تشهد كينيا موجة جديدة من التوتر، بعد احتجاجات دامية مناهضة لقرار الحكومة فرض مزيد من الضرائب. وتوقّع خبيران تحدّثا، لـ«الشرق الأوسط»، تفاقم حالة الغضب والاحتجاجات، بعد سقوط 7 ضحايا مع ازدياد المعاناة اليومية التي يعيشها الكينيون، وذلك رغم قرار «التعليق المؤقت» للمظاهرات الذي اتخذه زعيم المعارضة.
وقُتل 7 أشخاص، الأربعاء، في عدة مدن في كينيا، خلال احتجاجات مناهضة للحكومة كانت قد حظرتها السلطات ضدّ فرض ضرائب جديدة، وفق ما أفاد به مصدران في الشرطة، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، حيث استخدمت الشرطة الكينية الغاز المسيل للدموع لتفريق المتظاهرين المحتجّين على ارتفاع الأسعار.
وبينما دعت «اللجنة الوطنية لحقوق الإنسان» في كينيا إلى إجراء تحقيق شامل في كل حالات «عنف الشرطة» المُبلَّغ عنها، قرر زعيم المعارضة رايلا أودينغا إلغاء مظاهرة كانت مقرَّرة، الأربعاء، في نيروبي. وقال أودينغا، في تصريحات تناقلتها وسائل إعلام كينية، الخميس، إن «القرار الاستراتيجي جرى التوصل إليه، بعد تلقّي معلومات استخبارية بأن مسلَّحين سيهاجمون المتظاهرين السلميين».
وكان «ائتلاف أزيميو» المعارِض، بقيادة أودينغا، قد أعلن أنه يعتزم تنظيم تظاهرة «واحدة على الأقل أسبوعياً؛ احتجاجاً على القانون المالي الجديد الذي طرحه الرئيس ويليام روتو».
وأصدر الرئيس روتو، في بداية يوليو (تموز) الفائت، قانوناً مالياً استحدث ضرائب جديدة، رغم انتقادات المعارضة والمواطنين المتضررين من معدلات التضخم المرتفعة. وينصّ القانون على زيادة الضريبة على الوقود من 8 إلى 16 في المائة، بالإضافة إلى فرض ضريبة على الأجور من أجل تمويل برنامج إسكان منخفض التكلفة.
ورغم قرار إلغاء مظاهرة الأربعاء، أكد أودينغا أن «الاحتجاجات ستستمر حتى يبدي الرئيس روتو استعداداً للإنصات للكينيين واحترامهم». وقال: «المواطنون يستحقون الإنصات وتلبية مطلبهم، وليس الرصاص والغاز»، مضيفاً أنه «لو ترك الكينيون الرئيس يستمر في نهجه بتبنّي الديكتاتورية واحتقار الشعب، فإنه سيستمر في القيام بأشياء سيئة أخرى».
وقال حسن إسحق، المحلل السياسي السوداني المقيم في كينيا، لـ«الشرق الأوسط»، إن «الغضب يزداد باطّراد تجاه سياسات الرئيس الاقتصادية»، ووصف القانون الجديد بأنه «يفاقم معاناة شرائح كبيرة من المجتمع، الذي يعيش أغلبه تحت خط الفقر، ويعاني الآن من ارتفاع أسعار كل شيء بمعدلات كبيرة». وأشار إلى أن روتو «يفقد شعبيته، حتى في مناطق كانت معروفة بتأييدها له»، متوقعاً أن «تستمر الاحتجاجات بزخم كبير، رغم العنف والاعتقالات التي طالت المحتجّين وشملت حتى مسؤولين في الدولة وعضو برلمان».
وشهدت البلاد احتجاجات سابقة، بدأت في مارس (آذار) الماضي، دعا إليها أودينغا واستمرت أسبوعين. وعقب تدخلات إقليمية وخسائر اقتصادية واسعة جراء أعمال العنف، خلال الاحتجاجات، أعلن زعيم المعارضة الكينية أنه «مستعدّ لإجراء محادثات بعد مناشدة من الرئيس روتو»، لكن لم يحدث أي تقدم.
من جانبه، يرى آدم شيخ حسن، الباحث الصومالي في الشؤون الأفريقية، أن أودينغا يحاول تحقيق مكاسب سياسية من وراء الاحتجاجات. وتوقّع، في تصريحات، لـ«الشرق الأوسط»، أن تستمر الاحتجاجات بسبب «سياسات الرئيس الكيني التي تُفاقم الأوضاع اقتصادية السيئة التي يعاني منها أغلب الشعب».
وتُصارع كينيا أزمة ارتفاع تكلفة المعيشة وجفافاً شديداً وتراجعاً لقيمة العملة المحلية. ووفق تقرير المخاطر العالمية، الصادر عن «المنتدى الاقتصادي العالمي»، في يناير (كانون الثاني) الماضي، فإن ارتفاع تكلفة المعيشة هو أحد أبرز المخاطر التي تواجه كينيا.