في أفقر أحياء ريو دي جانيرو... فرق صحية هي خلاص المشرّدين

البرنامج «يصل إلى حيث لا يريد أحد الذهاب»

الفقر يطبع مخيّماً عشوائياً قذراً يمكن الوصول إليه عبر ثقب في الجدار (أ.ف.ب)
الفقر يطبع مخيّماً عشوائياً قذراً يمكن الوصول إليه عبر ثقب في الجدار (أ.ف.ب)
TT

في أفقر أحياء ريو دي جانيرو... فرق صحية هي خلاص المشرّدين

الفقر يطبع مخيّماً عشوائياً قذراً يمكن الوصول إليه عبر ثقب في الجدار (أ.ف.ب)
الفقر يطبع مخيّماً عشوائياً قذراً يمكن الوصول إليه عبر ثقب في الجدار (أ.ف.ب)

تقدّم الطبيبة ياسمين ناسيمنتو الرعاية الصحية لمرضى معظمهم مدمنو مخدّرات ومشرّدون لا عناوين لهم ولا أرقام هواتف؛ يجعلون من أحد الأحياء الفقيرة في ريو دي جانيرو مكان إقامتهم.

وتمضي ناسيمنتو (33 عاماً) أيامها في الجانب الشمالي الفقير من ريو، لتقديم الرعاية الصحية للمرضى المشرّدين في الشوارع أو تحت الجسور أو في مكان يُطلق عليه فريقها «الكهف»، وهو مخيّم عشوائي قذر يمكن الوصول إليه عبر ثقب في الجدار. ويقع هذا المكان المليء بالنفايات ومياه المجاري أسفل خط قطار أنفاق؛ وذلك عوضاً عن العمل في عيادة خاصة أو مستشفى في أحد الأحياء الراقية في ثاني كبرى المدن البرازيلية، وفق «وكالة الصحافة الفرنسية».

أحد أفقر أحياء ريو دي جانيرو ينجو بمنقذي الإنسانية (أ.ف.ب)

وهي تعمل ضمن برنامج «كونسولتوريو نا روا» المحلي أو «عيادة الشارع» الذي يوفر الرعاية الصحية لبعض المناطق الأكثر فقراً وتهميشاً في هذه المدينة التي يبلغ عدد سكانها 6 ملايين نسمة والمعروفة بعدم المساواة على نطاق واسع. تقول ناسيمنتو: «الطبّ تبادُل. عملي في (عيادة الشارع) يلائمني لأنني أستطيع إنشاء علاقة مع المرضى».

عوض العمل في عيادة خاصة تختار الطبيبة ياسمين ناسيمنتو الدرب الصعب (أ.ف.ب)

يضم البرنامج 13 فريقاً في كل أنحاء المدينة، يشمل كل منه طبيباً وطبيباً نفسياً وممرّضين ومتخصّصين اجتماعيين وسائقاً؛ وهم يعملون معاً لمحاولة تحقيق وعد البرازيل بالرعاية الصحية الشاملة لنحو 8 آلاف شخص بلا مأوى في المدينة.

تبقى هذه الفرق التي يمكن تحديد أعضائها بسهولة من خلال ستراتهم الزرقاء، على اتصال دائم مع الأشخاص المشرّدين والمدمنين، مما يخلق شعوراً بالثقة، فتصل إلى أجزاء من المدينة لا يمكن أي جهة عامة أخرى الوصول إليها، ولا حتى الشرطة.

هذا البرنامج الصحي «يصل إلى حيث لا يريد أحد الذهاب» (أ.ف.ب)

روى رجل مشرّد خارج حي جاكاريزينيو الفقير كيف انتهى به المطاف في الشارع، بينما كان الفريق الصحي يكمل جولته. وأخبر هذا الرجل الأربعيني المتخصّص في الهندسة الروبوتية، متحدثاً الإنجليزية بطلاقة، أنه كان يعمل في منصات تنقيب عن النفط في كل أنحاء العالم. وهناك، في وسط المحيط، دخّن كراك الكوكايين للمرة الأولى. وأضاف: «تركتُ منصة النفط وبحثتُ عن أول مكان يمكنني شراء الكراك فيه، ولم أعد إلى تلك الحياة أبداً».

تمضي ناسيمنتو أيامها في الجانب الشمالي الفقير من ريو لتقديم الرعاية الصحية للمرضى (أ.ف.ب)

من جهتها، تقول الممرّضة كويسيا فيريرا (28 عاماً) إنّ البرنامج «يصل إلى حيث لا يريد أحد الذهاب»، فيما كان يستعد فريقها لتلقيح أشخاص مشرّدين ضد «كوفيد-19» و«الإنفلونزا». وأضافت أنه رغم المشكلات التي تواجهها العيادات البرازيلية التي تعمل فوق طاقتها، فإنّ «الخروج وتقديم الرعاية الصحية في الشوارع هو مثال على نظام صحة عامة فعّال بالنسبة إلى السكان».

تقدّم الطبيبة ياسمين ناسيمنتو الرعاية الصحية لمرضى معظمهم مدمنو مخدّرات ومشرّدون (أ.ف.ب)

غادرت إحدى مريضات «الكهف» مسكنها لأنّ زوجها أساء إليها، وفي الشارع، أصبحت مدمنة مخدرات. رغم كل البؤس، تبتسم المرأة وهي ترحّب بكل عضو في الفريق الصحي باسمه. تقول: «هؤلاء السيدات هنَّ كل شيء بالنسبة إلينا»، مضيفة: «إنهن في المرتبة الثانية بعد الله في حياتي. إنهن يعتنين بنا. وأنا أحبهن أكثر من أزواجهن».


مقالات ذات صلة

ما يقرب من مليوني إسرائيلي تحت خط الفقر خلال عام 2023

شؤون إقليمية ما يقرب من مليوني إسرائيلي تحت خط الفقر خلال عام 2023

ما يقرب من مليوني إسرائيلي تحت خط الفقر خلال عام 2023

كشف تقرير سنوي صادر عن المعهد الوطني للتأمين في إسرائيل عن أرقام صادمة تتعلق بمعدلات الفقر في البلاد خلال عام 2023.

«الشرق الأوسط» (لندن)
شؤون إقليمية متظاهرون يرفعون لافتات خلال احتجاجات مناهضة لحكومة رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في تل أبيب (أرشيفية - أ.ف.ب)

ربع سكان إسرائيل ونحو 40 % من الأطفال يواجهون انعدام أمن غذائي

يعيش في إسرائيل 2.756.000 مليون شخص فقير، أي 28.7 في المائة من إجمالي السكان، بينهم 1.240.000 مليون طفل يشكلون 39.6 في المائة من الأطفال.

«الشرق الأوسط» (تل أبيب)
الاقتصاد سيدة تسير أمام مقر البنك الدولي في العاصمة الأميركية واشنطن (أ.ف.ب)

البنك الدولي يعلن تخصيص 100 مليار دولار للدول الأشد فقراً

قدمت دول مانحة تعهدات قياسية بإجمالي 100 مليار دولار على مدى 3 سنوات للصندوق التابع للبنك الدولي المعني بمساعدة البلدان الأكثر فقراً.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
الاقتصاد فلسطينيون يتجمّعون في مواقع الغارات الإسرائيلية على المنازل والمباني السكنية في بيت لاهيا شمال قطاع غزة (رويترز)

تقرير أممي: آثار الحرب أدت إلى تراجع التنمية في غزة بما يناهز 69 عاماً

توقع تقرير أممي جديد أن يرتفع معدل الفقر في دولة فلسطين إلى 74.3 في المائة في عام 2024، ليشمل 4.1 مليون من المواطنين.

«الشرق الأوسط» (عمان)
الاقتصاد أطفال ينتظرون الغداء في كوخهم بصنعاء (رويترز)

البنك الدولي: 26 من أفقر الدول تعاني ديوناً غير مسبوقة منذ 2006

أظهر تقرير جديد للبنك الدولي أن أفقر 26 دولة بالعالم، التي تضم 40 في المائة من أكثر الناس فقراً، تعاني أعباء ديون غير مسبوقة منذ عام 2006.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)

علماء يُثبتون قدرة خلايا القلب على التَّجدد

قصور القلب يؤثر على نحو 30 مليون شخص عالمياً (جامعة أريزونا)
قصور القلب يؤثر على نحو 30 مليون شخص عالمياً (جامعة أريزونا)
TT

علماء يُثبتون قدرة خلايا القلب على التَّجدد

قصور القلب يؤثر على نحو 30 مليون شخص عالمياً (جامعة أريزونا)
قصور القلب يؤثر على نحو 30 مليون شخص عالمياً (جامعة أريزونا)

أثبتَ فريق بحثي دولي بقيادة علماء من جامعة أريزونا الأميركية قدرة خلايا عضلة القلب على التّجدد لدى بعض مرضى قصور القلب الذين يعتمدون على القلوب الاصطناعية.

وأوضح الباحثون أن دراستهم تُغيّر المفهوم السائد منذ عقود بأن خلايا القلب لا تستطيع التّجدد، ونُشرت النتائج، الجمعة، في دورية (Circulation).

وقُصور القلب، أو فشل القلب، هو حالة مُزمنة يعجز فيها القلب عن ضخ الدم بكفاءة كافية لتلبية احتياجات الجسم من الأكسجين والمغذيات. يحدث ذلك نتيجة ضعفٍ أو تصلُّبٍ في عضلة القلب، مما يؤدي إلى تراجع وظيفتها. يُصنّف قُصور القلب واحداً من أبرز تحدّيات الطّب الحديث، إذ يؤثر على نحو 30 مليون شخصٍ عالمياً، بما في ذلك نحو 7 ملايين بالغٍ في الولايات المتحدة، وفقاً للمراكز الأميركية للسيطرة على الأمراض والوقاية منها.

وعلى الرغم من أن الأدوية والعلاجات المُتاحة تُساعد في تخفيف الأعراض وإبطاء تقدّم المرض، فإن العلاجات المتاحة للحالات المتقدمة تقتصر على زراعة القلب أو استخدام مضخّات اصطناعية مثل جهاز دعم البطين الأيسر لتقوية ضخِّ الدم.

وتشير الأبحاث إلى أن قدرة خلايا عضلة القلب على التّجدد بعد الأزمات القلبية تُعد محدودة للغاية، على عكس أنسجة أخرى في الجسم مثل الجلد أو الكبد. وعند تعرض القلب لضررٍ، تتعرض الخلايا للتلف ويُستبدل بها غالباً نسيجٌ ليفي غير قادرٍ على الانقباض أو المساهمة في ضخِّ الدم.

ويرجع ذلك إلى أن خلايا القلب العضلية تتوقف عن الانقسام الطبيعي بعد الولادة، وتُكرِّس وظيفتها لضخِّ الدم بشكل مستمر، مما يُضعف قدرتها على التّجدد.

لكن الدراسة أظهرت أن نحو 25 في المائة من المرضى الذين يعتمدون على القلوب الاصطناعية تمكّنوا من تجديد خلايا عضلة القلب بمعدل يفوق 6 أضعاف المعدل الطبيعي للقلوب السليمة.

وفسَّر الباحثون ذلك بأن الأجهزة الاصطناعية مثل جهاز دعم البطين الأيسر، تُخفّف العبء عن القلب وتمنحه «راحة» من ضخِّ الدّم، مما يُتيح للأنسجة القلبية فرصة للتّجدد.

وقال الدكتور هشام صادق، الباحث الرئيسي للدراسة ورئيس أقسام القلب في جامعة أريزونا، إن هذه النتائج تُقدّم أقوى دليلٍ حتى الآن على أن عضلة القلب البشرية قادرة على التّجدد.

وأضاف عبر موقع الجامعة أن «عدم قدرة القلب على الراحة المستمرة بعد الولادة هو العامل الأساسي الذي يُفقد خلايا القلب هذه القدرة الطبيعية».

وأشار الفريق إلى أن هذه النتائج تُمثّل خطوةً كبيرة نحو فهمٍ أعمقَ لقدرة القلب البشري على التّجدد، مما يفتح الباب لتطوير علاجات جذرية تستهدف تعزيز هذه القدرة بدلاً من الاكتفاء بإبطاء تقدم المرض. كما يهدف الباحثون إلى تحديد العوامل التي تُمكّن ربع المرضى فقط، من تجديد خلايا القلب بمعدلات مرتفعة، لتحسين هذه القدرة لدى المزيد من المرضى.