طهران تستدعي السفير الروسي... وترفض التفاوض بشأن الجزر الإماراتية المحتلة

تعليقات لمسؤولي حكومة رئيسي بعد انتقادات حادة من خصوم موسكو

عبداللهيان مستقبلا لافروف في طهران يونيو 2022 (إ.ب.أ)
عبداللهيان مستقبلا لافروف في طهران يونيو 2022 (إ.ب.أ)
TT

طهران تستدعي السفير الروسي... وترفض التفاوض بشأن الجزر الإماراتية المحتلة

عبداللهيان مستقبلا لافروف في طهران يونيو 2022 (إ.ب.أ)
عبداللهيان مستقبلا لافروف في طهران يونيو 2022 (إ.ب.أ)

أغلقت طهران الباب أمام الحوار بشأن الجزر الإماراتية المحتلة، واستدعت وزارة الخارجية الإيرانية السفير الروسي لدى طهران احتجاجاً على بيان خليجي_روسي يدعو إلى حل قضية عبر المفاوضات الثنائية أو التحكيم الدولي.

وأصدرت روسيا ومجلس التعاون الخليجي يوم الاثنين بيانا مشتركا أعرب فيه وزراء خارجية الدول عن دعم مبادرة إماراتية للتوصل إلى حل سلمي لقضية الجزر الثلاث، طنب الكبرى وطنب الصغرى وأبو موسى، من خلال المفاوضات الثنائية أو محكمة العدل الدولية.

وأبلغ مساعد وزير الخارجية الإيراني علي رضا عنايتي السفير الروسي احتجاج طهران على ما تضمنه البيان بشأن الجزر الثلاث التي تطالب الإمارات بإعادتها منذ سنوات.

وطالب عنايتي السفير «بتصحيح الموقف الروسي تجاه هذه القضية»، متحدثا عن «عائدية» الجزر لإيران حسبما بيان تناقلته وسائل إعلام إيرانية.

واستضافت موسكو الاجتماع الوزاري المشترك السادس للحوار الاستراتيجي بين مجلس التعاون الخليجي وروسيا يوم الاثنين الماضي، بمشاركة وزراء خارجية دول الخليج وروسيا والأمين العام للمجلس جاسم البديوي.

جلسة مباحثات بين وزير الخارجية الروسي ووزراء الخارجية لدول الخليج والأمين العام لمجلس التعاون في موسكو (أ.ب)

وأكد الوزراء في بيانهم الختامي على دعمهم لكافة الجهود السلمية «بما فيها مبادرة دولة الإمارات العربية المتحدة ومساعيها للتوصل إلى حل سلمي لقضية الجزر الثلاث، وذلك من خلال المفاوضات الثنائية أو محكمة العدل الدولية وفقا لقواعد القانون الدولي وميثاق الأمم المتحدة لحل هذه القضية وفقا للشرعية الدولية».

ونقلت «رويترز» عن المستشار القانوني للرئيس الإيراني محمد دهقان اليوم الأربعاء قوله إن إيران لن تتفاوض على الجزر. وادعى أن «دراسة جميع الوثائق السابقة تظهر أن هذه الجزر تابعة لإيران ولا يمكن الجدال في ذلك».

والثلاثاء، ندد المتحدث باسم وزارة الخارجية الإيرانية ناصر كنعاني بالبيان الصادر عن روسيا ومجلس التعاون الخليجي باعتباره متناقضا مع العلاقات الودية بين إيران وجيرانها، وزعم أن «الجزر الثلاث تابعة لإيران إلى الأبد» على حد التعبير الذي أوردته وكالة «رويترز».

ودخل وزير الخارجية الإيراني حسين أمير عبداللهيان على خط الجدل الدائر بشأن الموقف الروسي من الجزر الثلاث. ودون أن يذكر اسما أو يشير إلى البيان، كتب عبداللهيان على تويتر «لن نجامل أي طرف على استقلال وسيادة وسلامة الأراضي الإيرانية».

وبدوره، كتب الناطق باسم الحكومة علي بهادري جهرمي على تويتر «لا نجامل أحدا بشأن المصالح الوطنية وسيادة الأراضي».

خصوم موسكو

وجاءت مواقف المسؤولين في حكومة الرئيس المحافظ المتشدد إبراهيم رئيسي في وقت صعد خصوم الحكومة، خصوصا أنصار الحكومة السابقة برئاسة الرئيس المعتدل نسبياً حسن روحاني، من حدة الانتقادات للتقارب الإيراني الروسي، خصوصاً فيما يتعلق بحرب أوكرانيا، الأمر الذي تسبب في تعثر مفاوضات غير مباشرة بين طهران وواشنطن بهدف إحياء الاتفاق النووي لعام 2015 ورفع العقوبات الأميركية.

وكتب الناشط السياسي الإصلاحي حميد أبو طالبي، مستشار الرئيس الإيراني السابق، أن «هذا الموقف لم يكن مستبعدا من روسيا التي ارتكبت خيانات لا تغتفر على مدى أكثر من 100 عام».

وأضاف «الغريب أنه رغم العداءات الروسية مع إيران، خدعت روسيا مرة أخرى إيران، تسببت بخسارتنا في الاتفاق النووي، وأن نقع في فخ الحرب الروسية، وحققنا رغبة روسيا القيصرية وحرنناهم من عزلة العقوبات العالمية، وأطلعناهم على سبل الالتفاف على العقوبات، والآن ضربة أخرى للسيادة الوطنية».

وانتقد أبو طالبي السياسة الخارجية للحكومة الحالية ووصفها بـ«لا هدف» خصوصا في سياسة «التطلع نحو الشرق». وقال إنها «تعاني من تخبط استراتيجي خلال العامين الأخيرين من الأزمات العميقة في الشؤون السياسية في جميع المجالات الداخلية والخارجية بما في ذلك الاقتصاد والمجتمع والثقافة والقيم والدبلوماسية».

أما رئيس لجنة السياسة الخارجية والأمن القومي في البرلمان السابق، النائب السابق حشمت الله فلاحت بيشه فقد كتب على تويتر أن «الخيانة الكبرى لروسيا سنراها عندما يجبر الديكتاتور على خفض التوتر مع الناتو».

وكتب الناشط الإصلاحي، عماد الدين باقي عبر قناته على تلغرام أن «الخطوة الروسية بعد إجراء مماثل من الصين، تظهر تراجع موقع إيران في العالم». وأضاف «من دون التنمية الاقتصادية وصورة ديمقراطية، لا توجد قوة، وإزاحة الستار عن الصواريخ وتقديم المسيرات لمساعدة روسيا في الاعتداء على أوكرانيا لم يمنعا هذه الوقاحات...».

وأضاف باقي «الدنيا لا تعير اهتماماً للتجمعات الحكومية، ولا تعترف بها كأداة جيدة، وإلا لما تحركوا ضدها بعد الملايين من التجمعات الحكومية المؤيدة لصدام والقذافي» وأضاف «لا يمكن إلحاق الضرر به، الانتخابات الحرة هي التي تؤمن الدولة».

وكتب المحلل السياسي الإصلاحي، أحمد زيد آبادي عبر قناته في تلغرام أن «مسؤولي الجمهورية الإسلامية لا يعرفون ضرورات السياسة الخارجية الصحيحة والمتوازنة والتي توفر المصالح الوطنية». وقال «باتخاذ سياسة معادية للغرب أجبروا على تقديم الفدية للصين وروسيا».

وأشاد زيد آبادي في الوقت نفسه بدول مجلس التعاون الخليجي بسبب توثيق علاقاتها مع جميع القوى العالمية بشكل متوازن، في سياق مصالحها الوطنية.


مقالات ذات صلة

48 ساعة من المباحثات المكثفة والتعاون السياسي والدفاعي بين السعودية وعمان

الخليج سلطان عمان مستقبلاً وزير الخارجية السعودي (الخارجية السعودية)

48 ساعة من المباحثات المكثفة والتعاون السياسي والدفاعي بين السعودية وعمان

سجلت الساعات الماضية تصاعداً في مستوى التنسيق والتشاور الثنائي بين السعودية وعمان على الصعيدَين السياسي والدفاعي، بالإضافة إلى الشراكة الاقتصادية، وذلك وسط…

غازي الحارثي (الرياض)
خاص من مراسم استقبال ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان في الحديقة الجنوبية بالبيت الأبيض نوفمبر 2025 (أ.ف.ب) play-circle

خاص العلاقات السعودية - الأميركية... عام تعزيز المصالح السياسية والتعاون الدفاعي

كرّست الشراكة السعودية الأميركية في 2025 موقع الرياض كوسيط دولي موثوق انعكس أيضاً في حزمة اتفاقيات شملت الدفاع الاستراتيجي والذكاء الاصطناعي والطاقة وغيرها.

غازي الحارثي (الرياض)
تحليل إخباري أعلام دول مجلس التعاون الخليجي معلقة في سوق المباركية بمدينة الكويت (رويترز)

تحليل إخباري كيف أصبح الخليج ملاذاً للاستثمارات الآسيوية وسط اضطرابات الأسواق الكبرى؟

شهدت سندات وقروض الخليج العربي تدفقاً كبيراً من المستثمرين الآسيويين هذا العام، ما يعكس تعميق العلاقات التجارية والمالية مع المنطقة سريعة النمو.

«الشرق الأوسط» (أبوظبي - سنغافورة)
عالم الاعمال «فولكس واغن» تؤكد أهمية أسواق الخليج في استراتيجيتها العالمية

«فولكس واغن» تؤكد أهمية أسواق الخليج في استراتيجيتها العالمية

تعزّز شركة «فولكس واغن» الألمانية حضورها في أسواق الخليج، والسعودية بوصفها ركيزة رئيسية في استراتيجيتها العالمية

«الشرق الأوسط» (الرياض)
الولايات المتحدة​ متظاهرون يحملون العلم السوري أمام البيت الأبيض في 10 نوفمبر الماضي (رويترز)

الكونغرس لإلغاء «قيصر» من دون شروط

بعد عملية شد حبال طويلة توصل الكونغرس إلى اتفاق من شأنه أن يلغي عقوبات قيصر على سوريا نهائياً.

رنا أبتر (واشنطن)

نقل جثامين رئيس الأركان الليبي ومرافقيه إلى ليبيا

يؤدي المسؤولون الصلاة بجوار نعوش رئيس أركان الجيش الليبي محمد علي أحمد الحداد وسبعة مسؤولين آخرين الذين لقوا حتفهم إثر تحطم طائرتهم بعد نحو 30 دقيقة من إقلاعها من أنقرة متجهة إلى طرابلس وذلك خلال مراسم نقل الجثامين إلى ليبيا من أنقرة (رويترز)
يؤدي المسؤولون الصلاة بجوار نعوش رئيس أركان الجيش الليبي محمد علي أحمد الحداد وسبعة مسؤولين آخرين الذين لقوا حتفهم إثر تحطم طائرتهم بعد نحو 30 دقيقة من إقلاعها من أنقرة متجهة إلى طرابلس وذلك خلال مراسم نقل الجثامين إلى ليبيا من أنقرة (رويترز)
TT

نقل جثامين رئيس الأركان الليبي ومرافقيه إلى ليبيا

يؤدي المسؤولون الصلاة بجوار نعوش رئيس أركان الجيش الليبي محمد علي أحمد الحداد وسبعة مسؤولين آخرين الذين لقوا حتفهم إثر تحطم طائرتهم بعد نحو 30 دقيقة من إقلاعها من أنقرة متجهة إلى طرابلس وذلك خلال مراسم نقل الجثامين إلى ليبيا من أنقرة (رويترز)
يؤدي المسؤولون الصلاة بجوار نعوش رئيس أركان الجيش الليبي محمد علي أحمد الحداد وسبعة مسؤولين آخرين الذين لقوا حتفهم إثر تحطم طائرتهم بعد نحو 30 دقيقة من إقلاعها من أنقرة متجهة إلى طرابلس وذلك خلال مراسم نقل الجثامين إلى ليبيا من أنقرة (رويترز)

أفادت وزارة الدفاع التركية بأنّ جثامين رئيس الأركان الليبي ومرافقيه الذين قضوا في حادث تحطم طائرة قرب أنقرة ستُعاد إلى البلاد اليوم (السبت). وقُتل رئيس الأركان الليبي الفريق أول ركن محمد الحداد وأربعة من مرافقيه وثلاثة من أفراد الطاقم بتحطّم طائرة من طراز «فالكون-50» كانوا يستقلونها بعد أقل من أربعين دقيقة على إقلاعها الثلاثاء.

يحمل جنود نعوش رئيس أركان الجيش الليبي محمد علي أحمد الحداد وسبعة مسؤولين آخرين ملفوفة بالعلم والذين لقوا حتفهم إثر تحطم طائرتهم بعد نحو 30 دقيقة من إقلاعها من أنقرة متجهة إلى طرابلس وذلك خلال مراسم نقل الجثامين إلى ليبيا من أنقرة (رويترز)

وأشارت وزارة الدفاع التركية في منشور عبر منصة «إكس» إلى أنّ وزير الدفاع التركي يشار غولر ترأس مراسم تأبين مختصرة في قاعدة مرتد الجوية قرب أنقرة. وعُثر على الصندوق الأسود للطائرة في أرض زراعية قرب موقع التحطم. وأفادت السلطات التركية بأن الطائرة تعرضت لعطل كهربائي، مشيرة إلى أنّ التحقيق في سبب التحطم سيُجرى من جانب «دولة محايدة»، يُحتمل أن تكون ألمانيا.

جنود يحملون نعوش رئيس أركان الجيش الليبي محمد علي أحمد الحداد وسبعة مسؤولين آخرين ملفوفة بالعلم والذين لقوا حتفهم إثر تحطم طائرتهم بعد نحو 30 دقيقة من إقلاعها من أنقرة متجهة إلى طرابلس وذلك خلال مراسم أقيمت في أنقرة (رويترز)

وقال مصدر دبلوماسي فرنسي إن فرنسيين اثنين كانا من بين أفراد طاقم الطائرة التي تم استئجارها من شركة «هارموني جيتس» (Harmony Jets) التي تتخذ من مالطا مقراً لها. وتفيد الشركة بأن عمليات الصيانة تجرى في مدينة ليون الفرنسية.


نتنياهو يمضي رأس السنة في أميركا... متجنباً إغضاب ترمب

قمة مرتقبة بين ترمب ونتنياهو آخر الشهر تناقش خطة السلام في غزة (أ.ف.ب)
قمة مرتقبة بين ترمب ونتنياهو آخر الشهر تناقش خطة السلام في غزة (أ.ف.ب)
TT

نتنياهو يمضي رأس السنة في أميركا... متجنباً إغضاب ترمب

قمة مرتقبة بين ترمب ونتنياهو آخر الشهر تناقش خطة السلام في غزة (أ.ف.ب)
قمة مرتقبة بين ترمب ونتنياهو آخر الشهر تناقش خطة السلام في غزة (أ.ف.ب)

تسنَّى لرئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، الذي تلقَّى دعوةً من الرئيس الأميركي دونالد ترمب؛ للاجتماع معه في نهاية الشهر الحالي، للمرة الخامسة منذ بدء ولايته الرئاسية الثانية قبل أقل من عام، أن يكون ترمب خامس الرؤساء الذين يتعامل معهم خلال جلوسهم في البيت الأبيض.

وعلى الرغم من أن البيت الأبيض لم يعلن برنامج الزيارة، لإنه من المتوقع أن يجتمع ترمب مع نتنياهو في 28 ديسمبر (كانون الأول) الحالي، في مستهل زيارة تستمر 8 أيام، وفقاً لتقارير غير رسمية. ويعني ذلك أن نتنياهو سيمضي رأس السنة الجديدة في الولايات المتحدة.

وبالنسبة إلى كثيرين، فإن ترمب «ليس مثل غيره» من الرؤساء الأميركيين الذين اجتمع معهم نتنياهو بصفته رئيساً للوزراء، وحظي بهامش للاختلاف معهم في عدد من القضايا الرئيسية للشرق الأوسط، في مقدمها المسألة الفلسطينية.

خلاف مكلف

منذ انتخابه للمرة الأولى عام 1996 رئيساً لوزراء إسرائيل، اجتمع نتنياهو، الذي يتولى حالياً منصب رئيس الوزراء الإسرائيلي للمرة السادسة على التوالي، واختلف بنسب متفاوتة، مع الرؤساء الأميركيين السابقين: بيل كلينتون، وجورج دبليو بوش، وباراك أوباما، وجو بايدن. أما الخلاف مع ترمب الآن فـ«يبدو مُكلفاً ومحفوفاً بمحاذير» حيال 3 ملفات رئيسية: الفلسطينيون وحرب غزة، سوريا والرئيس أحمد الشرع، وإيران وبرامجها النووية والباليستية وميليشياتها المزعزعة لاستقرار الشرق الأوسط. أما لبنان، فيعد الآن «الخاصرة الرخوة» في محاولات أميركا لإعادة رسم التوازنات الجديدة في المنطقة.

وقال نائب مساعد وزير الخارجية الأميركي لشؤون الشرق الأدنى سابقاً، إيتان غولدريتش، لـ«الشرق الأوسط»: «في الماضي، كان نتنياهو يعترض على خطط الرؤساء الأميركيين»، لكن عليه الآن «ربما أن يكون أكثر حذراً مع الرئيس ترمب» الذي «إذا شعر بأنك لم تعد شخصاً ذا فائدة له، فإنه سيتخلى عنك» كما حدث مع الرئيس الأوكراني، فولوديمير زيلينسكي. وعدّ أن هناك «فارقاً كبيراً مع بايدن، وربما معظم الرؤساء الذين تعامل معهم نتنياهو» الذي كان في السابق «يحدِّد ما يعتقد أنه يستطيع الإفلات منه». أما مع ترمب، فربما «لا يرى فرصةً كبيرةً للخروج عن المألوف، ويتوقع عواقب وخيمة إذا فعل ذلك».

الرئيس الأميركي دونالد ترمب يعتمر قبعةً قُدِّمت له من فريق هوكي زاره في البيت الأبيض بواشنطن (أ.ب)

تأييد لإسرائيل... ولكن

وعلى المنوال ذاته، يعتقد خبير الشرق الأوسط، آرون ديفيد ميلر، الذي عمل مع إدارات الرؤساء السابقين: جيمي كارتر، ورونالد ريغان، وجورج بوش الأب، وبيل كلينتون، وجورج بوش الابن، ورافق عهود الرؤساء السابقين: باراك أوباما، ودونالد ترمب، وجو بايدن، أن «ترمب يختلف عن أي رئيس أميركي آخر في معظم الأمور»، مؤكداً أنه «لم يسبق لأي رئيس (أميركي) أن تعامل مع رئيس وزراء إسرائيلي بالطريقة التي تعامل بها ترمب مع نتنياهو». وأشار إلى أن ترمب قام خلال ولايته الأولى وجزء كبير من ولايته الثانية «بسلسلة من المبادرات والسياسات المؤيِّدة لإسرائيل، التي تجاوزت على الأرجح أي شيء فعله أي رئيس أميركي آخر»، وبينهم الرؤساء السابقون: ريتشارد نيكسون، وهاري ترومان، وبيل كلينتون، الذين «كانوا مؤيدين لإسرائيل بشكل كبير».

خبير الشرق الأوسط آرون ديفيد ميلر (إنترنت)

وتشمل هذه المبادرات بحسب ميلر، وهو حالياً زميل في مؤسسة «كارنيغي للسلام الدولي»، اعتراف ترمب بالقدس عاصمة لإسرائيل، ونقله السفارة الأميركية إلى القدس، واعترافه بسيادة إسرائيل على مرتفعات الجولان السورية المحتلة، وتجاهله سياسات الضم الإسرائيلية في الضفة الغربية، وإظهاره دعماً عسكرياً في مهاجمة المواقع النووية الإيرانية. ولكن في الوقت ذاته، «انحرف ترمب عن أسلافه وتعامل مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بطريقة أشد صرامة وحزماً من أي رئيسٍ آخر»، موضحاً أن ترمب حذَّر نتنياهو في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي من أنه «إذا لم يوافق على خطة النقاط الـ20 لغزة، فإن أميركا ستتخلى عنه»، عادّاً أن ذلك إشارة واضحة إلى أن ترمب «يفتقر إلى الحساسية العاطفية تجاه إسرائيل». على غرار ما كان عليه كلينتون أو بايدن على سبيل المثال. وأكد أيضاً أن «ترمب يتمتع بهامش مناورة سياسية أكبر من أي رئيس أميركي آخر» لأنه «يسيطر على الحزب الجمهوري، مما يحرم رئيس الوزراء الإسرائيلي من الطعن أمام أي جهة أعلى إذا لم تعجبه سياساته».

لا تقل له: «لا»

وقال خبير شؤون لبنان و«حزب الله» لدى مؤسسة «الدفاع عن الديمقراطيات» في واشنطن، ديفيد داود، لـ«الشرق الأوسط» إنه منذ أيام كلينتون الذي كان أول رئيس أميركي تعامل مع نتنياهو بصفته رئيس وزراء لإسرائيل «كان هناك دائماً احتكاك، فنتنياهو عنيد، ولديه فكرته (...) ولديه رؤية». وأوضح أنه «لأن إسرائيل دولة، وأميركا دولة أخرى، لدينا مصالح مختلفة بين دولتين مختلفتين. وعندما يحصل احتكاك، يتعامل زعيما البلدين مع ذلك بطرق مختلفة. كلينتون كان يشتم نتنياهو في جلساته المغلقة. أوباما الذي كان يسارياً أكثر من كلينتون، والذي كانت علاقته العاطفية مع إسرائيل مختلفة، كان أول رئيس يخرج الخلاف إلى العلن». ولاحظ أنه «عندما يكون الرئيس ترمب على حق أو على خطأ، لا يمكن أن تقول له: لا».

نائب مساعد وزير الخارجية الأميركي لشؤون الشرق الأدنى سابقاً إيتان غولدريتش (الشرق الأوسط)

وفيما يتعلق بغزة، ذهب غولدريتش إلى أنه يجب أن يكون اللقاء بين ترمب ونتنياهو «مهماً» في ظل «خشية البعض من أن يفقد ترمب تركيزه على المرحلة الثانية» من خطته في غزة، وهذا ما يمثل «فرصةً لإظهار أن ترمب هو صانع السلام الحقيقي، وأنه سيواصل السعي لتحقيق شيء يتجاوز ما كان في جوهره وقفاً لإطلاق النار». وأضاف أنه «ربما لا يكون نتنياهو متحمساً لجميع جوانب ما قد يحدث»، غير أنه «لا يريد أن يكون هناك تباين واضح بينه وبين الرئيس ترمب»، أو أن «يُنظَر إليه على أنه غير موافق تماماً على ما يفعله ترمب».

وتوقَّع ميلر أن يعلن ترمب «مجلس سلام» لغزة، ولجنة تنفيذية تابعة له. وربما يعلن حكومة تكنوقراطية فلسطينية مؤلفة من 15 فلسطينياً قد تكون لهم جذور في غزة والضفة الغربية، لكنهم ليسوا مقيمين هناك، وربما سيطلب من دولة أو دولتين، ربما أذربيجان أو إيطاليا، نشر قوات في الجزء الذي تسيطر عليه إسرائيل من غزة.

حتى نيكسون وكيسنجر

ورداً على أسئلة «الشرق الأوسط»، قال ميلر إن ترمب «كان قادراً، ولا يزال قادراً (...) على ممارسة نفوذه كما لم يسبق لأي رئيس أميركي آخر. لا بوش الأب عندما رفض منح إسرائيل ضمانات قروض بقيمة 10 مليارات دولار. ولا رونالد ريغان، عندما أوقف تسليم طائرات (إف 16)؛ بسبب توسيع إسرائيل نطاق قانونها الإداري إلى مرتفعات الجولان. ولا ريتشارد نيكسون وهنري كيسنجر عندما هدَّدا بالضغط على إسرائيل إذا دمَّرت الجيش المصري الثالث على الضفة الغربية لقناة السويس».

ورأى ميلر أن زيارة مارالاغو «ستسير على ما يرام، لأن لا نتنياهو ولا ترمب يرغبان في حدوث خلاف، فكلاهما بحاجة إلى الآخر. نتنياهو بحاجة إلى إعادة انتخابه عام 2026، وترمب لأنه لا يزال يعتقد أن هناك فرصة، في حال تنفيذ اتفاق غزة، أو في حال وجود أي أمل في التطبيع السعودي - الإسرائيلي، لتحقيق هدف رئيسي، بالإضافة إلى حصوله على جائزة نوبل للسلام». وأضاف: «لا أعتقد أن هذين الرجلين يكنّان لبعضهما مودة حقيقية، ولا أعتقد أنهما يثقان ببعضهما ثقة تامة. أعتقد أنهما يدركان ذلك. كلاهما محتال في نواحٍ كثيرة، لكنهما بحاجة لبعضهما، مع أن نتنياهو، في رأيي، أكثر حاجة إلى ترمب».

خبير شؤون لبنان و«حزب الله» لدى مؤسسة «الدفاع عن الديمقراطيات» في واشنطن ديفيد داود (الشرق الأوسط)

ويرى ديفيد داود أنه «قد يكون ترمب محقاً في قوله إنه تاريخياً أكثر رئيس أميركي مؤيد لإسرائيل، بما يجعله يشعر بأنه يحق له دفع إسرائيل أكثر فأكثر. وفي الوقت ذاته لا يمكن أن تقول له: لا. الأمر لم يكن كذلك مع بايدن، الذي كانت لديه اختلافات مع نتنياهو. وكانا يحتكان مع بعضهما بعضاً من دون الوصول إلى نتيجة فعلية. عندما يقول ترمب شيئاً، عليك أن تستجيب له».

من أجل سوريا

وفيما يتعلق بسوريا، رأى غولدريتش أن «الرئيس ترمب ربط نفسه بشكل وثيق بالحكومة الجديدة هناك، ويرغب في نجاحها». وأضاف أن «ترمب يتفهم مخاوف إسرائيل في شأن سوريا». لكنه «يرغب أيضاً في استقرار الوضع في سوريا، وأن يرى العالم أنه كان محقاً في وقوفه إلى جانب الشرع، وأن نهج ترمب سيجلب السلام».

وفي ما يتعلق بلبنان، قال غولدريتش: «إن القلق يكمن في أن العام يوشك على الانتهاء، ولم يتم نزع سلاح (حزب الله)، والإسرائيليون يضغطون للتحرك». ورجح أن «يضغط الأميركيون بشدة على الحكومة اللبنانية لنزع سلاح (حزب الله) ومواصلة أداء واجباتها». لكنه أكد أنهم «لا يرغبون في عملية إسرائيلية».

وبشكل ما، يوافق داود على أن «لبنان ليس فعلاً على الرادار الأميركي. والطريقة التي تتصرف فيها إسرائيل بالهجمات الدقيقة التي تستهدف بصورة دقيقة (حزب الله) من دون إحداث دمار مشابه لما حصل في غزة. ضربات إسرائيلية يومية تصيب 95 في المائة أفراد من (حزب الله) من دون رد». ورأى أنه «بالنسبة إلى الرئيسين عون وسلام، فسيكون النقص المتواصل في قوة (حزب الله) عاملاً مسهلاً في نزع سلاحه» عوض الذهاب إلى حرب شاملة جديدة.

وعبَّر ميلر عن اعتقاده بأن «التوقعات بتحقيق تقدم سريع على الجبهة اللبنانية ضئيلة للغاية»، مذكراً بأن هناك بنداً جانبياً في اتفاقية وقف النار الموقعة في نوفمبر (تشرين الثاني) 2024، «يُلزم الولايات المتحدة بفهم أن لإسرائيل الحق في ردع هجمات حزب الله».


إسرائيل تعترف بـ«جمهورية أرض الصومال»

نتنياهو يوقع على قرار في مكتبه (إكس)
نتنياهو يوقع على قرار في مكتبه (إكس)
TT

إسرائيل تعترف بـ«جمهورية أرض الصومال»

نتنياهو يوقع على قرار في مكتبه (إكس)
نتنياهو يوقع على قرار في مكتبه (إكس)

أصبحت إسرائيل، أمس، أولَ دولة تعترف رسمياً بـ«جمهورية أرض الصومال» (صومالي لاند) المعلنة من جانب واحد «دولة مستقلة ذات سيادة»، وهو قرار من شأنه أن يعيدَ تشكيل الديناميكيات الإقليمية ويختبر معارضة ​الصومال الطويلة الأمد للانفصال، ويعطي تل أبيب موطئَ قدم في منطقة القرن الأفريقي الحساسة، في بلد يملك أطولَ حدود بحرية في قارة أفريقيا.

وقال رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، إنَّ إسرائيل ستسعى إلى تعاون فوري مع «أرض الصومال» - التي كانت تُعرف باسم «الصومال البريطاني» سابقاً - وفي بيان له، هنأ نتنياهو رئيس «أرض الصومال» عبد الرحمن محمد عبد الله، وأشادَ بقيادته ودعاه إلى زيارة إسرائيل. وقال نتنياهو إنَّ الإعلان «يتماشى مع روح اتفاقيات إبراهيم، التي وقعت بمبادرة من الرئيس (الأميركي دونالد) ترمب».

وأعلنت مصرُ أنَّ وزير خارجيتها، بدر عبد العاطي، تحدَّث هاتفياً مع نظرائه من الصومال وتركيا وجيبوتي لمناقشة ما وصفوه بالتطورات الخطيرة في القرن الأفريقي عقب الإعلان الإسرائيلي.

وقالت وزارة الخارجية المصرية إنَّ الوزراء ندَّدوا بالاعتراف الإسرائيلي وأكَّدوا دعمَهم الكامل لوحدة الصومال ‌وسلامة أراضيه.

وتتمتَّع منطقة «أرض الصومال» بحكم ذاتي فعلي، وسلام واستقرار نسبيين، منذ عام 1991 حين انزلق الصومال إلى حرب أهلية، إلا أنَّ هذه المنطقة الانفصالية لم تحظَ باعتراف أي دولة أخرى.