المحكمة الاتحادية العراقية تخلط الأوراق في أزمة كركوك

السوداني التقى نواب المحافظة

صورة نشرها موقع البرلمان العراقي من لقاء السوداني ونواب محافظة كركوك مساء الأحد
صورة نشرها موقع البرلمان العراقي من لقاء السوداني ونواب محافظة كركوك مساء الأحد
TT

المحكمة الاتحادية العراقية تخلط الأوراق في أزمة كركوك

صورة نشرها موقع البرلمان العراقي من لقاء السوداني ونواب محافظة كركوك مساء الأحد
صورة نشرها موقع البرلمان العراقي من لقاء السوداني ونواب محافظة كركوك مساء الأحد

في وقت اتخذ فيه رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني قراراً بالتريث في تسليم المبنى الذي تتخذه العمليات المشتركة في كركوك مقراً لها إلى الحزب الديمقراطي الكردستاني كجزء من ورقة الاتفاق السياسي التي وقعها أطراف ائتلاف إدارة الدولة، فإن دخول المحكمة الاتحادية العليا على خط الأزمة أدى إلى خلط الأوراق وأعاد الملف برمته إلى المربع الأول.

القرار الذي كان اتخذه السوداني بتسليم المقر إلى الحزب الديمقراطي الكردستاني كان جزءاً من تنفيذ الاتفاق الذي ورد ضمن ورقة الاتفاق السياسي بين جميع أطراف ائتلاف إدارة الدولة (قوى الإطار التنسيقي الشيعي، والقوى السنية، والقوى الكردية)، ويضم نحو 280 نائباً في البرلمان، لكن الاعتصامات والمظاهرات حالت دون تسليمه، مما أوجب التريث إلى حين العودة للائتلاف الداعم للحكومة (إدارة الدولة) مثلما ينوي السوداني عمله، لكن قرار المحكمة الاتحادية ذهب إلى ما هو أبعد، الأمر الذي أدى إلى إرباك المشهد السياسي.

وناقش السوداني، ونواب محافظة كركوك، بحضور نائب رئيس البرلمان العراقي، شاخه وان عبد الله أحمد، مساء الأحد، تطورات الأوضاع، والأحداث الأخيرة، والمستجدات الأمنية في المحافظة، وأهمية تكثيف الجهود والتعاون بين جميع الأطراف من أبناء كركوك لحفظ الأمن والاستقرار، وحماية السلم الأهلي ونبذ العنف، حسب بيان نشره موقع البرلمان العراقي.

وأكد الاجتماع اتخاذ الإجراءات القانونية لمعاقبة الذين أثاروا الفتنة وارتكبوا التجاوزات والاعتداءات على المواطنين، وإجراء تحقيق بملابسات الأحداث الأخيرة، وما نتج عنها في سقوط قتلى.

وقالت مصادر من الشرطة والأمن في العراق، إن قوات أمن انتشرت في مدينة كركوك النفطية الشمالية أمس (الأحد)، لمنع وقوع مزيد من أعمال العنف مع ارتفاع عدد القتلى في الاشتباكات التي اندلعت في كركوك السبت إلى 4.

وطوال السنوات الـ17 الماضية منذ إقرار الدستور الدائم عام 2005، فقد بقي ملفا كركوك (المادة 140) والنفط والغاز (المادة 112) من الدستور معلقين ويثيران بين فترة وأخرى زوابع سياسية، وأحياناً اضطرابات تصل إلى حد المواجهات المسلحة بين الأجهزة الأمنية الاتحادية وقوات البيشمركة الكردية.

بارزاني... قرار الاتحادية «مهزلة»

قرار المحكمة الاتحادية العليا الملزم لكل السلطات بدا مفاجئاً لجميع الأطراف وموقفاً لكل ما يمكن أن تعمله الحكومة الاتحادية أو القوى السياسية الداعمة لها في البرلمان، وجاء بمثابة انتصار لطرف سياسي في كركوك يعد خصماً للحزب الديمقراطي الكردستاني وهم عرب كركوك.

وبالرغم من أن قرارات الاتحادية باتة وملزمة لكل السلطات بموجب الدستور، فإن حكومة إقليم كردستان على لسان رئيسها مسرور بارزاني، أطلقت وصفاً قاسياً يمكن أن تكون له تداعيات سياسية وقانونية على قرار الاتحادية بأنه «قرار مهزلة».

وكانت المحكمة الاتحادية أصدرت مساء الأحد، أمراً ولائياً يقضي بإيقاف إجراءات تسليم مقر العمليات المشتركة للحزب الديمقراطي في محافظة كركوك.

وحول حيثيات الأمر الولائي وأسباب اتخاذه، يقول الخبير القانوني علي التميمي لـ«الشرق الأوسط»، إن «الأمر الولائي هو من القرارات التي تكون بناء على طلب على العريضة دون مرافعة ودون تبليغ الطرف الآخر ودون أن يمس أصل الحق»، مبيناً أنه «أقرب إلى القرارات الإدارية ويمكن التظلم من قبل من صدر التظلم ضده خلال 3 أيام من تاريخ صدوره أو التبليغ وتفصل المحكمة الاتحادية في التظلم بالتأكيد أو الإلغاء أو التعديل، علماً بأن قرارها قابل للتمييز خلال 7 أيام».

وأوضح التميمي أن «كل شيء سيبقى معلقاً لحين البت في الدعوى المرفوعة بشكل نهائي». وبالرغم من أن قرار الاتحادية أوقف كل الإجراءات، بما فيها الإجراءات السياسية التي تتضمن تسويات بين مختلف الأطراف مثلما يريد عمله رئيس الوزراء عبر العودة إلى ائتلاف إدارة الدولة وأصل ورقة الاتفاق السياسي، فإنه ومن وجهة نظر سياسي عراقي أبلغ «الشرق الأوسط» طالباً عدم الإشارة إلى اسمه، أن «قرار الاتحادية جعل الجميع في حرج، لأن القضية سياسية ومحكومة باتفاق سياسي وقعت عليه الأطراف التي شكلت الحكومة، وبالتالي فإن المقرات الحزبية وسواها، وهي كثيرة جداً يعود معظمها إلى الدولة، وبالذات وزارة المالية سواء كانت في كركوك أو أنحاء أخرى من العراق، ولكنها سلمت إلى قوى وأحزاب ضمن اتفاقات أو صفقات معروفة». وأضاف أن «استجابة الاتحادية لطرف سياسي دون آخر من شأنه أن يعرقل أو على الأقل يؤخر التوصل إلى صيغة قد تكون أقرب لحل هذا الإشكال بين عرب كركوك وتركمانها والحزب الديمقراطي»، مشيراً إلى أنه «كان ينبغي على الأقل أن توقف الاتحادية الإجراءات شكلاً، بحجة عدم الاختصاص، كون ما يجري كما قلنا، قضايا سياسية يمكن أن تثار اليوم وتهدأ غداً».

إيران وتركيا تدعمان الحكومة العراقية

في سياق متصل، علقت وزارة الخارجية الإيرانية، الاثنين، على الاحتجاجات في مدينة كركوك العراقية بوصفها أحداثاً محلية.

ونقلت وكالة «تسنيم» التابعة لـ«الحرس الثوري»، عن المتحدث باسم الخارجية الإيرانية ناصر كنعاني، تعليقاً على «تطورات العراق والاحتجاجات في كركوك». وأضاف: «لا نتدخل في شؤون العراق الداخلية. من الطبيعي أن تبذل السلطات العراقية قصارى جهدها. ومن المهم بالنسبة لنا أن ندعم الاستقرار الداخلي في العراق وجهود الحكومة المركزية».

وأوضح أن «دعم الاستقرار والأمن في الدول المحيطة يمثل أولوية بالنسبة لإيران. ولن تبقى آثار أي تهديدات وأزمات داخل حدودها. أينما طلبت منا المساعدة، تحركت إيران للمساعدة وتحقيق الاستقرار أو حل الخلافات في الدول».

وتابع كنعاني: «تتمتع الحكومة العراقية بالقوة والقدرة اللازمتين لتوفير الأمن، وإذا تم توقع المساعدة وطلبها، فإن إيران ستساعد».

وكان وزير الخارجية التركي هاكان فيدان قد قال الأحد، خلال مؤتمر صحافي مع نظيره الإيراني حسين أمير عبداللهيان، إن بلاده تؤيد الخطوات التي اتخذتها الحكومة العراقية في محافظة كركوك. وأضاف أن «السلام والاستقرار في كركوك يؤثران على السلام والاستقرار في العراق بأسره».


مقالات ذات صلة

العراق يرفض استخدام أرضه للعدوان على دول المنطقة

المشرق العربي الأعرجي مستقبلاً الملحق العسكري الإيراني مجيد قلي بور في بغداد السبت (وكالة الأنباء العراقية)

العراق يرفض استخدام أرضه للعدوان على دول المنطقة

علن مستشار الأمن القومي العراقي، قاسم الأعرجي، رفض الحكومة العراقية استخدام أراضيه وأجوائه منطلقاً لضرب إيران أو أي من دول المنطقة.

حمزه مصطفى (بغداد)
المشرق العربي حكومة محمد شيّاع السوداني باتت في محل دفاع بسبب التسريبات الصوتية (رويترز)

حكومة السوداني تنفي «تسريبات» تتهم مسؤولاً بـ«الرشوة»

وجدت حكومة رئيس الوزراء محمد السوداني نفسها في موقف المدافع بعد تسريبات صوتية لكبار المسؤولين العراقيين ترتبط بعمليات «ابتزاز» للحصول على رشى لتمرير بعض المصالح

فاضل النشمي (بغداد)
المشرق العربي وزير الدفاع لويد أوستن، لدى لقائه رئيس الوزراء العراقي محمد السوداني في البنتاغون 15 أبريل (أ.ب)

السوداني وترمب يطويان صفحة «مذكرة القبض»

اتفق رئيس الوزراء العراقي محمد السوداني والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب على طي صفحة «مذكرة القبض» التي أصدرها القضاء العراقي ضد ترمب عام 2020.

حمزة مصطفى (بغداد)
المشرق العربي رئيس البرلمان العراقي محمود المشهداني (أرشيفية - رويترز)

عودة الجدل حول الاتفاق السياسي بعد فوز المشهداني برئاسة البرلمان العراقي

بعد أقل من أسبوع على نجاح البرلمان العراقي في انتخاب محمود المشهداني رئيساً للبرلمان، عادت ورقة «الاتفاق السياسي» إلى الواجهة بعد تعثر تنفيذها.

حمزة مصطفى (بغداد)
المشرق العربي مشيع يشارك في جنازة قائد من كتائب «حزب الله» العراقية المسلحة الذي قُتل فيما أُطلقت عليه تسمية «هجوم صهيوني» بالعاصمة السورية دمشق... بغداد 22 سبتمبر 2024 (رويترز)

«حزب الله» العراقي ينفي وجود تحضيرات للمشاركة في رد إيراني على إسرائيل

نفى «حزب الله» العراقي وجود تحضيرات لفصائل مسلحة عراقية للمشاركة في رد إيراني على الهجمات الإسرائيلية الأخيرة التي استهدفت إيران.

«الشرق الأوسط» (بغداد)

الخيارات تضيق أمام قيادة «حماس» في الخارج

خليل الحية عضو المكتب السياسي لحركة «حماس» (رويترز)
خليل الحية عضو المكتب السياسي لحركة «حماس» (رويترز)
TT

الخيارات تضيق أمام قيادة «حماس» في الخارج

خليل الحية عضو المكتب السياسي لحركة «حماس» (رويترز)
خليل الحية عضو المكتب السياسي لحركة «حماس» (رويترز)

في ظل ضغوط أميركية متصاعدة لإبعاد قيادة «حماس» من الدوحة، أُفيد أمس بأن قطر أبلغت الحركة بأن مكتبها السياسي الذي ينشط منذ سنوات انطلاقاً من عاصمتها، «لم يعد يخدم الغرض منه»، وبأنها ستنسحب من لعب دور الوساطة في جهود وقف النار وتبادل المحتجزين في غزة. لكن الخارجية القطرية سارعت إلى التوضيح أن المعلومات عن مكتب «حماس» غير دقيقة، مشيرة إلى أنها «ستستأنف جهودها مع الشركاء عند توافر الجدية اللازمة لإنهاء الحرب الوحشية ومعاناة المدنيين المستمرة جراء الأوضاع الإنسانية الكارثية بالقطاع».

وقال مصدر مسؤول في «حماس» لـ«الشرق الأوسط» إن الحركة لم تتلقَّ طلباً من الحكومة القطرية بمغادرة الدوحة، مضيفاً أنها أُحيطت علماً بوجود طلب أميركي في هذا الخصوص.

وفي حال مغادرة قيادة «حماس» الدوحة فعلاً، فليس واضحاً أين ستكون وجهتها المقبلة. ويُعتقد أن ضغوط الإدارة الأميركية الحالية التي يمكن أن تتصاعد في ظل الإدارة الجديدة للرئيس دونالد ترمب، ستجعل أكثر من دولة متردّدة في استضافة الحركة التي ستجد أن الخيارات تضيق في وجهها.

وتستضيف قطر مسؤولين من «حماس» منذ عام 2012، عندما نقلت الحركة مقرها من دمشق. وذُكرت في الماضي تركيا وإيران وعُمان ولبنان والجزائر وجهات محتملة لقادة «حماس».