ما خيارات مصر مع تعثر مفاوضات «السد الإثيوبي»؟

اتهامات متبادلة بين القاهرة وأديس أبابا

الوفد المصري خلال الجولة الثانية من مفاوضات «سد النهضة» في أديس أبابا (مجلس الوزراء المصري)
الوفد المصري خلال الجولة الثانية من مفاوضات «سد النهضة» في أديس أبابا (مجلس الوزراء المصري)
TT
20

ما خيارات مصر مع تعثر مفاوضات «السد الإثيوبي»؟

الوفد المصري خلال الجولة الثانية من مفاوضات «سد النهضة» في أديس أبابا (مجلس الوزراء المصري)
الوفد المصري خلال الجولة الثانية من مفاوضات «سد النهضة» في أديس أبابا (مجلس الوزراء المصري)

أثيرت تساؤلات خلال الساعات الأخيرة عن خيارات مصر المرتقبة مع تعثر مفاوضات «سد النهضة» الإثيوبي، وذلك عقب إخفاق الجولة الثانية من المباحثات التي جرت في أديس أبابا في «إحراز أي تقدم». في حين قلل خبراء مصريون من «جدوى استمرار المسار التفاوضي بين مصر والسودان وإثيوبيا»، وطالبوا بـ«تدخل أطراف دولية على خط المحادثات، خصوصاً مع إعلان الجانب الإثيوبي مواصلة المفاوضات الثلاثية في أكتوبر (تشرين الأول) المقبل في القاهرة».

وردّت إثيوبيا على اتهام مصر لها بأنها «وراء عدم تحقيق أي تقدم في المفاوضات»، وقالت وزارة الخارجية الإثيوبية، الاثنين، في بيان عبر صفحتها على «فيسبوك»، إن «الجانب المصري هو السبب في عدم إحراز تقدم في المفاوضات بشأن (سد النهضة) التي اختتمت في أديس أبابا (الأحد)».

وأشار بيان «الخارجية الإثيوبية» إلى أن مصر «تتبني موقفاً يقوض إعلان المبادئ الموقَّع في عام 2015»، على حد وصف البيان. وأضاف أن «هدف المفاوضات الثلاثية الحالية وضع اللمسات الأخيرة على قواعد الملء الأول والتشغيل السنوي لـ(سد النهضة)».

وكانت مصر قد أعلنت (مساء الأحد) انتهاء جولة التفاوض الجديدة بين مصر والسودان وإثيوبيا بشأن «سد النهضة» «من دون تقدم يذكر»، على حد قول المتحدث باسم وزارة الري المصرية، محمد غانم. وأضاف متحدث «الري المصرية» في بيان أن أديس أبابا مستمرة في «رفض الأخذ بأي من الحلول الوسط المطروحة، وكذا الترتيبات الفنية المتفق عليها دولياً التي من شأنها تلبية المصالح الإثيوبية اتصالاً بـ(سد النهضة) دون الافتئات على حقوق ومصالح دولتي المصب». وأكد البيان مواصلة الوفد المصري «التفاوض بجدية، بناءً على محددات واضحة، تتمثل في الوصول لاتفاق (قانوني ملزم) على قواعد ملء وتشغيل (سد النهضة)، على النحو الذي يحفظ مصالح مصر الوطنية، ويحمي أمنها المائي واستخداماتها المائية، ويحقق في الوقت نفسه مصالح الدول الثلاث، بما في ذلك المصالح الإثيوبية المُعلنة».

وشدد البيان على أنه «بات من الضروري التحلي بالإرادة السياسية والجدية اللازمتين للتوصل بلا إبطاء إلى اتفاق، وذلك في الإطار الزمني المتفق عليه بين الدول الثلاث بناءً على لقاء قيادتي مصر وإثيوبيا» في يوليو (تموز) الماضي.

واتفقت مصر وإثيوبيا على جولة جديدة من المفاوضات تستمر 4 أشهر، وذلك بعد لقاء جمع الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي ورئيس الوزراء الإثيوبي آبي أحمد على هامش قمة دول جوار السودان في القاهرة يوليو الماضي.

وزير الموارد المائية والري المصري الأسبق، محمد نصر الدين علام، قال لـ«الشرق الأوسط» إن «التعنت الإثيوبي مستمر على مدار 12 عاماً، وما زالت إثيوبيا تعرقل الجهود الكبيرة المبذولة للتوصل إلى اتفاق يرضي الجميع، وذلك رغم أن التوصل لهذا الاتفاق سوف يؤدي إلى تحقيق الاستقرار والتنمية للدول الثلاث، وللمنطقة كلها».

ويرى علام أن «الأمر وصل لمرحلة لا بد أن يكون فيها جديد، وألا يتجمد عند هذا الحد؛ لأنه سيؤدي لضرر وتعطل للمصالح الدولية والإقليمية»، مؤكداً أنه يجب تصحيح المسار التفاوضي إذا كانت النيات السياسية صادقة، لكون «نسب الفشل حالياً أكبر من نسب النجاح».

وحول الخيارات المطروحة مستقبلاً، توقع علام «تدخل القيادة الإثيوبية لتوجيه الوفد الإثيوبي ليكون أكثر (إيجابية)، وتصحيح مسار المفاوضات وجعلها مثمرة»، مضيفاً: «قد نرى تواصلاً بين القيادة السياسية للدولتين، وكذلك مع بعض قيادات قوى إقليمية ودولية»، لافتاً إلى الدور الأميركي في هذا الإطار للتوصل إلى حلول، لأن الحل سيكون في صالح الجميع وأولهم إثيوبيا».

وهنا يرى أستاذ الجيولوجيا والموارد المائية بجامعة القاهرة، عباس شراقي، أن ما ظهر خلال الجولتين الماضيتين من المفاوضات هو عدم وجود أطراف دولية وأجنبية خلالها، ولو بصفتهم مراقبين، لذا «أصبح الوصول إلى حل أمراً صعباً»، مضيفاً لـ«الشرق الأوسط» أن ادعاء الجانب الإثيوبي بتمسك مصر بمعاهدة قديمة هو «كلام غير مقبول وغير منطقي، لأن الاتفاقات لا تنتهي بالقدم».

واقترح شراقي «وجود أطراف دولية في الجولات المقبلة، مثل الاتحاد الأوروبي أو البنك الدولي أو أميركا وروسيا كأحد الخيارات»، مؤكداً «أهمية التمسك بهذا الخيار، مع توافق الدول الثلاث عليه؛ لأن هذه الأطراف يمكنها الاستماع واقتراح حلول وسط للجميع». وأضاف: «في حالة رفض إثيوبيا وجود الأطراف الدولية، فعلى مصر أن تعلن (فشل المفاوضات) بشكل نهائي، لأنه لن تكون لها جدوى، ويكون الخيار التالي هو العودة لمجلس الأمن مرة أخرى، ولا يكون التقدم المصري إليه مثل المرة الأولى حول قضية المياه وتخزينها؛ لكن يكون على هيئة كونه مشروعاً قد يكون مُعرضاً للانهيار، ما يهدد الأمن والسلم في مصر والسودان».


مقالات ذات صلة

​«سد النهضة»: إثيوبيا تدعو إلى «حوار»... ومصر تشدد على «اتفاقٍ ملزم»

شمال افريقيا جانب من إنشاءات «سد النهضة» (أ.ف.ب)

​«سد النهضة»: إثيوبيا تدعو إلى «حوار»... ومصر تشدد على «اتفاقٍ ملزم»

دعا رئيس الوزراء الإثيوبي آبي أحمد مصر والسودان إلى الحوار بشأن قضية «سد النهضة» في وقت تصر القاهرة على ضرورة إبرام اتفاق قانوني ملزم

أحمد إمبابي (القاهرة)
أفريقيا آبي أحمد يتفقد سير العمل بمشروع سد النهضة (حساب رئيس وزراء إثيوبيا على «إكس»)

إثيوبيا تعلن أنها ستدشن سد النهضة خلال الأشهر الستة المقبلة

قال رئيس الوزراء الإثيوبي، الخميس، إن سد النهضة موضع الخلاف على النيل الأزرق سيدشن «خلال الأشهر الستة المقبلة».

«الشرق الأوسط» (أديس أبابا)
شمال افريقيا «سد النهضة» الإثيوبي (حساب رئيس الوزراء الإثيوبي على إكس)

ما سيناريوهات مصر للتعامل مع احتمال انهيار «سد النهضة»؟

أبدى وزير الموارد المائية والري المصري، هاني سويلم، قلق بلاده من احتمال انهيار «سد النهضة» الإثيوبي، متحدثاً عن مؤشرات تثير القلق بشأن متانة السد.

أحمد إمبابي (القاهرة)
شمال افريقيا اجتماع تشاوري لوزراء الخارجية والري في مصر والسودان بالقاهرة (الخارجية المصرية)

مصر والسودان يحذران من استدراج دول حوض النيل إلى نزاع «سد النهضة»

أكدت مصر والسودان، إصرارهما على التوصل إلى «حلول سلمية وسياسية»، في النزاع القائم حول «سد النهضة» الإثيوبي، مع ضرورة إبقاء الخلاف بين الدول الثلاث.

أحمد إمبابي (القاهرة)
شمال افريقيا وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي يستقبل نطيره السوداني علي يوسف في القاهرة (أ.ف.ب)

بيان مصري سوداني: الملء الأحادي لسد النهضة يمثل «مخاطر جدية» خاصة على أمان السد

أكد بيان مصري سوداني، اليوم الاثنين، أن الملء الأحادي لسد النهضة الإثيوبي يمثل «مخاطر جدية» لا سيما المتعلقة بأمان السد، مشدداً على ضرورة التوصل لحلول سلمية.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)

ضمن خطتها لخفض المديونية... «جبل عمر» السعودية تبيع أرضاً بمكة بـ304 ملايين دولار 

زوار في جناح شركة «جبل عمر» خلال مؤتمر ومعرض الحج (إكس)
زوار في جناح شركة «جبل عمر» خلال مؤتمر ومعرض الحج (إكس)
TT
20

ضمن خطتها لخفض المديونية... «جبل عمر» السعودية تبيع أرضاً بمكة بـ304 ملايين دولار 

زوار في جناح شركة «جبل عمر» خلال مؤتمر ومعرض الحج (إكس)
زوار في جناح شركة «جبل عمر» خلال مؤتمر ومعرض الحج (إكس)

أعلنت شركة «جبل عمر» المطورة للمناطق المحيطة بالحرم المكي توقيع عقد بيع قطعة أرض بمساحة 6001 متر مربع ضمن مشروعها في مدينة مكة المكرمة. وذكرت في بيان أن قيمة الصفقة بلغت 1.14 مليار ريال (304 ملايين دولار)، لصالح شركة «أزهر»، دون وجود أي شروط خاصة متعلقة بالصفقة. وأوضحت أن القيمة الدفترية للأرض تبلغ 255.9 مليون ريال (68.25 مليون دولار) شاملة تكلفة التطوير. وأٌنها أقدمت على بيعها لتحسين هيكل رأس المال من خلال خفض المديونية وتمويل المشروعات القائمة.

زيادة رأس المال

وكانت «هيئة السوق المالية» وافقت مؤخراً على طلب الشركة زيادة رأسمالها عن طريق تحويل ديون قدرها 547.5 مليون ريال (146 مليون دولار). وقالت «جبل عمر» إن هذه الصفقة ستسهم في تعزيز وضعها المالي، ومن المتوقع أن يكون لها أثر إيجابي على النتائج المالية للشركة بعد إتمام عملية البيع. وهبط سهم الشركة عقب إعلان الصفقة بنحو 1 في المائة إلى 26 ريالاً. وتراجع على مدى عام بنحو 15 في المائة.

تحول إلى الربحية

هذا وتحوَّلت «جبل عمر» إلى الربحية في الرُّبع الرابع من 2024، بنحو 315.38 مليون ريال، مقارنة بخسائر نحو 200.07 مليون في الفترة ذاتها من 2023. وضاعفت أرباحها بنحو 5 مرات في 2024 على أساس سنوي. يذكر أن شركة «جبل عمر» للتطوير هي شركة سعودية متخصصة في التطوير العقاري، تأسست عام 2006 ويبلغ رأسمالها 11.545 مليار ريال (3.08 مليار دولار). وتركز الشركة على تطوير المشروعات العقارية المتكاملة في مكة المكرمة، وأبرز مشروعاتها تطوير منطقة جبل عمر بالقرب من المسجد الحرام، حيث تدير فنادق عالمية ومجمعات سكنية وتجارية.