انقسام أميركي حيال استقبال اللاجئين السوريين

منظمات إنسانية تستعد للترحيب بهم وسط تردد حكومي

طفلة تنظر عبر السياج وهي تنتظر برفقة لاجئين آخرين وصول الحافلات في مدينة نيكلسدورف النمساوية أمس (أ.ب)، لاجئون في طريقهم إلى صربيا بعد انهائهم الإجراءات في ماقادونيا (إ.ب.أ)، لاجئون سوريون لدى وصولهم إلى جزيرة ليسفوس اليونانية أمس (إ.ب.أ)
طفلة تنظر عبر السياج وهي تنتظر برفقة لاجئين آخرين وصول الحافلات في مدينة نيكلسدورف النمساوية أمس (أ.ب)، لاجئون في طريقهم إلى صربيا بعد انهائهم الإجراءات في ماقادونيا (إ.ب.أ)، لاجئون سوريون لدى وصولهم إلى جزيرة ليسفوس اليونانية أمس (إ.ب.أ)
TT

انقسام أميركي حيال استقبال اللاجئين السوريين

طفلة تنظر عبر السياج وهي تنتظر برفقة لاجئين آخرين وصول الحافلات في مدينة نيكلسدورف النمساوية أمس (أ.ب)، لاجئون في طريقهم إلى صربيا بعد انهائهم الإجراءات في ماقادونيا (إ.ب.أ)، لاجئون سوريون لدى وصولهم إلى جزيرة ليسفوس اليونانية أمس (إ.ب.أ)
طفلة تنظر عبر السياج وهي تنتظر برفقة لاجئين آخرين وصول الحافلات في مدينة نيكلسدورف النمساوية أمس (أ.ب)، لاجئون في طريقهم إلى صربيا بعد انهائهم الإجراءات في ماقادونيا (إ.ب.أ)، لاجئون سوريون لدى وصولهم إلى جزيرة ليسفوس اليونانية أمس (إ.ب.أ)

رغم تردد الحكومة الأميركية في قبول أعداد كبيرة من المهاجرين السوريين، ورغم مناهضة جمهوريي الكونغرس القوية لقبول أعداد كبيرة، أعلنت، أمس، منظمات إنسانية في واشنطن تأسيس تحالف لاستقبال المهاجرين وطالبت الرئيس باراك أوباما بقبول المزيد منهم.
وقالت شينا وارد، المتحدثة باسم مجلس اللاجئين الأميركي (آر سي يو إس إيه): «نتوقع أن تأتي أعداد كبيرة من اللاجئين إلى منطقة واشنطن، وذلك لأن عددًا من السوريين كانوا جاءوا إلى هنا. وهم، بطبيعة الحال، يفضلون الانضمام إلى أبناء وطنهم». وأضافت: «في الوقت الحاضر، نعمل على ترتيب أفضل السبل لنرحب بهم. فنحن نرتب لاستقبالهم في المطار (مطار دالس الدولي، خارج واشنطن)، ولإيوائهم، وإطعامهم، وتوفير ملابس ملائمة مع بداية فصل الشتاء. ثم نساعدهم في تقديم طلبات وظائف، وفي الحصول على بطاقات الضمان الاجتماعي. وفي الانخراط في دروس اللغة الإنجليزية. وفي مواجهة جوانب الحياة الأخرى».
من جانبها، أشارت صحيفة «واشنطن بوست»، نقلاً عن مسؤول في الخارجية الأميركية، أن أغلبية اللاجئين السوريين سيأتون بطائرات من مخيمات اللاجئين في لبنان، والأردن، وتركيا «بعد أن يتم تجهيزهم من قبل مسؤولي مكتب اللاجئين التابع للأمم المتحدة. وبعد أن يخضعوا لفحوصات أمنية مشددة من قبل الاستخباراتيين الأميركيين». وتوقعت الصحيفة، بعد أن يمر المهاجرون الجدد بمراحل الاستقبال والاستقرار والفحوص الطبية ودروس اللغة الإنجليزية، بأن تنقل نسبة كبيرة منهم إلى عشرات الأماكن في جميع أنحاء البلاد. أو الانضمام إلى الجاليات السورية في مدن مثل ديترويت وسان دييغو، وغيرهما من المدن متوسطة الحجم، وحيث تكاليف المعيشة أقل. كما أكدت احتمالية استقرار نسبة كبيرة منهم في منطقة واشنطن.
في سياق متصل، أرسل تحالف المنظمات الإنسانية لاستقبال اللاجئين السوريين خطابًا مشتركًا إلى الرئيس أوباما طالب فيه بأن تقبل الولايات المتحدة ربع مليون لاجئ سوري خلال العام الحالي، وأن يرتفع العدد خلال الأعوام القادمة. وجاء في نص الخطاب: «صار واضحًا جدًا، وبما فيه الكفاية، أن مشكلة سوريا لن تنتهي قريبًا. لهذا، يتحتم على الأميركيين أن يفتحوا أبوابهم، على أوسع نطاق، للاجئين من سوريا. وذلك على غرار ما فعلناه مع اللاجئين الفيتناميين نهاية حرب فيتنام». ومن دون الإشارة إلى السياسة الأميركية في الشرق الأوسط وإلى دورها في تفاقم الأزمة السورية، أشار الخطاب إلى أكثر من سبب، موضحًا: «أولاً: ليس الشعب الأميركي إلا شعبًا من المهاجرين. ثانيًا: سيساهم ذلك في تشجيع إجراءات مماثلة من طرف الدول الأوروبية. ثالثًا: سنساهم في منع مزيد من المعاناة وسوء المعاملة والظلم الذي يتعرض له اللاجئون السوريون الذين فروا إلى دول مجاورة».
وقال ستيفان بومان، رئيس منظمة الإغاثة العالمية المسيحية: «نعتقد أن كل كنيسة يجب أن ترحب بعائلات اللاجئين»، فيما أكدت ليندا هارتك، مديرة خدمات اللاجئين اللوثرية المسيحية، أن «قرار الحكومة باستقبال فقط 10 آلاف لاجئ سوري ليس كافيًا. هذا رقم ضئيل. نريد مزيدًا من اللاجئين، ومزيدًا من التحدي. هذه هي عقيدتنا». وكان مسؤول في الخارجية الأميركية قد أكد الأسبوع الماضي أن ميزانية توطين اللاجئين للسنة المالية الحالية تبلغ مليار دولار، وأنها كافية لتوطين 70 ألف لاجئ.
وحسب صحيفة «واشنطن بوست»، فإن 150 ألف سوري يعيش في الولايات المتحدة، هاجر نصفهم تقريبًا خلال السنوات القليلة الماضية، فيما استقرت نسبة غير صغيرة في الولايات المتحدة منذ عقود وأصبحت جزءًا من المجتمع الأميركي.
وتوقع بومان، رئيس منظمة الإغاثة العالمية المسيحية، أن يعارض أميركيون قدوم هذه الأعداد الكبيرة من اللاجئين، وأشار إلى ما يحدث في دول في شرق أوروبا، كالمجر وبولندا وصربيا، حيث تظاهر آلاف الأشخاص ضد استقبال اللاجئين. وعلّق: «نحن نرفع شعار الحب والسلام المسيحي»، مشددًا: «نظل نحزن حزنًا عارمًا بسبب صور العائلات الهاربة من الحرب السورية. وتظل الكنائس الأميركية مستعدة، كل الاستعداد، وراغبة، كل الرغبة، في الترحيب بالفارين من الحرب ومن الإرهاب في الشرق الأوسط».
وقال كيفين أبليبي، مدير قسم الهجرة في مؤتمر الأساقفة الكاثوليك الأميركيين: «شدد البابا فرانسيس على ما سماها إنسانيتنا المشتركة ويجب ألا تكون هناك أي حدود للاستجابة لهذه الدعوة البابوية». وقال إبليبيك إن خدمات المنظمة تستند على شعار «الحاجة لا العقيدة»، أي إن الكنيسة تساعد المؤمنين بأديان غير المسيحية. وأشار إلى أنه في كل عام، تساعد الكنائس الكاثوليكية في توطين 25 في المائة من اللاجئين الذين يأتون إلى الولايات المتحدة.
من جانبها، أفادت منظمة اللاجئين المسيحية اللوثرية أمس في صفحتها الرسمية على موقع «فيسبوك» بمعلومات حول كيفية التبرع لإيواء اللاجئين السوريين، وكيفية إيواء عائلات سورية لاجئة. وقالت الصفحة إن استفسارات كثيرة وصلت من عائلات أميركية تريد استضافة عائلات سورية مهاجرة.
في المقابل، نفى المتحدث باسم الخارجية، جون كيربي، الأسبوع الماضي، مسؤولية الولايات المتحدة في أزمة اللاجئين وفي قبول عدد كافٍ منهم خلال المؤتمر الصحافي اليومي في الخارجية الأميركية. وأوضح: «هذا البلد، الولايات المتحدة، يقبل اللاجئين من جميع أنحاء العالم بنسبة واحد إلى 40.000 أكثر من أي بلد آخر في العالم. ففي عام 2014، قبلنا 70.000 لاجئ. وبنهاية هذا العام المالي (الشهر القادم) نكون قبلنا 70000 لاجئ. وفي العام القادم، سيزيد العدد. وسنقود العالم، مرة أخرى، في إعادة توطين اللاجئين في بلدنا». ووسط مقاطعات الصحافيين، قال كيربي: «انتظروا ثانية! لا يوجد أي بلد آخر تبرع بكميات كبيرة من الأموال بهذا الهدف كالولايات المتحدة. ولا يوجد أي بلد آخر يبذل نفس الجهد والطاقة أكثر من الولايات المتحدة». وأضاف كيربي: «أنا لا أسعى إلى التباهي.. لكن، هذه الرأي بأننا لا تفعل ما فيه الكفاية، وأننا لا نهتم بما فيه الكفاية، هو رأي غير صائب».



ما دلالة تصنيف باراغواي «الإخوان» تنظيماً «إرهابياً»؟

محاكمة عناصر من «الإخوان» في القاهرة يوليو 2018 (أ.ف.ب)
محاكمة عناصر من «الإخوان» في القاهرة يوليو 2018 (أ.ف.ب)
TT

ما دلالة تصنيف باراغواي «الإخوان» تنظيماً «إرهابياً»؟

محاكمة عناصر من «الإخوان» في القاهرة يوليو 2018 (أ.ف.ب)
محاكمة عناصر من «الإخوان» في القاهرة يوليو 2018 (أ.ف.ب)

دفع تصنيف باراغواي «الإخوان» تنظيماً «إرهابياً» إلى تساؤلات حول تأثير القرار على مستقبل التنظيم وعناصره. يأتي هذا في ظل تصاعد الصراع بين «قيادات (الإخوان) في الخارج» حول قيادة التنظيم. وقال باحثون في الحركات المتطرفة والإرهاب إن «قرار باراغواي أشار إلى ارتباط (الإخوان) بـ(تنظيمات الإرهاب)، وقد يدفع القرار دولاً أخرى إلى أن تتخذ قرارات مماثلة ضد التنظيم».
ووافقت اللجنة الدائمة بكونغرس باراغواي على «اعتبار (الإخوان) (تنظيماً إرهابياً) يهدد الأمن والاستقرار الدوليين، ويشكل انتهاكاً خطيراً لمقاصد ومبادئ الأمم المتحدة». جاء ذلك في مشروع قرار تقدمت به ليليان سامانيغو، رئيسة لجنة الشؤون الخارجية بالكونغرس المكوّن من 45 عضواً. وقال البرلمان في بيان نشره عبر موقعه الإلكتروني (مساء الخميس) إن «تنظيم (الإخوان) الذي تأسس في مصر عام 1928، يقدم المساعدة الآيديولوجية لمن يستخدم (العنف) ويهدد الاستقرار والأمن في كل من الشرق والغرب». وأضاف البيان أن «باراغواي ترفض رفضاً قاطعاً جميع الأعمال والأساليب والممارسات (الإرهابية)».
ووفق تقارير محلية في باراغواي، فإن باراغواي رأت في وقت سابق أن «(حزب الله)، و(القاعدة)، و(داعش) وغيرها، منظمات (إرهابية)، في إطار مشاركتها في الحرب على (الإرهاب)». وقالت التقارير إن «تصنيف (الإخوان) من شأنه أن يحدّ من قدرة هذه الجماعات على التخطيط لهجمات (إرهابية) وزعزعة استقرار الدول». كما تحدثت التقارير عن دول أخرى أقرت خطوات مماثلة ضد «الإخوان» من بينها، روسيا، والمملكة العربية السعودية، ومصر، والإمارات، والبحرين.
وتصنف دول عربية عدة «الإخوان» تنظيماً «إرهابياً». وعدّت هيئة كبار العلماء في المملكة العربية السعودية التنظيم «جماعة إرهابية منحرفة» لا تمثل منهج الإسلام. وذكرت الهيئة في بيان لها، نوفمبر (تشرين الثاني) عام 2020، أن «(الإخوان) جماعة إرهابية لا تمثل منهج الإسلام وإنما تتبع أهدافها الحزبية المخالفة لهدي ديننا الحنيف، وتتستر بالدين وتمارس ما يخالفه من الفُرقة، وإثارة الفتنة، والعنف، والإرهاب». وحذّرت حينها من «الانتماء إلى (الإخوان) أو التعاطف مع التنظيم».
كذلك أكد مجلس الإمارات للإفتاء الشرعي أن كل مجموعة أو تنظيم يسعى للفتنة أو يمارس العنف أو يحرّض عليه، هو تنظيم إرهابي مهما كان اسمه أو دعوته، معتبراً «(الإخوان) تنظيماً (إرهابياً)».
وتحظر الحكومة المصرية «الإخوان» منذ عام 2014، وقد عدّته «تنظيماً إرهابياً». ويخضع مئات من قادة وأنصار التنظيم حالياً، وعلى رأسهم المرشد العام محمد بديع، لمحاكمات في قضايا يتعلق معظمها بـ«التحريض على العنف»، صدرت في بعضها أحكام بالإعدام، والسجن «المشدد والمؤبد».
وحسب الباحث المصري المتخصص في شؤون الحركات المتطرفة والإرهاب الدولي، منير أديب، فإن «تصنيف باراغواي (الإخوان) يؤكد الاتهامات التي توجَّه إلى التنظيم، بأن تنظيمات العنف خرجت من رحم (الإخوان)، أو أنها نهلت من أفكار التنظيم»، لافتاً إلى أن «قرار باراغواي أشار إلى أن (الإخوان) وفّر الحماية لتنظيمات التطرف التي نشأت في الشرق والغرب». وأضاف لـ«الشرق الأوسط» أن «قرار بعض الدول العربية في وقت سابق حظر (الإخوان) يعود إلى أمرين؛ الأول أن التنظيم مارس العنف، والآخر أن التنظيم وفّر الحماية لجماعات الإرهاب».
وفي وقت سابق أكدت وزارة الأوقاف المصرية «حُرمة الانضمام لـ(الإخوان)»، مشيرةً إلى أن التنظيم يمثل «الخطر الأكبر على الأمن القومي العربي». وفي فبراير (شباط) 2022 قالت دار الإفتاء المصرية إن «جميع الجماعات الإرهابية خرجت من عباءة (الإخوان)». وفي مايو (أيار) الماضي، قام مفتي مصر شوقي علام، بتوزيع تقرير «موثق» باللغة الإنجليزية على أعضاء البرلمان البريطاني يكشف منهج «الإخوان» منذ نشأة التنظيم وارتباطه بـ«التنظيمات الإرهابية». وقدم التقرير كثيراً من الأدلة على علاقة «الإخوان» بـ«داعش» و«القاعدة»، وانضمام عدد كبير من أعضاء «الإخوان» لصفوف «داعش» عقب عزل محمد مرسي عن السلطة في مصر عام 2013، كما لفت إلى أذرع «الإخوان» من الحركات المسلحة مثل «لواء الثورة» و«حسم».
وحول تأثير قرار تصنيف باراغواي «الإخوان» على «قيادات التنظيم في الخارج»، أكد الباحث المصري المتخصص في شؤون الحركات المتطرفة والإرهاب الدولي، أن «قرار باراغواي سوف يؤثر بالقطع على عناصر التنظيم في الخارج، لأن التنظيم يزعم أنه ينتشر في دول كثيرة حول العالم، ومثل هذا القرار يؤثر على عناصر (الإخوان) الموجودة في باراغواي وفي الدول المجاورة لها، كما أن القرار قد يدفع دولاً أخرى إلى اتخاذ قرار مماثل ضد (الإخوان)».
يأتي قرار باراغواي في وقت يتواصل الصراع بين «قيادات الإخوان في الخارج» حول منصب القائم بأعمال مرشد التنظيم. ويرى مراقبون أن «محاولات الصلح بين جبهتي (لندن) و(إسطنبول) لحسم الخلافات لم تنجح لعدم وجود توافق حول ملامح مستقبل التنظيم». والصراع بين جبهتي «لندن» و«إسطنبول» على منصب القائم بأعمال المرشد، سبقته خلافات كثيرة خلال الأشهر الماضية، عقب قيام إبراهيم منير، القائم بأعمال مرشد «الإخوان» السابق، بحلّ المكتب الإداري لشؤون التنظيم في تركيا، وقيامه بتشكيل «هيئة عليا» بديلة عن «مكتب إرشاد الإخوان». وتبع ذلك تشكيل «جبهة لندن»، «مجلس شورى» جديداً، وإعفاء أعضاء «مجلس شورى إسطنبول» الستة، ومحمود حسين (الذي يقود «جبهة إسطنبول»)، من مناصبهم.