شبكة مهربين بين مصر وليبيا يستبدلون محطات انتظارهم كل عدة أيام للتمويه

مهاجرون يقاطعون «الفنادق الحدودية» لتجنب الصدام مع السلطات الأمنية

شبكة مهربين بين مصر وليبيا يستبدلون محطات انتظارهم كل عدة أيام للتمويه
TT

شبكة مهربين بين مصر وليبيا يستبدلون محطات انتظارهم كل عدة أيام للتمويه

شبكة مهربين بين مصر وليبيا يستبدلون محطات انتظارهم كل عدة أيام للتمويه

يقاطع آلاف من المهاجرين الأفارقة والعرب «الفنادق الحدودية» الواقعة على جانبي الأراضي المصرية - الليبية لتجنب الصدام مع السلطات الأمنية في البلدين وهم يسعون للانتقال إلى أوروبا. ويقول مسؤول أمني على الحدود المصرية إن السلطات تمكنت منذ مطلع الشهر الحالي من توقيف 344 مهاجرًا بينهم 11 سودانيًا، والباقون مصريون من محافظات الصعيد من جنوب البلاد، أثناء إقامتهم المؤقتة في المدن الحدودية ومنها مرسى مطروح وبراني والسلوم وسيوة، قبل التسلل إلى ليبيا التي يتخذونها معبرًا للهجرة إلى أوروبا. وكان غالبية من يصلون إلى المدن الحدودية يقيمون في فنادق صغيرة، تكلف الفرد بين عشرة دولارات وعشرين دولارًا، (الدولار يساوي نحو 8 جنيهات)، قبل أن ينقلهم السماسرة في شاحنات صغيرة إلى محطات تجمع جديدة، لكن السلطات الأمنية داهمت عدة فنادق في الأسابيع الأخيرة في محاولتها للحد من الهجرة غير الشرعية التي أصبحت تؤرق العالم، خاصة بعد حادثة غرق الطفل السوري إيلان قبالة السواحل التركية مطلع الشهر الحالي.
ويقول المسؤول الأمني إن «شبكة مهربين معقدة، تتكون من مصريين وليبيين وسوريين، بدأت تتحايل على الأمر وتبعد المهاجرين عن الإقامة في الفنادق الحدودية، وتستأجر لهم بدلاً من ذلك شققًا وسط التجمعات السكنية للأهالي، خاصة في مدينة مرسى مطروح السياحية»، مشيرًا إلى أن «هذا يزيد من صعوبة عمل السلطات الأمنية للحد من الهجرة غير القانونية». وتبلغ كلفة منزل للإقامة المؤقتة للمهاجرين حولي 15 دولارًا في المتوسط لليلة الواحدة. وتتسع بعض المنازل لأكثر من عشرين شخصًا، أما من معهم سيدات وأطفال فيفضلون استئجار منزل مستقل بغرفة أو غرفتين.
ويقول صاحب نزل خاص في «عزبة السلام» شرقي مدينة مرسى مطروح، إنه كان يؤجر نزله المكون من خمس غرف لعمال البناء في المدينة التي تشهد حركة معمار كبيرة. ويأتي هؤلاء العمال من مدن مصرية مختلفة، إلا أن ما يسدده السودانيون والسوريون من أجرة أغراه بفتح أبواب نزله لهم «حتى لو كانت إقاماتهم قصيرة». ويضيف: «لا شأن لي بطرح أسئلة من قبيل من أين أتوا أو ما هي وجهتهم».
ووفقًا للمعلومات الأمنية، فإن شبكة المهربين أصبحت تصدر تعليمات كل عدة أيام لاستبدال محطات انتظار المهاجرين بأخرى، للهروب من ملاحقات رجال الأمن. ويتلقى التعليمات سماسرة يقومون بتجميع المهاجرين من عدة مدن، ومن بينهم مهاجرون سوريون وفلسطينيون إضافة لبلدان من شرق أفريقيا؛ إذ تلاحظ، بحسب محاضر التحقيقات التي تجريها السلطات الحدودية المصرية، أن غالبية المهاجرين من غير المصريين، أصبحت للسودانيين، بعد أن كان معظمهم من السوريين حتى يوليو (تموز) الماضي.
وفي إطار جهودها للحد من الهجرة غير الشرعية، عينت السلطات المصرية مساعدًا جديدًا لوزير الداخلية في محافظة مطروح، هو اللواء هشام لطفي. كما أوكلت منذ العام الماضي مهمة إدارة المحافظة لمحافظ يحظى بخبرة أمنية كبيرة، هو اللواء علاء أبو زيد الذي كان مديرًا للمخابرات الحربية في المنطقة الغربية.
وتنتشر فنادق الدرجة الثالثة في عدة أزقة وشوارع خلفية بالمدينة، لكن قوات الأمن المصرية داهمت الكثير منها في إطار ملاحقة المهاجرين غير الشرعيين والعناصر الخارجة عن القانون. ويقول أحمد عبد الله الذي يدير فندقًا مطليًا باللون الأحمر في شارع المغاربة، إنه استقبل منذ نهاية الشتاء الماضي، ما لا يقل عن 300، غالبيتهم من السوريين الذين كانوا يريدون التسلل إلى ليبيا، لأن الحدود مغلقة بين البلدين بسبب المشكلات الموجودة هناك. ويضيف أن السمسار الذي كان يجلب له المهاجرين توقف عن ذلك خوفًا من الشرطة. وقال محقق في مديرية الأمن بمدينة مرسى مطروح، إن «المديرية قامت بالتعاون مع قوات الجيش على الحدود، بضبط مئات المهاجرين وهم يتجمعون بواسطة سماسرة استعدادًا للتسلل إلى داخل ليبيا. ومعظم المصريين الذين كانوا يستعدون للهجرة قادمون من محافظة المنيا، وهي من المحافظات الفقيرة الموجودة في جنوب القاهرة، يليها محافظة سوهاج فأسيوط بالصعيد». وتابع أن «من جرى استجوابهم لا يفصحون عن وجهتهم النهائية وهي ركوب البحر للوصول إلى أوروبا، ولكن يقولون إنهم ذاهبون للعمل في ليبيا».
ويضيف أن «ليبيا تعاني من الفوضى ولا يوجد فيها فرص عمل، بالإضافة إلى أن الحدود الرسمية بين البلدين، مغلقة. ويركب المهاجرون الصعاب عبر الصحراء ثم القوارب الخشبية للوصول إلى جزيرة لمبيدوزا في إيطاليا التي تعد الهدف الأول للرحلة لقربها من السواحل الليبية». وتقدر منظمات دولية عدد من ينتظرون في ليبيا للهجرة إلى أوروبا بأكثر من 700 ألف من جنسيات مختلفة هربًا من الاقتتال والفقر وعدم الاستقرار في بلادهم الأصلية.
أما بالنسبة للجنسيات الأخرى التي تغامر بقطع ألوف الكيلومترات لركوب البحر من ليبيا بعد التوقف لبضعة أيام في المحطات الحدودية، فهي بالترتيب من السودان، وإريتريا، والصومال، ثم من سوريا وفلسطين، مع ملاحظة أن هذه النسب تتغير لظروف تتعلق بسهولة أو وعورة الدخول إلى مصر والانتقال، من القاهرة، عبر نحو 500 كيلومتر إلى المدن القريبة من ليبيا. ومن الطريف العثور على بعض المهاجرين القادمين من بلدان بعيدة مثل «جزر القمر» التي تقع في المحيط الهندي، قرب الساحل الشرقي لأفريقيا. كان المهاجرون يصلون من بلدات مصرية مختلفة، إلى مرسى مطروح، في مجموعات صغيرة، لا تزيد المجموعة على 14 فردًا، هي عدد مقاعد حافلات الأجرة (المعرفة باسم الميكروباص). وبعد عدة أيام من الإقامة، تبدأ سيارات ربع نقل دفع رباعي، من موقف يقع قرب منطقة «سوق ليبيا»، غرب المدينة، في عملية شحن خليط المهاجرين، بناء على أحد اثنين من خطوط السير.
الأول ينطلق عبر الطريق الدولي الشمالي ويصل إلى مدينة السلوم، التي يقابلها على الجانب الآخر من الحدود مدينة إمساعد الليبية. وتبلغ المسافة من مرسى مطروح إلى إمساعد نحو 250 كيلومترًا. ويضطر المهاجرون لعبور حوالي سبعة كيلومترات من الوديان والمرتفعات مشيًا على الأقدام ليلا خوفًا من نقاط المراقبة الحدودية. والطريق الثاني من خلال المحور الجنوبي، الذي يصل مرسى مطروح بواحة سيوة، ويبلغ طوله 300 كيلومتر. ويوجد في مقابل سيوة، واحة جغبوب داخل الأراضي الليبية. ويعبر المهاجرون مسافة لا تزيد على ثلاثة كيلومترات، إلى جغبوب، ومنها إلى إمساعد.
ولا يوجد في إمساعد فنادق بالشكل المعروف، إلا أن الغرباء يقيمون عادة في منازل يطلق عليها «شقق فندقية» يقع معظمها في ظهر الطريق الرئيسي بالمدينة الصغيرة. وكان رواد هذه المنازل من التجار والعمال، إلا أن الكساد وشلل التجارة في المدينة، بسبب الاضطرابات الأمنية في ليبيا، جعل أصحابها يتجهون لتأجيرها للمهاجرين. وتمكنت السلطات الليبية من توقيف عشرات من هؤلاء، مما دفع سماسرة الهجرة إلى استبدالها بمنازل تقع في وسط التجمعات السكنية المنتشرة على بعد عدة كيلومترات في جنوب إمساعد.
ومن إمساعد تبدأ عملية نقل المهاجرين إلى داخل ليبيا، وفقًا لما جرى التعاقد عليه مع السماسرة. ويقول ضابط ليبي من كتيبة عمر المختار المرابطة قرب الحدود المصرية، ويدعى المقدم مرزوق، إن «هناك من ينتقل إلى السواحل الغربية لطبرق، ومن يوغل أكثر إلى مدن درنة وبنغازي وطرابلس وحتى بلدة زوارة قرب الحدود مع تونس، وهي مدينة يفد إليها مهاجرون آخرون من الحدود الجنوبية والغربية في ليبيا».
وشاركت دورية المقدم مرزوق في ضبط 230 مهاجرًا غير شرعي خلال الأسابيع القليلة الماضية كان معظمهم يقيمون إقامة مؤقتة بين إمساعد وطبرق. وجرى إخطار فرع جهاز مكافحة الهجرة غير الشرعية الليبي الموجود على جانب الحدود. وقامت السلطات هناك بوضعهم في مركز للإيواء ومعالجة المرضى منهم قبل اتخاذ إجراءات بإعادتهم إلى بلادهم أو الدولة التي جاءوا منها.
وعلى الجانب الآخر من الحدود، تعد مدينة مرسى مطروح الواقعة على البحر المتوسط بجوار ليبيا، مصيفًا مصريًا يستقبل مئات الألوف من الزوار سنويًا، ولا يوجد فيها عادة موضع لقدم، إذ يشغل المصطافون القادمون من المدن الكبرى، غالبية الفندق والشقق المفروشة. لكن أسعار المبيت للمهاجرين غير الشرعيين، دفعت عدة فنادق صغيرة، لتخصيص الغرف والخدمة لهم قبل أن يقاطعها المهاجرون خوفًا من الشرطة.
وتختلف عملية سداد الأموال مقابل تأجير أماكن إقامة المهاجرين إقامة مؤقتة. ويقول حسين، وهو سمسار مصري يعمل في جلب الراغبين في الهجرة من مدينة القاهرة إلى مرسى مطروح، إن السوريين يفضلون سداد قيمة الرحلة كاملة بما فيها أجرة السكن، حيث إن إجمالي الرحلة حتى إمساعد يبلغ نحو ألفي دولار في المتوسط، مشيرًا إلى أن مداهمة الشرطة لعدة فنادق كانت تستقبل المهاجرين، أربك الحسابات.. «التعامل مع الفنادق كان أسهل لأنها محددة ومعروفة. نعرفهم ويعرفوننا. أقول لهم ستأتيكم جماعة تتبعني.. خلاص. يسكنون في الفندق ونحن نحاسبه فيما بعد، أما استئجار البيوت الأهلية، فالمحاسبة صعبة. يريدون الأجرة مقدمًا».



انقلابيو اليمن ينزفون جراء تصعيدهم الميداني

سور مستشفى حكومي في صنعاء حوّله الحوثيون إلى معرض لصور قتلاهم (الشرق الأوسط)
سور مستشفى حكومي في صنعاء حوّله الحوثيون إلى معرض لصور قتلاهم (الشرق الأوسط)
TT

انقلابيو اليمن ينزفون جراء تصعيدهم الميداني

سور مستشفى حكومي في صنعاء حوّله الحوثيون إلى معرض لصور قتلاهم (الشرق الأوسط)
سور مستشفى حكومي في صنعاء حوّله الحوثيون إلى معرض لصور قتلاهم (الشرق الأوسط)

شيّعت جماعة الحوثيين خلال الأسبوع الماضي 17 قتيلاً من عناصرها العسكريين، الذين سقطوا على خطوط التماس مع القوات الحكومية في جبهات الساحل الغربي ومأرب وتعز والضالع، منهم 8 عناصر سقطوا خلال 3 أيام، دون الكشف عن مكان وزمان مقتلهم.

وفقاً للنسخة الحوثية من وكالة «سبأ»، شيّعت الجماعة في العاصمة اليمنية المختطفة صنعاء كلاً من: ملازم أول رشاد محمد الرشيدي، وملازم ثانٍ هاشم الهجوه، وملازم ثانٍ محمد الحاكم.

تشييع قتلى حوثيين في ضواحي صنعاء (إعلام حوثي)

وسبق ذلك تشييع الجماعة 5 من عناصرها، وهم العقيد صالح محمد مطر، والنقيب هيمان سعيد الدرين، والمساعد أحمد علي العدار، والرائد هلال الحداد، وملازم أول ناجي دورم.

تأتي هذه الخسائر متوازية مع إقرار الجماعة خلال الشهر الماضي بخسائر كبيرة في صفوف عناصرها، ينتحل أغلبهم رتباً عسكرية مختلفة، وذلك جراء خروقها الميدانية وهجماتها المتكررة ضد مواقع القوات الحكومية في عدة جبهات.

وطبقاً لإحصائية يمنية أعدّها ونشرها موقع «يمن فيوتشر»، فقد خسرت الجماعة خلال نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، 31 من مقاتليها، أغلبهم ضباط، سقطوا في مواجهات مع القوات الحكومية.

وشيّع الانقلابيون الحوثيون جثامين هؤلاء المقاتلين في صنعاء ومحافظة حجة، دون تحديد مكان وزمان مصرعهم.

وأكدت الإحصائية أن قتلى الجماعة خلال نوفمبر يُمثل انخفاضاً بنسبة 6 في المائة، مقارنة بالشهر السابق الذي شهد سقوط 33 مقاتلاً، ولفتت إلى أن ما نسبته 94 في المائة من إجمالي قتلى الجماعة الذين سقطوا خلال الشهر ذاته هم من القيادات الميدانية، ويحملون رتباً رفيعة، بينهم ضابط برتبة عميد، وآخر برتبة مقدم، و6 برتبة رائد، و3 برتبة نقيب، و 13 برتبة ملازم، و5 مساعدين، واثنان بلا رتب.

وكشفت الإحصائية عن أن إجمالي عدد قتلى الجماعة في 11 شهراً ماضياً بلغ 539 مقاتلاً، بينهم 494 سقطوا في مواجهات مباشرة مع القوات الحكومية، بينما قضى 45 آخرون في غارات جوية غربية.

152 قتيلاً

وتقدر مصادر عسكرية يمنية أن أكثر من 152 مقاتلاً حوثياً لقوا مصرعهم على أيدي القوات الحكومية بمختلف الجبهات خلال سبتمبر (أيلول) وأكتوبر (تشرين الأول) الماضيين، منهم 85 قيادياً وعنصراً قُتلوا بضربات أميركية.

وشهد سبتمبر المنصرم تسجيل رابع أعلى معدل لقتلى الجماعة في الجبهات منذ بداية العام الحالي، إذ بلغ عددهم، وفق إحصائية محلية، نحو 46 عنصراً، معظمهم من حاملي الرتب العالية.

الحوثيون استغلوا الحرب في غزة لتجنيد عشرات الآلاف من المقاتلين (إكس)

وبحسب المصادر، تُحِيط الجماعة الحوثية خسائرها البشرية بمزيد من التكتم، خشية أن يؤدي إشاعة ذلك إلى إحجام المجندين الجدد عن الالتحاق بصفوفها.

ونتيجة سقوط مزيد من عناصر الجماعة، تشير المصادر إلى مواصلة الجماعة تعزيز جبهاتها بمقاتلين جُدد جرى استقطابهم عبر برامج التعبئة الأخيرة ذات المنحى الطائفي والدورات العسكرية، تحت مزاعم مناصرة «القضية الفلسطينية».

وكان زعيم الجماعة الحوثية أقرّ في وقت سابق بسقوط ما يزيد عن 73 قتيلاً، وإصابة 181 آخرين، بجروح منذ بدء الهجمات التي تزعم الجماعة أنها داعمة للشعب الفلسطيني.

وسبق أن رصدت تقارير يمنية مقتل نحو 917 عنصراً حوثياً في عدة جبهات خلال العام المنصرم، أغلبهم ينتحلون رتباً عسكرية متنوعة، في مواجهات مع القوات الحكومية.