الصفقات تتم من دون صوفي

نجمة التلفزيون الفرنسي ودّعت برنامجها الناجح

صوفي تسلم برنامجها لجوليا (غيتي)
صوفي تسلم برنامجها لجوليا (غيتي)
TT

الصفقات تتم من دون صوفي

صوفي تسلم برنامجها لجوليا (غيتي)
صوفي تسلم برنامجها لجوليا (غيتي)

بدأت حياتها في تقديم النشرة الجوية ثم تمكنت بإصرار سلحفاة أن تصبح أحد أقرب الوجوه إلى مشاهدي القناة التلفزيونية الثانية. ورغم شعبيتها، قررت صوفي دافان أن تتنازل عن برنامجها اليومي «تمت الصفقة» لصالح زميلتها جوليا فينالي. ولم يحدث من قبل أن يتخلى مذيع أو مذيعة عن برنامج ناجح يتابعه الملايين ويدرّ عليه دخلاً مادياً مجزياً. لكن النجمة الستينية الشقراء قالت إنها تنوي المضي إلى مغامرة مختلفة والانتقال إلى تقديم برنامج إذاعي بعنوان «صوفي والأصدقاء».

لعل من النادر أن يتفق النساء والرجال في فرنسا على محبة شخصية معينة. وهي كانت من هذه النوادر، إذ عرفت كيف تكسب القلوب من خلال البساطة والتواضع. هل كان لجمالها وشقرة شعرها وتسريحتها المنمقة دائماً وأبداً فضل في نجوميتها؟ من المؤكد أنها تعشق العمل وتخلص له. ولعل الحظ تدخل لصالحها مرة أو مرتين. يضاف إلى ذلك طبعها الهادئ المختلف عن الطبيعة المتوترة لعموم الفرنسيين. ومثل كل خلق الله مرت صوفي دافان بتجارب مهنية وعاطفية مريرة لكنها تجاوزتها ولم تحد عن درب السلحفاة التي لا تتورع عن السباق مع أرنب. فهي عانت كثيراً من الانفصال عن بيير سليد، زميلها في العمل وشريك حياتها ووالد ابنها وابنتها. لقد نشرت بعد تلك التجربة كتاباً بعنوان: «ما تعلمته حول نفسي». ومن ضمن ما قالته في الكتاب: «كنت أكره فكرة الطلاق لأنني نشأت في أسرة يترابط فيها الأب والأم مدى الحياة. لكنها كانت خطوة لا مفر منها بعد 23 عاماً من الحياة المشتركة».

برنامج «تمّت الصفقة» يتوج صوفي دافان رمزاً من رموز التلفزيون الفرنسي (غيتي)

بعد الطلاق، أثارت صوفي دافان دهشة جمهورها حين ارتبطت بعلاقة مع الكاتب والفيلسوف إريك أورسينا، عضو الأكاديمية الفرنسية الذي كان في عمر أبيها. لكن الحكاية لم تستمر سوى فترة قصيرة. وعادت المذيعة للتركيز على عملها. وفي تلك الفترة الحرجة من حياتها لعبت الصدفة دورها في تقدم المذيعة المثابرة. فقد اضطر أحد نجوم برامج «التوك شو» إلى الانسحاب بسبب إصابته بالمرض الخبيث وجيء بصوفي لتأخذ مكانه. كان الرهان صعباً ولا أحد يجرؤ على الحلول محله. لكنها تفوقت عليه وزادت أعداد متابعي البرنامج.

لم تكن صوفي دافان مهيأة لذلك النوع من الشهرة. فهي قد درست في الجامعة اللغتين الإنجليزية والألمانية، وكانت تأمل أن تشتغل مدرّسة بعد التخرج. وبما أنها كانت تقيم في جنوب غربي فرنسا، فقد أقنعها زميل لها بالتقدم لامتحان معهد الصحافة في مدينة بوردو، مسقط رأسها. وفيه دورة تدريبية لمدة 6 أشهر. وكان أول عمل لها في الإعلام هو اشتراكها مع زملائها في تقديم مجلة تلفزيونية للشباب. ومنها انتقلت إلى تقديم حالة الطقس. ثم تكفلت ابتسامتها وكلامها التلقائي الهادئ في تمهيد الطريق أمامها نحو البرامج الاجتماعية.

كانت ملامح وجهها الهادئة تريح ضيوفها، ونظرتها الآمنة تستحثّهم على البوح. وقد بلغ من نجاحها أنها كانت تقدم برنامجين متتابعين، أي كادت أن تحتكر فترتي الضحى وما بعد الظهيرة في القناة التلفزيونية الثانية، وهي القناة الرسمية التي يتابعها ملايين المشاهدين.

ثم جاء برنامج «تمّت الصفقة»، عام 2017 ليتوج صوفي دافان رمزاً من رموز التلفزيون. وفيه يأتي رجال ونساء من مختلف المدن والضواحي لكي يعرضوا حاجيات يودون بيعها، سواء أكانت قطع أثاث أو منحوتات ولوحات فنية أو أطقم سفرة. وهي تستقبلهم بمرافقة خبراء في المزادات يتولون تقييم السلعة، قبل أن ينتقل البائع للوقوف أمام مجموعة من تجار الأنتيكا، يزايدون على البضاعة ليستقر البيع على أحدهم. وينبع مصدر التشويق من تلك الحاجيات المطمورة في مخازن البيوت، التي توارثها الأبناء والأحفاد دون أن تروق لهم أو يعرفوا قيمتها الحقيقية. لكن كثيرين ممن يقصدون البرنامج يعترفون بأنهم غير مهتمين ببيع ما لديهم بقدر رغبتهم في اللقاء مع صوفي وتبادل الحديث معها.

وليس مثل السعادة مرهم لطرد التجاعيد. بلغت الستين وازدادت جمالاً مع التقدم في السن. وهي تبدو أصغر من عمرها بربع قرن. ووصف شاعر فرنسي لون عينيها بأنه يشبه ما يعثر عليه الصياد حين يفتح قوقعة لأصداف البحر. راحت شركات التجميل تخطب ودها وتقدم لها العروض المغرية للظهور في إعلانات الترويج لمستحضراتها. لكنها اعتذرت واكتفت بما لديها وقامت بتكذيب الشائعات التي تتحدث عن إجرائها عملية لشد الوجه. ولما استضافت في برنامجها سيدة قالت إنها تحافظ على جمال بشرتها من خلال مستحضر من مواد طبيعية تصنعه بنفسها، علّقت صوفي بالقول: «أنا أستخدم لعاب كلبي وهو فعّال جداً». وسرعان ما استغل البعض ذلك التصريح وراح يروج لمراهم عجيبة غريبة، عبر وسائل التواصل الاجتماعي، تحت عناوين مثيرة مثل: «سر شباب صوفي دافان». وكان هناك من اتهمها بالترويج لممارسات تؤدي إلى أمراض جلدية. واستشهدوا بمقال منشور في صحيفة «نيويورك تايمز» يؤكد أن الأشخاص الذين يسمحون لكلابهم وقططهم بلحس وجوههم، يصابون بالتهابات خطيرة. كانت ورطة كادت تفقدها شعبيتها لكنها تداركتها بذكاء وصبرت على العاصفة لحين مرورها.

مطلع الأسبوع الحالي ودّعت المذيعة المحبوبة جمهور التلفزيون لتجرب حظها في الإذاعة، حيث الصوت من دون الصورة. فما زالت الشاشة الصغيرة عصية على التصالح مع النجمات اللواتي يبلغن الستين، مهما كان رصيدهن لدى الجمهور.


مقالات ذات صلة

تصريحات «صادمة» لإيناس الدغيدي تعيدها إلى دائرة الجدل

يوميات الشرق إيناس الدغيدي تثير الجدل مجدداً (إنستغرام)

تصريحات «صادمة» لإيناس الدغيدي تعيدها إلى دائرة الجدل

أعادت تصريحات تلفزيونية جديدة وُصفت بأنها «صادمة» المخرجة المصرية إيناس الدغيدي إلى دائرة الجدل، حين تحدثت عن عدم ارتباطها بزواج عرفي لكنها عاشت «المساكنة».

«الشرق الأوسط» (القاهرة )
يوميات الشرق شخصية (برّاك) التي يقدمها كاكولي في المسلسل مليئة بالعقد النفسية (إنستغرام الفنان)

علي كاكولي لـ«الشرق الأوسط»: دوري في «فعل ماضي» مستفز

المسلسل الذي بدأ عرضه الخميس الماضي على منصة «شاهد»، يُظهر أنه لا هروب من الماضي؛ إذ تحاول هند تجاوز الليالي الحمراء التي شكّلت ماضيها.

إيمان الخطاف (الدمام)
إعلام الإعلامي الأميركي فيل دوناهيو (أ.ب)

وفاة رائد البرامج الحوارية في أميركا فيل دوناهيو عن 88 عاماً

توفي فيل دوناهيو، الذي غيّر وجه التلفزيون الأميركي في الفترة الصباحية ببرنامج حواري كان يسلط الضوء على قضايا اجتماعية وسياسية راهنة ومثيرة للجدل، عن 88 عاماً.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
يوميات الشرق «مش مهم الاسم» أحدث أعمالها الدرامية (إنستغرام)

رولا بقسماتي تطل في «جنون فنون» على شاشة «إل بي سي آي»

في «جنون فنون» تتفنن رولا بقسماتي بفضل سرعة البديهة والعفوية اللتين تتمتع بهما. البرنامج يعتمد على التسلية والترفيه.

فيفيان حداد (بيروت)
يوميات الشرق الإعلامي الساخر باسم يوسف (صفحته في «فيسبوك»)

أنظارٌ على احتمال عودة باسم يوسف إلى الشاشة عبر «آرابس غوت تالنت»

اختيار باسم يوسف للظهور في برنامج مسابقات ضخم هو انعكاس للمعايير الجديدة لاختيار وجوه مشهورة على الشاشات لجذب الجمهور.

منى أبو النصر (القاهرة )

معرض فوتوغرافي يستعيد «الخضرة والوجه الحسن» في مصر 

حديقة الحيوان في الثمانينات (مركز بساط الثقافي)
حديقة الحيوان في الثمانينات (مركز بساط الثقافي)
TT

معرض فوتوغرافي يستعيد «الخضرة والوجه الحسن» في مصر 

حديقة الحيوان في الثمانينات (مركز بساط الثقافي)
حديقة الحيوان في الثمانينات (مركز بساط الثقافي)

تستعيد صور فوتوغرافية فكرة النزهة العائلية «المُفتَقَدة» في الحدائق العامة، التي طالما كانت متنفساً لأغلب الأسر المصرية، وهي ما تبدو أنها صارت بعيدة المنال مع تعرُض عديد من الحدائق العامة للإهمال، أو إخضاعها لخطط التطوير، أو تقلص مساحاتها مع ابتلاع الأرصفة لها، وهي نقاط ترددت أصداؤها ونقاشاتها في أروقة فعالية «أغسطس الأخضر» التي اختتم بها القائمون على «مركز بساط الثقافي» بالقاهرة شهر أغسطس (آب)، مع الدعوة لاستحضار ذكريات الحدائق وهوامشها الاجتماعية.

وبعد دعوة أطلقها «مركز بساط الثقافي» بالقاهرة، عبر مواقع التواصل، لاستقبال صور من الأرشيف العائلي الشخصي في الحدائق، فوجئت مديرة المركز، دعاء الشريف، بتدفق المشارَكات من الصور التي شاركها الجمهور مع القائمين عليه، في احتفاءٍ بذاكرة الحدائق والمتنزهات.

لقطة من حديقة الأزهر وسط القاهرة (مركز بساط الثقافي)

«كان الغرض من المعرض الفوتوغرافي بشكل رئيسي ملاحظة تغيّر ممارساتنا الاجتماعية في الحدائق، والمساحات التي تقلّصت. لاحظنا كثيراً من الأشجار التي اختفت، والحدائق التي لم نعد نعرف أسماءها، وذلك من خلال صور عادية شاركت معنا حكايات أصحابها الشخصية مع الحدائق، بعضهم دوّن اسم الحديقة مع تاريخ تصوير الصور، وآخرون لم يجدوا حدائق فقاموا بمشاركة صورهم داخل مساحات خضراء ضيقة أو حتى اكتفوا بتصوير ورود عبروا بجوارها، وهي توثق فترة تمتد من الخمسينات حتى هذا العام، بكثير من المشاعر التي افتقدها الناس بتقلص اللون الأخضر» وفق ما قالته دعاء لـ«الشرق الأوسط».

أطفال جيل الثمانينات (مركز بساط الثقافي)

ويمكن من خلال التجوّل بين الصور المعروضة، التقاط ملامح من حدائق الخمسينات، حيث الألفة تطغى على كادرات حديقة «الأندلس» العريقة، و«حديقة الحيوان» بالجيزة، التي ظهرت في أكثر من لقطة، ما بين لقطات لها في الخمسينات وأخرى في فترة الثمانينات، في استعادة لواحدة من أشهر حدائق مصر التي تم إغلاق أبوابها أمام الجمهور منذ عامين بعد إدراجها للتطوير، ويعود تأسيسها إلى عام 1891 وتعدّ أكبر حدائق الحيوان في منطقة الشرق الأوسط من حيث المساحة، حيث تقع على نحو 80 فداناً.

لقطة عائلية في حديقة الحيوان (مركز بساط الثقافي)

وهناك صور خلت من العنصر البشري، اعتمد أصحابها على توثيق زياراتهم لها؛ مثل حديقة «قصر عابدين» الأثري، وصور مُلتقطة من داخل حديقة «الأورمان» بأشجارها وزهورها النادرة، علاوة على تكوينات أظهرت كثيراً من ملامح البهجة في حديقة «الأزهر» ما بين صور لأمهات يلتقطن أنفاسهن وسط اللون الأخضر، وصور بالأبيض والأسود لحديقة النباتات بأسوان (جنوب مصر)، وأطفال يطلقون العنان للعب.

وفي تعميق للارتباط المتجذر بين اللون الأخضر وذاكرة المدينة، دارت محاضرة «المياه والخضرة والوجه الحسن» ضمن فعاليات المعرض، التي تحدثت فيها المهندسة علياء نصار، مؤسسة «مدرسة خزانة للتراث»، التي تعدّ أن «إحياء ذاكرة الأماكن والتراث يبقيها حيّة حتى لو نالها التغيير، فليست فقط الحدائق التي يتم تقليصها لأغراض التطوير، ولكن حتى الشجر يُقطع من مكانه، وصار يختفي تدريجياً من الشوارع»، كما تقول في حديثها مع «الشرق الأوسط».

حديقة الأندلس الشهيرة (مركز بساط الثقافي)

وتضيف أن «مسألة الاهتمام بالحدائق والمساحات الخضراء طالما ارتبطت تاريخياً بالاهتمام بالتخطيط البيئي للمدن، حيث كان هناك قديماً اتجاه حدائق بينية بين العمارات بمساحات مختلفة، فكانت تمثل متنزهات صغيرة للأهالي مثلما كان في شوارع شبرا، مروراً بالاهتمام بتخصيص كيانات للاهتمام بالزراعة والبستنة مثل (المعرض الزراعي الصناعي) الذي تأسس عام 1897، وكان حدثاً يفتتحه الملك، ثم صار يفتتحه الرئيس الراحل جمال عبد الناصر، وقد ظهر في فيلم (حب حتى العبادة) وهو من بطولة صلاح ذو الفقار وتحية كاريوكا».

اللون الأخضر يتسع للجميع (مركز بساط الثقافي)

وتعدّ المهندسة علياء نصار أن «ذاكرة السينما مصدر مهم لتتبع تاريخ الحدائق في مصر» على حد تعبيرها، وتقول: «السينما أرّخت لعديد من الحدائق التي لم نعد نعلم أسماء كثير منها، كما أنها احتفظت بذاكرة حدائق ارتبطت بقصص حب شهيرة في الخمسينات والستينات، وأشهرها حديقة الأسماك، وحديقة الحيوان، وحديقة الأندلس».