يتجه المشهد السياسي في السنغال إلى مزيد من «الغموض والتعقيد»، إثر قرار الحكومة بحل حزب المعارض البارز عثمان سونكو، بعد قرار بتوقيفه باتهامات «جنائية جديدة»، ما أدى إلى عودة أنصاره إلى شوارع البلاد، وسط ترجيحات من خبراء بأن «تشهد البلاد موجة اضطرابات بسبب أنصار سونكو اعتراضاً على القرارات الأخيرة».
وأعلنت وزارة الداخلية السنغالية (الثلاثاء) مقتل شخصين خلال مظاهرات في جنوب البلاد؛ احتجاجاً على اعتقال سونكو. وكانت الحكومة السنغالية قد أعلنت (الاثنين) حل حزب باستيف المعارض الذي يقوده سونكو بعد ساعات من توقيفه بعد توجيه اتهامات جديدة له.
وبحسب أحد محاميه، فإن التهم تشمل «الدعوة إلى التمرد، وتقويض أمن الدولة، والارتباط بجماعة (إرهابية)، والتآمر على سلطة الدولة، والإضرار بالأمن العام وإحداث اضطرابات سياسية خطيرة، ونشر (أخبار كاذبة)».
وقال وزير الداخلية السنغالي، أنطوان ديوم، (الاثنين) إنه «تم حل حزب باستيف السياسي بموجب مرسوم»، بسبب ما وصفه بـ«دعوات متكررة» لـ«حركات تمرد أسفرت عن عدد كبير من القتلى بين مارس (آذار) 2021 ويونيو (حزيران) 2023».
ونقلت وكالة «رويترز» (الثلاثاء) عن متحدث باسم الحزب قوله لإذاعة محلية: «سنهاجم هذا القرار، والشعب السنغالي سيقاوم» وحزب «باستيف» هو واحد من ثلاثة أحزاب معارضة رئيسة في البلاد.
وقال المحلل السنغالي، عبد الأحد أمبينغ، لـ«الشرق الأوسط»، إن الحزب وقياداته «سيخوضون معركة (وجودية) ضد القرارات الأخيرة، بما يشمل دعوة الأنصار للاحتجاجات المستمرة في جميع أنحاء البلاد، وخوض قيادات الحزب للانتخابات التشريعية بشكل فردي أو عبر الانضمام لأحزاب معارضة حليفة». وأشار أمبينغ إلى أن «الوضع (متوتر للغاية) في البلاد، والاحتجاجات لا تتوقف»، متوقعاً أن «تستمر حتى نهاية الأسبوع الحالي على الأقل».
وألقي القبض على سونكو الذي حلّ ثالثاً في الانتخابات الرئاسية عام 2019، الأسبوع الماضي، بعد مشاجرة مع عناصر الأمن المتمركزين خارج منزله في داكار. فيما يواصل سونكو إضراباً عن الطعام بدأه (الأحد)، بحسب محاميه.
وفي الأول من يونيو الماضي، صدر بحق سونكو حكم بالسجن لعامين بتهمة «إفساد الشباب»، في حكم رأى خبراء قانونيون أنه «يجعله غير مؤهل للمشاركة في الانتخابات المقبلة».
وعقب صدور الحكم، اندلعت اضطرابات قتل فيها 23 شخصاً، حسب حصيلة نشرتها منظمة العفو الدولية. وقبل ذلك صدر ضده في مايو (أيار) الماضي حكم بالسجن 6 أشهر مع وقف التنفيذ، خلال محاكمة في الاستئناف بتهمة «التشهير».
وينفي سونكو الاتهامات الموجهة إليه في كل القضايا المثارة ضده. ويصف الرئيس السنغالي ماكي سال بأنه «يستغل القضاء لمنعه من الترشح للانتخابات الرئاسية»، في حين يصف مؤيدو الرئيس السنغالي سونكو بأنه «محرض على الفوضى».
وكان سال أعلن مطلع يوليو (تموز) الماضي بعد شهور من الغموض، أنه «لن يترشح لولاية ثالثة».
وهنا يرى محمد الأمين ولد الداه، الخبير الموريتاني في الشؤون الأفريقية، أن قرار حل الحزب «يجعل البلاد مرشحة للعنف والفوضى؛ لأن للحزب قاعدة شعبية كبيرة من مختلف الأطياف، وأغلبهم من الشباب المتحمسين لمبادئ وقيم الحزب وزعيمه، وسوف يقاومون القرار عبر احتجاجات واسعة». وقال الأمين ولد الداه لـ«الشرق الأوسط» إن مسألة ترشح سونكو «قد حسمت عبر أحكام القضاء التي من المتوقع أن تدعم بأحكام جنائية أخرى بعد التهم الجديدة، ما يجعل أهليته للترشح (مستبعدة تماماً)».