«صندوق النقد» يرحب بجهود السعودية لتصبح رائدة في إنتاج الهيدروجين الأخضر عالمياً

المملكة تسرع خطاها للتحول إلى الطاقة المتجددة

مدينة نيوم العالمية التي تشمل أكبر مصنع لإنتاج الهيدروجين في العالم (من موقع نيوم السعودية)
مدينة نيوم العالمية التي تشمل أكبر مصنع لإنتاج الهيدروجين في العالم (من موقع نيوم السعودية)
TT

«صندوق النقد» يرحب بجهود السعودية لتصبح رائدة في إنتاج الهيدروجين الأخضر عالمياً

مدينة نيوم العالمية التي تشمل أكبر مصنع لإنتاج الهيدروجين في العالم (من موقع نيوم السعودية)
مدينة نيوم العالمية التي تشمل أكبر مصنع لإنتاج الهيدروجين في العالم (من موقع نيوم السعودية)

تشهد المملكة العربية السعودية نشاطاً ملحوظاً واستثنائياً في قطاع الهيدروجين، الذي يعد وقود المستقبل، من حيث إنتاجه وتصديره، مستثمرةً في ذلك إمكاناتها الطاقوية الكبيرة، لتصدير الطاقة النظيفة للعالم، والمساهمة في تحقيق أهداف الدول الغربية في تقليل الانبعاثات الكربونية والوصول لهدف الحياد الكربوني، مما يدعم أهداف اتفاق باريس للمناخ.

فتكاد لا تخلو اتفاقية أو مذكرة تفاهم اقتصادية وقّعتها السعودية خلال الفترة الأخيرة من بند ينص على التعاون في قطاع الهيدروجين الأخضر، بالتزامن مع أزمة طاقة عالمية حاولت الرياض تقليل تداعياتها من خلال وضع سيناريوهات للتحول للطاقة النظيفة، واختيار وقود أخضر لمرحلة انتقالية قد يطول أمدها نظراً لزيادة الطلب على الطاقة بكل أنواعها.

وفي حين تعمل المملكة على تعزيز دورها في إنتاج الهيدروجين، نجحت في تسريع جهودها في مجال العمل المناخي، حيث تسعى إلى تحقيق تحويل 30 في المائة من مساحاتها البرية والبحرية إلى محميات طبيعية، وزراعة نحو 10 مليارات شجرة بحلول 2030.

كما تعكف على تطبيق نموذج الاقتصاد الدائري للكربون، بهدف تنفيذ تعهّداتها بتقليل الانبعاثات بمقدار 278 مليون طن سنوياً بحلول 2030، ورفع حصة مصادر الطاقة المتجددة في مزيج الكهرباء إلى 50 في المائة.

وبهذه المبادرة أصبحت المملكة أكبر مجمع في العالم في مشاريع التقاط الكربون وتخزينه، بقدرة تخزين تصل إلى 9 ملايين طن سنوياً، وهي تستهدف تخزين 44 مليون طن متري بحلول 2035.

ومنذ أيام، رحَّب خبراء صندوق النقد الدولي بالخطط الجارية في المملكة لزيادة الطاقة المتجددة بقدرة إضافية تبلغ 2.1 غيغاواط بحلول عام 2024، وتحقيق وفورات من خلال البرامج التي تهدف إلى تحقيق الكفاءة، ونشر تقنيات الاقتصاد الدائري للكربون الدائري (بما في ذلك استخدام احتجاز الكربون وتخزينه)، وجعل المملكة البلد الرائد في إنتاج الهيدروجين النظيف على مستوى العالم.

كما رحّب الخبراء بخريطة الطريق التي وضعتها السلطات السعودية للوصول إلى سيناريو صافي الانبعاثات الصفرية، حيث يُظهر تحليل الخبراء قدرة الحكومة على تحقيق مستهدفاتها (التي قامت بتعديلها في عام 2021) بأقل قدر من خسائر الناتج المحلي الإجمالي.

وتيرة سريعة نحو الطاقة النظيفة

وفي وقت ليس ببعيد، برزت السعودية في قطاع الهيدروجين بقوة وتسارعت خطاها. ففي بداية مايو (أيار) الماضي، أرسلت أول شحنة أمونيا سعودية منخفضة الكربون إلى الهند، ويتم إنتاج الأمونيا من الهيدروجين، إذ أعلنت «سابك للمغذيات الزراعية»، عن إرسال أول شحنة تجارية من الأمونيا منخفضة الكربون إلى شركة المزارعين الهندية التعاونية المحدودة للأسمدة (آي إف إف سي أو).

ومن خلال هذه الشحنة البالغ حجمها 5 آلاف طن متري، التي تم شحنها من الجبيل (شرق السعودية)، تصبح شركة «سابك للمغذيات الزراعية» أول شركة تُدخل الأمونيا منخفضة الكربون إلى قطاع الأسمدة الهندي. وتكون بذلك شركة «آي إف إف سي أو»، التي تسلمت الشحنة، أول شركة هندية تستخدم الأمونيا منخفضة الكربون لإنتاج الأسمدة، بما يتماشى مع رؤية الهند الرامية إلى تحقيق صافي الانبعاثات الصفري بحلول عام 2070.

وكانت «سابك للمغذيات الزراعية» قد تعاونت في عام 2020 مع شركة «أرامكو» السعودية ومعهد اقتصادات الطاقة باليابان (IEEJ) لإرسال شحنة من الأمونيا منخفضة الكربون إلى اليابان.

وفي عام 2022، حصلت «سابك للمغذيات الزراعية» و«أرامكو السعودية» على أول شهادة مستقلة في العالم لإنتاج الأمونيا منخفضة الكربون وإنتاج الهيدروجين النظيف من وكالة «تي يو في رينلاند»، وهي وكالة مستقلة رائدة في خدمات اختبار الأنظمة والفحص وإصدار الشهادات، تتخذ من ألمانيا مقراً لها.

وتعاونت «سابك للمغذيات الزراعية» و«أرامكو السعودية»، كذلك، لإرسال أول شحنة تجارية في العالم من الأمونيا منخفضة الكربون، الحاصلة على اعتماد مستقل، بحجم 25 ألف طن متري، إلى كوريا الجنوبية في ديسمبر (كانون الأول) 2022.

في 11 مايو الماضي، وقَّع الأمير عبد العزيز بن سلمان، وزير الطاقة السعودي، مع ميكي أدريانسينس، وزيرة الشؤون الاقتصادية وسياسات المناخ الهولندية، مذكرة تفاهم بين البلدين في مجال الطاقة، بهدف الاستفادة من الطاقة النظيفة التي تصدرها المملكة وبخاصة الهيدروجين الأخضر.

وفي 16 منه، اختارت شركة «بي إم دبليو» الألمانية، السعودية مقراً لها لإطلاق تجربة السيارات الهيدروجينية في الشرق الأوسط، من نوع «آي إكس 5 هيدروجين»، بوصف المملكة منطقة استراتيجية لإنتاج الطاقة المتجددة وتلعب دوراً محورياً في هذا المجال.

وقال يورغن غولدنر، المدير العام لبرنامج الهيدروجين في «بي إم دبليو» الألمانية لـ«الشرق الأوسط» وقتها، إن اختيار السعودية يأتي بوصفها واحدة من المناطق الأساسية لعرض هذه المركبات، وكونها منطقة استراتيجية للطاقة المتجددة وتمتلك فرصاً فريدة لإنتاج هذه الأنواع من مصادر الشمس، وتتوفر فيها إمكانات كبيرة ونشاط ملحوظ في هذا الاتجاه.

وسبق إعلان الشركة الألمانية، تأكيد السعودية أن هولندا وألمانيا ستكونان محطتين رئيسيتين لصادرات الهيدروجين الأخضر من المملكة إلى أوروبا خلال الأعوام المقبلة.

وفي 5 يونيو (حزيران) الماضي، أعلن بنك «ستاندرد تشارترد» إصدار أول «ضمان أخضر» في المملكة العربية السعودية لشركة «لارسن آند توبرو» (L&T)، الرائدة عالمياً في مشاريع الهندسة والتوريد والبناء.

ويتم إصدار الضمان الأخضر لتطوير مشروع الهيدروجين الأخضر في «نيوم»، حيث ستعمل «لارسن آند توبرو السعودية» على التصميم والتوريد المحلي والبناء والتشغيل للحزم الكهربائية المتجددة والشبكات، في حين ستتولى «لارسن آند توبرو م م ح» عمليات التوريد الدولي. وهما شركتان تابعتان لمجموعة «لارسن آند توبرو».

وفي 11 يونيو، أعلنت «نيوم» بناء 3 محطات داخل أكبر مصنع للهيدروجين الأخضر في العالم، وهو ما يُظهر الوتيرة التي تعمل بها المملكة في قطاع الهيدروجين.

جذبت هذه التحركات أنظار بريطانيا، وقالت نائبة السفير البريطاني في الرياض، آنا والترز، في 2 يوليو (تموز)، إن المملكتين تستكشفان شراكات جديدة في مجالات الهيدروجين واحتجاز الكربون وتخزينه والتقنيات النظيفة، في وقت تستثمر فيه أكثر من 6 آلاف شركة بريطانية في السوق السعودية.

يُذكر أنه من شأن مشروع الهيدروجين الأخضر في مدينة «نيوم»، أن يحدّ من انبعاثات ثاني أكسيد الكربون بمعدّل ثلاثة ملايين طن سنوياً، أو ما يقارب ما تنتجه 700 ألف سيارة من الملوثات.

في 19 يوليو، تفقد الأمير عبد العزيز بن سلمان بن عبد العزيز، وزير الطاقة السعودي، أول ناقل للهيدروجين المسال في العالم، على السفينة اليابانية «Suiso Frontier»، وذلك خلال زيارته ميناء جدة الإسلامي.

وفي 20 يوليو، وقّع صندوق الاستثمارات العامة السعودي مذكرة تفاهم غير ملزمة مع شركة «جيرا» اليابانية، بهدف استكشاف فرص التعاون بين الطرفين لتطوير مشاريع الهيدروجين الأخضر ومشتقاته، بهدف تعزيز أوجه التعاون مع شركة «جيرا»، واستكشاف فرص التطوير لمشاريع الهيدروجين الأخضر ومشتقاته.

وكان صندوق الاستثمارات العامة قد وقّع قبلها على مذكرة تفاهم مع شركة «إنجي» أيضاً لتطوير مشروعات الهيدروجين الأخضر ومشتقاته في المملكة.

وفي 20 أغسطس (آب) الماضي، أعلنت شركة «نيوم للهيدروجين الأخضر» في السعودية إتمام مرحلة الإغلاق المالي لمشروع إنشاء أكبر مصنع لإنتاج الهيدروجين الأخضر في العالم باستثمار إجمالي قدره 8.4 مليار دولار، وذلك بعد توقيعها مستندات مالية مع 23 مصرفاً وشركة استثمار محلية وإقليمية ودولية.

وقالت الشركة إنه يجري بناء المصنع في مدينة «أوكساجون» ضمن منطقة «نيوم» في السعودية، في الوقت الذي أبرمت كذلك اتفاقية تنفيذ أعمال الهندسة والمشتريات والبناء مع شركة «إير برودكتس»، بصفتها شركة المقاولات المسؤولة عن تنفيذ هذه الأعمال وضمان تكامل الأنظمة على مستوى المصنع بشكل عام.

ويبرز مشروع «نيوم» للهيدروجين الأخضر الذي سينتج 600 طن يومياً من الهيدروجين بحلول 2030. وهذا المشروع من الناحية التجارية يختلف تماماً عن غيره من المشروعات حول العالم، لأن إنتاج مصنع هيدروجين نيوم بيع بالكامل لمدة 30 سنة لشركة «إير برودكتس» الأميركية.

في 31 أغسطس، سجل باحث سعودي براءة اختراع عالمية في قطاع إنتاج الهيدروجين النظيف، يسهم في خفض تكلفة الإنتاج بنسبة كبيرة، مما يجعل الإنتاج في السعودية الأعلى كفاءة والأقل تكلفة عالمياً.

سُجلت براءة الاختراع للدكتور المهندس عبد الرحمن عبد العال، الذي يعمل مديراً عاماً تنفيذياً لتطوير الأعمال ورئيس تطوير مشاريع الهيدروجين الأخضر في شركة «أكواباور السعودية»، وخبيراً في الابتكار المفتوح في مكتب الولايات المتحدة لبراءات الاختراع والعلامات التجارية.

أقل الدول في الانبعاثات لكل منتج

تعد السعودية ثاني أقل الدول في الانبعاثات عالمياً لكل وحدة منتجة في البلاد، مع انخفاض كثافة حرق الغاز، مما يساعدها على تقليل كثافة الكربون في المنبع على الرغم من ارتفاع إنتاج النفط. وفقاً لصندوق النقد الدولي.

وترى داليا سمير، خبيرة الطاقة، في تعليقها لـ«الشرق الأوسط»، أن السعودية تمتلك مقومات وإمكانات كبيرة تؤهلها لتلعب دوراً كبيراً في قطاع الهيدروجين الأخضر، وذلك في الوقت الذي يعاني فيه العالم من أزمة طاقة بشكل عام ويسعى للتحول للطاقة النظيفة بشكل خاص.

وقالت سمير: «السعودية ستكون مصدراً مهماً للهيدروجين خصوصاً لدول آسيا، القريبة منها جغرافياً، بالإضافة إلى بعض الدول الأوروبية».

وتعتزم السعودية صناعة وإنتاج الهيدروجين الأخضر لتحقيق عدة أهداف، أبرزها تعظيم القاعدة الاقتصادية للبلاد وتقليل الانبعاثات الكربونية وتحقيق مستهدفات «رؤية 2030».

«المبادرة الخضراء»

كانت السعودية قد كشفت في 11 نوفمبر (تشرين الثاني) العام الماضي، خلال فعاليات منتدى «مبادرة السعودية الخضراء» المنعقد في شرم الشيخ تحت إطار مبادرة الأمير محمد بن سلمان بن عبد العزيز آل سعود، ولي العهد رئيس مجلس الوزراء، رئيس اللجنة العليا للسعودية الخضراء، عن آخر مستجدات وأهداف مبادرة السعودية الخضراء التي أطلقها في عام 2021 بهدف وضع خريطة طريق واضحة للعمل المناخي في المملكة وتمهيد الطريق للوصول للحياد الصفري بحلول عام 2060.

ونجحت المملكة خلال العام الماضي في تسريع جهودها في مجال العمل المناخي، حيث تسعى إلى تحقيق أهداف طموحة بحلول عام 2030 تتمثل في تحويل 30 في المائة من مساحاتها البرية والبحرية إلى محميات طبيعية، وزراعة أكثر من 600 مليون شجرة بزيادة قدرها 150 مليون شجرة على الهدف المرحليّ المعلن عام 2021 لزراعة 450 مليون شجرة بحلول عام 2030.

وتعكف المملكة على تطبيق نموذج الاقتصاد الدائري للكربون بهدف تنفيذ تعهداتها بتقليل الانبعاثات بمقدار 278 مليون طن سنوياً بحلول عام 2030، وتماشياً مع طموحاتها لرفع حصة مصادر الطاقة المتجددة في مزيج الكهرباء إلى 50 في المائة بحلول عام 2030.


مقالات ذات صلة

وزير الطاقة السعودي يدشن مصانع جديدة لتعزيز توطين القطاع

الاقتصاد وزير الطاقة أثناء جولته في أحد المصانع الجديدة (الشرق الأوسط)

وزير الطاقة السعودي يدشن مصانع جديدة لتعزيز توطين القطاع

افتتح وزير الطاقة، الأمير عبد العزيز بن سلمان بن عبد العزيز، مصنعَين متخصصَين في مجالات الطاقة.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
الاقتصاد أحد مشروعات الطاقة الشمسية لشركة «مصدر» (الشرق الأوسط)

رئيس «مصدر» الإماراتية: قدرات الطاقة المتجددة تتضاعف والسعودية أكبر سوق بالمنطقة

كشف محمد الرمحي، الرئيس التنفيذي لشركة «مصدر»، أن رؤيتهم واستراتيجيتهم لتنويع مزيج الطاقة من أجل مستقبل مستدام، كانتا الدافع الرئيس لدخولهم إلى السوق السعودية.

مساعد الزياني (أبوظبي)
الاقتصاد مفاعل «EPR» النووي من الجيل الثالث في فلامانفيل (أ.ف.ب)

فرنسا تضيف أول مفاعل نووي إلى شبكة الكهرباء منذ 25 عاماً

قالت شركة الكهرباء الفرنسية المملوكة للدولة إن فرنسا ربطت مفاعل «فلامانفيل 3» النووي بشبكتها صباح السبت في أول إضافة لشبكة الطاقة النووية في البلاد منذ 25 عاما.

«الشرق الأوسط» (باريس)
الاقتصاد شوكت ميرضيائيف رئيس أوزبكستان ومحمد أبو نيان رئيس «أكوا باور» في صورة جماعية مع ممثلي الجهات المشاركة (الشرق الأوسط)

«أكوا باور» السعودية تدشن 3 مشروعات للطاقة المتجددة في أوزبكستان

دشّن الرئيس شوكت ميرضيائيف رئيس أوزبكستان، وبمشاركة وزير الطاقة السعودي الأمير عبد العزيز بن سلمان بن عبد العزيز، 3 مشروعات للطاقة المتجددة في أوزبكستان.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
الاقتصاد وزير الطاقة السعودي الأمير عبد العزيز بن سلمان بن عبد العزيز (وزارة الطاقة)

وزير الطاقة: 11 مليون عداد ذكي لتعزيز كفاءة استهلاك الكهرباء في السعودية

قال وزير الطاقة السعودي الأمير عبد العزيز بن سلمان، إن المنظومة عملت على تحقيق تحول رقمي واسع في القطاع، حيث تم تركيب11 مليون عداد ذكي منذ عام 2021.

«الشرق الأوسط» (الرياض)

الأسواق الآسيوية تشهد تقلبات ملحوظة مع اقتراب نهاية العام

متعاملون أمام شاشة عرض أسهم في بورصة تايلاند (رويترز)
متعاملون أمام شاشة عرض أسهم في بورصة تايلاند (رويترز)
TT

الأسواق الآسيوية تشهد تقلبات ملحوظة مع اقتراب نهاية العام

متعاملون أمام شاشة عرض أسهم في بورصة تايلاند (رويترز)
متعاملون أمام شاشة عرض أسهم في بورصة تايلاند (رويترز)

شهدت الأسواق الآسيوية تقلبات ملحوظة يوم الجمعة، مع تحركات متفاوتة للأسواق الإقليمية في ظل اقتراب نهاية العام. وسجلت الأسهم اليابانية ارتفاعاً ملحوظاً مدفوعةً بتراجع قيمة الين مقابل الدولار الأميركي، حيث ارتفع مؤشر «نيكي 225» في طوكيو بنسبة 1.8 في المائة ليصل إلى 40285.25 نقطة، بدعم من صعود أسهم شركات صناعة السيارات والمصدرين الرئيسيين.

وساهم ضعف الين في تعزيز أرباح الشركات العاملة في الأسواق الخارجية، حيث تتمكن هذه الشركات من تحويل أرباحها إلى الين الياباني. انخفض الدولار إلى 157.86 ين ياباني بعد أن كان قد سجل 158 يناً في وقت سابق، مقارنة بأقل من 150 يناً في الأيام القليلة الماضية، وفق «رويترز».

وفي هونغ كونغ، انخفض مؤشر «هانغ سنغ» بنسبة تقل عن 0.1 في المائة ليصل إلى 20090.46 نقطة، بينما سجل مؤشر «شنغهاي المركب» في الصين ارتفاعاً طفيفاً بنحو نقطتين ليصل إلى 3400.14 نقطة.

وفي كوريا الجنوبية، تراجع مؤشر «كوسبي» بنسبة 1 في المائة ليصل إلى 2410.35 نقطة، بعد تصويت حزب المعارضة الرئيسي في البلاد على عزل الرئيس المؤقت بسبب تقاعسه عن شغل ثلاثة مناصب شاغرة في المحكمة الدستورية، في وقت كانت المحكمة تستعد لمراجعة قضايا تتعلق بالتمرد ضد الرئيس المعزول، يون سوك يول، نتيجة مرسوم الأحكام العرفية المؤقت في 3 ديسمبر (كانون الأول).

وانخفض الوون الكوري الجنوبي إلى أدنى مستوى له في 16 عاماً، كما تراجعت سوق الأسهم في ظل تصاعد الاضطرابات السياسية. بينما انخفضت عملات آسيوية ناشئة أخرى مقابل الدولار القوي في تداولات ضعيفة مع اقتراب نهاية العام. هبطت الأسهم في سيول بنحو 1.7 في المائة في ثالث جلسة متتالية من الخسائر، كما تراجع الوون بنسبة 1.2 في المائة ليصل إلى 1486.7 وون للدولار، وهو أدنى مستوى له منذ مارس (آذار) 2009، بعد أن صوتت أغلبية أعضاء البرلمان الكوري الجنوبي لصالح عزل الرئيس المؤقت هان داك سو.

وتُهدد عملية العزل بتفاقم الأزمة السياسية في البلاد، حيث عقدت المحكمة الدستورية أولى جلسات الاستماع بشأن الأحكام العرفية التي أعلنها الرئيس يون سوك يول في الثالث من ديسمبر. وخسر الوون نحو 13 في المائة من قيمته هذا العام، مما يجعله من أسوأ العملات الآسيوية أداءً.

وأعرب جيف نيغ، رئيس استراتيجية الاقتصاد الكلي في آسيا لدى مجموعة «سوميتومو ميتسوي» المصرفية، عن تشاؤمه بشأن أداء الوون في الأجل القريب، نتيجة الاضطرابات السياسية والبيانات الاقتصادية الضعيفة، مثل الاستثمارات الأجنبية في الأسهم وثقة المستهلك. وأضاف: «أي تحسن في العملة يعتمد على إيجاد حل سريع للمخاطر الحالية، بالإضافة إلى انتقال سياسي سلس».

كما شهدت معظم العملات الإقليمية الأخرى تراجعاً، حيث انخفضت الروبية الإندونيسية بنسبة 0.4 في المائة، مسجلة انخفاضها الأسبوعي الرابع على التوالي. ومن المتوقع أن ينهي اليوان الصيني الأسبوع عند أدنى مستوى له في 13 شهراً. كما تراجع الرينغيت الماليزي بنسبة 0.2 في المائة يوم الجمعة، لكنه ظل العملة الآسيوية الوحيدة التي من المتوقع أن تنهي العام على ارتفاع. أما الروبية الهندية فقد تراجعت إلى أدنى مستوى لها على الإطلاق، مسجلة أدنى مستوياتها في كل جلسة تداول هذا الأسبوع تحت ضغط من قوة الدولار.

واستقر الدولار الأميركي عند أعلى مستوى له في عامين تقريباً مقابل العملات الرئيسية، بعد أن أشار بنك الاحتياطي الفيدرالي إلى أن تخفيضات أسعار الفائدة في 2025 ستكون أبطأ مما كان متوقعاً. وأوضح نيغ أن «أي تأخير في تخفيضات الفائدة من قبل بنك الاحتياطي الفيدرالي أو تحول إلى سياسة أكثر تشدداً في حالة متطرفة قد يؤدي إلى مزيد من قوة الدولار مقابل العملات الآسيوية». وأشار إلى أن أسعار الفائدة المرتفعة في الولايات المتحدة وميزة العائد على الدولار قد تدفعان رأس المال إلى الخروج من الأسواق الناشئة، مما يضعف عملاتها.

وتأثرت التوقعات بشأن أسعار الفائدة للبنوك المركزية الإقليمية بمسار السياسة النقدية لبنك الاحتياطي الفيدرالي. ففي الأسبوع الماضي، خفض البنك المركزي الفلبيني أسعار الفائدة، بينما أبقت البنوك المركزية في إندونيسيا وتايلاند وتايوان على أسعار الفائدة دون تغيير. وفي يوم الجمعة، ارتفعت الأسهم في كوالالمبور بنسبة 1 في المائة لتصل إلى أعلى مستوياتها منذ أوائل نوفمبر (تشرين الثاني)، بينما ارتفعت الأسهم في بانكوك بنسبة 0.4 في المائة.