«حماس» تصعق إسرائيل بهجوم مزدوج... ومخاوف من «حرب متعددة الجبهات»

ارتباك كبير مع آلاف الصواريخ وسيطرة مسلحي الحركة على مستوطنات في الغلاف... وفيديوهات «صادمة» لقتلى وأسرى وجرحى

TT

«حماس» تصعق إسرائيل بهجوم مزدوج... ومخاوف من «حرب متعددة الجبهات»

فلسطينيون يقفون على مركبة عسكرية إسرائيلية في شوارع غزة (إ.ب.أ)
فلسطينيون يقفون على مركبة عسكرية إسرائيلية في شوارع غزة (إ.ب.أ)

شنت «حماس» حربا غير مسبوقة على إسرائيل بدأتها بهجوم مزدوج، نجح معه مقاتلو الحركة بالتسلل إلى معسكرات للجيش الإسرائيلي في محيط القطاع، ثم إلى مستوطنات في غلاف عزة وسيطروا عليها لساعات، وقتلوا خلالها إسرائيليين واختطفوا آخرين إلى قطاع غزة في مشهد غير مسبوق، فيما دكت آلاف الصواريخ مناطق مختلفة في إسرائيل التي كانت تغط في عطلتها الرسمية يوم السبت.

وأعلن محمد الضيف (أبو خالد) القائد العام لكتائب «القسام» الجناح المسلح لـ«حماس» بدء عملية «طوفان الأقصى»، رداً على جرائم الاحتلال بحق الفلسطينيين واقتحاماته المتكررة للمسجد الأقصى.

وقال الضيف في كلمة مسجلة «نعلن بدء عملية (طوفان الأقصى) ونعلن أن الضربة الأولى التي استهدفت مواقع العدو وتحصيناته تجاوزت 5 آلاف صاروخ وقذيفة».

وأضاف «العدو دنس المسجد الأقصى وتجرأ على مسرى الرسول محمد، واعتدى على المرابطات، وسبق وأن حذرناه من قبل».

سيارات تحترق بعد الغارات الجوية التي أُطلقت من غزة على إسرائيل (أ.ف.ب)

وتابع الضيف أن «الاحتلال ارتكب مئات المجازر بحق المدنيين، واليوم يتفجر غضب الأقصى، وغضب أمتنا، وهذا يومكم لتفهموا العدو أنه قد انتهى زمنه».

وأكد «بدءاً من اليوم ينتهي التنسيق الأمني، وكل من عنده بندقية فليخرجها فقد آن أوانها».

وشدد الضيف على أن قيادة «القسام» قررت وضع حد لكل جرائم الاحتلال، «وانتهى الوقت الذي يعربد فيه دون محاسب».

وجاءت العملية الحمساوية في وقت كانت تقول فيه إسرائيل إن قواتها في أعلى درجات التأهب خشية عمليات فلسطينية في الضفة أو هجوم من قطاع غزة، وهي مـتأهبة أبعد من ذلك لاحتمال اندلاع حرب متعددة الجبهات.

لكن الهجوم الذي بدأه مئات من عناصر حماس على الحدود وبدا أنه مخطط له منذ فترة ليست قصيرة، أظهر هشاشة غير عادية للجيش الإسرائيلي وقوات الأمن، إلى الحد الذي وصف معه معلقون إسرائيليون ما يحدث بأنه حرب العار.

وقال موقع «والا» العبري «إن حقيقة أن التنظيم تمكن من مفاجأة أفضل المخابرات وأكثرها خبرة في العالم والاستهزاء بأقوى نظام أمني في الشرق الأوسط، وأنه تمكن من السيطرة على الحدث لساعات طويلة، لن تمحى من أذهان اللاعبين في المنطقة».

وأظهرت مقاطع فيديو بثتها «القسام» سيطرة مقاتليها على مستوطنات في غلاف غزة وقتل جنود وأسر آخرين والسيطرة على آليات عسكرية إسرائيلية وسحبها إلى قطاع غزة.

كما أظهرت مقاطع فيديو أخرى «صادمة» لإسرائيل انتشرت على مواقع إخبارية إسرائيليين جلبتهم حماس أحياء إلى قطاع غزة.

ورغم أن حماس أمطرت إسرائيل بآلاف الصواريخ التي تسببت في قتل إسرائيلية في بلدة كفار افيف جنوبي مدينة أشدود، لكن صور مقاتلي «القسام» يسيطرون على شوارع المستوطنات في غلاف غزة، هي التي أربكت إسرائيل وأحرجتها إلى حد كبير.

وقالت صحيفة «يديعوت أحرونوت» بعد 5 ساعات على بدء هجوم حماس، إن مقاتلي «القسام» اخترقوا خط الدفاع بأكمله في محيط قطاع غزة والجيش يحاول السيطرة على ما يحدث.

وأكد الجيش الإسرائيلي أن عناصر حماس تسللوا إلى 10 مناطق عبر البر والبحر وربما الأنفاق وعبر المظلات من الجو.

وقال مراسل إذاعة «كان»: «بكل بساطة حماس فرضت سيطرتها وفاجأت الشاباك والجيش والأجهزة الأمنية التي كانت ترى أن التسهيلات هي السبيل لشراء الهدوء من غزة».

وبعد وقت من الهجوم أعلنت إذاعة «كان» أن مسلحين من حماس اقتحموا مركز شرطة سديروت.

وقالت «يديعوت» إن الصورة قاتمة، وإن مراكز الأمن في إيرز وزيكيم تحت سيطرة عناصر حماس.

وحتى منتصف نهار السبت لم تكن إسرائيل أعلنت بوضوح ما يجري.

وقالت القناة «12 الإسرائيلية» إنه لا يمكن حصر أعداد القتلى والمصابين، وإنه تم قتل رئيس مجلس مستوطنات «شاعر هنيغف» أوفير ليبشتاين (محيط سديروت).

ثم قالت قناة «كان» إن عدد القتلى غير قليل في المستوطنات في غلاف غزة، وإن حماس أسرت 35 إسرائيليا إلى قطاع غزة.

وردا على ذلك، أعلن وزير الدفاع الإسرائيلي يوآف غالانت أن إسرائيل ستصد الهجوم وأن حماس ستدفع ثمنا باهظا، ثم تم استدعاء القوات الخاصة «اليمام»، «شلداغ» و«دوفدوفان» إلى مواقع التسلل في غلاف غزة.

وأطلق الجيش الإسرائيلي اسم عملية «السيوف الحديدية» في مواجهة عملية «طوفان الأقصى» وبدأ قصف مواقع في قطاع غزة في بداية مواجهة يبدو أنها ستطول.

ويفترض أن يجتمع رئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو، بالكابنيت الإسرائيلي الساعة الواحدة ظهر اليوم، بعد جلسة تقييم أمني.

وقال مكتب نتنياهو، إن اجتماعاً آخر سيجمع زعيم المعارضة الإسرائيلية يائير لبيد. وقال نتنياهو في تصريحات مقتضبة إن حماس ستدفع ثمنا لا تتوقعه.

وخاطب الإسرائيليين بقوله إنهم في حالة حرب وليست مواجهة أو عملية وطلب من مواطني إسرائيل الانصياع لأوامر الجيش وقوات الأمن. وتخشى إسرائيل من أن الحرب المباغتة وغير المألوفة بالنسبة لها من جهة غزة قد تتطور إلى مواجهة متعددة الجبهات.

وقال مسؤولون أمنيون كبار في إسرائيل إنه «قد ينضم (حزب الله) إلى هذه الحرب».


مقالات ذات صلة

الخارجية الفلسطينية: قرار إلغاء الاعتقال الإداري للمستوطنين يشجعهم على ارتكاب الجرائم

المشرق العربي قوات إسرائيلية تقوم بتأمين مَسيرة للمستوطنين في البلدة القديمة بالخليل (وفا)

الخارجية الفلسطينية: قرار إلغاء الاعتقال الإداري للمستوطنين يشجعهم على ارتكاب الجرائم

قالت وزارة الخارجية الفلسطينية، اليوم الجمعة، إن قرار إسرائيل إلغاء الاعتقال الإداري للمستوطنين يشجعهم على ارتكاب المزيد من الجرائم.

المشرق العربي مستوطنون إسرائيليون في مستوطنة إيفياتار بالضفة الغربية (أ.ب)

هل يحقق ترمب حلم الضم الإسرائيلي؟

انضم رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو إلى وزرائه المنادين بفرض السيادة الإسرائيلية على الضفة الغربية العام المقبل بعد تولي دونالد ترمب منصبه.

كفاح زبون (رام الله)
المشرق العربي الرئيس الفلسطيني محمود عباس والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب خلال لقاء سابق في البيت الأبيض (صفحة الرئيس الفلسطيني عبر «فيسبوك»)

الرئيس الفلسطيني لترمب: مستعدون لتحقيق السلام العادل

أكد الرئيس الفلسطيني محمود عباس، في اتصال هاتفي مع الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، استعداده لتحقيق السلام العادل القائم على أساس الشرعية الدولية.

«الشرق الأوسط» (رام الله)
شؤون إقليمية فلسطيني في مخيم البريج يطلب من ترمب وقف الحرب على غزة (أ.ف.ب)

عودة ترمب: فرح في تل أبيب ومخاوف في رام الله

لا يضاهي فرح قادة الائتلاف الحاكم في إسرائيل بفوز الرئيس دونالد ترمب في انتخابات الرئاسة الأميركية، سوى فرح أنصاره في الولايات المتحدة.

كفاح زبون (رام الله)
العالم العربي فلسطينيون يشاهدون الدخان يتصاعد بعد الضربات الإسرائيلية في النصيرات بوسط قطاع غزة (رويترز)

محادثات «حماس» و«فتح» بالقاهرة إلى «مشاورات أوسع» بشأن «لجنة إدارة غزة»

مشاورات موسعة تتجه لها محادثات حركتي «حماس» و«فتح» بالقاهرة، بعد اتفاق أولي على تشكيل لجنة إدارة لقطاع غزة، واختلاف بشأن وضع إطار مؤقت لمنظمة التحرير الفلسطينية

«الشرق الأوسط» (القاهرة)

تقرير: مقتل القيادي بـ«حزب الله» علي موسى دقدوق بغارة إسرائيلية في سوريا

الضابط الأميركي كيفين بيرغنير يعلن للصحافيين في بغداد اعتقال علي موسى دقدوق 2 يوليو (تموز) 2007 (أ.ف.ب - غيتي)
الضابط الأميركي كيفين بيرغنير يعلن للصحافيين في بغداد اعتقال علي موسى دقدوق 2 يوليو (تموز) 2007 (أ.ف.ب - غيتي)
TT

تقرير: مقتل القيادي بـ«حزب الله» علي موسى دقدوق بغارة إسرائيلية في سوريا

الضابط الأميركي كيفين بيرغنير يعلن للصحافيين في بغداد اعتقال علي موسى دقدوق 2 يوليو (تموز) 2007 (أ.ف.ب - غيتي)
الضابط الأميركي كيفين بيرغنير يعلن للصحافيين في بغداد اعتقال علي موسى دقدوق 2 يوليو (تموز) 2007 (أ.ف.ب - غيتي)

قال مسؤول دفاعي أميركي كبير إن قائداً كبيراً في «حزب الله» اللبناني كان قد ساعد في التخطيط لإحدى أجرأ وأعقد الهجمات ضد القوات الأميركية، خلال حرب العراق، قُتل في غارة إسرائيلية على سوريا.

واعتقلت القوات الأميركية علي موسى دقدوق، بعد مداهمة عام 2007، عقب عملية قتل فيها عناصرُ يتنكرون في صورة فريق أمن أميركي، خمسة جنود أميركيين. ووفقاً لموقع «إن بي سي» الأميركي، أطلقت السلطات العراقية سراحه لاحقاً.

وأضاف المسؤول الدفاعي الأميركي، وفق ما نقل عنه موقع «إن بي سي»، أن تفاصيل الضربة الجوية الإسرائيلية غير معروفة، متى حدثت، وأين وقعت في سوريا، وهل كان هدفها دقدوق تحديداً.

الغارة المعقدة، التي ساعد دقدوق في التخطيط لها، حدثت في مجمع عسكري مشترك أميركي-عراقي في كربلاء، في 20 يناير (كانون الثاني) 2007.

تنكَّر مجموعة من الرجال في زي فريق أمن عسكري أميركي، وحملوا أسلحة أميركية، وبعضهم كان يتحدث الإنجليزية، ما جعلهم يَعبرون من عدة نقاط تفتيش حتى وصلوا قرب مبنى كان يأوي جنوداً أميركيين وعراقيين.

كانت المنشأة جزءاً من مجموعة من المنشآت المعروفة باسم «محطات الأمن المشترك» في العراق، حيث كانت القوات الأميركية تعيش وتعمل مع الشرطة والجنود العراقيين. كان هناك أكثر من عشرين جندياً أميركياً في المكان عندما وصل المسلّحون.

حاصرت العناصر المسلّحة المبنى، واستخدموا القنابل اليدوية والمتفجرات لاختراق المدخل. قُتل جندي أميركي في انفجار قنبلة يدوية. بعد دخولهم، أَسَر المسلّحون جندين أميركيين داخل المبنى، واثنين آخرين خارج المبنى، قبل أن يهربوا بسرعة في سيارات دفع رباعي كانت في انتظارهم.

طاردت مروحيات هجومية أميركية القافلة، ما دفع المسلّحين لترك سياراتهم والهروب سيراً على الأقدام، وخلال عملية الهرب أطلقوا النار على الجنود الأميركيين الأربعة.

وفي أعقاب الهجوم، اشتبه المسؤولون الأميركيون بأن المسلّحين تلقّوا دعماً مباشراً من إيران، بناءً على مستوى التنسيق والتدريب والاستخبارات اللازمة لتنفيذ العملية.

وألقت القوات الأميركية القبض على دقدوق في مارس (آذار) 2007. وكما يذكر موقع «إن بي سي»، أثبتت أن «فيلق القدس»، التابع لـ«الحرس الثوري الإيراني»، كان متورطاً في التخطيط لهجوم كربلاء. واعترف دقدوق، خلال التحقيق، بأن العملية جاءت نتيجة دعم وتدريب مباشر من «فيلق القدس».

واحتجز الجيش الأميركي دقدوق في العراق لعدة سنوات، ثم سلَّمه إلى السلطات العراقية في ديسمبر (كانون الأول) 2011.

وقال المسؤول الأميركي: «قالت السلطات العراقية إنها ستحاكم دقدوق، لكن جرى إطلاق سراحه خلال أشهر، مما أثار غضب المسؤولين الأميركيين. وعاد للعمل مع (حزب الله) مرة أخرى بعد فترة وجيزة».