«الخماسية» الدولية لوضع مقاربتها للاستحقاق الرئاسي اللبناني

تجتمع غداً في الدوحة بحضور لودريان... والمبادرة الفرنسية تراوح مكانها

المستشار نزار العلولا مجتمعاً مع المبعوث الفرنسي لودريان (واس)
المستشار نزار العلولا مجتمعاً مع المبعوث الفرنسي لودريان (واس)
TT

«الخماسية» الدولية لوضع مقاربتها للاستحقاق الرئاسي اللبناني

المستشار نزار العلولا مجتمعاً مع المبعوث الفرنسي لودريان (واس)
المستشار نزار العلولا مجتمعاً مع المبعوث الفرنسي لودريان (واس)

الدعوة التي أطلقها جان إيف لودريان، وزير الخارجية الفرنسي السابق وموفد الرئيس إيمانويل ماكرون إلى لبنان، لتسهيل الحوار بين رؤساء الكتل النيابية لإخراج الاستحقاق الرئاسي من التأزم بانتخاب رئيس للجمهورية، تحط على طاولة «اللجنة الخماسية» (فرنسا والولايات المتحدة والسعودية وقطر ومصر) في اجتماعها غداً (الاثنين) في الدوحة، في محاولة هي الأولى للتوصل إلى رؤية موحدة تعبّد الطريق أمام وضع ورقة عمل سياسية يحملها معه لودريان في زيارته الثانية لبيروت. هذا في حال تم التوافق على عناوينها الرئيسية.

وتأتي مشاركة لودريان في اجتماع «اللجنة الخماسية» من أجل لبنان، بحضور السفراء المعتمدين في لبنان للولايات المتحدة الأميركية وفرنسا والمملكة العربية السعودية ومصر وقطر، في سياق الاطلاع على المهمة الاستكشافية للموفد الخاص للرئيس الفرنسي والتي تمحورت حول طرحه مجموعة من الأسئلة على رؤساء الكتل النيابية ليكون في وسعه أن يبني على الشيء مقتضاه لوقف تعطيل انتخاب الرئيس.

 ومع أن مهمة لودريان الخاصة إلى بيروت تأتي بمبادرة من ماكرون من دون أن تحظى، كما تبين لاحقاً، بغطاء سياسي بلا شروط من «اللجنة الخماسية»، فإن مصير تسهيل الحوار بين رؤساء الكتل النيابية يتوقف على ما سيؤول إليه الحوار الذي تستضيفه قطر بين ممثلي الدول الأعضاء في اللجنة في ظل الانقسام بين الكتل النيابية حيال الحوار والأولويات التي يجب أن تُدرج على جدول أعماله قبل الحديث عن مكان انعقاده ومن يتولى رعايته.

فالانقسام بين الكتل النيابية حول من أين يبدأ الحوار سيحضر بامتياز على طاولة اجتماع اللجنة الخماسية في الدوحة، وتحديداً بالنسبة إلى موقف المعارضة بإعطاء الأولوية لانتخاب رئيس للجمهورية كممر إلزامي للدخول في حوار يرعاه الرئيس المنتخب، في مقابل إصرار «محور الممانعة» («حزب الله» وحركة «أمل» وحلفائهما) على أن الحوار بلا شروط يبقى المدخل الوحيد لإنهاء الشغور الرئاسي.

بري مستقبلا جنبلاط الأربعاء (الوكالة الوطنية)

ويتمايز «اللقاء الديمقراطي» برئاسة النائب تيمور وليد جنبلاط في موقفه بتأييد الحوار، شرط التلاقي لانتخاب رئيس توافقي لا يشكل تحدياً لأي فريق، وبالتالي لا يتقاطع في رؤيته لإنهاء الشغور الرئاسي مع موقف رئيس المجلس النيابي نبيه بري. وهذا ما ركّز عليه جنبلاط الابن بعد زيارته لمقر الرئاسة الثانية في عين التينة بتأكيده على التباين في مقاربتهما للملف الرئاسي.

كما أن الحوار داخل «اللجنة الخماسية»، بحضور لودريان، ينطلق من إمكانية توحيد الرؤية السياسية في مقاربتهم الرئاسية بعد أن تعذر على باريس تسويق مبادرتها لإنهاء الشغور الرئاسي بدعمها لترشيح رئيس التيار «المردة» سليمان فرنجية لرئاسة الجمهورية، في مقابل تكليف السفير السابق نواف سلام برئاسة الحكومة العتيدة، وإلا لماذا اضطر ماكرون إلى إيفاد لودريان في مهمة خاصة إلى بيروت في محاولة لإنقاذها من التخبط الذي واجهته من قبل المعارضة ومعها عدد من النواب المنتمين إلى «قوى التغيير» برفض جميع هؤلاء التعاطي معها بإيجابية كونها تفرض رئيساً على اللبنانيين؟

وعلمت «الشرق الأوسط» من مصادر سياسية أن المبادرة الفرنسية افتقرت إلى تأمين الغطاء السياسي من قبل اللجنة الخماسية، وهذا ما نقلته عن لسان أكثر من مسؤول أميركي بقولهم للنواب الذين زاروا واشنطن مؤخراً بأن باريس ذهبت بعيداً في إطلاق مبادرتها، ما اضطرت الإدارة الأميركية للفت نظرها بأنها تجاوزت التفويض بدعم ترشيحها لفرنجية ما أفقدها القيام بدور الوسيط بين الكتل النيابية لإخراج الاستحقاق الرئاسي من التأزّم، وأن تحريكه لن يتحقق بخروجها من الحيادية.

ولفتت المصادر نفسها إلى أن باريس تكاد تكون وحيدة في إحالة انتخاب الرئيس على طاولة الحوار من خلال طرحها لجدول أعمال يقوم على إدراج انتخابه من ضمن سلة سياسية متكاملة تتعلق برئاسة الحكومة وبيانها الوزاري وتحقيق اللامركزية الإدارية الموسعة. وقالت بأن اللجنة الخماسية ستتوقف أمام ما انتهت إليه جلسة الانتخاب الأخيرة التي سجلت تقدم المرشح الوزير السابق جهاد أزعور على منافسه فرنجية، ولو بقي في إطاره السلبي بعد أن بادر محور الممانعة إلى تطيير النصاب الذي حال دون انتخاب الرئيس في جلسة الانتخاب الثانية.

ورأت أن تعذر اللجنة الخماسية في التوافق على رسم خريطة طريق لإنقاذ الاستحقاق الرئاسي من الدوران في حلقة مفرغة لا يعود إلى أن الظروف الدولية والإقليمية ليست ناضجة حتى الساعة لانتخاب رئيس فحسب، وإنما إلى استمرار الانقسام الحاد بين الكتل النيابية المنقطعة عن التواصل للتوافق على تسوية تحول دون تمديد الفراغ الرئاسي إلى أمد طويل، وقالت بأنه من السابق لأوانه الرهان على أن صفحة ترشيح أزعور قد طُويت ولم يعد في الساحة سوى المرشح فرنجية.

واعتبرت أنه من غير الجائز تعليق العمل بالمواصفات التي يجب أن يتمتع بها رئيس الجمهورية لئلا يؤتى برئيس لا خيار أمامه سوى التمديد للأزمة التي تتدحرج بسرعة نحو الانهيار الشامل. وقالت بأن الزيارة الاستطلاعية للودريان لم تبدّل من واقع الحال طالما أن المعارضة ومعها «اللقاء الديمقراطي» ونواب من التغييريين والمستقلين باقية على موقفها بدعم ترشيح أزعور في ضوء تمسك محور الممانعة بترشيح فرنجية.

الموفد الفرنسي مع كتلة النواب «التغييريين» (السفارة الفرنسية في بيروت)

وأكدت المصادر نفسها أن المملكة العربية السعودية باقية على موقفها بعدم وضع فيتو على أي مرشح أو تفضيلها مرشحا على آخر، وقالت بأنها تترك القرار في المعركة الرئاسية للنواب، ولن تلتزم حتى الساعة بأي تعهد، وستحدد موقفها لاحقاً في ضوء تقويمها لبرنامج العمل، وإن كانت تنصح بعدم المساس باتفاق الطائف أو الالتفاف عليه باعتماد أعراف تؤدي إلى تجويف مضمونه، ما يأخذ لبنان إلى متاهات سياسية يبقى في غنى عنها.

لذلك، فإن الأنظار تبقى مشدودة إلى اجتماع اللجنة الخماسية من دون التكهن بما سيصدر عنها، وإن كان سيحدد وجهة التحرك للودريان مما إذا كان سيعود قريباً إلى بيروت بعد تشاوره مع ماكرون في ضوء عدم تثبيته لموعد عودته.

وفي هذا السياق، علمت «الشرق الأوسط» من مصدر محسوب على محور الممانعة أن مجرد انفتاح باسيل على «حزب الله» يعني أن لديه استعداداً لطي صفحة تقاطعه مع المعارضة على ترشيح أزعور، رغم أنه من المبكر الدخول في رهان كهذا، لأن الطرفين لا يزالان حتى الساعة على موقفهما في مقاربتهما لانتخاب الرئيس.


مقالات ذات صلة

هل يدفع مسار التفاوض إسرائيل إلى تبريد جبهة لبنان؟

المشرق العربي جنود من الجيش اللبناني في بلدة علما الشعب الحدودية نوفمبر الماضي (رويترز) play-circle

هل يدفع مسار التفاوض إسرائيل إلى تبريد جبهة لبنان؟

منذ تكليف السفير السابق سيمون كرم ترؤس الوفد اللبناني في لجنة «الميكانيزم»، شهد جنوب لبنان تبدّلاً لافتاً تمثل بوقف إسرائيل الاغتيالات مع تفاوت في التصعيد.

يوسف دياب (بيروت)
تحقيقات وقضايا أعلام سورية مرفوعة في احتفالات بالذكرى الأولى لهروب الأسد في ساحة النور في طرابلس بشمال لبنان (متداول)

«لبنان آخر» بعد الأسد... ومعادلة جديدة في بيروت

أحدث سقوط نظام بشّار الأسد في سوريا تحولاً سياسيا، وأمنياً، واقتصادياً في لبنان، وحرّر بيروت من الاستتباع مباشرة لما تقرره دمشق.

يوسف دياب (بيروت)
المشرق العربي تصاعد الدخان من جراء غارات إسرائيلية على جنوب لبنان (أرشيفية - رويترز) play-circle

غارات على جنوب لبنان والجيش الإسرائيلي يعلن استهداف مواقع لـ«حزب الله»

استهدفت غارات اسرائيلية بعد منتصف ليل الثلاثاء مناطق واسعة في جنوب لبنان، بينما قال الجيش الاسرائيلي إنه قصف مجمع تدريب ومواقع أخرى تابعة لـ«حزب الله».

«الشرق الأوسط» (تل أبيب)
المشرق العربي قائد الجيش اللبناني العماد رودولف هيكل يشعل شعلة في نصب شهداء الجيش بوزارة الدفاع في ذكرى استقلال لبنان يوم 22 نوفمبر الماضي (مديرية التوجيه)

مساعٍ لترتيب زيارة لقائد الجيش اللبناني إلى واشنطن

دعم البطريرك الماروني بشارة الراعي خطوة لبنان باتجاه مفاوضات مدنية مع إسرائيل، وطمأن إلى أن «عهد الحرب والنزاعات والصدامات قد ولّى».

«الشرق الأوسط» (بيروت)
المشرق العربي سجناء في باحة سجن رومية قرب بيروت الذي يضم موقوفين ومدانين بعضهم من الجنسية السورية (أ.ف.ب)

وفد قضائي لبناني إلى دمشق لحلّ أزمة السجناء السوريين

يزور وفد قضائي لبناني رفيع العاصمة السورية دمشق، الأربعاء؛ لمناقشة مشروع اتفاقية قضائية تسمح بتسليم الموقوفين والمحكومين السوريين في لبنان لدمشق.

يوسف دياب (بيروت)

العراق يحتفل بذكرى «النصر على داعش» مع بدء العد التنازلي لتشكيل الحكومة

رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني خلال استقباله الأربعاء جرحى قوات الأمن في «يوم النصر» على تنظيم «داعش» (رئاسة الحكومة العراقية)
رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني خلال استقباله الأربعاء جرحى قوات الأمن في «يوم النصر» على تنظيم «داعش» (رئاسة الحكومة العراقية)
TT

العراق يحتفل بذكرى «النصر على داعش» مع بدء العد التنازلي لتشكيل الحكومة

رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني خلال استقباله الأربعاء جرحى قوات الأمن في «يوم النصر» على تنظيم «داعش» (رئاسة الحكومة العراقية)
رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني خلال استقباله الأربعاء جرحى قوات الأمن في «يوم النصر» على تنظيم «داعش» (رئاسة الحكومة العراقية)

مع بدء العد التنازلي لموعد تشكيل الحكومة العراقية، احتفلت البلاد، الأربعاء، بالذكرى الثامنة لـ«يوم النصر» على تنظيم «داعش» الإرهابي. وفي كلمة له بالمناسبة، شدد رئيس مجلس الوزراء، محمد شياع السوداني، الذي يسعى إلى ولاية جديدة، على أهمية «تعزيز الوحدة الوطنية»، مؤكداً أن «تنظيمات الإرهاب والكراهية والإجرام» لن تستطيع «أن تفلت بما اقترفت من فظائع بحقّ العراقيين».

وأعلنت رئاسة الحكومة العراقية أن السوداني، وهو أيضاً القائد العام للقوات المسلحة، استقبل مجموعة من الجرحى من وزارتي «الدفاع» و«الداخلية»، وجهاز مكافحة الإرهاب، وهيئة الحشد الشعبي، وجهاز الأمن الوطني، وجهاز المخابرات الوطني، وثمّن «بطولات المضحين التي ستظل صفحة مشرقة في تاريخ العراق»، مؤكداً أن «المخططات الإرهابية لاستهداف العراق بدأت منذ عام 2003، عبر تنظيمات ضالة لا تُمثل ديناً أو مذهباً، وارتكبت في العراق جرائم ضد الإنسانية، وجرائم إبادة، وقد كشفنا للعالم حقيقتهم».

وأشار السوداني إلى فتوى المرجعية الدينية في النجف لقتال «داعش»، عادّاً أنها «كانت موجهة لكل الأحرار والوطنيين، وقد لبّى العراقيون النداء، وتوحدوا بجميع أطيافهم ومكوناتهم في قتال الجماعات الإرهابية».

وتابع رئيس الوزراء العراقي: «لا مجال أمام تنظيمات الإرهاب والكراهية والإجرام أن تفلت بما اقترفت من فظائع بحقّ العراقيين»، مضيفاً: «ننطلق في إعمار العراق، ونحمي نهضته ونصونها. مصمّمون على الاستمرار في مسيرة خدمة شعبنا (...). نؤكد أهمية توحيد المواقف وتعزيز الوحدة الوطنية والعمل ودعم الاستقرار، الذي بفضله انطلقت عجلة الإعمار والتنمية».

يأتي ذلك في وقت حسمت «المفوضية العليا المستقلة للانتخابات» أمر الطعون التي قُدّمت لها، والتي بلغت 853 طعناً تتعلق بنتائج الاقتراع الأخير لاختيار أعضاء مجلس النواب. ومصادقة المفوضية على النتائج النهائية هي المرحلة قبل النهائية؛ حيث ينتظر أيضاً مصادقة المحكمة الاتحادية العليا عليها.

«مفوضية الانتخابات»

وأعلنت «المفوضية العليا للانتخابات»، في بيان مقتضب، أنها أرسلت النتائج النهائية للانتخابات التشريعية بدورتها السادسة إلى المحكمة الاتحادية العليا (أعلى سلطة قضائية في العراق) لغرض المصادقة عليها.

وفي موازاة الإجراءات التي انهمكت بها المفوضية طوال الفترة الماضية منذ إجراء الانتخابات الشهر الماضي، كانت القوى السياسية العراقية تنهمك هي الأخرى في مشاورات تشكيل الحكومة المقبلة، بدءاً باختيار الرئاسات الثلاث (الجمهورية والوزراء والبرلمان)، من دون التوصل إلى حل نهائي في خصوص مَن سيتولى هذه المناصب.

غير أن المصادقة على النتائج النهائية دون تغيير كبير من قبل «مفوضية الانتخابات» وإرسالها إلى المحكمة الاتحادية العليا لغرض المصادقة عليها، تُمثّل الحلقة الأخيرة في مسار تشكيل الحكومة المقبلة، وفقاً للتوقيت الدستوري الذي حدده الدستور العراقي بنحو 4 أشهر، بدءاً من إعلان النتائج الأولية للانتخابات.

وفيما ينتظر أن تصادق المحكمة الاتحادية العليا على النتائج النهائية خلال اليومين المقبلين، فإن العد التنازلي يكون قد بدأ لحسم المكوّنات الرئيسية في البلاد (الشيعية والسنية والكردية) خياراتها النهائية بشأن مرشحيها للمناصب السيادية العليا (رئيس الجمهورية، ورئيس البرلمان، ورئيس الوزراء).

احتفال عسكري في بغداد الأربعاء في ذكرى 8 سنوات على هزيمة تنظيم «داعش» (د.ب.أ)

وفي هذا الإطار، تواصل القوى الشيعية، ممثلة في «الإطار التنسيقي»، اجتماعاتها من أجل اختيار المرشح لمنصب رئيس الوزراء من بين أكثر من 40 مرشحاً. ويتقدّم هؤلاء نحو 9 مرشحين، من بينهم رئيس الوزراء الحالي محمد شياع السوداني، ورئيس الوزراء الأسبق نوري المالكي، فضلاً عن رئيس الوزراء الأسبق حيدر العبادي، ورئيس جهاز المخابرات حميد الشطري، ورئيس هيئة المساءلة والعدالة باسم البدري، ومستشار الأمن القومي قاسم الأعرجي، فضلاً عن وزير التخطيط الأسبق علي الشكري.

ولم تُسفر اجتماعات «الإطار التنسيقي» بعد عن اتفاق على مرشح واحد. واتهم رئيس الوزراء الحالي، محمد شياع السوداني، الذي يُدير حالياً حكومة تصريف الأعمال، جهات داخلية من خصومه داخل قوى «الإطار» بأنها حاولت إحراجه أمام واشنطن، عندما زُجّ بشكل مقصود بـ«حزب الله» اللبناني وحركة «أنصار الله» (جماعة الحوثي في اليمن)، على قوائم الإرهاب من قبل لجنة تجميد أموال الإرهاب في العراق، الأمر الذي اضطر الحكومة العراقية إلى إصدار توضيح بهذا الشأن يؤكد أن الحزب اللبناني والجماعة الحوثية ليسا على قوائم الإرهاب العراقية. وعبّرت واشنطن، من جهتها، عن قلقها حيال تخلي العراق عن إدراج «حزب الله» و«أنصار الله» على قوائم الإرهاب.

سنيّاً، لم يتمكن البيت السني، ممثلاً في «المجلس الوطني السياسي»، من الاتفاق حتى الآن على منصب رئيس البرلمان، رغم فوز حزب «تقدّم»، بزعامة رئيس البرلمان السابق محمد الحلبوسي، بأعلى ترتيب في عدد المقاعد. والحلبوسي لا يزال يلاحقه قرار المحكمة الاتحادية العليا بأقصائه من رئاسة البرلمان بتهمة الحنث باليمين.

وفي الواقع، هناك عدد من المرشحين لرئاسة البرلمان من بين القوى السنيّة الأخرى.

وتتكرر هذه الصورة أيضاً في البيت الكردي الخاضع لضغوط إيرانية وأميركية. وتحول الخلافات بين الحزبين الرئيسيين في إقليم كردستان، الحزب «الديمقراطي» بزعامة مسعود بارزاني و«الاتحاد الوطني» بزعامة بافل طالباني، دون التوصل إلى حل لقضية رئاسة الجمهورية، نتيجة إصرار كل من الحزبين على أن يكون هذا المنصب من حصته.

عرض لـ«الحشد الشعبي» في بغداد اليوم في ذكرى 8 سنوات على هزيمة تنظيم «داعش» (د.ب.أ)

خلافات الداخل وضغوط الخارج

وفيما تستمر الخلافات الداخلية بين القوى السياسية التي لم يعد أمامها كثير من الوقت للوصول إلى حلول قبل دخول البلاد في فراغين، سياسي ودستوري (في حال تم تجاوز المدد الدستورية)، فإن الضغوط الخارجية، ولا سيما الأميركية منها، باتت واضحة المعالم.

وفي هذا السياق، يقول السياسي العراقي الدكتور عباس عبود، في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، إن «مما يؤسف له أن التدخل الخارجي في صناعة الرئيس أصبح أمراً مسلّماً به، وشهدنا ذلك منذ الدورة البرلمانية الأولى عام 2005، وحتى قبل ذلك (وتحديداً) منذ احتلال العراق عام 2003؛ حيث إن العامل الأميركي كان هو الحاسم في طريقة اختيار الحاكم وطبيعة الحكم. واستمر ذلك حتى انسحابهم (أي الأميركيين) في أواخر عام 2011، وعند ذاك أخذ الإيرانيون هذا الدور».

وتابع: «بعد هذا التاريخ أصبح التدخل الإيراني الأميركي يأخذ صيغة التناوب، فيكون مرة لصالح أميركا، ومرة لصالح إيران، فضلاً عن وجود تدخل تركي لا يمكن تجاهله».

ويضيف عبود: «في الدورة السادسة الحالية (للبرلمان) يمكن قراءة الدور الأميركي بصيغة أكثر وضوحاً. سيكون هذا الدور مختلفاً هذه المرة عن المرات التي حكم فيها الديمقراطيون البيت الأبيض؛ حيث إن لدى إدارة ترمب الجمهورية مقاربة أخرى على صعيد العراق».

وبشأن ما يمكن أن يترتب على صعيد تشكيل الحكومة القادمة بعد إعلان نتائج الانتخابات، يقول عبود إن «النتائج حُسمت لصالح (الإطار التنسيقي) الشيعي، وبالنسبة له كانت النتائج مريحة. لكن تبقى الضغوط والتدخلات الإقليمية والدولية قائمة على هذا الصعيد، ولا سيما الضغوط الأميركية الحالية. واشنطن تراقب المشهد بدقة، وقد بعثت برسائل ومبعوثين إلى العراق، ومنهم مارك سافايا الذي هو ليس من المؤسسة الدبلوماسية الأميركية شأن من سبقوه من المبعوثين والسفراء، بل هو يُمثّل مؤسسة رجال الأعمال الأميركيين».

ويقول عبود إن «مسألة الفصائل المسلحة وقوى السلاح سيكون لها دور أساسي في طريقة فهم العلاقة الأميركية-العراقية مستقبلاً». ويشير، في هذا الإطار، إلى «وضع عدد من القوى السياسية العراقية على قوائم المطلوبين أميركياً»، في إشارة إلى بعض الجماعات المرتبطة بإيران.


سيول وأمطار غزيرة تودي بحياة مواطنين اثنين وطفلة بالعراق

جسر تضرر نتيجة السيول في طوز خورماتو على الطريق بين بغداد وكركوك الأربعاء (رويترز)
جسر تضرر نتيجة السيول في طوز خورماتو على الطريق بين بغداد وكركوك الأربعاء (رويترز)
TT

سيول وأمطار غزيرة تودي بحياة مواطنين اثنين وطفلة بالعراق

جسر تضرر نتيجة السيول في طوز خورماتو على الطريق بين بغداد وكركوك الأربعاء (رويترز)
جسر تضرر نتيجة السيول في طوز خورماتو على الطريق بين بغداد وكركوك الأربعاء (رويترز)

تسببت الأمطار الغزيرة والسيول في مقتل مواطنَين اثنين وطفلة واحدة، إلى جانب إصابة عدد من المواطنين، في محافظة كركوك شمال العراق؛ مما دفع برئيس الحكومة، محمد شياع السوداني، إلى إصدار توجيهات بتوفير متطلبات الإغاثة للمواطنين في المناطق المتضررة.

وهطلت في اليومين الماضيين أمطار غزيرة في معظم مناطق البلاد، وتركزت شِدّتها في المناطق الشمالية، بعد سنوات من الجفاف الشديد؛ مما أنعش الآمال بموسم شتوي غزير يغطي حاجة البلاد من المياه، ويحوّل الفائض إلى السدود والبحيرات التي تراجعت مخزوناتها خلال فصل الصيف الماضي إلى مستويات غير مسبوقة منذ نحو 90 عاماً، وفق وزارة الموارد المائية. وأدى هذا التراجع إلى نقص شديد في إمدادات المياه، واضطرت السلطات إلى تقليص الخطط الزراعية إلى حدها الأدنى وتركيز الجهود على أولوية توفير مياه الشرب للسكان.

مياه الأمطار والسيول غمرت شوارع النجف وسط العراق الأربعاء (أ.ف.ب)

وفي حين قدم رئيسا الإقليم والحكومة في كردستان، نيجيرفان بارزاني ومسرور بارزاني، التعزية في وفاة المواطنَين والطفلة بناحية ليلان بمحافظة كركوك جراء السيول والأمطار، وجّه رئيس مجلس الوزراء المنتهية ولايته، محمد شياع السوداني، الأربعاء، بتوفير جميع متطلبات الإغاثة لأبناء إقليم كردستان نتيجة السيول.

وذكر المكتب الإعلامي لرئيس الوزراء، في بيان، أن السوداني «وجّه (المركز الوطني لإدارة الأزمات والكوارث) في وزارة الداخلية، والجهات المختصة بتقديم المساعدة والدعم، ووزارة المالية بتخصيص مبلغ طوارئ؛ لتوفير جميع متطلبات الإغاثة التي يحتاجها أبناء شعبنا في إقليم كردستان العراق».

وفي توجيه لاحق، قال بيان من رئاسة الوزراء إن السوداني «تابع بحرص كبير مع القيادة (العسكرية) والجهات ذات العلاقة، أحوال المواطنين والمناطق التي شهدت موجة من الأمطار والسيول؛ مما أدى إلى غرق بعضها وتضرر أخرى، بالإضافة إلى محاصرة عدد من المواطنين نتيجة هذه السيول، خاصة في محافظات كركوك وصلاح الدين وأربيل والسليمانية ومناطق أخرى».

وأمر السوداني، وفق البيان، بـ«فتح مقر متقدم من خلال (مركز إدارة الأزمات والكوارث) بين محافظتي كركوك وصلاح الدين بإمرة ممثلين عن الجهات المختصة، من بينها (الهندسة العسكرية) و(هندسة الحشد الشعبي) ودوائر الطرق والجسور، وبتنسيق مع الحكومات المحلية والقيادات الأمنية في تلك المناطق».

ووجه أيضاً بـ«تأمين طائرات من قيادة طيران الجيش للقيام بعمليات إجلاء فور تحسن الأجواء، بالتزامن مع الشروع في فتح الطرق وترميم بعض الجسور المتضررة، وتوفير كل ما من شأنه تسهيل حركة المواطنين في هذه المناطق».

وتسببت الأمطار والسيول في غرق مناطق واسعة شمال البلاد، وتضرر كثير من الطرق والجسور؛ الأمر الذي أعاق حركة العبور والتنقل في بعض تلك المناطق. ويُتوقع أن تستمر موجة الأمطار حتى الأسبوع المقبل.

سيول غمرت شوارع النجف وسط العراق الأربعاء (أ.ف.ب)

وتقدمت مديرية الدفاع المدني، في وقت سابق، بـ5 وصايا وتحذيرات للمواطنين تزامناً مع الحالة الجوية وتوقعات هطول الأمطار، ضمنها تجنب السفر بين المحافظات إلا للضرورة القصوى.

تعزيز الموارد المائية

بدورها، أكدت وزارة الموارد المائية أن موجة الأمطار الغزيرة المصحوبة بالسيول التي تشهدها البلاد حالياً تمثّل فرصة مهمة لتعزيز الموارد المائية الوطنية، بعد التراجع الذي أصابها خلال المواسم السابقة.

وذكرت الوزارة، في بيان، أن «كميات التساقط تجاوزت في بعض المناطق 120 مليمتراً؛ مما أدى إلى حدوث موجات فيضانية، لا سيما في الأجزاء الشمالية والشمالية الشرقية من العراق».

وأضافت أن «الأحواض العليا لنهرَي دجلة والفرات، لا سيما حوضَيْ الزاب الأعلى والزاب الأسفل، وحوض الفرات، تأثرت بشكل كبير؛ الأمر الذي أسفر عن ورود سيول بمعدلات متفاوتة».

وأكدت الوزارة أنها تعمل حالياً على توجيه هذه السيول والأمطار المتساقطة نحو سدود وخزانات البلاد؛ بهدف تعزيز المخزون المائي، الذي تراجع إلى مستويات متدنية خلال مواسم الجفاف السابقة مع قلة الإيرادات المائية.

ولفتت إلى أن مثل هذه الأمطار «تمثّل فرصة لإعادة التوازن إلى الموارد المائية، وتأمين احتياجات الري للمناطق الزراعية في جميع المحافظات، لا سيما محافظات الوسط والجنوب، واستكمال الريّة الأولى للموسم الشتوي الحالي؛ بما يسهم في دعم الإنتاج الزراعي وتقليل آثار الشح المائي».

منزل غمرته السيول في النجف الأربعاء (رويترز)

ارتفاع مناسيب السدود

وأدت موجة الأمطار، التي شهدها العراق خصوصاً في إقليم كردستان، إلى ارتفاع مناسيب المياه في الأنهار ومعظم السدود، وضمنها سد الموصل الاستراتيجي.

وتحدث «مدير السدود» في إقليم كردستان، رحمن خاني، عن ارتفاع منسوب مياه سدَّيْ دوكان ودربنديخان بـ«أكثر من 100 مليون متر مكعب»، خلال الـ48 الساعة الماضية من هطول الأمطار.

وقال خاني، الأربعاء، في تصريحات لشبكة «رووداو» الإعلامية، إن «منسوب المياه في سد دوكان ارتفع 57 سنتيمتراً، وفي سد دربنديخان 150 سنتيمتراً، كما امتلأت أو فاضت جميع السدود والبرك الصغيرة، خصوصاً تلك الواقعة في حدود محافظة السليمانية مع إدارتَيْ كرميان ورابرين المستقلتين».


وزير خارجية لبنان يعتذر من عدم قبول دعوة لزيارة طهران ويقترح محادثات في دولة ثالثة

وزير الخارجية اللبناني يوسف رجّي (الشرق الأوسط)
وزير الخارجية اللبناني يوسف رجّي (الشرق الأوسط)
TT

وزير خارجية لبنان يعتذر من عدم قبول دعوة لزيارة طهران ويقترح محادثات في دولة ثالثة

وزير الخارجية اللبناني يوسف رجّي (الشرق الأوسط)
وزير الخارجية اللبناني يوسف رجّي (الشرق الأوسط)

ذكرت «الوكالة الوطنية للإعلام» أن وزير الخارجية اللبناني، يوسف رجّي، قال، الأربعاء، إنه يعتذر من عدم قبول دعوة إلى زيارة طهران في الوقت الراهن، واقترح بدلاً من ذلك عقد لقاء «في دولة ثالثة محايدة يتم التوافق عليها».

وقال رجي إن «الظروف الحالية» هي سبب قراره عدم زيارة إيران، دون ذكر مزيد من التفاصيل.

وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي (أ.ب)

وشدد على أن هذا «لا يعني رفضاً للنقاش؛ إنما الأجواء المواتية غير متوافرة».

وفي الأسبوع الماضي، دعا وزير الخارجية الإيراني، عباس عراقجي، نظيرَه اللبناني إلى زيارة طهران في المستقبل القريب لمناقشة العلاقات الثنائية.