فرنسا ترفض سحب قواتها من النيجر وتتمسّك بشرعية بازوم

مؤشرات تباين في مواقف «إيكواس» من الانقلابيين

أنصار المجلس العسكري يتظاهرون خارج مقر القاعدة العسكرية الفرنسية في نيامي (أ.ف.ب)
أنصار المجلس العسكري يتظاهرون خارج مقر القاعدة العسكرية الفرنسية في نيامي (أ.ف.ب)
TT

فرنسا ترفض سحب قواتها من النيجر وتتمسّك بشرعية بازوم

أنصار المجلس العسكري يتظاهرون خارج مقر القاعدة العسكرية الفرنسية في نيامي (أ.ف.ب)
أنصار المجلس العسكري يتظاهرون خارج مقر القاعدة العسكرية الفرنسية في نيامي (أ.ف.ب)

استبق سباستيان لوكورنو، وزير الدفاع الفرنسي، انتهاء المهلة التي أعطاها المجلس العسكري النيجري، الأحد، لرحيل القوات الفرنسية عن البلاد، بتأكيد أن باريس «ليست في وارد الخضوع» لمطالب الانقلابيين، وأنها لا تزال على تواصل دائم مع الرئيس المخلوع محمد بازوم الذي تعترف بشرعيته.

والحجة التي تتمسك بها فرنسا، منذ حصول الانقلاب في نيامي، 26 يوليو (تموز) الماضي، واضحة وقوية، ولا تحتمل برأيها الجدل، وهي أن الحضور العسكري الفرنسي في النيجر موثّق في اتفاقيات معقودة مع السلطات الشرعية، وبناءً على طلبها، وبالتالي فإنها فقط معنية بما يصدر عن هذه السلطات و«ليس عن انقلابيين يفتقدون الشرعية».

وكما رفضت باريس، الأسبوع الماضي، الاستجابة لطلب وزارة الخارجية النيجرية سحب سفيرها سيلفان أيتيه، من نيامي، خلال مهلة لا تزيد عن 48 ساعة، فإنها ترفض الخضوع لمطلب المجلس العسكري الذي نقض الاتفاقيات الأمنية والدفاعية الموقعة بين الطرفين وأمهل القوة الفرنسية شهراً واحداً للخروج.

تواصل يومي مع بازوم

في حديث نشرته صباح السبت صحيفة «لو فيغارو»، قال لوكورنو إن باريس أرسلت قوات إلى مالي وبوركينا فاسو والنيجر لمساعدة القوات المحلية في محاربة التنظيمات الإرهابية؛ مثل «داعش» في منطقة الساحل، والفرع المحلي لـ«القاعدة»، ومجموعة «بوكو حرام». وبرر انسحاب هذه القوات من مالي وبوركينا فاسو بتخلي السلطات الانقلابية في هذين البلدين عن محاربة الإرهاب. لكنه أردف قائلاً إن «الوضع في النيجر مختلف، ونحن لا نعترف إلا بسلطة الرئيس بازوم ونريد العودة إلى الانتظام الدستوري».

الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون يستقبل رئيس النيجر محمد بازوم في الإليزيه في 23 يونيو 2023 (أ.ف.ب)

من جانبه، قال الرئيس إيمانويل ماكرون، الجمعة، إنه يتحدث «كل يوم مع الرئيس بازوم»، وتابع: «نحن ندعمه. ولا نعترف بمن نفذوا الانقلاب. وأي قرارات سنتخذها، أياً كانت، ستكون مبنية على تواصلنا مع بازوم».

الملفت في كلام ماكرون أن باريس كانت تربط تعاطيها، حصراً، بالملف النيجري بما تقرره المجموعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا «إيكواس» التي يتلخص موقفها بالبحث عن حل سياسي ــ دبلوماسي لأزمة النيجر، مع عدم استبعاد التدخل العسكري باعتباره «ملاذاً أخيراً».

وحتى يوم الاثنين الماضي، في خطابه أمام سفراء فرنسا بمناسبة مؤتمرهم السنوي، أكّد ماكرون أن بلاده تدعم «إيكواس» في خياراتها إن كانت دبلوماسية أو عسكرية. والحال، أنه في حديثه الأخير، ربط قرارات بلاده القادمة بما يطلبه الرئيس المخلوع الذي وصفه ماكرون بــ«الرهينة»، والذي يشكو من المعاملة السيئة التي يتلقاها من الانقلابيين. لكن هذا لا يمنعه من التواصل مع العالم الخارجي بحرية، أو أن تكون له مكالمة يومية مع الرئيس ماكرون الذي يتهمه المجلس الانقلابي بأنه يخطط ويدفع للتدخل العسكري.

الفرق بين انقلابي النيجر والغابون

وفي تبرير الفرق في التعاطي بين انقلابي النيجر والغابون، يقوم التفسير الفرنسي الرسمي، حسب ماكرون، على اعتبار أنهما «مختلفان للغاية». أما كلام لوكورنو فقد جاء أكثر تفصيلاً، إذ أكد أن فرنسا «تدين كل الانقلابات ولا تكيل بمكيالين، لأن مصداقيتها على المحك». لكنه أردف قائلاً: «رغم ذلك، لا نستطيع أن نضع على قدم المساواة ما جرى في النيجر وما حصل في الغابون». ففي الحالة الأولى، «عمد عسكريون يفتقدون للشرعية لإزاحة رئيس منتخب شرعياً، فيما دافعُ العسكريين في الغابون هو تحديداً عدم احترام القانون الانتخابي والدستور، وفي اعتقادي أن هناك شكوكاً حول نزاهة الانتخابات». ويعني ذلك عملياً أن باريس يمكن أن تغض الطرف عن انقلاب الغابون، وهو ما سبقه إليها الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة ودول أخرى.

تباين داخل «إيكواس»

حقيقة الأمر أن ما يُقلق فرنسا يتمثل بوجود بوادر تفسّخ داخل مجموعة «إيكواس» إزاء كيفية تواصل التعاطي مع انقلابيي النيجر. وثمة قناعة، وفق مصادر أوروبية، قوامها أن «كل أسبوع يمر من شأنه تقوية موقع المجلس العسكري وتراجع احتمال التدخل الخارجي»، وهي تضيف أن انقلاب الغابون واختلاف التعاطي الإقليمي والدولي معه يضعفان «إيكواس»، خصوصاً العواصم المتشددة الدافعة باتجاه عملية عسكرية مثل ساحل العاج أو السنغال.

متظاهر يحمل لافتة للتعبير عن رفضه بقاء القوات الفرنسية في النيجر (أ.ف.ب)

بيد أن التخوف الفرنسي الأكبر مصدره نيجيريا التي كانت تعد، مع حصول الانقلاب، الدولة الأكثر حزماً وإصراراً على إجهاضه، حتى عسكرياً. وموقف نيجيريا، القطب الأكبر سياسياً واقتصادياً والأقوى عسكرياً، والتي تتشارك مع النيجر بحدود تصل إلى 1500 كلم، له التأثير الأهم على مقاربة «إيكواس» للأزمة النيجرية.

فضلاً عن ذلك، فإن بولا تينوبو، الرئيس النيجيري الجديد الذي يرأس الدورة الحالية لـ«إيكواس» أكد منذ البداية أن الانقلاب في نيامي هو «لزوم ما لا يلزم، وبالتالي يتعين التصدي له». وسارع إلى إغلاق حدود بلاده مع النيجر، وقطع الإمدادات الكهربائية لها، ودفع لاتخاذ عقوبات صارمة بحقها، وفرض عزلة سياسية واقتصادية ومالية عليها من أجل لي ذراع الانقلابيين ودفعهم للتراجع.

المفارقة، أن بولا تينوبو هو أول رئيس من مجموعة «إيكواس» عمد، الخميس الماضي، إلى اقتراح حل سياسي ــ دبلوماسي في بيان صادر عن الرئاسة النيجيرية. وعرض فيه على الانقلابيين «فترة انتقالية» من 9 أشهر. وحُجّة تينوبو أن ما نجح في نيجيريا للتخلص من الحكم العسكري في تسعينات القرن الماضي، يمكن أن يكون مخرجاً من الأزمة الراهنة في النيجر.

بيد أن «إيكواس» عجّلت، مساء اليوم نفسه، إلى إصدار بيان ذكرت فيه أن موقفها «واضح» ولم يتغير ومؤداه أنه يتعيّن على «السلطات العسكرية العودة إلى الانتظام الدستوري فوراً، وإطلاق سراح الرئيس بازوم وتمكينه من استعادة سلطاته». وما جاءت به هذه الهيئة يعكس، بلا شك، وجود مقاربات مختلفة، لا بل تفسخاً، في مواقفها، خصوصاً أنها تعلن عن مواقف متضاربة مع مواقف رئيسها.

فترة انتقالية؟

تجدر الإشارة إلى أن مقترح الرئيس النيجيري جاء بعد أيام قليلة من اقتراح مشابه قدمه وزير الخارجية الجزائري أحمد العطاف، بعد جولة أفريقية شملت نيجيريا، فيما زار مسؤول رفيع المستوى في وزارته نيامي وأجرى مباحثات مع قادة الانقلاب. وتتضمن الخطة الجزائرية ستة بنود، أهمها القيام بترتيبات مرحلية على مدى ستة أشهر تحت إشراف سلطة مدنية توافقية، بما يُفضي إلى استعادة النظام الدستوري في البلاد مع المطالبة بإخلاء سبيل الرئيس بازوم وتمكينه من ممارسة مهامه.

وسبق للجنرال عبد الرحمن تياني، رئيس المجلس العسكري، أن تحدث عن فترة انتقالية من ثلاث سنوات. والواضح أن بحثاً في هذا الاتجاه سيكون سمة الجهود الدبلوماسية. لكن نقطة الضعف فيها أن الضمانات التي قد يقدمها الانقلابيون لجهة تنظيم انتخابات مبكرة والالتزام ببنود اتفاق مرحلي لن يتم بالضرورة العمل بها، والدليل على ذلك ما حصل في مالي وبوركينا فاسو.

حتى اليوم، لم يصدر أي تعليق فرنسي على المقترحين الجزائري والنيجيري، فيما تنشط الولايات المتحدة اتصالاتها الدبلوماسية.

متظاهرون يحملون علم «فاغنر» في نيامي السبت (أ.ف.ب)

وثمّة قناعة اليوم بأن باريس تعاني من «العزلة الدبلوماسية»، وقد تجد نفسها قريباً وحيدة بسبب التمسك بمواقف متشددة، علماً بأنها المتضررة الأولى مما يحصل في الساحل وأخيراً في الغابون.

فالتوجه الغالب داخل الاتحاد الأوروبي يشدد على الحل الدبلوماسي، والولايات المتحدة لا ترى غيره حلاً. وتراجع نيجيريا ستكون له، بلا شك، تداعيات داخل «إيكواس».

في المقابل، فإن الضغوط لترحيل القوة الفرنسية سوف تتضاعف، ولا شك أن السلطة العسكرية والجمعيات والمجموعات الموالية لها سوف تستخدم الضغط الشعبي للتخلص من الحضور الفرنسي. وتكاثرت في الأيام الأخيرة الدعوات للاعتصام قرب القاعدة العسكرية التي يستخدمها الجنود الفرنسيون في نيامي. وأول من أمس، سُئل الرئيس ماكرون عن عزلة بلاده في ملف النيجر، وكان جوابه: «العزلة لا تزعجني إذا كانت بسبب وفائنا للمبادئ والاحترام الذي يتعين علينا إظهاره للشعوب».


مقالات ذات صلة

الأمم المتحدة تدعو إلى «تحرك دولي فوري» لحل أزمة منطقة الساحل الأفريقي

أفريقيا مجموعة أفراد يحملون شبكة صيد في طريقهم لبحيرة الثعبان لجمع الأسماك بمالي (أ.ف.ب)

الأمم المتحدة تدعو إلى «تحرك دولي فوري» لحل أزمة منطقة الساحل الأفريقي

دعت الأمم المتحدة، الجمعة، إلى تحرك دولي فوري لوضع حد للنزوح القسري للمدنيين في منطقة الساحل الأفريقي التي تشهد أزمة إنسانية تزداد سوءا.

«الشرق الأوسط» (جنيف)
أفريقيا جنود فرنسيون يتأهبون لركوب طائرة عسكرية بعد انسحابهم من النيجر في 22 ديسمبر 2023 (رويترز)

السماح للجيش الألماني بالاحتفاظ بقاعدة جوية في النيجر

أعلنت وزارة الدفاع الألمانية أن الجيش الألماني سيتمكن من الاحتفاظ بقاعدته للنقل الجوي في النيجر في إطار «اتفاق مؤقت» أبرم مع الدولة الواقعة في منطقة الساحل.

«الشرق الأوسط» (برلين)
الولايات المتحدة​ صورة عامة للعاصمة نيامي (أرشيفية - رويترز)

أميركا تستكمل سحب قواتها من النيجر بحلول 15 سبتمبر

قالت النيجر والولايات المتحدة في بيان مشترك إنهما توصلتا إلى اتفاق بشأن انسحاب القوات الأميركية من الدولة الواقعة في غرب أفريقيا.

«الشرق الأوسط» (نيامي )
شمال افريقيا السفير الجزائري لدى استدعائه بوزارة خارجية النيجر (الخارجية النيجرية)

استياء جزائري من «محاولات أجنبية لتعكير العلاقات» مع النيجر

ندّد حزب جزائري، مشارك في الحكومة، بـ«حملة مغرضة تغذيها أطراف أجنبية تحاول تعكير العلاقات بين الجزائر والنيجر».

«الشرق الأوسط» (الجزائر)
الولايات المتحدة​ صورة عامة من أحد شوارع نيامي عاصمة النيجر في 2 أغسطس 2023 (رويترز)

مسؤولون أميركيون يزورون النيجر لإجراء محادثات مع العسكريين الحاكمين

أعلنت الخارجية الأميركية أن عدداً من المسؤولين الأميركيين الكبار يزورون نيامي، الثلاثاء والأربعاء، لتجديد الاتصالات مع العسكريين الحاكمين في النيجر.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)

الأمم المتحدة: قتلى طرق الهجرة البرية في أفريقيا يفوقون ما يبتلعه البحر

سودانيون ينزحون من منطقة سنجة في ولاية سنار نتيجة المعارك (أ.ف.ب)
سودانيون ينزحون من منطقة سنجة في ولاية سنار نتيجة المعارك (أ.ف.ب)
TT

الأمم المتحدة: قتلى طرق الهجرة البرية في أفريقيا يفوقون ما يبتلعه البحر

سودانيون ينزحون من منطقة سنجة في ولاية سنار نتيجة المعارك (أ.ف.ب)
سودانيون ينزحون من منطقة سنجة في ولاية سنار نتيجة المعارك (أ.ف.ب)

أكدت الأمم المتحدة، اليوم الجمعة، أن مخاطر الموت أو الوقوع ضحية للعنف الرهيب الجسدي والجنسي أو للخطف أكبر من أي وقت مضى على الطرق التي يطرقها المهاجرون من الصحراء إلى شواطئ البحر الأبيض المتوسط.

ويقدر تقرير جديد صدر تحت عنوان صادم «في هذه الرحلة لا يهم إن نجوت أو متَّ»، أن عدد الذين يلقون حتفهم على هذه الطرق البرية «أكبر بمرتين» مقارنة بالطريق البحري إلى أوروبا، حيث تم تسجيل ما يقرب من 800 وفاة منذ بداية العام، وفقا لـ«وكالة الصحافة الفرنسية».

وعلى الرغم من أن معدي التقرير يدركون أن الأرقام قد لا تكون دقيقة بسبب نقص البيانات حول ضحايا الطرق البرية، فإنهم يقدرونها بالآلاف كل عام.

قال فنسان كوشتيل، المبعوث الخاص لمفوضية الأمم المتحدة السامية لشؤون اللاجئين لغرب ووسط البحر الأبيض المتوسط، خلال مؤتمر صحافي في جنيف: «سيخبركم كل شخص عبر الصحراء عن الجثث التي شاهدها، الجثث الملقاة على الطريق».

رحلة الموت

وأضاف أن «كل من عبر الصحراء الكبرى يمكنه أن يخبركم عن أشخاص يعرفهم ماتوا في الصحراء».

هؤلاء القتلى إما تركهم المهربون في الصحراء وإما كانوا ضحايا لحوادث، وإما ببساطة مرضى ألقوا بهم من الشاحنة المكشوفة الصغيرة التي أقلتهم. فهم محكوم عليهم عموماً بالموت في غياب هياكل الدعم الكافية ونظام حقيقي للبحث وتوفير المساعدة.

أعد التقرير الجديد الذي يعتمد على مقابلات مع أكثر من 30 ألف مهاجر أو لاجئ جرت بين عامي 2020 و2023، بشكل مشترك بين المفوضية الأمم المتحدة السامية لشؤون اللاجئين والمنظمة الدولية للهجرة ومركز الهجرة المشترك، للنظر في سبل توفير مساعدة ملموسة، واطلاع القادة السياسيين على الوضع على نحو أفضل لإيجاد الاستجابات المناسبة لهذه الظاهرة.

على الرغم من المخاطر، تزداد أعداد من يسلكون طريق الهجرة، ويرجع ذلك جزئياً إلى «تدهور الوضع في بلدانهم الأصلية وفي البلدان التي تستضيفهم، ولا سيما بسبب اندلاع نزاعات جديدة في منطقة الساحل والسودان، والأثر المدمر لتغير المناخ والحالات الطارئة الجديدة أو المزمنة في القرن الأفريقي وفي شرق أفريقيا»، وفق بيان للأمم المتحدة.

ويشير البيان أيضاً إلى أسباب أخرى منها «العنصرية وكراهية الأجانب التي يقع اللاجئون والمهاجرون ضحية لها».

هنا أيضاً، لا تتوافر إحصاءات دقيقة، لكن بيانات مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين تظهر، على سبيل المثال، زيادة عدد الوافدين إلى تونس ثلاث مرات بين عامي 2020 و2023.

وقال فنسان كوشتيل إن «الأمر لا يتعلق بتشجيع الناس على القيام بهذه الرحلة الخطيرة، بل بإيجاد حلول لتوفير الحماية والتصدي للانتهاكات والتجاوزات التي يقعون ضحايا لها».

وبدا كوشتيل وكأنه يتوجه إلى القادة والسياسيين الأوروبيين الذين جعلوا مكافحة الهجرة أولوية لهم. ولفت كوشتيل إلى أن هؤلاء المهاجرين واللاجئين لا يسعون بغالبيتهم للذهاب إلى أوروبا.

عنف

ولأسباب تتعلق بأخلاقيات مهنية، لا يمكن لمن يجمعون البيانات تقديم مساعدة ملموسة للمهاجرين، كما أن أسئلة الاستطلاع ركزت على تصور المهاجرين للمخاطر وليس على تجربتهم الفعلية.

وخلص المسح إلى أن الخطر الرئيسي الذي ذكره 38 في المائة من المستجوبين في هذا التقرير يتعلق بالعنف الجسدي. وأشار 14 في المائة إلى خطر الموت، وذكر 15 في المائة منهم العنف الجنسي.

وتحدث كوشتيل أيضاً عن عمليات الخطف التي ذكرها 18 في المائة من المشاركين. وقدَّر عدد ضحايا الاتجار بالأعضاء «بعدة مئات». هناك أولئك الذين، على سبيل المثال، يبيعون كليتهم للبقاء على قيد الحياة، ولكن هناك أيضاً أولئك الذين وقعوا ضحية لسرقة أعضائهم.

وقال كوشتيل: «في معظم الأحيان يتم تخديرهم وإزالة العضو من دون موافقتهم، ثم يستيقظون وكليتهم مفقودة»، مذكراً بأنها ممارسة قديمة ومعروفة، وفي بعض البلدان، تُنشر إعلانات تشجع على بيع الأعضاء.

ويكشف التقرير أيضاً عن أن طالبي الهجرة واللجوء لا ينظرون إلى المهربين والمتاجرين بالبشر بالضرورة على أنهم المسؤولون الرئيسيون عن العنف. فقد ذكر من تمت مقابلتهم خصوصاً العصابات، وكذلك جهات إنفاذ القانون أو «جهات غير حكومية» مثل الجماعات المتمردة أو المسلحة.