رئيس المجلس المصري للشؤون الخارجية: إثيوبيا تعمل على كسب الوقت في ملف سد النهضة

السفير محمد العرابي (وسط) خلال استقبال سفير فيتنام في القاهرة (المجلس المصري للشؤون الخارجية - منصة إكس)
السفير محمد العرابي (وسط) خلال استقبال سفير فيتنام في القاهرة (المجلس المصري للشؤون الخارجية - منصة إكس)
TT

رئيس المجلس المصري للشؤون الخارجية: إثيوبيا تعمل على كسب الوقت في ملف سد النهضة

السفير محمد العرابي (وسط) خلال استقبال سفير فيتنام في القاهرة (المجلس المصري للشؤون الخارجية - منصة إكس)
السفير محمد العرابي (وسط) خلال استقبال سفير فيتنام في القاهرة (المجلس المصري للشؤون الخارجية - منصة إكس)

قال السفير محمد العرابي، رئيس المجلس المصري للشؤون الخارجية، إن إثيوبيا تعمل على كسب الوقت في ملف سد النهضة، وإن مصر تتحرك في هذا الملف بناء على المصلحة الوطنية والمصلحة الأفريقية.

وقال العرابي، في مقابلة مع وكالة أنباء العالم العربي (AWP): «نحن نعد مسألة السد أمراً وجودياً يتعلق بوجود دولة»، مضيفاً أن إثيوبيا بإصرارها على موقفها «تخسر من سياستها». وتوقع عدم توصل الطرفين إلى اتفاق خلال الشهور القليلة المقبلة.

وأضاف رئيس المجلس المصري للشؤون الخارجية، وهو هيئة غير رسمية: «رغم تصميم إثيوبيا على سياسة كسب الوقت، تتحرك مصر في هذا الملف بناءً على أمرين: المصلحة الوطنية، وكون إثيوبيا دولة أفريقية لا يمكن الدخول معها في نزاع، إلا إذا كان سياسياً قانونياً».

وكانت إثيوبيا قد بدأت تشييد سد النهضة عام 2011، في مشروع يتكلف مليارات الدولارات وتعدّه مصر تهديداً لحقوقها التاريخية في مياه النيل، بينما يخشى السودان من الأضرار البيئية والاقتصادية الناجمة عنه.

وتوقفت مفاوضات بين الدول الثلاث برعاية الاتحاد الأفريقي في أبريل (نيسان) 2021، بعد الإخفاق في التوصل إلى اتفاق، مما دعا مصر للجوء لمجلس الأمن الدولي للمطالبة بالضغط على إثيوبيا.

وأعلن الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي ورئيس الوزراء الإثيوبي آبي أحمد، خلال لقاء جمعهما على هامش قمة دول جوار السودان في القاهرة الشهر الماضي، الشروع في بدء المفاوضات من جديد مع تحديد مهلة 4 شهور للوصول إلى اتفاق.

وقال العرابي، وهو وزير خارجية سابق، في حديثه مع وكالة أنباء العالم العربي: «مصر مصممة على عدم خسارة حقوقها في مياه النيل عبر الطرق السياسية والقانونية، ونحن حتى الآن ناجحون في هذا الأمر، خصوصاً أن هناك رأياً عاماً دولياً مؤيداً لمطالبنا ضد التحركات الإثيوبية».

وأكد: «من يتوهم أنه قادر على الضغط على مصر عبر تهديد وجودها فهو واهم، ونقول له إن مصر قادرة على إدارة أمورها والخروج من أزماتها».

العلاقات مع إيران

وخلال المقابلة، قال العرابي إن مصر لا تحتاج إلى وساطة لعودة علاقاتها مع إيران، مشيراً إلى أن الاتصالات مع طهران موجودة، لكن ليس بالضرورة أن يتم الإعلان عنها.

وأضاف: «الموضوع أبسط من أن يتم تعقيده. عودة العلاقات الكاملة مع طهران ستأتي، لكن مصر لها محدداتها ولا يُضغط عليها من أجل تغييرها».

واستطرد قائلاً: «العلاقات الدبلوماسية بين مصر وإيران موجودة وقائمة ولم تنقطع، لكن محددات عودة العلاقات الكاملة بينهما لها طبيعة خاصة. إيران دولة فاعلة في الإقليم، وأحياناً تكون فاعلة بضرر، وعودة العلاقات ترتبط بملفات أخرى مثل اليمن وسوريا ولبنان».

وشهدت العلاقات بين مصر وإيران توتراً بعد اندلاع الثورة الإسلامية في إيران عام 1979، وانقطعت العلاقات رسمياً بعد توقيع مصر اتفاق سلام مع إسرائيل، لكن احتفظ البلدان ببعثة رعاية مصالح.

وقال العرابي: «مصر تأخذ في اعتبارها الأمن القومي العربي لعودة العلاقات مع طهران، ومن الصعب تحديد الإطار الزمني لعودة العلاقات، لكن من الممكن حدوث انفراجة في أي من القضايا السابقة تدفع الأمور إلى الأمام».

تركيا

وعن خطى المصالحة مع تركيا، قال إن مصر «تتحرك طبقاً لمحددات خاصة بها مبنية على الأمن القومي المصري. والعلاقات الاقتصادية والتجارية تسير بشكل جيد».

وكانت مصر وتركيا قد أعلنتا في يوليو (تموز) الماضي، رفع مستوى التمثيل الدبلوماسي بينهما إلى مستوى السفراء بعد 10 سنوات من قطع العلاقات الدبلوماسية في أعقاب الإطاحة بالرئيس المصري محمد مرسي في 2013.

وتسارعت وتيرة تطبيع العلاقات بين البلدين بعد مصافحة بين الرئيسين المصري والتركي في العاصمة القطرية الدوحة، في أثناء حضورهما افتتاح كأس العالم لكرة القدم في نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي.

لكن هذه الوتيرة عادت للتباطؤ مرة أخرى، وخَفُت الحديث عن زيارة للرئيس المصري إلى تركيا، التي كانت وسائل إعلام تركية قد تحدثت عنها وذكرت أنها مقررة في 27 يوليو (تموز) الماضي.

وقال العرابي: «الملفات المتشابكة الكبيرة بين البلدين تحتاج لبعض الوقت، ولا يمكن الحديث عن قمة بين الرئيسين دون تسوية أغلبية هذه الملفات».

وفيما يتعلق بالأوضاع الإقليمية والدولية وتأثيرها على دور مصر الفاعل، رأى العرابي أن «دور أي دولة يرتبط بالمحيط الذي تعيش فيه والظروف العالمية... دورك مرتبط بالواقع السياسي في أي منطقة تريد القيام فيها بدور».

ومضى قائلاً: «الدور المصري في هذا التوقيت هو رفع علم السلام والتنمية والاستقرار، وتقوم السياسة الخارجية لمصر في محيطها الإقليمي وعلاقاتها الدولية على 3 ركائز؛ السلام والاستقرار والتنمية».

وأقر العرابي بأن الأزمة الاقتصادية كان لها تأثير على الدور المصري، لكنه شدد على أن الاستقرار السياسي والأمني هما المفتاح الرئيسي للقيام بدور في المحيطين الإقليمي والدولي.

وتابع: «الدور ينبع من الداخل. استقرار مصر هو المفتاح الرئيسي لدورها ويمنحها القوة ليكون لها دور إقليمياً وعالمياً».

وأردف: «في النهاية ما زالت مصر تتمتع باستقلاليتها، حتى الآن مصر ترفض الدخول في لعبة إقامة قواعد عسكرية على أراضيها من أجل مساعدات مالية».

وأكد أن «مصر تسير في سياستها الخارجية بسياسة أخلاقية... في عالم تحكمه المصالح».

وعن طلب مصر الانضمام إلى تكتل «بريكس»، الذي تحدث عنه السفير الروسي بالقاهرة جورجي بوريسنكو في يونيو (حزيران) الماضي، قال العرابي: «تملك مصر حظوظاً كبيرة للانضمام، خصوصاً أن هناك شهية مزدادة من دول كبرى في التجمع لضم أعضاء جدد».

وأضاف: «أعتقد أن مصر لها أولوية بسبب تأثيرها السياسي وموقعها الإقليمي، حيث تملك من المقومات الاقتصادية التي تستطيع من خلالها أن تواكب دول المجموعة».

ومن المقرر أن يعقد التكتل اجتماع قمة في جنوب أفريقيا غداً (الثلاثاء) ولمدة 3 أيام.

السودان

وحول الأزمة في السودان، يرى العرابي أنه «للمرة الأولى في التاريخ؛ يصل السودان إلى هذه النقطة الحرجة. نحن أمام وضع جديد تماماً، وللأسف الأفق لا يحمل أي بوادر إيجابية للحل».

ويكمل: «هناك أطراف إقليمية ودولية تتدخل في أزمة السودان، وهو ما زاد من تعقيدها. هذه الأطراف تريد إبقاء المعادلة على ما هي عليه الآن دون تغيير، في حين أنه يجب أن تتغير معادلة القوة الموجودة على الأرض لوقف الحرب».

وقال إنه يمكن العمل على تقليل الأضرار في المرحلة المقبلة، لكن تبقى الأولوية بالنسبة لمصر وقف الحرب.

وعن انعكاسات طول أمد الحرب على مصر، قال: «ستكون هناك تأثيرات أمنية وسياسية واقتصادية للوضع في السودان على مصر، خصوصاً في ظل دخول مئات الآلاف من اللاجئين؛ تأثيرات على ملف سد النهضة، بخلاف احتمال انتشار الجماعات الإرهابية».

وأضاف: «نحن على مسافة واحدة من الطرفين، لكن في النهاية لا بد أن يكون هناك طرف سيتحمل المسؤولية».

واندلع الصراع بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع في منتصف أبريل (نيسان)، وتشهد العاصمة الخرطوم معارك يومية على نحو ينذر بحرب أهلية طويلة الأمد، خصوصاً مع اندلاع صراع آخر بدوافع عرقية في إقليم دارفور غرب البلاد.

واستضافت مصر الشهر الماضي، مؤتمراً للدول المجاورة للسودان، لبحث سبل إنهاء الأزمة ووضع آليات بمشاركة دول الجوار لتسوية الأزمة سلمياً بالتنسيق مع المسارات الإقليمية والدولية الأخرى.


مقالات ذات صلة

التعاون العسكري المصري - الصومالي يصعّد التوترات مع إثيوبيا

شمال افريقيا الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي يستقبل نظيره الصومالي في قصر الاتحادية بالقاهرة منتصف أغسطس الحالي (الرئاسة المصرية)

التعاون العسكري المصري - الصومالي يصعّد التوترات مع إثيوبيا

عقب إعلان الصومال وصول معدات ووفود عسكرية مصرية، أبدت جارتها الغربية إثيوبيا التي لديها خلافات سابقة مع القاهرة بسبب أزمة «سد النهضة» قلقها.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
تحليل إخباري آبي أحمد يتفقد سير العمل بمشروع سد النهضة (حساب رئيس وزراء إثيوبيا - إكس)

تحليل إخباري ما خيارات مصر بعد إعلان إثيوبيا قرب اكتمال «سد النهضة»؟

أثار إعلان رئيس الوزراء الإثيوبي آبي أحمد، عن قرب اكتمال مشروع «سد النهضة»، على الرافد الرئيسي لنهر النيل، تساؤلات بشأن الخيارات المطروحة أمام مصر.

أحمد إمبابي (القاهرة)
أفريقيا وزير الدفاع التركي خلال لقاء مع نظيريه الصومالي والإثيوبي في ختام جولة المفاوضات الثانية في أنقرة الثلاثاء (الخارجية التركية)

ما دوافع تركيا لإنهاء نزاع ساحل «أرض الصومال» بين الصومال وإثيوبيا؟

ذهبت المفاوضات بين الصومال وإثيوبيا التي تتوسط فيها تركيا لحل النزاع على ساحل «أرض الصومال» على البحر الأحمر والتي أصبح يطلق عليها «عملية أنقرة» إلى جولة ثالثة

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
العالم العربي «سد النهضة» الإثيوبي (حساب رئيس الوزراء الإثيوبي - إكس)

إثيوبيا تبدأ «الملء الخامس» لـ«سد النهضة» وسط ترقّب مصري

بدأت إثيوبيا عملية «الملء الخامس» لخزان «سد النهضة» على نهر النيل، حسب ما أظهرته صور بالأقمار الاصطناعية، وسط ترقّب مصر، التي حذّرت من المساس بـ«حصتها المائية».

عصام فضل (القاهرة)
المشرق العربي مؤتمر بالقاهرة يناقش تداعيات صراعات القرن الأفريقي الإقليمية (الشرق الأوسط)

مصر تحذر من تفاقم الصراعات بـ«القرن الأفريقي» بسبب «التدخلات الخارجية»

حذرت مصر من تفاقم ما وصفته بـ«الصراعات المركبة» في منطقة «القرن الأفريقي»، متهمة «التدخلات الخارجية» بتأجيج تلك الصراعات.

أحمد إمبابي (القاهرة)

ليبيا تعلن عن تفكيك شبكة للإتجار في البشر

جنود يوزعون زجاجات مياه على مجموعة كانت محتجَزة لدى تجار البشر في ليبيا (لقطة من فيديو نشره النائب العام الليبي)
جنود يوزعون زجاجات مياه على مجموعة كانت محتجَزة لدى تجار البشر في ليبيا (لقطة من فيديو نشره النائب العام الليبي)
TT

ليبيا تعلن عن تفكيك شبكة للإتجار في البشر

جنود يوزعون زجاجات مياه على مجموعة كانت محتجَزة لدى تجار البشر في ليبيا (لقطة من فيديو نشره النائب العام الليبي)
جنود يوزعون زجاجات مياه على مجموعة كانت محتجَزة لدى تجار البشر في ليبيا (لقطة من فيديو نشره النائب العام الليبي)

أعلن مكتب النائب العام الليبي، السبت، على صفحته بموقع «فيسبوك» أن السلطات الليبية فكَّكت شبكة ضالعة في الإتجار بالبشر بمنطقة في جنوب غربي البلاد، وألقت القبض على بعض أعضائها.

وذكر البيان أن السلطات ألقت القبض على زعماء الشبكة، وعشرة أعضاء بتهمة ارتكاب جرائم ضد المهاجرين، منها القتل والاحتجاز غير القانوني والتعذيب والاغتصاب، وفقاً لوكالة «رويترز» للأنباء.

ووثَّق التحقيق انتهاكات تعرض لها 1300 مهاجر، منها الاحتجاز القسري والتعذيب والابتزاز للإفراج عنهم.

وأرسل مهربو البشر الذين يعملون في ليبيا مئات الآلاف من المهاجرين عبر البحر إلى أوروبا، وخاصة إيطاليا، منذ عام 2014. ولقي الآلاف حتفهم أثناء الرحلات.