جدل حول خطف أبو ختالة من ليبيا

وزارة العدل الأميركية تؤكد أن الخطف كان قانونيًا من أجل الأمن القومي ومحاموه يعتبرون اعتقاله فوضى قانونية خطط لها مسبقًا

المشتبه الليبي أحمد أبو ختالة
المشتبه الليبي أحمد أبو ختالة
TT

جدل حول خطف أبو ختالة من ليبيا

المشتبه الليبي أحمد أبو ختالة
المشتبه الليبي أحمد أبو ختالة

وسط اتهامات للرئيس باراك أوباما بأنه ليس جادًا في محاربة الإرهاب، ولوزارة العدل بأنها لم تقدم أدلة كافية في قضية المخطوف الليبي أحمد أبو ختالة، قال، أول من أمس، مايكل ديلورنزون مساعد وزيرة العدل: «كان اعتقال المتهم في ليبيا قانونيًا. ولم يخالف أي قانون، أو معاهدة، أو حقوق دستورية».
لكن، أمس (الجمعة)، قال قادة جمهوريون في الكونغرس إن أوباما كان يجب أن يأمر بتقديم أبو ختالة إلى محكمة عسكرية. وكانت القوات الأميركية الخاصة قد اعتقلت الليبي أبو ختالة عام 2014، ونقلته إلى الولايات المتحدة في وسيلة نقل بحرية ليستغرق 13 يومًا حتى يصل لوجهته في رحلة، قال محاموه إنها كانت لتستغرق 13 ساعة عن طريق الطائرة، بحسب التقرير نفسه.
وخضع الليبي أبو ختالة للاستجواب لمدة أسبوعين تقريبًا على متن السفينة التي نقلته للولايات المتحدة، وذلك من قبل عدة فرق منفصلة من المحققين الأميركيين، وكان جزءًا من هذه العملية المكونة من خطوتين تهدف إلى الحصول على كل المعلومات الاستخباراتية المتعلقة بالأمن القومي والأدلة التي يمكن استخدامها في المحاكمة الجنائية.
في الجانب الآخر، قالت مجموعة من المحامين جندهم مركز الحقوق الدستورية في نيويورك للدفاع عن أبو ختالة، أمام محكمة فدرالية في واشنطن، أول من أمس، إن اعتقال أبو ختالة كان «غير قانوني، وغير دستوري».
ويواجه أبو ختالة في واشنطن تهمة شن هجوم في سبتمبر (أيلول) 2012 على البعثة الدبلوماسية الأميركية في بنغازي، الذي أسفر عن مقتل السفير الأميركي كريس ستيفنز وثلاثة أميركيين آخرين.
حسب مرافعة فريق الدفاع، اعتقل أبو ختالة في غارة عسكرية أميركية جنوب بنغازي في العام الماضي. واستجوبه عسكريون وممثلون من مكتب التحقيق الفيدرالي (إف بي آي) لمدة 12 يومًا، على متن سفينة تابعة للبحرية الأميركية. لكن، «من دون الالتزام بحق المتهم في الصمت، وفي حضور محامٍ له».
في بداية هذا العام، في محكمة فدرالية، قال أبو ختالة إنه غير مذنب في تهم من بينها: القتل، والتآمر، وتدمير مبانٍ وممتلكات أميركية في 11 سبتمبر عام 2012، خلال الهجوم الذي قتل فيه السفير الأميركي في ليبيا، كريستوفر ستيفنز، وثلاثة أميركيين آخرين.
حسب مرافعة الدفاع، «حدث لغط وخلط بين السياسات العسكرية والمدنية التي اعتمدها المسؤولون الأميركيون لانتزاع معلومات من المشتبهين بالإرهاب. وأثرت هذه الاستراتيجية على الحفاظ على قدرة محاكمتهم في محاكم مدنية». وأن أبو ختالة احتجز في سجن عسكري، بعد أن اعتقلته قوات المارينز الخاصة، ونقلته إلى الولايات المتحدة على متن السفينة العسكرية «يو إس إس نيويورك».
وإنه، على ظهر السفينة، تعرض «لتحقيقات متواصلة لخمسة أيام من قبل مجموعة تتكون من عسكريين، واستخباراتيين، ومدنيين يمثلون وزارة العدل». وإن «المعلومات التي يتم الحصول عليها عن طريق هذه الاستجوابات قد تعزز الجهود الاستخبارية، لكن، لا يمكن اعتمادها كأدلة أمام محكمة مدنية».
وحسب مرافعة الدفاع، في وقت لاحق، في السفينة العسكرية، حقق مع موكلنا فريق من «إف بي آي». هذه المرة، حسب القانون، قرأوا عليه «ميراندا» (حقه في عدم الحديث، وفي طلب محامٍ). لكن، لم يكن هناك محامٍ في السفينة. رغم ذلك، حقق معه فريق «إف بي آي».
في الشهر الماضي، في مرافعة جديدة، طلب محامو أبو ختالة إطلاق سراحه. وقالوا إن اعتقاله كان «لوليسنيس» (فوضى قانونية) خطط لها مسبقًا.
في الجانب الآخر، أشار ممثلو الاتهام إلى أنهم اتبعوا نفس الإجراءات في قضية أبو أنس الليبي. الذي مات، في بداية هذا العام، من سرطان الكبد قبيل محاكمته في نيويورك.
في عام 2013، اعتقل فريق من كوماندوز القوات الخاصة أبو أنس الليبي في طرابلس، في ليبيا، واحتجزوه على ظهر سفينة عسكرية. واتهموه بالاشتراك في تفجيرات عام 1998 في سفارتي الولايات المتحدة في كينيا وتانزانيا.
وحسب وكالة الأنباء الألمانية: «لجأت الحكومة الأميركية إلى استجواب المتهمين بالإرهاب الذين تعتقلهم في دول أجنبية في المياه الدولية كبديل عن الممارسات السابقة. قبل ذلك، كان الأميركيون يرسلون هؤلاء إلى سجن غوانتنامو الأميركي في كوبا. أو إلى السجون السرية التابعة لوكالة الاستخبارات المركزية (سي آي إيه)».
في الشهر الماضي، قال ديفيد ديتش، ممثل ادعاء سابق في قضايا الإرهاب بوزارة العدل الأميركية: «أعتقد أن إدارة الرئيس أوباما تنظر إليها كوسيلة تدل على إمكانية محاكمة الإرهابيين أمام محاكم مدنية. يبدو أن هذه محاولة لإيجاد حل وسط بين استخدام المعتقلين بالإرهاب في الحصول على معلومات استخباراتية، وبين محاكمتهم أمام القضاء الأميركي المدني».
وأضاف: «يبدو أن تحقيق هذا التوازن أمر صعب للغاية. وربما لا يكون ممكنًا أبدًا».
حسب ديتش، توجد ثلاث مراحل لهذه العملية:
أولاً: استجواب العسكريين الذين يعتقلون المتهم.
ثانيًا: استجواب فريق وكالات الاستخبارات. ليس فقط عن التهم الموجه للمتهم، ولكن، أيضًا، عن معلومات تساعد في الغارات التي تقوم بها طائرات «درون» (بدون طيار).
ثالثًا: استجواب شرطة «إف بي آي». وعادة، يشرحون للمتهم حقوقه مثل حق التزام الصمت، وحق طلب محامٍ.



ما دلالة تصنيف باراغواي «الإخوان» تنظيماً «إرهابياً»؟

محاكمة عناصر من «الإخوان» في القاهرة يوليو 2018 (أ.ف.ب)
محاكمة عناصر من «الإخوان» في القاهرة يوليو 2018 (أ.ف.ب)
TT

ما دلالة تصنيف باراغواي «الإخوان» تنظيماً «إرهابياً»؟

محاكمة عناصر من «الإخوان» في القاهرة يوليو 2018 (أ.ف.ب)
محاكمة عناصر من «الإخوان» في القاهرة يوليو 2018 (أ.ف.ب)

دفع تصنيف باراغواي «الإخوان» تنظيماً «إرهابياً» إلى تساؤلات حول تأثير القرار على مستقبل التنظيم وعناصره. يأتي هذا في ظل تصاعد الصراع بين «قيادات (الإخوان) في الخارج» حول قيادة التنظيم. وقال باحثون في الحركات المتطرفة والإرهاب إن «قرار باراغواي أشار إلى ارتباط (الإخوان) بـ(تنظيمات الإرهاب)، وقد يدفع القرار دولاً أخرى إلى أن تتخذ قرارات مماثلة ضد التنظيم».
ووافقت اللجنة الدائمة بكونغرس باراغواي على «اعتبار (الإخوان) (تنظيماً إرهابياً) يهدد الأمن والاستقرار الدوليين، ويشكل انتهاكاً خطيراً لمقاصد ومبادئ الأمم المتحدة». جاء ذلك في مشروع قرار تقدمت به ليليان سامانيغو، رئيسة لجنة الشؤون الخارجية بالكونغرس المكوّن من 45 عضواً. وقال البرلمان في بيان نشره عبر موقعه الإلكتروني (مساء الخميس) إن «تنظيم (الإخوان) الذي تأسس في مصر عام 1928، يقدم المساعدة الآيديولوجية لمن يستخدم (العنف) ويهدد الاستقرار والأمن في كل من الشرق والغرب». وأضاف البيان أن «باراغواي ترفض رفضاً قاطعاً جميع الأعمال والأساليب والممارسات (الإرهابية)».
ووفق تقارير محلية في باراغواي، فإن باراغواي رأت في وقت سابق أن «(حزب الله)، و(القاعدة)، و(داعش) وغيرها، منظمات (إرهابية)، في إطار مشاركتها في الحرب على (الإرهاب)». وقالت التقارير إن «تصنيف (الإخوان) من شأنه أن يحدّ من قدرة هذه الجماعات على التخطيط لهجمات (إرهابية) وزعزعة استقرار الدول». كما تحدثت التقارير عن دول أخرى أقرت خطوات مماثلة ضد «الإخوان» من بينها، روسيا، والمملكة العربية السعودية، ومصر، والإمارات، والبحرين.
وتصنف دول عربية عدة «الإخوان» تنظيماً «إرهابياً». وعدّت هيئة كبار العلماء في المملكة العربية السعودية التنظيم «جماعة إرهابية منحرفة» لا تمثل منهج الإسلام. وذكرت الهيئة في بيان لها، نوفمبر (تشرين الثاني) عام 2020، أن «(الإخوان) جماعة إرهابية لا تمثل منهج الإسلام وإنما تتبع أهدافها الحزبية المخالفة لهدي ديننا الحنيف، وتتستر بالدين وتمارس ما يخالفه من الفُرقة، وإثارة الفتنة، والعنف، والإرهاب». وحذّرت حينها من «الانتماء إلى (الإخوان) أو التعاطف مع التنظيم».
كذلك أكد مجلس الإمارات للإفتاء الشرعي أن كل مجموعة أو تنظيم يسعى للفتنة أو يمارس العنف أو يحرّض عليه، هو تنظيم إرهابي مهما كان اسمه أو دعوته، معتبراً «(الإخوان) تنظيماً (إرهابياً)».
وتحظر الحكومة المصرية «الإخوان» منذ عام 2014، وقد عدّته «تنظيماً إرهابياً». ويخضع مئات من قادة وأنصار التنظيم حالياً، وعلى رأسهم المرشد العام محمد بديع، لمحاكمات في قضايا يتعلق معظمها بـ«التحريض على العنف»، صدرت في بعضها أحكام بالإعدام، والسجن «المشدد والمؤبد».
وحسب الباحث المصري المتخصص في شؤون الحركات المتطرفة والإرهاب الدولي، منير أديب، فإن «تصنيف باراغواي (الإخوان) يؤكد الاتهامات التي توجَّه إلى التنظيم، بأن تنظيمات العنف خرجت من رحم (الإخوان)، أو أنها نهلت من أفكار التنظيم»، لافتاً إلى أن «قرار باراغواي أشار إلى أن (الإخوان) وفّر الحماية لتنظيمات التطرف التي نشأت في الشرق والغرب». وأضاف لـ«الشرق الأوسط» أن «قرار بعض الدول العربية في وقت سابق حظر (الإخوان) يعود إلى أمرين؛ الأول أن التنظيم مارس العنف، والآخر أن التنظيم وفّر الحماية لجماعات الإرهاب».
وفي وقت سابق أكدت وزارة الأوقاف المصرية «حُرمة الانضمام لـ(الإخوان)»، مشيرةً إلى أن التنظيم يمثل «الخطر الأكبر على الأمن القومي العربي». وفي فبراير (شباط) 2022 قالت دار الإفتاء المصرية إن «جميع الجماعات الإرهابية خرجت من عباءة (الإخوان)». وفي مايو (أيار) الماضي، قام مفتي مصر شوقي علام، بتوزيع تقرير «موثق» باللغة الإنجليزية على أعضاء البرلمان البريطاني يكشف منهج «الإخوان» منذ نشأة التنظيم وارتباطه بـ«التنظيمات الإرهابية». وقدم التقرير كثيراً من الأدلة على علاقة «الإخوان» بـ«داعش» و«القاعدة»، وانضمام عدد كبير من أعضاء «الإخوان» لصفوف «داعش» عقب عزل محمد مرسي عن السلطة في مصر عام 2013، كما لفت إلى أذرع «الإخوان» من الحركات المسلحة مثل «لواء الثورة» و«حسم».
وحول تأثير قرار تصنيف باراغواي «الإخوان» على «قيادات التنظيم في الخارج»، أكد الباحث المصري المتخصص في شؤون الحركات المتطرفة والإرهاب الدولي، أن «قرار باراغواي سوف يؤثر بالقطع على عناصر التنظيم في الخارج، لأن التنظيم يزعم أنه ينتشر في دول كثيرة حول العالم، ومثل هذا القرار يؤثر على عناصر (الإخوان) الموجودة في باراغواي وفي الدول المجاورة لها، كما أن القرار قد يدفع دولاً أخرى إلى اتخاذ قرار مماثل ضد (الإخوان)».
يأتي قرار باراغواي في وقت يتواصل الصراع بين «قيادات الإخوان في الخارج» حول منصب القائم بأعمال مرشد التنظيم. ويرى مراقبون أن «محاولات الصلح بين جبهتي (لندن) و(إسطنبول) لحسم الخلافات لم تنجح لعدم وجود توافق حول ملامح مستقبل التنظيم». والصراع بين جبهتي «لندن» و«إسطنبول» على منصب القائم بأعمال المرشد، سبقته خلافات كثيرة خلال الأشهر الماضية، عقب قيام إبراهيم منير، القائم بأعمال مرشد «الإخوان» السابق، بحلّ المكتب الإداري لشؤون التنظيم في تركيا، وقيامه بتشكيل «هيئة عليا» بديلة عن «مكتب إرشاد الإخوان». وتبع ذلك تشكيل «جبهة لندن»، «مجلس شورى» جديداً، وإعفاء أعضاء «مجلس شورى إسطنبول» الستة، ومحمود حسين (الذي يقود «جبهة إسطنبول»)، من مناصبهم.