السودان: الحركة الشعبية ترفض أحكامًا ضد كوادرها وتعتبر القضاء «مسيسًا»

معارك بين الجبهة الثورية والقوات الحكومية تسفر عن سقوط مائتي قتيل

السودان: الحركة الشعبية ترفض أحكامًا ضد كوادرها وتعتبر القضاء «مسيسًا»
TT

السودان: الحركة الشعبية ترفض أحكامًا ضد كوادرها وتعتبر القضاء «مسيسًا»

السودان: الحركة الشعبية ترفض أحكامًا ضد كوادرها وتعتبر القضاء «مسيسًا»

قالت الحركة الشعبية في السودان إنها تصدت إلى فيلق تابع للقوات الحكومية وميليشيات الدعم السريع التابعة لها في منطقة جبل كيلقو بالنيل الأزرق، ودخلت معها في معارك استمرت يومين، أسفرت عن مقتل مائتين في صفوف الجيش الحكومي والميليشيات، فيما قتل من طرفها جندي وجرح 12 آخرون، لكن لم يتسنّ الحصول على رد فوري من المتحدث باسم الجيش، أو أي مسؤول حكومي للتعليق على هذه المزاعم.
وتعتبر هذه المعركة الثالثة خلال أسبوع، رغم إعلان الرئيس السوداني عمر البشير عن وقف إطلاق النار أواخر الشهر الماضي في مناطق الحرب بالنيل الأزرق، وجنوب كردفان ودارفور، لمدة شهرين، من أجل تهيئة الأجواء لإجراء الحوار الوطني، الذي يتوقع أن ينطلق في أكتوبر (تشرين الأول) المقبل، وفي المقابل أعلنت الجبهة الثورية عن موافقتها على وقف الأعمال العدائية لمدة ستة أشهر في هذه المناطق لأغراض إنسانية.
ويضم تحالف الجبهة الثورية الحركات المسلحة التي تقاتل في دارفور منذ 12 عامًا، والحركة الشعبية التي دخلت في حرب ضد الحكومة المركزية منذ أربع سنوات في منطقتي جنوب كردفان والنيل الأزرق، وقد وقعت الجبهة الثورية مع حزب الأمة القومي المعارض، بزعامة الصادق المهدي وقوى الإجماع الوطني التي تشمل أحزابا يسارية، على إعلان تحالف في العاصمة الإثيوبية أديس أبابا في نهاية العام الماضي، أطلق عليه قوى نداء السودان، ويطالب هذا التحالف بإسقاط النظام عبر الوسائل السلمية.
وقال أرنو نقوتلو لودي، المتحدث الرسمي باسم الحركة الشعبية والجيش الشعبي لتحرير السودان - شمال، في بيان تلقت «الشرق الأوسط» نسخة منه إن قوات الجبهة الثورية، تصدت لهجوم شنه فيلق تابع للقوات المسلحة وميليشيا الدعم السريع والدفاع الشعبي، مشيرًا إلى أنه تم إحضار هذه القوات من إقليم دارفور، وأن معارك عنيفة دارت بين الطرفين في جبل كيلقو، كما أوضح أن الجيش الحكومي تكبد خسائر في الأرواح بلغت نحو 200 قتيل، إضافة إلى تدمير دبابتين من طراز «تي 55»، والاستيلاء على عدد من الأسلحة الثقيلة والخفيفة.
وقال لودي إن إعلان وقف إطلاق النار من جانب الحكومة السودانية عبارة عن كذبة وخدعة أرادت بها الحكومة تحقيق مكاسب على الأرض، ومواصلة الانتهاكات والجرائم ضد المواطنين في مناطق الحرب بجنوب كردفان، والنيل الأزرق ودارفور، وأضاف موضحا أن «الجيش الشعبي كان للقوات الحكومية وميليشيات حزب المؤتمر الوطني الحاكم بالمرصاد.. ولم يكن الهجوم الذي وقع في النيل الأزرق هو الوحيد بعد إعلان البشير وقف إطلاق النار، بل يعتبر الثالث في أقل من أسبوع، حيث قصف الطيران الحكومي منطقتي طورجي وانقولو في مقاطعة البرام جنوب كردفان، وأحدث دمارًا للمحاصيل»، وشدد على أن «الخرطوم تحاول أن تخدع المجتمع الإقليمي والدولي بإعلانات وقف إطلاق النار لا يتم تنفيذها على الإطلاق.. النظام لا يحترم إعلاناته وتعهداته، ونحن تعودنا على ذلك لأكثر من ربع قرن».
إلى ذلك، قال المتحدث باسم ملف التفاوض للحركة الشعبية مبارك اردول إن السلطات القضائية أصدرت أحكامًا بالإعدام والسجن المؤبد لكوادر الحركة البالغ عددهم 52 كادرًا، وفي مقدمتهم رئيسها مالك عقار، وأمينها العام ياسر عرمان اللذين صدر في حقهما حكمًا بالإعدام، معتبرًا أن القضاء السوداني أصبح مسيسًا ويعمل بأوامر النظام الحاكم والأجهزة الأمنية والسياسية، وقال بهذا الخصوص: «القضاء الآن لا تتوفر فيه أبسط قيم العدالة والقانون، ويصدر أحكامه وفق الأوامر التي تأتيه من الأجهزة الأمنية.. وأحكام الإعدام التي صدرت ضد رئيس الحركة مالك عقار وأمينها العام جزء من ضريبة دفعها الآلاف من كوادر الحركة الشعبية والمدنيين، وهذا لن يثنيها عن انحيازها إلى جانب الشعب السوداني، ومطالبه العادلة في الديمقراطية وتحقيق دولة المواطنة بلا تمييز».
وكانت السلطات الحكومية قد ألقت القبض على كوادر الحركة الشعبية عند اندلاع الحرب في ولاية النيل الأزرق في سبتمبر (أيلول) 2011، وسبقتها ولاية جنوب كردفان في يوليو (تموز) في العام ذاته، وقد تم تقديمهم إلى المحكمة وصدرت ضد بعضهم أحكام بالإعدام لاثنين من هذه الكوادر والسجن المؤبد لثلاثة آخرين.



«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
TT

«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)

بعد مرور نحو أسبوع على سقوط نظام بشار الأسد في سوريا، يفضل اللاجئون والمهاجرون السوريون في مصر التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة إلى بلادهم التي تمر بمرحلة انتقالية يشوبها الكثير من الغموض.

ويتيح تغيير نظام الأسد وتولي فصائل المعارضة السورية السلطة الانتقالية، الفرصة لعودة المهاجرين دون ملاحقات أمنية، وفق أعضاء بالجالية السورية بمصر، غير أن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين في القاهرة ترى أنه «من المبكر التفكير في عودة اللاجئين المسجلين لديها، إلى البلاد حالياً».

وازدادت أعداد السوريين في مصر، على مدى أكثر من عقد، مدفوعة بالتطورات السياسية والأمنية في الداخل السوري؛ إذ ارتفع عدد السوريين المسجلين لدى مفوضية اللاجئين إلى نحو 148 ألف لاجئ، غير أن تلك البيانات لا تعكس العدد الحقيقي للجالية السورية بمصر؛ إذ تشير المنظمة الدولية للهجرة إلى أن تعدادهم يصل إلى 1.5 مليون.

ولم تغير تطورات الأوضاع السياسية والأمنية في الداخل السوري من وضعية اللاجئين السوريين بمصر حتى الآن، حسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في القاهرة، كريستين بشاي، التي قالت في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» إن «السوريين المسجلين كلاجئين لدى المفوضية يتلقون خدماتهم بشكل طبيعي»، مشيرة إلى أنه «لا يوجد أي إجراءات حالية لمراجعة ملف اللاجئين المقيمين بمصر، تمهيداً لعودتهم».

وتعتقد بشاي أنه «من المبكر الحديث عن ملف العودة الطوعية للاجئين السوريين لبلادهم»، وأشارت إلى إفادة صادرة عن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين مؤخراً، تدعو السوريين في الخارج لـ«التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة لبلادهم».

وكانت مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين قد نصحت المهاجرين السوريين في الخارج «بضرورة التحلي بالصبر واليقظة، مع قضية العودة لديارهم». وقالت، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إن «ملايين اللاجئين يواصلون تقييم الأوضاع قبل اتخاذ قرار العودة»، وأشارت إلى أن «الصبر ضروري، على أمل اتخاذ التطورات على الأرض منحى إيجابياً، ما يتيح العودة الطوعية والآمنة والمستدامة».

ووعدت المفوضية، في بيانها، بـ«مراقبة التطورات بسوريا، مع الانخراط مع مجتمعات اللاجئين، لدعم الدول في مجال العودة الطوعية والمنظمة، وإنهاء أزمة النزوح القسري الأكبر في العالم»، وأشارت في الوقت نفسه إلى أن «الاحتياجات الإغاثية داخل سوريا لا تزال هائلة، في ظل البنية التحتية المتهالكة، واعتماد أكثر من 90 في المائة من السكان على المساعدات الإنسانية».

وحسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية اللاجئين في القاهرة، يمثل اللاجئون السوريون المسجلون لدى المفوضية نحو 17 في المائة من تعداد اللاجئين في مصر، بواقع 148 ألف لاجئ سوري، من نحو 863 ألف لاجئ من أكثر من 60 جنسية. ويأتي ترتيبهم الثاني بعد السودانيين.

وباعتقاد مدير عام مؤسسة «سوريا الغد»، ملهم الخن، (مؤسسة إغاثية معنية بدعم اللاجئين السوريين في مصر)، أن «قضية عودة المهاجرين ما زال يحيطها الغموض»، مشيراً إلى «وجود تخوفات من شرائح عديدة من الأسر السورية من التطورات الأمنية والسياسية الداخلية»، ورجّح «استمرار فترة عدم اليقين خلال الفترة الانتقالية الحالية، لنحو 3 أشهر، لحين وضوح الرؤية واستقرار الأوضاع».

ويفرق الخن، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، بين 3 مواقف للمهاجرين السوريين في مصر، تجاه مسألة العودة لبلادهم، وقال إن «هناك فئة المستثمرين، وأصحاب الأعمال، وهؤلاء تحظى أوضاعهم باستقرار ولديهم إقامة قانونية، وفرص عودتهم ضئيلة».

والفئة الثانية، حسب الخن، «الشباب الهاربون من التجنيد الإجباري والمطلوبون أمنياً، وهؤلاء لديهم رغبة عاجلة للعودة، خصوصاً الذين تركوا أسرهم في سوريا»، أما الثالثة فتضم «العائلات السورية، وهؤلاء فرص تفكيرهم في العودة ضعيفة، نظراً لارتباط أغلبهم بتعليم أبنائهم في المدارس والجامعات المصرية، وفقدان عدد كبير منهم منازلهم بسوريا».

وارتبط الوجود السوري في مصر باستثمارات عديدة، أبرزها في مجال المطاعم التي انتشرت في مدن مصرية مختلفة.

ورأى كثير من مستخدمي مواقع «السوشيال ميديا» في مصر، أن التغيير في سوريا يمثّل فرصة لعودة السوريين لبلادهم، وتعددت التفاعلات التي تطالب بعودتهم مرة أخرى، وعدم استضافة أعداد جديدة بالبلاد.

وتتيح مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، مساعدات لراغبي العودة الطوعية من اللاجئين، تشمل «التأكد من أن العودة تتم في ظروف آمنة، والتأكد من أن الأوضاع في البلد الأصلي آمنة»، إلى جانب «تقديم دعم نقدي لتغطية النفقات الأساسية والسفر»، حسب مكتب مفوضية اللاجئين في مصر.

ويرى مسؤول الائتلاف الوطني السوري، عادل الحلواني، (مقيم بمصر)، أن ملف عودة المهاجرين «ليس أولوية في الوقت الراهن»، مشيراً إلى أن «جميع السوريين يترقبون التطورات الداخلية في بلادهم، والهدف الأساسي هو عبور سوريا الفترة الانتقالية بشكل آمن»، معتبراً أنه «عندما يستشعر المهاجرون استقرار الأوضاع الداخلية، سيعودون طواعية».

وأوضح الحلواني، لـ«الشرق الأوسط»، أن «حالة الضبابية بالمشهد الداخلي، تدفع الكثيرين للتريث قبل العودة»، وقال إن «الشباب لديهم رغبة أكثر في العودة حالياً»، منوهاً بـ«وجود شريحة من المهاجرين صدرت بحقهم غرامات لمخالفة شروط الإقامة بمصر، وفي حاجة للدعم لإنهاء تلك المخالفات».

وتدعم السلطات المصرية «العودة الآمنة للاجئين السوريين إلى بلادهم»، وأشارت الخارجية المصرية، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إلى أن «القاهرة ستواصل العمل مع الشركاء الإقليميين والدوليين لتقديم يد العون والعمل على إنهاء معاناة الشعب السوري الممتدة، وإعادة الإعمار، ودعم عودة اللاجئين، والتوصل للاستقرار الذي يستحقه الشعب السوري».