بقايا إعصار «دانيال» تعكّر الأجواء المصرية

نشاط كثيف للرياح... وأمطار محدودة على القاهرة

صور بالأقمار الصناعية للتغيرات الجوية على مصر خلال مرور العاصفة «دانيال» (الهيئة العامة للأرصاد الجوية بمصر)
صور بالأقمار الصناعية للتغيرات الجوية على مصر خلال مرور العاصفة «دانيال» (الهيئة العامة للأرصاد الجوية بمصر)
TT

بقايا إعصار «دانيال» تعكّر الأجواء المصرية

صور بالأقمار الصناعية للتغيرات الجوية على مصر خلال مرور العاصفة «دانيال» (الهيئة العامة للأرصاد الجوية بمصر)
صور بالأقمار الصناعية للتغيرات الجوية على مصر خلال مرور العاصفة «دانيال» (الهيئة العامة للأرصاد الجوية بمصر)

شهدت مصر أحوالاً جوية غير مستقرة، عقب وصول «بقايا» الإعصار «دانيال» إلى أراضيها، وسط تخوفات وترقب لتأثيراته على البلاد، بعدما تسبب في أضرار كبيرة بالقرى والمدن الليبية. وأعلنت الحكومة المصرية رفع درجة الاستعداد القصوى خصوصاً في المحافظات التي يتوقع أن تتأثر أكثر من غيرها، بينما استبعد خبراء الأرصاد تسببه في أضرار بمصر لكونه «فقد الكثير من قوته وتحول إلى منخفض جوي».

ووفقاً للهيئة العامة للأرصاد الجوية، الثلاثاء، شهدت مصر موجة طقس غير مستقرة بدأت مع وصول الإعصار «دانيال» إلى البلاد، وأمطار ما بين خفيفة ومتوسطة، تكون رعدية أحياناً وغزيرة على بعض المحافظات، وقالت الهيئة في إفادة رسمية، إن اليوم شهد «استمرار تكاثر السحب المنخفضة والمتوسطة الممطرة على مناطق من القاهرة الكبرى والسواحل الشمالية الغربية والوجه البحري يصاحبها سقوط الأمطار تكون خفيفة على مناطق من القاهرة الكبرى»، ووفق الهيئة فإنه يتوقع أن «تنتهى الأتربة على شمال البلاد خلال الساعات القليلة القادمة».

ورفعت مصر درجة الاستعداد القصوى بأجهزة الدولة ترقباً لتأثيرات الإعصار، وقال وزير التنمية المحلية هشام آمنة، الثلاثاء، إنه «جرى تكليف غرفة العمليات وإدارة الأزمات بالوزارة بالتنسيق المستمر مع غرف عمليات المحافظات، للتدخل السريع لمواجهة أي طوارئ، والتنسيق مع غرفة العمليات المركزية بمجلس الوزراء في هذا الشأن لسرعة التعامل مع أية أحداث طارئة»، وناشد المواطنين «توخي الحيطة والحذر والابتعاد عن أي أشجار أو لافتات الإعلانات وأعمدة الإنارة والضغط العالي، وتجنب السير بسرعات عالية بالسيارات».

وقال وزير الري والموارد المائية الدكتور هاني سويلم في إفادة رسمية، إن «الأحوال الجوية استقرت وتوقفت الأمطار (الثلاثاء) على مدن ومراكز محافظة مطروح بعد هطول أمطار متقطعة ليلة (الاثنين) على بعض المناطق بمدينتي مرسي مطروح والسلوم»، وأشار سويلم إلى أن «الأمطار في مدينة مرسى مطروح أدت لتجمعات مائية محدودة جرى التعامل معها».

وأطلقت الهيئة العامة للأرصاد الجوية في مصر على «دانيال» (عاصفة وليس إعصاراً)، وأوضح الرئيس السابق للهيئة الدكتور أحمد عبد العال أن «(دانيال) عاصفة وليس إعصاراً، لأن الإعصار يتكون ويعبر المحيطات، بينما العاصفة تتكون فوق البحار مثل البحرين الأحمر والمتوسط». وقال عبد العال لـ«الشرق الأوسط» إنه «من حسن حظ مصر أن العاصفة (دانيال) فقدت الكثير من قوتها قبل دخولها الأراضي المصرية بسبب مرورها على مناطق اليابسة التي تتسبب في إضعاف قوتها، فتحولت إلى منخفض جوي».

وأشار إلى أن «هذا المنخفض الجوي (دانيال) تسبب في هطول أمطار بعضها غزير على عدد من المحافظات منها مرسى مطروح والسلوم والإسكندرية، وسيتوجه (دانيال) خلال الساعات المقبلة إلى أقصى شرق مصر في مدن الإسماعيلية والسويس وبورسعيد»، ووفق عبد العال «سوف يكمل (دانيال) طريقه من الأراضي المصرية إلى كل من الأردن وفلسطين ولبنان وسوريا، لكنه سيكون أضعف كثيراً».

وكانت مصر، قد أعلنت الحداد 3 أيام تضامناً مع ضحايا الكارثة الإنسانية الناتجة عن الزلزال والإعصار في المغرب وليبيا. وقال المتحدث الرسمي باسم الرئاسة المصرية أحمد فهمي، في بيان نشره عبر صفحة الرئاسة بموقع «فيسبوك»، الثلاثاء: «يتقدم الرئيس عبد الفتاح السيسي بخالص التعازي باسمه واسم الشعب المصري في ضحايا الكارثة الإنسانية في المغرب وليبيا». وأشار المتحدث إلى «إعلان الحداد 3 أيام في مصر تضامناً مع الأشقاء في المغرب وليبيا، في ضحايا الكارثة الإنسانية الناتجة عن الزلزال في المغرب والإعصار في ليبيا».

وتنفيذاً لتوجيهات الرئيس السيسي، بدعم الشعب الليبي، أجرى وفد عسكري مصري برئاسة الفريق أسامة عسكر رئيس أركان حرب القوات المسلحة المصرية، زيارة إلى ليبيا. ووفق بيان نشره المتحدث العسكري، فإن الزيارة تستهدف «التنسيق على سبل تقديم كافة أوجه الدعم اللوجيستي والإغاثة الإنسانية العاجلة بالتعاون مع الأجهزة والمؤسسات الليبية المختصة وفقاً لاحتياجاتها لمواجهة التداعيات المترتبة على الإعصار، مع فتح جسر جوي لنقل الدعم اللوجيستي، يبدأ بإيفاد عدد (3) طائرة عسكرية تحمل على متنها مواد طبية وغذائية وعدد (25) طاقم إنقاذ مزوداً بكافة المعدات الفنية اللازمة إضافة إلى طائرة أخرى لتنفيذ أعمال الإخلاء الطبي للشهداء والمصابين».


مقالات ذات صلة

مقتل شخصين جراء عاصفة مميتة ضربت غرب أميركا

الولايات المتحدة​ طواقم تعمل على إزالة شجرة أسقطتها عاصفة قوية ضربت منطقة شمال غربي المحيط الهادئ بالولايات المتحدة (رويترز)

مقتل شخصين جراء عاصفة مميتة ضربت غرب أميركا

ضربت عاصفة قوية ولاية واشنطن الأميركية، اليوم (الأربعاء)، ما أدى إلى انقطاع التيار الكهربائي عن مئات الآلاف وتعطل حركة السير على الطرق ومقتل شخصين.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
أوروبا فتاة تركب دراجة هوائية تحت المطر في فالنسيا بإسبانيا (إ.ب.أ)

إغلاق مدارس وإلغاء رحلات... موجة عواصف جديدة تضرب إسبانيا (صور)

تسببت موجة جديدة من العواصف في إسبانيا في إغلاق مدارس وإلغاء رحلات قطارات، بعد أسبوعين من مقتل أكثر من 220 شخصاً وتدمير آلاف المنازل جراء فيضانات مفاجئة.

«الشرق الأوسط» (مدريد)
الاقتصاد رافعات ضخ النفط في مستودع فاكا مويرتا للنفط والغاز الصخري في الأرجنتين (رويترز)

النفط يتراجع مع انحسار تهديد عاصفة في أميركا وحوافز صينية مخيّبة للتوقعات

واصلت أسعار النفط انخفاضها يوم الاثنين مع انحسار خطر تعطل الإمدادات بسبب عاصفة أميركية، وبعد أن خيّبت خطة التحفيز الصينية آمال المستثمرين.

«الشرق الأوسط» (سنغافورة)
الاقتصاد علم الولايات المتحدة يرفرف بينما تشتد قوة الإعصار في خليج المكسيك (رويترز)

توقعات بتوقف إنتاج 4 ملايين برميل نفط في أميركا الأسبوع الجاري

يتوقع باحثون تعطل إنتاج النفط في الولايات المتحدة بنحو أربعة ملايين برميل خلال الأسبوع الجاري، وذلك مع قرب العاصفة «رفائيل» إلى خليج المكسيك.

«الشرق الأوسط» (هيوستن)
أوروبا صورة ملتقطة في الأول من نوفمبر 2024 تظهر الآثار المدمرة للفيضانات على منطقة تجارية في بلدة ألفافار بمنطقة فالنسيا شرق إسبانيا (أ.ف.ب)

205 قتلى جراء الفيضانات في إسبانيا... وأضرار هائلة تخلّفها العاصفة

ارتفعت حصيلة عدد قتلى الفيضانات العنيفة في إسبانيا إلى 205 أشخاص على ما أفادت فرق الإنقاذ مع ترجيح أن يرتفع العدد نظراً لعدد المفقودين الكبير.

«الشرق الأوسط» (فالنسيا)

ليبيون يتساءلون حول جدوى «شرعنة» الميليشيات المسلحة

الدبيبة خلال لقاء سابق مع الطرابلسي في حضور وزير شؤون مجلس الوزراء عادل جمعة (الوحدة)
الدبيبة خلال لقاء سابق مع الطرابلسي في حضور وزير شؤون مجلس الوزراء عادل جمعة (الوحدة)
TT

ليبيون يتساءلون حول جدوى «شرعنة» الميليشيات المسلحة

الدبيبة خلال لقاء سابق مع الطرابلسي في حضور وزير شؤون مجلس الوزراء عادل جمعة (الوحدة)
الدبيبة خلال لقاء سابق مع الطرابلسي في حضور وزير شؤون مجلس الوزراء عادل جمعة (الوحدة)

أثار وصف رئيس حكومة الوحدة الوطنية «المؤقتة» في ليبيا، عبد الحميد الدبيبة، لوزير داخليته المكلف، عماد الطرابلسي، بكونه «زعيم ميليشيا سابق»، موجة من التفاعل عبر منصات التواصل الاجتماعي على مدار الأسبوع الماضي، وفتحت الباب عن باقي التشكيلات والموقف الرسمي منها.

ورغم اتفاق آراء مراقبين للشأن الليبي على أن حديث الدبيبة عن الطرابلسي جاء في إطار محاولة التبرير والدفاع عن الأخير، عبر الإشارة لقدومه من خلفية ميليشياوية، تتسم بعدم الانضباط، فإن التساؤلات تجددت حول دعوات الدبيبة لدمج قادة الميليشيات في المؤسستين الأمنية والعسكرية.

من مخلفات اشتباكات ميليشيات مسلحة في طرابلس العام الماضي (أ.ف.ب)

في هذا السياق، يرى الناشط السياسي الليبي، حسام القماطي، أن تصريحات الدبيبة ودفاعه عن الطرابلسي «أثارت تساؤلات حول ضرورة مراجعة سياسة الاستعانة بشخصيات غير مؤهلة داخل مؤسسات الدولة، وذلك لتفادي حدوث الضجة الواسعة، التي فجرتها تصريحات الطرابلسي بخصوص الحجاب»، لافتاً إلى أنها تسببت مؤخراً في «تهديد بعض النساء غير المحجبات».

وأضاف القماطي موضحاً لـ«الشرق الأوسط» أن حديث الدبيبة «أثار تساؤلات حول عدم اقترابه من معضلة وجود الميليشيات في الساحة، أو البدء في معالجتها بتسريحها، وإعادة دمجها على أسس مهنية».

وكان الدبيبة قد صرح خلال حديثه عن الميليشيات بأن حكومته «لا تزال تعمل على معالجة الخلافات والاشتباكات بين المجموعات المسلحة»؛ مبرزاً أن «الضغط لا يزال متواصلاً لتأهيل أبنائنا من حملة السلاح حتى لو أعطيناهم رتباً، مع التأكيد على أن هدفهم هو حماية البلاد ومواجهة الجريمة، وهؤلاء الشباب منهم الآن وزراء»، في إشارة ضمناً إلى الطرابلسي.

وأثارت تصريحات الدبيبة، ودفاعه عن الطرابلسي وغيره من الميليشيات، موجة من الانتقادات لرئيس الحكومة على منصات التواصل الاجتماعي، حيث وصفه بعضهم بأنه هو مَن عيّن الوزير «الميليشياوي»، فيما تساءل بعضهم الآخر عن كيفية منح رتب عسكرية ومسؤوليات مهمة في الدولة لشخصيات لا يزال يجري تأهيلها.

بهذا الخصوص، يعتقد الناشط السياسي، أحمد التواتي، أن الدبيبة بإلغائه مفعول تصريحات الطرابلسي الجدلية، «يعني استشعاره بوجود خطأ ما بها وبسياسات أخرى للوزير؛ وأنه لا يعتزم التراجع عن سياسة شرعنة الميليشيات وقادتها»، وقال التواتي لـ«الشرق الأوسط»: «للأسف حديث الدبيبة لم يكتفِ بالتعاطي مع تصريحات الطرابلسي عن الحجاب والأخلاق على أنها حديث عفوي؛ بل تضمن أيضاً مغازلة لقادة باقي الميليشيات بأن الفرصة متاحة أمامهم ليتحولوا بالمثل لوزراء مثل الطرابلسي».

وتتنازع على السلطة في ليبيا حكومتان: الأولى «الوحدة الوطنية»، ويرأسها عبد الحميد الدبيبة، والثانية مكلفة من البرلمان وتدير المنطقة الشرقية وبعض مناطق الجنوب، وتحظى بدعم القيادة العامة لـ«الجيش الوطني» بقيادة المشير خليفة حفتر.

وانتقد التواتي محاولة الدبيبة «التقليل من مخاطر وجود الميليشيات في العاصمة وبقية المدن، الواقعة تحت سيطرة حكومته بالمنطقة الغربية بالحديث عن قلة اشتباكاتها، وخلافاتها مع بعضها بعضاً، وأن مسار تأهيلها لا يزال مستمراً»، وقال إن السنوات الماضية شهدت اشتباكات حادة بين هذه المجموعات المسلحة، سقط خلالها عدد من المدنيين، ما بين قتيل وجريح، أو تمت محاصرة أحيائهم السكنية، مضيفاً أن الدبيية «يحاول تبرير عجز الطرابلسي عن الوفاء بتعهداته المتكررة منذ أشهر بإخراج تلك الميليشيات ومختلف الأجهزة الأمنية من العاصمة».

في سياق ذلك، حرصت عدة أصوات حقوقية وسياسية على تذكير الدبيبة بأن الطرابلسي ليس وحده الزعيم الميليشياوي السابق في حكومته، وأنه يوجد بجواره وكيل وزارة الدفاع العقيد عبد السلام الزوبي، ومدير إدارة الاستخبارات العسكرية التابعة للوزارة ذاتها، العميد محمود حمزة.

ليبيون طالبوا بشرعنة الميليشيات عبر دمجها في المؤسستين العسكرية والأمنية بالمنطقة الغربية (إ.ب.أ)

من جهته، استعرض مدير المركز الليبي للدراسات الأمنية والعسكرية، الشريف عبد الله، مراحل سابقة لشرعنة الميليشيات عبر دمجها في أجهزة الدولة، وخصوصاً المؤسستين العسكرية والأمنية بالمنطقة الغربية. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن حكومة «الوفاق الوطني»، برئاسة فائز السراج السابقة، «هي مَن دشنت هذا المسار؛ وحكومة الدبيبة قطعت بدورها خطوات به»، عادّاً أن هذا القرار «لم يؤدِ لضبط سلوك تلك المجموعات أو خضوعها لأي تعليمات يصدرها أي مسؤول بالدولة، واقتصرت علاقتهم بها على ما منح لهم من شرعية ونفوذ ورواتب شهرية».

ويعتقد عبد الله أن الخطورة «لا تكمن فقط في تولي قيادات هذه الميليشيات مناصب رفيعة بالوزارات، مثل الطرابلسي والزوبي، وإنما في شرعنة كياناتهم المسلحة»، وقال إن «عبد الغني الككلي، وهو قائد ميليشياوي، صار يعرّف اليوم بكونه رئيس (جهاز الاستقرار) التابع للمجلس الرئاسي، وبات يتمتع بنفوذ كبير بالعاصمة وخارجها، بل ويردد أنه وغيره من قادة الأجهزة الأمنية يتم استطلاع رأيهم حيال تعيين المسؤولين».

وشدد عبد الله على أن ظاهرة تعيين قادة الميليشيات في أجهزة الدولة «ليست قاصرة على الغرب الليبي»، مشيراً في هذا السياق إلى أن وكيل وزارة الداخلية بالحكومة المكلفة من البرلمان، فرج أقعيم، كان قبل عام 2015 قائد مجموعة مسلحة، قبل أن تتم شرعنتها من قِبَل القيادة العامة لـ«الجيش الوطني».