السعودية: هندي تسكنه المأساة بعد 10 أعوام على «تفجيرات الرياض»

ذكرى «تفجيرات 2003»: قصص مأساوية لا تفارق ناجين ينتظرون الحكم على «خلية الدندني»

السعودية: هندي تسكنه المأساة بعد 10 أعوام على «تفجيرات الرياض»
TT

السعودية: هندي تسكنه المأساة بعد 10 أعوام على «تفجيرات الرياض»

السعودية: هندي تسكنه المأساة بعد 10 أعوام على «تفجيرات الرياض»

كان بشير العامل الهندي في مجمع الحمراء شرق مدينة الرياض يحاول جاهدا تسديد كرة صحيحة إلى خصمه في ملعب الكريكيت، عندما هز انفجار ضخم المجمع وحول ليل الاثنين 12 مايو (أيار) 2003 إلى جحيم.
لم يدرك بشير ورفاقه الذين كانوا يلعبون الكريكيت ما حدث في بداية الأمر، فالصدمة كبيرة والانفجارات الهائلة تتوالى وإطلاق الرصاص لا يهدأ، وأصوات استغاثة الناس تسمع في أرجاء مجمع الحمراء الذي استهدفه عناصر من تنظيم القاعدة في عملية إرهابية أطلقوا عليها «غزوة الرياض».
وتحدث بشير الذي نجا من تفجيرات مجمع الحمراء عن تفاصيل ذلك اليوم الذي لا ينساه رغم مرور 10 أعوام على حدوث التفجيرات، واصفا ما حدث بـ«ليلة الرعب» التي نشرت الهلع والدمار بين الأهالي.
وقال بشير لـ«الشرق الأوسط»: «19 فيللا دمرت تماما، والسيارات سحقت نتيجة شدة الانفجار، إلا أن ذلك لم يكن كافيا للمهاجمين فبدأوا إطلاق وابل من الرصاص على من يصادفون داخل المجمع، وأذكر أن السكان حينها بدأوا الركض في كل اتجاه بحثا عن ابن أو قريب تصادف وجوده قرب المواجهات رغم خطورة الوضع».
ولفت إلى أن العاملين في المجمع لم يذوقوا طعم النوم لثلاثة أيام متواصلة بعد هذه التفجيرات، لأنهم عملوا على تسلم البلاغات من السكان ومحاولة تسيير الأمور، خصوصا عقب انقطاع الماء والكهرباء لأكثر من أسبوع عن المجمع بأسره.
ولم يبقَ شيء في المجمع كما كان، كما قال العامل بشير: «كل شيء تغير بعد مرور 10 أعوام على هذه الحادثة الأليمة، وموقع الانفجار والدمار أصبح الآن حديقة بمثابة ذكرى لضحايا الهجمات، وننتظر بفارغ الصبر إصدار الحكم القضائي بحق المتهمين».
ولكن بشير ورفاقه لم يعلموا وقت حدوث التفجيرات في مجمع الحمراء أن ساكني مجمعين آخرين في الرياض يعيشون تفاصيل «ليلة الرعب» ذاتها، إذ هاجم 9 مسلحين وانتحاريين بأربع سيارات مفخخة ثلاثة مجمعات سكنية في وقت متزامن شرق مدينة الرياض، هي مجمع درة الجداول ومجمع شركة «فينيل» إضافة إلى مجمع الحمراء، وأسفر عن تفجير المجمعات الثلاثة 34 قتيلا، منهم سبعة سعوديين وأردنيان وثلاثة فلبينيين ولبناني وسويسري وآيرلندي وسبعة أميركيين وأسترالي واحد، إضافة إلى منفذي العمليات الانتحارية، أما الجرحى فبلغوا 194 شخصا من جنسيات مختلفة.
وفي غضون شهرين من التفجيرات تمكنت الأجهزة الأمنية من القبض على 124 شخصا من جنسيات مختلفة، لهم صلة مباشرة بالتفجيرات، منهم 34 شخصا في الرياض، و43 شخصا في المدينة المنورة، و27 رجلا و5 نساء في مكة المكرمة، إضافة إلى عدد ممن لهم صلات غير مباشرة.
وكان الانفجار الذي وقع في منزل في مدينة الرياض عام 2003م مقدمة لظهور نشاط تنظيم القاعدة في السعودية، إذ حاول فهد الصاعدي تصنيع قنبلة بطريقة بدائية في الخامس عشر من شهر مارس (آذار) 2003م، لكن القنبلة انفجرت فيه، ما أدى إلى مقتله في حي الجزيرة شرق مدينة الرياض.
وعقب ثلاثة أشهر، ضبط رجال الأمن كمية من المتفجرات والأسلحة والذخائر قرب عدد من المجمعات السكنية الخاصة في الحي ذاته، ما استدعى تشديد الاحترازات الأمنية عند المجمعات كافة تحسبا لوقوع أي عملية لتنظيم القاعدة.
ولم تمضِ سوى ستة أيام على كشف رجال الأمن هوية المتورطين في العمليتين السابقتين، وإعلان وزارة الداخلية السعودية عن أولى قوائمها للمطلوبين الأمنيين التي تضمنت 19 شخصا، حتى سمع دوي الانفجارات الثلاثة في العاصمة السعودية.
وفي الثامن من نوفمبر (تشرين الثاني) عام 2003 هزت انفجارات مجمع المحيا السكني غرب مدينة الرياض، إذ مر أفراد من تنظيم القاعدة مستقلين سيارة من طراز «مكسيما» أمام مجمع المحيا السكني، وألقوا قنابل يدوية على الحراسات الموجودة أمام بوابة المجمع وأطلقوا وابلا من النار عليهم، وأعقب ذلك إدخال المجموعة المهاجمة سيارة جيب مطلية بلون أحد القطاعات الأمنية ومحملة بمتفجرات تزن 300 كيلوغرام إلى المجمع وتفجيرها في عملية انتحارية نتج عنها وفاة 17 شخصا وإصابة 122 من جنسيات مختلفة، وجرى التعرف على اثنين من منفذي التفجيرات من خلال فحص الحمض النووي.
وبعد عمليات أمنية عدة من العام ذاته، تمكنت الأجهزة الأمنية من إحباط محاولات عدة لتفجير مواقع متفرقة، إضافة إلى مداهمة استراحات ومزارع وعمائر سكنية في مختلف المدن السعودية (مكة وجدة والقصيم وجازان والرياض)، أدت إلى القبض على خلايا عدة من التنظيم ومقتل عدد آخر.
وعقب التفجيرات التي طالت عددا من المجمعات السكنية عام 2003، أعلنت وزارة الداخلية عن أولى قوائمها الأمنية لـ26 مطلوبا، كان على رأس قائمتها عبد العزيز المقرن، راصدة مكافآت مالية بلغت مليون ريال سعودي لكل من يدلي بمعلومات تؤدي إلى القبض على أحد المطلوبين أمنيا، وخمسة ملايين ريال لكل من يدلي بمعلومات تؤدي إلى القبض على مجموعة من المطلوبين، وسبعة ملايين ريال لكل من يسهم في إحباط عمل إجرامي.
وقبل أن ينتهي عام 2003 بث التلفزيون السعودي عبر قناته الأولى حوارا أجراه الشيخ عائض القرني مع عدد ممن تراجعوا عن أفكارهم، مثل الشيخ علي بن خضير الخضير الذي أعلن تراجعه عن الفتاوى التكفيرية السابقة في أكتوبر (تشرين الأول) 2003م، إضافة إلى حوار آخر مع الشيخ ناصر الفهد والشيخ أحمد الخالدي، كما أن الشيخ عائض القرني نفسه تراجع عما حمله من فكر مشابه لسابقيه قبل هذا التوقيت بثلاثة أشهر.
إلا أنه في الأعوام الثلاثة التالية تحولت المواجهات الأمنية وأخذت منحى آخر من خلال الضربات الأمنية الاستباقية لعدد من أفراد وخلايا تنظيم القاعدة في المدن السعودية قبل تنفيذ العمليات، أسفرت إحداها عن مقتل 6 من رجال الأمن خلال محاولة إلقاء القبض على المطلوب خالد بن جوير الفراج.
وكان لما حققته الأجهزة الأمنية منذ 2004 من نجاح كبير في رصد وتعقب المطلوبين وإلقاء القبض على عدد منهم ومقتل عدد آخر، دور كبير في رفع حدة سخونة الأحداث في العام ذاته في المدن السعودية كافة، إذ شهد ذلك العام تفجيرا انتحاريا أمام مبنى المرور بالرياض أسفر عن مقتل 6 أشخاص وإصابة أكثر من 200 موظف مدني وعسكري، تلا ذلك عملية ينبع في مايو 2004 التي أسفرت عن مقتل خمسة غربيين وإصابة 18 آخرين بعد إطلاق النار من قبل 4 أفراد من تنظيم القاعدة على العاملين في المقر، وشهدت مدينة الخبر أيضا في 30 مايو 2004 إطلاق نار كثيفا من قبل 4 مطلوبين على مقر إحدى الشركات والهجوم على مجمع «واحة عبد العزيز»، واستمرت العملية الأمنية حتى صباح اليوم التالي، ثم استيقظ أهالي مدينة جدة صباح يوم الاثنين 6 ديسمبر (كانون الأول) 2004 على صوت انفجار قنابل ألقاها 5 أفراد من التنظيم على بوابات القنصلية الأميركية في جدة لحظة دخول إحدى السيارات التابعة للقنصلية، تمكنوا إثر ذلك من دخول محيط القنصلية ومحاولة إحراق أحد المباني، أسفرت عن مقتل ثلاثة منهم وإصابة اثنين، كما نتج عن ذلك مقتل 5 من الموجودين في موقع الهجوم وإصابة 8 أشخاص.
وأوضح رئيس حملة السكينة عبد المنعم المشوح أن المرحلة الثانية لتنظيم القاعدة التي أعقبت التأسيس والتكوين بدأت في عام 2003، بعد بدء تنفيذ مواجهات ميدانية مباشرة.
وأضاف أن الإحاطة بخارطة التنظيم الفكرية وإدراك المؤثرات عليها كان سهلا خلال عام 2003 وحتى 2006 جراء تناثر التنظيم حينها، إذ بدأت جماعات متناثرة وأفراد الدخول إلى تنظيم القاعدة حاملة أجنداتها الخاصة، ما جعل المواجهة الفكرية أكثر تعقيدا، وهو ما دفع إلى إنشاء «حملة السكينة» في عام 2006 المتخصصة بالتأصيل والتحصين عبر شبكة الإنترنت.
وأشار إلى أن معسكرات المجاهدين العرب في أفغانستان ومضافاتهم في باكستان كانت محاضن فكرية تقوم بالتجنيد الفكري أكثر من كونه تجنيدا عسكريا بعد أن وجدت الجماعات الكبرى في تلك المحاضن فرصة لفتح آفاق جغرافية وبشرية حتى شهدت تلك المحاضن صراعا قويا بين تيارين أساسيين: هما تيار الإخوان الذي كان محظورا في مناطق عربية كثيرة، وجد فرصة أمامه للتنفيس خارج إطار الحظر، أما التيار الثاني فكان التيار الجهادي.
إلا أنه على رغم تجاور المجموعات والتيارات في المضافات لم تكن لتجمعهم أدبيات واضحة ومحددة. وأضاف المشوح أن المسائل الجهادية ومسائل السياسة الشرعية كانت خاضعة حينها للاجتهادات الفردية التي لم يتسق بعضها مع تطلعات تيار الجهاد ولا حتى التيار الإخواني.



نيجيريا تصدُّ هجوماً لتنظيم «داعش» ضد قاعدة عسكرية

أسلحة وذخيرة ومعدات كانت بحوزة الإرهابيين (إعلام محلي)
أسلحة وذخيرة ومعدات كانت بحوزة الإرهابيين (إعلام محلي)
TT

نيجيريا تصدُّ هجوماً لتنظيم «داعش» ضد قاعدة عسكرية

أسلحة وذخيرة ومعدات كانت بحوزة الإرهابيين (إعلام محلي)
أسلحة وذخيرة ومعدات كانت بحوزة الإرهابيين (إعلام محلي)

أعلنت نيجيريا أن جيشها تصدى لهجوم كبير نفذه «تنظيم داعش في غرب أفريقيا»، ضد قاعدة عسكرية في ولاية بورنو، أقصى شمال شرقي البلاد، ما خلّف «عدداً كبيراً» من القتلى في صفوف منفذي الهجوم.

آثار المعركة التي دارت بين مقاتلي «داعش» والجيش النيجيري (إعلام محلي)

وقال الجيش النيجيري إن قوات عملية «هدن كاي»، وهي عملية عسكرية لمحاربة الإرهاب، نجحت في صدّ هجوم منسّق شنّه إرهابيو «داعش» على القاعدة العسكرية المتقدمة في مايراري بولاية بورنو.

وأضاف الجيش أن قواته «وجّهت ضربة حاسمة لقدرات التنظيم العملياتية في المنطقة»، حسب ما ورد في بيان صادر عن ضابط الإعلام في العملية العسكرية، العقيد ساني أوبا، نشرته السبت وكالة الأنباء النيجيرية (NAN).

وقال أوبا إن الهجوم، الذي بدأ في وقت متأخر من مساء الجمعة واستمر حتى الساعات الأولى من صباح السبت، أُحبط بفضل عمليات منسّقة بين القوات البرية والدعم الجوي، وأوضح أن الإرهابيين حاولوا اختراق القاعدة باستخدام آليتين مفخختين، لكن القوات رصدت الآليتين بسرعة وقامت بتدميرهما، ما منع أي اختراق للقاعدة.

إرهابي من بين القتلى في الكمين الذي نصبه الجيش (إعلام محلي)

وأكد أن لقطات كاميرات المراقبة والمشاهدات الميدانية بيّنت مقتل عدد من الإرهابيين وإصابة آخرين بجروح خطيرة، في حين سارع من تبقى منهم إلى إجلاء قتلاهم وجرحاهم.

وأضاف البيان أنه عقب فشل الهجوم، نفّذت قوات مدعومة بمجموعة التدخل السريع، وفريق من قوات الشرطة الخاصة، وأفراد قوات المهام المشتركة المدنية، عملية تمشيط واسعة للمنطقة.

وأدّت العملية إلى اكتشاف عدد كبير من قتلى الإرهابيين، إضافة إلى مصادرة أسلحة وذخائر ومواد لوجستية تركوها أثناء انسحابهم. وشملت المضبوطات بنادق «كلاشنيكوف»، ومخازن ذخائر، وعيارات نارية وقنابل يدوية، ودراجات نارية، وأجهزة اتصال، ومعدات قتالية، ومستلزمات طبية، ومواد أخرى تشير إلى نشاط عملياتي متواصل للجماعة الإرهابية.

وقال أوبا إن استعادة هذه المعدات والمواد اللوجستية «شكّلت ضربة إضافية لقدرات الإرهابيين، وقيّدت حريتهم في الحركة داخل المنطقة»، وأضاف أن «الآليتين المفخختين جرى تدميرهما بالكامل بنيران دفاعية من القوات، ما تسبب في أضرار بنقطتين على الطريق».

وشدد على أنه لم يحدث أي اختراق للقاعدة العسكرية، وهو ما اعتبر أنه «يعكس حالة الجاهزية واليقظة والقدرة العالية لدى القوات النيجيرية»، مشيراً إلى أن القوات تنفّذ حالياً «دوريات هجومية في المنطقة لمنع أي نشاط إرهابي جديد، ولطمأنة المجتمعات المحلية بأن الوجود الأمني مستمر وفعّال».

وختم قائلاً إن «القوات مصممة على هزيمة كل العناصر الإرهابية بشكل حاسم، واستعادة السلام والاستقرار الدائمين في شمال شرقي البلاد»، مؤكداً أن «فشل الهجوم على مايراري يبرز مستوى الجاهزية المهنية لعناصرنا في الميدان».

أسلحة وذخيرة ومعدات كانت بحوزة الإرهابيين (إعلام محلي)

على صعيد آخر، أعلن الجيش النيجيري إنقاذ أربعة مخطوفين وتحييد أحد الخاطفين خلال كمين نُفِّذ في ولاية بلاتو، وقالت مصادر خاصة للإعلام المحلي إن العملية جاءت إثر معلومات استخبارية حول اختطاف أربعة أشخاص في قرية ريمي، ضمن مقاطعة جيري.

وأوضحت المصادر أنه في نحو الساعة الرابعة فجراً يوم الجمعة، انتشرت قوات القطاع الأول التابعة للعملية انطلاقاً من جينغري، ونصبت كميناً على المسار المتوقع لانسحاب الخاطفين. وقالت المصادر: «خلال العملية، اشتبكت القوات مع الخاطفين وتبادل الطرفان إطلاق النار، ما أجبر الخاطفين على ترك الضحايا الأربعة والفرار».

وأضافت أنه بعد تمشيط المنطقة عثرت القوات على جثة أحد الخاطفين الذي تم تحييده خلال الاشتباك، كما شملت المضبوطات التي تم العثور عليها بحوزة الخاطفين الفارين: بندقية «AK-47»، ومخزن ذخيرة واحداً، و13 طلقة من عيار «7.62 ملم» الخاصة.

وبحسب المصادر، تم استجواب الضحايا الذين جرى إنقاذهم قبل إعادتهم إلى ذويهم، في حين تتواصل الجهود لتعقب ما تبقى من أفراد عصابة الخطف والقبض عليهم، وأكدت المصادر أنه لم تُسجَّل أي خسائر في صفوف القوات.


«ادفع أو أُغلق»... الحوثيون يشنّون حرب جبايات تخنق صنعاء

مبنى وزارة الصناعة والتجارة الخاضع للحوثيين في صنعاء (فيسبوك)
مبنى وزارة الصناعة والتجارة الخاضع للحوثيين في صنعاء (فيسبوك)
TT

«ادفع أو أُغلق»... الحوثيون يشنّون حرب جبايات تخنق صنعاء

مبنى وزارة الصناعة والتجارة الخاضع للحوثيين في صنعاء (فيسبوك)
مبنى وزارة الصناعة والتجارة الخاضع للحوثيين في صنعاء (فيسبوك)

أغلقت الجماعة الحوثية خلال الشهر الماضي 98 منشأة ومتجراً متنوعاً في العاصمة اليمنية المختطفة صنعاء، في سياق تصعيدها لحملات الدهم والإغلاق وفرض الإتاوات التي تستهدف كبار التجار وأصحاب المتاجر الصغيرة على حد سواء، لإرغامهم على دفع جبايات مالية وعينية تحت مسميات متعددة، تُفاقم من هشاشة الاقتصاد المحلي، وتزيد من معاناة السكان.

وكشفت مصادر مطلعة لـ«الشرق الأوسط» عن تنفيذ نحو 40 لجنة ميدانية تتبع ما يُسمى مكتب الصناعة والتجارة الخاضع للجماعة الحوثية في صنعاء، عدة نزولات خلال 4 أسابيع، استهدفت بالدهم والإغلاق وفرض الإتاوات ما يقارب 683 منشأة تجارية في أحياء متفرقة من صنعاء، شملت أسواقاً مركزية، ومحال بيع بالتجزئة، ومطاعم ومخازن.

وأقرّ تقرير أولي صادر عن مكتب الصناعة والتجارة الخاضع للحوثيين بأن القائمين على الحملة أغلقوا خلال 30 يوماً نحو 98 منشأة ومتجراً، وأصدروا 227 تعميماً، ونحو 110 إشعارات حضور، وأحالوا 55 مخالفة إلى النيابة التابعة للجماعة، فضلاً عن اتخاذ سلسلة إجراءات إدارية وغرامات مالية بحق 190 منشأة بزعم ارتكاب مخالفات.

عناصر حوثيون خلال دهم أحد المتاجر في صنعاء (فيسبوك)

ويزعم الحوثيون أن حملاتهم تهدف إلى ضبط الأسعار، ومكافحة الغش التجاري والاحتكار، والتصدي لمواد مخالفة للمواصفات أو منتهية الصلاحية، ونقص الأوزان، ورفض التفتيش، وغيرها من المبررات التي يرى التجار أنها تُستخدم غطاءً لابتزازهم وجباية الأموال بالقوة.

مضايقات متكررة

واشتكى تجار في صنعاء، تحدّثوا إلى «الشرق الأوسط»، من تكرار المضايقات الحوثية بحقهم، مؤكدين أن الجماعة تواصل شن حملات واسعة لجمع إتاوات نقدية وعينية تحت تسميات عدة، أبرزها تمويل ما تُسمى الوقفات المسلحة، وحملات التعبئة والتجنيد الإجباري، ودورات «طوفان الأقصى» العسكرية، تحت مزاعم الاستعداد لما تصفه بمعارك مرتقبة مع إسرائيل وأميركا.

وأكد تجار أن فرض مزيد من الجبايات يتزامن مع تراجع حاد في النشاط التجاري وكساد البضائع وارتفاع النفقات التشغيلية، ما يجعل كثيراً من المنشآت الصغيرة والمتوسطة مهددة بالإفلاس أو الإغلاق القسري، في ظل غياب أي حماية قانونية أو بيئة أعمال مستقرة.

جرافة حوثية تعتدي على باعة أرصفة بالقرب من متاجر في صنعاء (إعلام حوثي)

ويقول «خالد» (اسم مستعار)، وهو تاجر مواد غذائية في حي السنينة بمديرية معين، إن عناصر حوثية مسنودة بعربات أمنية اقتحمت متجره، وأرغمته على دفع 10 آلاف ريال يمني (الدولار نحو 535 ريالاً) بحجة الإسهام في تمويل أنشطة الجماعة الحالية لاستقطاب وتجنيد مقاتلين جدد. ويوضح أن المبالغ المفروضة تُحدد تقديرياً بناءً على حجم البضائع، دون أي معايير قانونية واضحة.

من جهته، يؤكد صاحب متجر صغير في حي شميلة بمديرية السبعين، لـ«الشرق الأوسط»، تكثيف مسلحي الجماعة خلال الأسابيع الأخيرة من استهداف التجار وصغار الباعة في سوق شميلة المركزية، لإجبارهم على دفع إتاوات غير قانونية.

ويشير إلى أن متجره تعرّض للدهم منتصف الشهر الماضي، وأُجبر بالقوة على دفع مبلغ مالي بزعم وجود مخالفات سابقة، قبل أن يصادر المسلحون أصنافاً غذائية من متجره نتيجة عجزه عن السداد، بذريعة دعم المقاتلين في الجبهات.

تدهور اقتصادي

تأتي هذه التطورات في وقت كشف فيه تقرير دولي حديث عن استمرار تدهور الوضع الاقتصادي في المناطق الخاضعة لسيطرة الحوثيين، في ظل تصاعد حملات الجباية التي تستهدف الأنشطة التجارية، ما يُعمِّق أزمة انعدام الأمن الغذائي ويقلّص قدرة الأسر على تلبية احتياجاتها الأساسية.

حوثيون يغلقون متجراً في صنعاء لعدم استجابة مالكه لدفع جبايات (إكس)

ووفقاً لتقرير صادر عن «شبكة الإنذار المبكر للاستجابة للمجاعة»، فإن الاقتصاد في مناطق سيطرة الجماعة يواصل التراجع بوتيرة عالية، بفعل الحملات المتكررة التي تطول المطاعم والمتاجر والفنادق وبقية القطاعات، ولا تقتصر على فرض رسوم إضافية فحسب، بل تشمل تشديد القيود التنظيمية، الأمر الذي أدى إلى إغلاق عدد من المنشآت الصغيرة.

وحذّر التقرير من أن استمرار هذا النهج سيُضعف قدرة الأسر على الحصول على الغذاء حتى بالتقسيط، الذي شكّل خلال السنوات الماضية ملاذاً أخيراً لمواجهة الضائقة المعيشية، متوقعاً زيادة حدة انعدام الأمن الغذائي في ظل استمرار الجبايات وتراجع المساعدات الإنسانية أو توقفها.


تحت ضغط صيني... آخر حزب معارض في هونغ كونغ يحلّ نفسه

لو كين هي رئيس الحزب الديمقراطي في هونغ كونغ وأعضاء آخرون من الحزب يعقدون مؤتمراً صحافياً عقب اجتماع عام استثنائي للتصويت على حل الحزب (رويترز)
لو كين هي رئيس الحزب الديمقراطي في هونغ كونغ وأعضاء آخرون من الحزب يعقدون مؤتمراً صحافياً عقب اجتماع عام استثنائي للتصويت على حل الحزب (رويترز)
TT

تحت ضغط صيني... آخر حزب معارض في هونغ كونغ يحلّ نفسه

لو كين هي رئيس الحزب الديمقراطي في هونغ كونغ وأعضاء آخرون من الحزب يعقدون مؤتمراً صحافياً عقب اجتماع عام استثنائي للتصويت على حل الحزب (رويترز)
لو كين هي رئيس الحزب الديمقراطي في هونغ كونغ وأعضاء آخرون من الحزب يعقدون مؤتمراً صحافياً عقب اجتماع عام استثنائي للتصويت على حل الحزب (رويترز)

صوَّت أعضاء آخر حزب معارض رئيسي في هونغ كونغ اليوم (الأحد) لصالح حل الحزب، ما يشكل نتيجة للضغوط التي تمارسها الصين على الأصوات الليبرالية المتبقية في المدينة، في حملة أمنية مستمرة منذ سنوات.

ويمثل الحزب الديمقراطي الذي تأسس قبل 3 سنوات من عودة هونغ كونغ من بريطانيا إلى الحكم الصيني في عام 1997، المعارضة الرئيسية في المدينة. وعادة ما كان يكتسح الانتخابات التشريعية على مستوى المدينة، ويضغط على بكين من أجل الإصلاحات الديمقراطية ودعم الحريات.

ولكن دفعت احتجاجات شعبية مؤيدة للديمقراطية عام 2019، اندلعت احتجاجاً على ما اعتبره البعض تشديداً لقبضة الصين على المدينة، إلى سن بكين قانوناً شاملاً للأمن القومي لقمع المعارضة.

وقال رئيس الحزب لو كين هي للصحافيين، عقب اجتماع عام غير عادي اليوم (الأحد) إن أعضاء الحزب الديمقراطي صوَّتوا لصالح حل الحزب وتصفيته.

وأضاف: «لقد كان شرفاً عظيماً لنا أن نسير جنباً إلى جنب مع شعب هونغ كونغ طوال هذه العقود الثلاثة. وعلى مر هذه السنوات، كان هدفنا الأسمى هو مصلحة هونغ كونغ وشعبها».

ومن بين 121 صوتاً، صوت 117 عضواً لصالح حل الحزب، بينما امتنع 4 أعضاء عن التصويت.

وقال أعضاء كبار في الحزب لـ«رويترز» في وقت سابق، إنه جرى التواصل معهم من قبل مسؤولين صينيين أو وسطاء، وحثهم على الموافقة على الحل أو مواجهة عواقب وخيمة، منها احتمالية تعرضهم للاعتقال.

ولم يرد مكتب الاتصال في هونغ كونغ بعد على طلب من «رويترز» للتعليق. والمكتب هو الجهة الرئيسية التي تمثل الصين في هونغ كونغ.

ويأتي التصويت على إنهاء سياسات الحزب المعارض التي دامت 3 عقود في المدينة التي تديرها الصين، بعد أسبوع من إجراء هونغ كونغ انتخابات المجلس التشريعي «للوطنيين فقط» وقبل يوم واحد من صدور حكم على قطب الإعلام جيمي لاي الذي دأب على توجيه انتقادات للصين، في محاكمة تاريخية تتعلق بالأمن القومي.

وأدت الخطوة التي اتخذتها بكين في عام 2021 لإصلاح النظام الانتخابي في المدينة، والتي سمحت لمن جرى تصنيفهم على أنهم «وطنيون» فقط بالترشح للمناصب العامة، إلى تهميش الحزب من خلال إبعاده عن الساحة السياسية.

وفي يونيو (حزيران) الماضي، قالت مجموعة أخرى مؤيدة للديمقراطية -وهي رابطة الديمقراطيين الاشتراكيين- إنها ستحل نفسها وسط «ضغوط سياسية هائلة».

وانتقدت بعض الحكومات -ومنها حكومتا الولايات المتحدة وبريطانيا- القانون، قائلة إنه يُستخدم لقمع المعارضة وتقويض الحريات، بينما تؤكد الصين أن لا حرية مطلقة، وأن قانون الأمن القومي أعاد الاستقرار إلى هونغ كونغ.