منذ أكثر من 70 مليون سنة، كانت الديناصورات تتنقل عبر المناظر الطبيعية الشتوية فيما يعرف الآن بألاسكا. في ذلك الوقت، كانت الدائرة القطبية الشمالية تعاني من ظلام مستمر لمدة أربعة أشهر متتالية. كما كانت درجات الحرارة تقل عن درجة التجمد وتساقط الثلوج في بعض الأحيان غير مناسب للكثير من الكائنات، ولكن يبدو أنها تناسب مخلوقًا صغيرًا يشبه القوارض؛ يشبه الزبابة القطبية الشمالية. يبلغ طوله بضع بوصات ويزن حوالى 11 غرامًا؛ أي ما يعادل اثنين من النيكل؛ فكان «Sikuomys mikros»؛ الذي يُترجم تقريبًا إلى «فأر الجليد»، حيوانًا ثدييًا صغيرًا عاش في المناخ البارد جنبًا إلى جنب مع جميع أنواع الديناصورات.
ان موقعا بالقارة القطبية الشمالية غني بحفريات الديناصورات؛ فلقد عثر العلماء فيه على 13 نوعًا منها، بما في ذلك أقارب T.rex و Triceratops.
وتدرس أستاذة العلوم الجيولوجية بجامعة كولورادو في بولدر جايلين إيبرل الحيوانات ذات الدم الحار التي كانت تتنقل بينها. وقد وصفت هي وزملاؤها حيوان S. mikros بناءً على أسنانه، في مجلة «علم الحفريات المنهجية» في أغسطس (آب)، بأن حجم كل سن لديه يبلغ حوالى 1 إلى 1.5 ملم فقط، وذلك وفق ما نقل موقع «ساينس إليرت» العلمي عن موقع «بزنس إنسايدر» العلمي المرموق.
وتقول إيبرل ان «من المثير للاهتمام أن نتخيل كل هذه الديناصورات الكبيرة وهي تتجول جنبًا إلى جنب مع حيوان يشبه الزبابة. إنه أصغر حجمًا من فأر منزلك العادي، لذا فهو صغير جدًا». مضيفة «ان العثور على أسنان بحجم حبة الخردل الى جانب ديناصورات في الموقع، يجعل العلماء يقومون بتجميع بعض الرواسب حول الحفريات. فهي تغسل جزيئات الأوساخ الصغيرة وتمنع الأجسام الأكبر حجمًا من الهروب من خلال شبكة فائقة الدقة. وأخيراً، يقومون بتفتيش الحطام المتبقي تحت المجهر». وتبين إيبرل «من المستحيل أن نتمكن من اكتشاف سن بحجم ملليمتر في الحقل. لكن باستخدام التقنية الحديثة، عثروا على أكثر من عشرة أسنان من ثلاثة مواقع منفصلة». وتابعت «بينما تؤدي غربلة الرواسب إلى ظهور عظام ثدييات أخرى، فمن الصعب معرفة الحيوانات التي تنتمي إليها إذا لم تكن جزءًا من هيكل عظمي أكبر. وعلى الرغم من صغر حجم أسنان S. mikros، إلا أنها مفصلة بما يكفي لتعيين الحيوان كنوع جديد».
وفي هذا الاطار، ستكون الأسنان، بالنسبة للثدييات، هي الحفرية الأكثر تشخيصًا التي يمكنك العثور عليها. إذ كانت أسنان S. mikros مختلفة بشكل كبير عن أقربائه لتبدو وكأنها نوع جديد. ثم اكتشفوا حجم الحيوان بناءً على قواطعه الصغيرة. فالحجم الصغير يساعد عندما يكون الطعام نادرًا.
إن عدم وجود جمجمة وعظام أخرى يجعل من الصعب تحديد الكثير عن S. mikros. لكن إيبرل قالت «إن الاعتماد على الطريقة التي تعيش بها بعض الأنواع ذات الصلة قد يعطي أدلة. وبمقارنة S. mikros مع الزبابة وفئران الحقل الحديثة فإن الحيوان القديم ربما لم يكن في حالة سبات». مؤكدة «من المحتمل أنه كان يقضي فصل الشتاء من خلال البقاء مستيقظا، وربما يتغذى على مدار السنة، وقد يختبئ تحت أوراق الشجر أو تحت الأرض؛ وهو ما تفعله الكثير من الثدييات، كما يتغذى على كل ما يمكنه غرس أسنانه فيه؛ ويشمل ذلك الحشرات واللافقاريات الأخرى كالديدان». وتشير الدراسة إلى أنه في الثدييات الحديثة، تميل الحيوانات ذات كتل الجسم الأكبر إلى العيش عند خطوط عرض أعلى في المناخات الباردة. فعادةً، يمكنها تخزين الدهون لمساعدتها على البقاء على قيد الحياة في الأشهر الباردة عندما يكون هناك القليل من الطعام. لكن لا يبدو أن S. mikros يناسب هذا الاتجاه، وفق بيرل التي تذهب الى «ان لديه بعض الأقارب الذين يعيشون في الجنوب، وهي أكبر بحوالى ثلاث إلى خمس مرات من هذا الفأر الصغير الذي عاش في ألاسكا. وهذا يشير إلى أن جسمه الصغير هو تكيف تطوري». مرجحة «من المحتمل أن يتم اختيار الحجم الصغير لأنه كلما كنت أصغر قلّت كمية الطعام التي ستحتاجها لتتمكن من الاستمرار في الشتاء».