الحوثي يقيل حكومته لامتصاص السخط الشعبي... واليمنيون يسخرون

الجماعة تخطط لمحاكمة مئات المحتفلين بذكرى إطاحة أسلافها

في مسعى لامتصاص غضب المطالبين بالرواتب أقال الحوثي حكومته منزوعة الصلاحيات (رويترز)
في مسعى لامتصاص غضب المطالبين بالرواتب أقال الحوثي حكومته منزوعة الصلاحيات (رويترز)
TT

الحوثي يقيل حكومته لامتصاص السخط الشعبي... واليمنيون يسخرون

في مسعى لامتصاص غضب المطالبين بالرواتب أقال الحوثي حكومته منزوعة الصلاحيات (رويترز)
في مسعى لامتصاص غضب المطالبين بالرواتب أقال الحوثي حكومته منزوعة الصلاحيات (رويترز)

كشفت مصادر وثيقة الاطلاع أن جماعة الحوثي تنوي محاكمة المئات من الشبان المعتقلين على ذمة مشاركتهم في الاحتفالات بذكرى ثورة «26 سبتمبر». في الأثناء قوبل قرار زعيم الجماعة عبد الملك الحوثي بإقالة حكومته غير المعترف بها بالسخرية من قطاع عريض من اليمنيين، الذين أكدوا أنها منزوعة الصلاحيات أساسا.

وذكرت ثلاثة مصادر وثيقة الاطلاع في صنعاء وإب لـ«الشرق الأوسط» أن جهاز مخابرات الحوثيين رفع تقريراً إلى قائد الجماعة وأعضاء مجلس حكمها، وجه الاتهام فيه إلى الحكومة الشرعية والتحالف الداعم لها بالوقوف وراء المظاهرات الحاشدة التي شهدتها مدينتا صنعاء وإب، وشارك فيها الآلاف احتفاء بالذكرى السنوية لقيام ثورة «26 سبتمبر»، والإطاحة بنظام حكم الإمامة، زاعماً أنها لم تكن مظاهرات عفوية.

احتفاء يمني غير مسبوق بذكرى الإطاحة بنظام حكم الإمامة (إكس)

ووفق المصادر فإن المخابرات اقترحت إحالة من يوصفون بالفاعلين في تلك المظاهرات التي اجتاحت شوارع المدينتين بصورة غير مسبوقة إلى المحاكمات مع إلزام بقية المعتقلين وعددهم يتجاوز الألف بتحرير تعهدات بعدم المشاركة في أي مظاهرات قادمة.

وتقوم الجماعة - وفق المصادر- بفحص هواتف المعتقلين التي تمت مصادرتها، حيث ألزمت أصحابها بإلغاء كلمات المرور حتى يتمكن جهاز المخابرات من فحصها، وفرز كل الرسائل والمحادثات والاتصالات التي أجريت منها.

وزعم الإعلامي الحوثي عبد الحافظ معجب أن ما حدث في صنعاء وغيرها «مخطط خطير يستدعي إعلان حالة الطوارئ العامة» في كل المحافظات حتى لا ينتقل المخطط إلى مراحل متقدمة.

وحذّر من أن سيناريو الاحتجاجات التي شهدتها إيران عقب مقتل الشابة مهسا أميني سيتكرر بصنعاء، وقال إن تفجير الوضع من الداخل «تقنية جديدة من تقنيات الحروب الغربية».

من جهته زعم سلطان السامعي عضو مجلس الحكم الحوثي أنه كان يعتقد أن ما حدث في صنعاء من مظاهرات احتفاء بذكرى ثورة «26 سبتمبر» عمل عفوي، إلا أنه تأكد من جهة الاختصاص أنها مدفوعة من الخارج لإثارة الفوضى.

سخرية من القرار

إجراءات الجماعة الحوثية القمعية والاتهامات التي وجهتها، تزامنت مع سخرية واسعة من قرار زعيم الجماعة إقالة الحكومة التي لا يعترف بها أحد في إطار ما سماه «التغييرات الجذرية»، وذلك على خلفية أن هذه الحكومة لم تكن تمتلك أي سلطة.

يخطط الحوثيون لمحاكمة المئات من المعتقلين بسبب احتفالهم بذكرى ثورة «26 سبتمبر» (فيسبوك)

وقال القيادي في «اتحاد الأدباء والكتاب اليمنيين» أحمد ناجي النبهاني إن الحديث عن تغيير الحكومة في صنعاء لا يعول عليه؛ لأن الجميع يعلم أن هذه الحكومة لا تحكم، والجميع يعلم أن السلطة الحقيقية في كل وزارة ومرفق للمشرف على هذه الوزارة أو تلك.

وأضاف النبهاني «التغيير يبدأ من الاعتراف بأن إنسانية سلطة المشرفين في صنعاء تحتاج إلى ترميم، وأن مفتاح التغيير الجذري هو الاعتراف بحق الراتب بالنسبة للموظف (الغلبان) والبسيط والمسكين، وأن المسؤولية في صرف هذا المرتب تقع على عاتق من يحكم كائنا من كان».

وهو موقف أكد عليه المحامي عبد الفتاح الوشلي، حيث وصف إقالة الحوثي الحكومة الشكلية التابعة للجماعة بأنها «ارتباك واضح من الوهلة الأولى للتغيرات الجذرية، فلا هو قرار، ولا هو إعلان، ولا هو بيان، ولا المجلس السياسي الحاكم هو من أصدره، ولا مجلس الدفاع هو من أصدره، ولا قائد الحوثيين هو من أصدره، وهو لا يستند إلى شرعية دستورية، ولا يستند إلى شرعية ثورية، ولا يستند إلى شرعية توافقية».

تغول الفساد

النائب المعارض أحمد سيف حاشد أكد - من جهته - تغول الفساد في حكم الجماعة خلال سنوات الحرب، وأنه وبدلا من الصرامة في مواجهته، تم ترحيل تلك المواجهة إلى بعد الحرب، وقال: «بعد سنة ونصف السنة من الهدنة المعلنة وغير المعلنة تضاعف هذا الفساد، وازداد تغولا، بل بات هائلا، وتحول إلى عقبة أمام أي محاولة لمكافحته، أو لإحداث تغيير جوهري في سلطة بات فيها للفساد أرباب وقلاع».

ضاق اليمنيون ذرعاً من فساد الحوثيين وممارساتهم الطائفية (إكس)

ونبّه حاشد إلى أن الفساد في السلطة بات يواجه ويهدد بعضه، وفي حالة نيل بعضه من بعض سيؤدي إلى احتدام مواجهة في هذا الفساد الذي يهدد سلطة الجماعة برمتها.

ولهذا، والكلام لحاشد، فإن «التغييرات الجذرية المعلن عنها، تحولت إلى مراحل، والمرحلة الأولى منها لا تطال جوهره، بل لم تمسه، ولا تمس السلطة الخفية التي فيها قلاع الفساد وأربابه».

وانتقد حاشد قرار الحوثي، وقال «بدلا من الإطاحة بالفساد في السلطة، تمت الإطاحة بحكومة لا تحكم». مشيرا إلى أن التغييرات الجذرية المزعومة استهدفت حلقة ضعيفة من فساد هائل. وفق تعبيره.

وتحدث حاشد عما وصفه بتكتيك جماعة الحوثي منذ انعقاد مؤتمر الحوار الوطني في عام 2013، ومحاولتها استمالة أكبر عدد من النخب، والفئات من خلال طرح مشروع لبناء الدولة يتجاوز بعض المشاريع الأخرى، ويحقق قدراً من التنوع.

يزعم الحوثي أنه سيقود تغييراً جذرياً في أداء حكمه الانقلابي (أ.ف.ب)

وقال النائب المعارض في صنعاء، أحمد حاشد: «الحقيقة، الجماعة كان لديها مشروعها السري الذي لا يعلم به إلا أضيق الحلقات، ورهانها الأول كان على ما يحققه ويفرضه جناحها العسكري في الميدان، فيما الرهان الآخر هو استخدام ما هو تكتيكي للوصول للحكم، ثم إقصاء غيرهم عن طريق الاستئثار والاستفراد بالحكم، وتطبيق مقولة: (الحق لا يتعدد)، واستكمال تنفيذ مشروعها السري في الحكم، وإنجاز هدفها الاستراتيجي كاملا دون نقصان». وفق قوله.


مقالات ذات صلة

العالم العربي مخاوف يمنية من إفراغ الحوثيين اتفاق تبادل المحتجزين من مضامينه (إعلام حكومي)

«اتفاق مسقط» للمحتجزين يفتح نافذة إنسانية وسط تفاؤل يمني حذر

اتفاق مسقط لتبادل نحو 2900 محتجز ينعش آمال اليمنيين بإنهاء معاناة الأسرى وسط تفاؤل حذر ومطالب بضمانات أممية لتنفيذ «الكل مقابل الكل»

«الشرق الأوسط» (الرياض - صنعاء)
العالم العربي لوحة في عدن تعرض صورة عيدروس الزبيدي رئيس «المجلس الانتقالي الجنوبي» الداعي للانفصال (رويترز)

الرياض ترسم مسار التهدئة شرق اليمن... «خروج سلس وعاجل» لـ«الانتقالي»

يرسم البيان السعودي مسار التهدئة شرق اليمن، داعياً لانسحاب قوات «الانتقالي» من حضرموت والمهرة، وسط ترحيب رئاسي وحكومي وإجماع حزبي ضد التصعيد.

«الشرق الأوسط» (جدة)
وفد سعودي زار حضرموت ضمن مساعي التهدئة وخفض التوتر (سبأ)

حضرموت تتمسك بالشرعية وتحذر من تكلفة «التحركات الأحادية»

جددت سلطة حضرموت دعمها الكامل للشرعية، محذّرة من التحركات العسكرية الأحادية، ومؤكدة أن أمن المحافظة، والحوار السياسي هما السبيل للاستقرار، والتنمية

«الشرق الأوسط» (جدة)
العالم العربي العليمي مستقبلاً في الرياض السفيرة الفرنسية لدى اليمن (سبأ)

العليمي يرفض «تقطيع» اليمن ويؤكد حماية المركز القانوني للدولة

جدّد العليمي رفضه القاطع لأي محاولات لتفكيك الدولة اليمنية أو فرض وقائع أحادية خارج المرجعيات الحاكمة للمرحلة الانتقالية مؤكداً حماية المركز القانوني للدولة

«الشرق الأوسط» (جدة)

رئيس هيئة الاستعلامات المصرية: نتنياهو يعمل على عرقلة المرحلة الثانية من اتفاق غزة

رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو (رويترز)
رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو (رويترز)
TT

رئيس هيئة الاستعلامات المصرية: نتنياهو يعمل على عرقلة المرحلة الثانية من اتفاق غزة

رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو (رويترز)
رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو (رويترز)

قال رئيس الهيئة العامة للاستعلامات المصرية، ضياء رشوان، اليوم الخميس، إن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو يعمل على عرقلة المرحلة الثانية من اتفاق وقف إطلاق النار في غزة.

وأضاف رشوان في تصريحات لقناة تلفزيون «القاهرة الإخبارية» أن نتنياهو يعمل وفق اعتبارات انتخابية لصياغة تحالف جديد.

وتابع أن نتنياهو يسعى لإشعال المنطقة، ويحاول جذب انتباه ترمب إلى قضايا أخرى، بعيداً عن القطاع، لكنه أشار إلى أن الشواهد كلها تدل على أن الإدارة الأميركية حسمت أمرها بشأن المرحلة الثانية من اتفاق غزة.

وحذر رئيس الهيئة العامة للاستعلامات المصرية من أن نتنياهو يريد أن تؤدي قوة حفظ الاستقرار في غزة أدواراً لا تتعلق بها.

وفي وقت سابق اليوم، نقل موقع «واي نت» الإخباري الإسرائيلي عن مصدر عسكري قوله إن نتنياهو سيُطلع ترمب على معلومات استخباراتية عن خطر الصواريخ الباليستية الإيرانية خلال اجتماعهما المرتقب قبل نهاية العام الحالي.

وأكد المصدر الإسرائيلي أن بلاده قد تضطر لمواجهة إيران إذا لم تتوصل أميركا لاتفاق يكبح جماح برنامج الصواريخ الباليستية الإيرانية.


الصوماليون يصوتون في أول انتخابات محلية بنظام الصوت الواحد منذ 1969

حملات حزبية في شوارع العاصمة الصومالية مقديشو لتشجيع الناخبين على المشاركة في الانتخابات (إ.ب.أ)
حملات حزبية في شوارع العاصمة الصومالية مقديشو لتشجيع الناخبين على المشاركة في الانتخابات (إ.ب.أ)
TT

الصوماليون يصوتون في أول انتخابات محلية بنظام الصوت الواحد منذ 1969

حملات حزبية في شوارع العاصمة الصومالية مقديشو لتشجيع الناخبين على المشاركة في الانتخابات (إ.ب.أ)
حملات حزبية في شوارع العاصمة الصومالية مقديشو لتشجيع الناخبين على المشاركة في الانتخابات (إ.ب.أ)

أدلى الناخبون في الصومال، الخميس، بأصواتهم في انتخابات محلية مثيرة للجدل، تُعدّ الأولى التي تُجرى بنظام الصوت الواحد منذ عام 1969. ويقول محللون إن هذه الانتخابات تُمثل خروجاً عن نظام مفاوضات تقاسم السلطة القائم على أساس قبلي.

وقد نظمت الحكومة الاتحادية في البلاد التصويت لاختيار أعضاء المجالس المحلية، في أنحاء المناطق الـ16 في مقديشو، ولكنه قوبل برفض من جانب أحزاب المعارضة التي وصفت الانتخابات بالمعيبة والمنحازة.

يذكر أن الصومال انتخب لعقود أعضاء المجالس المحلية والبرلمانيين من خلال المفاوضات القائمة على أساس قبلي، وبعد ذلك يختار المنتخبون الرئيس.

يُشار إلى أنه منذ عام 2016 تعهّدت الإدارات المتعاقبة بإعادة تطبيق نظام الصوت الواحد، غير أن انعدام الأمن والخلافات الداخلية بين الحكومة والمعارضة حالا دون تنفيذ هذا النظام.

أعضاء «العدالة والتضامن» في شوارع مقديشو قبيل الانتخابات المحلية وسط انتشار أمني واسع (إ.ب.أ)

وجدير بالذكر أنه لن يتم انتخاب عمدة مقديشو، الذي يشغل أيضاً منصب حاكم إقليم بانادير المركزي، إذ لا يزال شاغل هذا المنصب يُعيَّن، في ظل عدم التوصل إلى حل للوضع الدستوري للعاصمة، وهو أمر يتطلب توافقاً وطنياً. غير أن هذا الاحتمال يبدو بعيداً في ظل تفاقم الخلافات السياسية بين الرئيس حسن شيخ محمود وقادة ولايتي جوبالاند وبونتلاند بشأن الإصلاحات الدستورية.

ووفق مفوضية الانتخابات، هناك في المنطقة الوسطى أكثر من 900 ناخب مسجل في 523 مركز اقتراع.

ويواجه الصومال تحديات أمنية، حيث كثيراً ما تنفذ جماعة «الشباب» المرتبطة بتنظيم «القاعدة» هجمات دموية في العاصمة، وجرى تشديد إجراءات الأمن قبيل الانتخابات المحلية.

وذكر محللون أن تصويت مقديشو يمثل أقوى محاولة ملموسة حتى الآن لتغيير نظام مشاركة السلطة المعتمد على القبائل والقائم منذ أمد طويل في الصومال.

وقال محمد حسين جاس، المدير المؤسس لمعهد «راد» لأبحاث السلام: «لقد أظهرت مقديشو أن الانتخابات المحلية ممكنة من الناحية التقنية».


اجتماعات في مصر وتركيا... مساعٍ لتفكيك عقبات «اتفاق غزة»

فلسطينيون يسيرون وسط الملاجئ في مخيم النصيرات للنازحين بقطاع غزة (أ.ف.ب)
فلسطينيون يسيرون وسط الملاجئ في مخيم النصيرات للنازحين بقطاع غزة (أ.ف.ب)
TT

اجتماعات في مصر وتركيا... مساعٍ لتفكيك عقبات «اتفاق غزة»

فلسطينيون يسيرون وسط الملاجئ في مخيم النصيرات للنازحين بقطاع غزة (أ.ف.ب)
فلسطينيون يسيرون وسط الملاجئ في مخيم النصيرات للنازحين بقطاع غزة (أ.ف.ب)

توالت اجتماعات الوسطاء لدفع اتفاق وقف إطلاق النار في قطاع غزة، المتعثر حالياً، واستضافت القاهرة وأنقرة اجتماعين بشأن تنفيذ بنود الاتفاق، بعد لقاء موسع في مدينة ميامي الأميركية قبل نحو أسبوع بحثاً عن تحقيق اختراق جديد.

تلك الاجتماعات الجديدة في مصر وتركيا، يراها خبراء تحدثوا لـ«الشرق الأوسط» أنها بمثابة مساعٍ لتفكيك عقبات الاتفاق المتعثر، وشددوا على أن إسرائيل قد لا تمانع للذهاب للمرحلة الثانية تحت ضغوط أميركية؛ لكنها ستعطل مسار التنفيذ بمفاوضات تتلوها مفاوضات بشأن الانسحابات وما شابه.

وقال مكتب رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، في بيان: «بتوجيه من رئيس الوزراء، غادر منسق شؤون الأسرى والمفقودين، العميد غال هيرش، على رأس وفد ضم مسؤولين من الجيش وجهاز الأمن العام (الشاباك)، والموساد إلى القاهرة».

والتقى الوفد الإسرائيلي مسؤولين كباراً وممثلي الدول الوسيطة، وركزت الاجتماعات على الجهود وتفاصيل عمليات استعادة جثة الرقيب أول ران غوئيلي.

وسلمت الفصائل الفلسطينية منذ بدء المرحلة الأولى لوقف إطلاق النار في 10 أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، 20 أسيراً إسرائيلياً أحياء ورفات 27 آخرين، فيما تبقى رفات ران غوئيلي الذي تواصل «حماس» البحث عن رفاته، وتقول إن الأمر سيستغرق وقتاً نظراً للدمار الهائل في غزة، فيما ترهن إسرائيل بدء التفاوض لتدشين المرحلة الثانية من الاتفاق بتسلمها تلك الجثة.

وبالتزامن، أعلنت حركة «حماس»، في بيان، أن وفداً قيادياً منها برئاسة رئيس الحركة في قطاع غزة خليل الحية، قد التقى في أنقرة مع وزير الخارجية التركي، هاكان فيدان، في لقاء بحث «مجريات تطبيق اتفاق إنهاء الحرب على غزة والتطورات السياسية والميدانية».

وحذر الوفد من «استمرار الاستهدافات والخروقات الإسرائيلية المتكررة في قطاع غزة»، معتبراً أنها تهدف إلى «عرقلة الانتقال إلى المرحلة الثانية من الاتفاق وتقويض التفاهمات القائمة».

وجاء اللقاءان بعد اجتماع قبل نحو أسبوعٍ، جمع وسطاء اتفاق وقف إطلاق النار في مدينة ميامي الأميركية، وأفاد بيان مشترك عقب الاجتماع بأنه جارٍ مناقشة سبل تنفيذ الاتفاق.

ويرى الخبير في الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية، الدكتور سعيد عكاشة، أن اجتماعي القاهرة وأنقرة يأتيان في توقيت مهم بهدف دفع تنفيذ الاتفاق وإنهاء العقبات بشكل حقيقي، والوصول لتفاهمات تدفع واشنطن لزيادة الضغط على إسرائيل للدخول للمرحلة الثانية المعطلة، مشيراً إلى أن مسألة الرفات الأخير تبدو أشبه بلعبة لتحقيق مكاسب من «حماس» وإسرائيل.

فالحركة تبدو، كما يتردد، تعلم مكانها ولا تريد تسليمها في ضوء أن تدخل المرحلة الثانية تحت ضغط الوسطاء والوقت وفي يدها ورقة تتحرك بها نظرياً، وإسرائيل تستفيد من ذلك بالاستمرار في المرحلة الأولى دون تنفيذ أي التزامات جديدة مرتبطة بالانسحابات، وفق عكاشة.

ويعتقد المحلل السياسي الفلسطيني، الدكتور عبد المهدي مطاوع، أن هذه الاجتماعات تبحث كيفية سد الفجوات، خاصة أن الجثة تمثل عقبة حقيقية، مشيراً إلى أن لقاء «حماس» في تركيا يهدف لبحث ترتيبات نزع السلاح ودخول القوات الدولية، خاصة أن أنقرة تأمل أن يكون لها دور، وتعزز نفسها وعلاقاتها مع واشنطن.

صورة عامة للمنازل المدمرة في مخيم النصيرات بوسط قطاع غزة (أ.ف.ب)

ولا تزال إسرائيل تطرح مواقف تعرقل الاتفاق، وقال وزير الدفاع الإسرائيلي، إسرائيل كاتس، إن بلاده «لن تغادر غزة أبداً»، وإنها ستقيم شريطاً أمنياً داخل قطاع غزة لحماية المستوطنات، مشدداً على أنه يجب على «حماس» أن تتخلى عن السلاح، وإلا «فستقوم إسرائيل بهذه المهمة بنفسها»، وفق موقع «واي نت» العبري، الخميس.

فيما سعى رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، مساء الثلاثاء، إلى تحميل حركة «حماس» المسؤولية عن إصابة ضابط بالجيش الإسرائيلي في ‌انفجار عبوة ناسفة ‍في رفح، وانتهاك اتفاق ‌وقف إطلاق النار، الذي دخل حيز التنفيذ في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، لكن الحركة الفلسطينية أكدت أن الانفجار وقع في منطقة تسيطر عليها إسرائيل بالكامل، ورجحت أن يكون الحادث ناجماً عن «مخلفات الحرب».

وجاء اتهام نتنياهو لـ«حماس» قبل أيام من لقائه المرتقب مع الرئيس الأميركي دونالد ترمب في الولايات المتحدة. ونقلت تقارير عبرية أن نتنياهو يريد إقناع ترمب بتثبيت «الخط الأصفر» حدوداً دائمة بين مناطق سيطرة إسرائيل و«حماس»؛ ما يعني احتلال إسرائيل لـ58 في المائة من مساحة القطاع.

ويتوقع عكاشة أن تعلن إسرائيل بعد لقاء ترمب أنها لا تمانع من دخول المرحلة الثانية، ولكن هذا سيظل كلاماً نظرياً، وعملياً ستطيل المفاوضات بجدولها وتنفيذ بنودها، ويبقي الضغط الأميركي هو الفيصل في ذلك.

ووفقاً لمطاوع، فإن إسرائيل ستواصل العراقيل وسط إدراك من ترمب أنه لن يحل كل المشاكل العالقة مرة واحدة، وأن هذه الاجتماعات المتواصلة تفكك العقبات، وسيراهن على بدء المرحلة الثانية في يناير (كانون الثاني) المقبل، تأكيداً لعدم انهيار الاتفاق.