمركز الأول، وسلم أمير منطقة الرياض كأس الشوط للأمير متعب بن عبدالله بن عبد العزيز.

وفاز بجائزة الشوط التاسع على كأس ولي العهد المصنف دوليًا «ليستد» على مسافة 2400 متر الجواد «صياح»، العائدة ملكيته إلى أبناء الملك عبد الله بن عبد العزيز، وسلم أمير منطقة الرياض كأس الشوط للأمير متعب بن عبد الله بن عبد العزيز.

يذكر أن الكأس يمثل أهمية كونه يحمل اسم ولي العهد إلى جانب أهميته الكبيرة في خارطة السباقات السعودية، بسبب فئويته العالية وقيمة جوائزه، إضافةً إلى مستوى المشاركة الفني الكبير، إذ أظهر البرنامج النهائي مشاركة نخبة من أقوى الخيل في الميدان السعودي على مسافة 2400 متر.