شون بن يهدي «حبيبته أوكرانيا» فيلماً بطلُه زيلينسكي

الممثل الأميركي يوثّق يوميات الحرب من قلب الجبهات المشتعلة

الممثل الأميركي شون بن في أحد شوارع كييف برفقة الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي (أ.ب)
الممثل الأميركي شون بن في أحد شوارع كييف برفقة الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي (أ.ب)
TT

شون بن يهدي «حبيبته أوكرانيا» فيلماً بطلُه زيلينسكي

الممثل الأميركي شون بن في أحد شوارع كييف برفقة الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي (أ.ب)
الممثل الأميركي شون بن في أحد شوارع كييف برفقة الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي (أ.ب)

ليس الممثل والمخرج الأميركي شون بن غريباً عن الأحداث التي تهزّ العالم. غالباً ما ينتزع قناع التمثيل لينخرط في أنشطة سياسية وإنسانية، وهذا ما فعله عام 2005 عندما هرع إلى نجدة ضحايا الإعصار «كاترينا» في ولاية لويزيانا الأميركية. أما سنة 2010 وبعد الزلزال المدمّر الذي ضرب هايتي، فقد أسّس منظّمة لمساعدة البلد المنكوب وأهله، كما واكب الحدث بالصوت والصورة ضمن وثائقي «Citizen Penn» (المواطن بن).

تمتزج الاهتمامات الإنسانية لدى بن مع حسٍ صحافي بارز غالباً ما يضعه في قلب الأحداث، ويجذبه إلى مواقع بالغة الخطورة. دخل إلى أوكرانيا عام 2021 من دون خوذة ولا سترة مضادّة للرصاص، ليخرج منها بعد سنتين مراسلاً حربياً واكب الأوكرانيين ورئيسَهم، فأهداهم فيلماً وثائقياً بعنوان «Superpower» (قوّة عظمى).

انطلق بثّ «Superpower»، ومدّته ساعتان، على مجموعة من شاشات التلفزة الأوكرانيّة منذ أيام. أما العرض العالمي فتتولّاه منصّة «باراماونت بلاس» الأميركيّة.

قبل 3 أشهر من اندلاع الحرب الروسية على أوكرانيا في فبراير (شباط) 2022. شدّ الممثل الحائز على جائزتَي أوسكار رحالَه صوب كييف. كان يلبّي حينها نداء فضوله لمعرفة المزيد عن فولوديمير زيلينسكي؛ الممثل الذي تحوّل رئيساً للجمهوريّة.

عقد بن النيّة على صناعة وثائقي عن شخصية زيلينسكي الخارجة عن المألوف، من خلال مقابلاتٍ معه ومع المحيطين به ومع الأوكرانيين عموماً. حُدّد اللقاء الأوّل بين الرجلَين في 23 فبراير، أي قبل يومٍ واحد من بدء الاجتياح الروسي لأوكرانيا.

التقى بن وزيلينسكي مجدّداً في اليوم التالي، ليشهد الفريق الأميركي على تساقط الصواريخ فوق كييف، ويوثّق ما استطاع من لحظات تاريخيّة. كما لو أنّ القدر شاء أن تضرب الحرب موعداً مع بن، الذي لا يتردّد بالارتماء في أحضان المخاطر.

ملصق الفيلم الوثائقي Superpower من إخراج شون بن وبطولته

بشكلٍ مفاجئ ودراماتيكيّ، تبدّل السيناريو الذي كان قد وضعه بن لفيلمه، فارتأى مواكبة الأحداث بدل العودة إلى الولايات المتحدة الأميركية. وفي اللحظة التي سقطت أولى القنابل على كييف، كان بن موجوداً مع زيلينسكي، على ما يُظهر أحد مشاهد الوثائقي.

أبعد من مقرّ الرئاسة الأوكرانية يذهب بن وفريقه. يوثّقون رحلتهم إلى الخطوط الأماميّة والجبهات المشتعلة؛ حيث يواكبون الجنود الأوكرانيين ويلاصقونهم في الخنادق وعلى المتاريس، في وقتٍ يرابض الجنود الروس على بُعد عشرات الأمتار. تجول الكاميرا كذلك وسط حطام ما تبقّى من أوكرانيا، تزور البيوت المشلّعة، تحتكّ بطوابير النازحين، وتستطلع آراء الناس في الشوارع حول الحرب وزيلينسكي.

ينفّذ الفريق، بقيادة بن وشريكه المخرج آرون كوفمان، عملاً توثيقيّاً مفصّلاً ومحترفاً، غير أنه بعيدٌ كل البُعد عن الحياد. لم يكن هذا الأمر أصلاً ضمن حسابات بن، فهو دخل المشروع معجباً بشخص زيلينسكي حتى قبل اندلاع الحرب. ثم اشتعلت النيران حوله، لتوقدَ حبّه أكثر للأوكرانيين ورئيسهم الذي يصفه بن بـ«تجسيد الأمل».

عاون بن في الوثائقي المخرج آرون كوفمان (أ.ب)

خلال سنة ونصف، سافر بن والفريق إلى أوكرانيا سبع مرّات، وفي كل مرّة كان يكشف المزيد عن إعجابه الكبير بشعبها. وفي مقابلة مع مجلّة People الأميركية، يقول إنه خلال التصوير وقع في غرام البلد وناسه. وهو لا يتردّد في الإفصاح عن هدف الفيلم: «لا نريد أن نبثّ معلومات للمشاهدين فحسب، بل نتطلّع إلى تركِ أثر وإحداث فرق». ويضيف أنه يأمل في أن يلمس «Superpower» السياسيين الأميركيين، كي ينخرطوا أكثر في مساعدة أوكرانيا في قتالها ضدّ الاجتياح الروسي.

أما عن زيلينسكي الذي جمعته به مقابلاتٌ عدّة خلال الوثائقي من بينها واحدة في إحدى حدائق كييف العامّة، فيقول بن إنه كان متعاوناً جداً، كما فتح الطريق أمامه إلى مواقع حصريّة في أوج أيام الحرب.

زيلينسكي وبن خلال تصوير وثائقي «Superpower» في أوكرانيا (أ.ف.ب)

يعود «Superpower» الذي يرويه بن بصوته إلى أرشيف زيلينسكي، فيستعين بمشاهد من أفلامه يوم كان ممثلاً محترفاً. ومن حقبة «ثورة الكرامة الأوكرانيّة» عام 2014، يستقي الوثائقي عدداً من المشاهد، ما يمنحه بُعداً تاريخيّاً. ويكمّل بن ذلك من خلال مقابلات يجريها مع خبراء في الشأن الأوكراني، مثل السفير الأميركي السابق في أوكرانيا ستيفن بايفر، ورئيس بلدية كييف فيتالي كليتشكو، وسواهم من مسؤولين. للشارع صوتُه كذلك في الوثائقي؛ حيث يستمع بن إلى آراء الناس في الحرب وفي رئيسهم.

إحدى نقاط الذروة في الفيلم هي إطلالة بن في برنامج شون هانيتي على شبكة «فوكس نيوز» الأميركية. وكان هانيتي قد سبق أن وصف بن بـ«عدوّ أميركا». إلا أن الممثل جلس إلى طاولة البرنامج، مواجهاً الإعلامي بالقول إنه لا يثق به وإنه موجود معه للحديث حصراً عن «شجاعة الشعب الأوكراني في قتاله من أجل حريته». وفي نهاية الحلقة، تمكّن بن من انتزاع إقرار هانيتي بوجوب مساعدة الولايات المتحدة لأوكرانيا، من أجل إلحاق الهزيمة بروسيا.

أوسكار من بن لزيلينسكي قدّمه إليه في نوفمبر 2022 (أ.ف.ب)

انخرط شون بن عاطفياً ومهنياً في الصراع الروسي – الأوكراني. بذل من أجله كثيرا، بما في ذلك أغلى إنجازاته الفنية؛ جائزتَي الأوسكار اللتَين فاز بهما خلال مسيرته. قدّم لزيلينسكي التمثال المذهّب في مكتبه الرئاسي في كييف، وصرّح حينذاك بأنه يفكّر جدياً بتذويب الجائزتين وتحويلهما إلى رصاصٍ يستخدمه الجيش الأوكراني في قتاله.


مقالات ذات صلة

تقرير: ترمب طلب نصيحة بوتين بشأن تسليح أوكرانيا في عام 2017

الولايات المتحدة​ الرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب خلال لقاء سابق مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين (رويترز)

تقرير: ترمب طلب نصيحة بوتين بشأن تسليح أوكرانيا في عام 2017

كشف تقرير صحافي أن الرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب طلب نصيحة الرئيس الروسي فلاديمير بوتين بشأن تسليح الولايات المتحدة لأوكرانيا في عام 2017.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
شؤون إقليمية رئيس البرلمان التركي نعمان كورتولموش (من حسابه في «إكس»)

رئيس البرلمان التركي: لا مفاوضات لحل أزمة أوكرانيا من دون روسيا

أكد رئيس البرلمان التركي نعمان كورتولموش ضرورة إدراك أميركا وبعض الدول الأوروبية استحالة نجاح أي مفاوضات لإنهاء الحرب في أوكرانيا من دون روسيا.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
أوروبا زيلينسكي يصافح الرئيس الأميركي جو بايدن على هامش اجتماعات الجمعية العامة بنيويورك في 25 سبتمبر (أ.ف.ب)

زيلينسكي يستعدّ لطرح «خطة النصر» في اجتماع الحلفاء الأسبوع المقبل

أعلن الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي أن بلاده ستطرح «خطة النصر» في اجتماع دوري لحلفائها في رامشتاين بألمانيا.

«الشرق الأوسط» (كييف)
يوميات الشرق المراهقة تواجه تهمة القتل غير العمد وهي حالياً قيد الاحتجاز الوقائي (رويترز)

صدمة في الرأس وكدمات ونزيف... مراهقة عائدة من أوكرانيا تضرب جدتها حتى الموت

وُجهت اتهامات لفتاة أوكرانية تبلغ من العمر 14 عاماً انتقلت مؤخراً إلى ولاية فلوريدا الأميركية بصفتها شخصاً بالغاً بعدما ضربت جدتها البالغة من العمر 79 عاماً حتى

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
أوروبا مبنى الكرملين في موسكو (رويترز)

 روسيا: المواجهة الحالية مع الغرب لم يسبق لها مثيل في التاريخ

قال دبلوماسي روسي كبير اليوم الخميس إن المواجهة الحالية بين بلاده والغرب بشأن أوكرانيا لم يسبق لها مثيل في التاريخ وإن أي خطأ قد يؤدي إلى كارثة.

«الشرق الأوسط» (موسكو)

عائلة بريطانية تريد شراء مزرعة للتنقيب عن جثة

أنفقت الشرطة 160 ألف جنيه إسترليني في إجراءات البحث (أ.ب)
أنفقت الشرطة 160 ألف جنيه إسترليني في إجراءات البحث (أ.ب)
TT

عائلة بريطانية تريد شراء مزرعة للتنقيب عن جثة

أنفقت الشرطة 160 ألف جنيه إسترليني في إجراءات البحث (أ.ب)
أنفقت الشرطة 160 ألف جنيه إسترليني في إجراءات البحث (أ.ب)

تسعى عائلة امرأة اختُطفت وقُتلت في مزرعة، إلى شراء الأرض للتنقيب عن جثتها بعد 55 عاماً من مقتلها.

يُذكر أنه لم يجرِ العثور على جثة موريال ماكاي منذ مقتلها عام 1969 في مزرعة ستوكينغ، بالقرب من منطقة بيشوبس ستورتفورد، في هيرتفوردشاير، وفق «بي بي سي» البريطانية.

وأنفقت شرطة العاصمة 160 ألف جنيه إسترليني في إجراءات البحث، التي استمرت لمدة ثمانية أيام في الموقع، خلال يوليو (تموز) الماضي، لكن الجهود لم تسفر عن شيء، في النهاية.

وقال مارك داير، وهو حفيد السيدة ماكاي، إنه مستعد لدفع أكثر من مليون جنيه إسترليني لشراء ما وصفه بأنه «أكثر مكان شرير على وجه الأرض».

واعترف داير بأن ذلك سيكون «أمراً صعباً» من الناحية العاطفية، لكنه قال إنه قد يكون ضرورياً للوصول إلى نهاية القصة.

وجَرَت عمليات التنقيب، في يوليو، بعد أن قدّم آخِر القتلة الباقين على قيد الحياة، والذي يعيش الآن في ترينيداد، معلومات عن مكان دفن السيدة ماكاي المزعوم، غير أن السلطات لم تسمح لنظام الدين حسين بالعودة إلى المملكة المتحدة، للمساعدة في عملية البحث، وهو ما عدَّته عائلة الضحية يشكل عائقاً أمام جهود البحث.

وفي تصريح لهيئة الإذاعة البريطانية «بي بي سي»، قال إيان ماكاي، ابن الضحية: «يعتمد كل ذلك على رغبة مالك المزرعة في البيع»، مضيفاً أن «شراء مزرعة روكس فارم سيكون استجابة عاطفية تسمح للعائلة بالمساعدة في البحث بشكل صحيح، على أمل الوصول إلى الجثة، وإنهاء القصة».

وجرى الاتصال بأصحاب المزرعة، للتعليق.

وقال داير إنه إذا اشترت عائلته المزرعة في المستقبل، فإن الملكية ستكون «انتقالية» فقط، موضحاً أنهم سيشترونه، وسيستأجرون متخصصين لإجراء تنقيب عن جثة السيدة ماكاي، ثم يقومون ببيع المزرعة مرة أخرى. وفي أكتوبر (تشرين الأول) 1970، حُكم على نظام الدين وشقيقه آرثر حسين بالسجن المؤبد؛ للاختطاف واحتجاز السيدة ماكاي، التي كانت تبلغ من العمر 55 عاماً آنذاك، مقابل الحصول على فدية بقيمة مليون جنيه إسترليني، قبل قتلها.

وكانت ماكاي قد تعرضت للاختطاف بالخطأ، في 29 ديسمبر (كانون الأول) 1969، حيث اعتقد الشقيقان أنها زوجة رجل الأعمال الكبير، وقطب الإعلام روبرت مردوخ.

وفي وقت سابق من هذا العام، سافر ابن الضحية إلى ترينيداد برفقة شقيقته ديان، وأوضح لهم نظام الدين حينها خريطة المكان الذي دُفن فيه جثة والدتهما.