زحام في سوق الأكشن والمسلسلات

ممثلو الموسم يتنافسون على الأولوية هذا العام

ستالون يعود إلى مسلسله الجديد (شاترستوك)
ستالون يعود إلى مسلسله الجديد (شاترستوك)
TT

زحام في سوق الأكشن والمسلسلات

ستالون يعود إلى مسلسله الجديد (شاترستوك)
ستالون يعود إلى مسلسله الجديد (شاترستوك)

هناك نصيحة على شكل مثال لبناني أورثه الأجداد للأحفاد يقول: «مطرح ما بترزق... ألصق». بمعنى أنه إذا ما وجدت عملاً يرضيك لا تتركه بل التصق به قدر المستطاع.

هذه النصيحة مطبّقة في السينما عموماً، وفي الأميركية خصوصاً، منذ أجيال. ممثلون ومخرجون عديدون وجدوا أن أفضل طريقة للنجاح هي البقاء في طي ما تحقق منه. سيلفستر ستالون في «روكي» و«رامبو»، وجوني ويسمولر في «طارزن»، وبيتر سلرز في سلسلة «الفهد القرمزي»، ومات دامون في سلسلة «جاسون بورن»، وكلينت ايستوود في شخصية هاري كالاهان في «ديرتي هاري»، وأرنولد شوارتزنيغر في سلسلة «ذَ تيرميناتور»... والقائمة تطول.

هذا يعني أن الممثل ضمن النجاح المبدئي إذا ما عاد للشخصية التي حققت نجاحاً كبيراً وبات من المستحسن ترجمته إلى أجزاء لاحقة. ليس الممثل فقط، بل عدد من المخرجين الذين يزورون الشخصية نفسها لتقديمها من جديد وشركات الأفلام التي ترقب كل دولار تجنيه من أي حلقة وتقارنه بالحلقة السابقة.

بلا خدوش

هذا يحدث الآن لكن ببعض الاختلاف: في الماضي، كان كل واحد من أبطال المسلسلات يكتفي بإطلالة واحدة كل بضعة أيام وعادة على بعد زمني من الأبطال الآخرين. على سبيل المثال، قد نجد أن أحد أفلام «روكي» عُرض في العام نفسه الذي شهد عرض «ذَ تيرميناتور»، لكننا لن نجد زحمة من الأفلام نفسها تحتشد في غضون أسابيع قليلة. وهذا هو الحال في هذه الأيام.

المسألة ليست الأفلام المسلسلة بحد ذاتها، بل في أن أبطالها متمسكون بها كونها إحدى تذاكر النجاح (أو مطارح اللصق) المتاحة، وأحياناً هي التذكرة الوحيدة التي في اليد.

حين خرج الجزء العاشر من «Fast and Furious» تحت عنوان «Fast X» رغب ممثله الأول ڤِن ديزل وأصحابه تسجيل نقطتين: الأولى نجاح الوصول بهذا المسلسل من بدايته الأولى سنة 2001 إلى اليوم بعد أكثر من 20 سنة بقليل. لم يكن الأمر سهلاً، لكن ديزل وصحبه واصلوا العمل وحققوا في كل جزء خطوة تقود إلى الجزء التالي.

النقطة الثانية هي أن الجمهور واكب هذه المغامرات التي ترتكز على قيادة السيارات بسرعات جنونية، بل على الطيران بها كما لو كانت «درونات» سريعة مع قدر كبير من الانقلاب عدة مرّات على كل جانب من جوانبها وخروج من فيها سالماً بلا خدش واحد. هذا عدا عن السيارات التي تهوي إلى قاع النهر أو تلك التي تنفجر وتفجّر سواها.

كان لا بد له من أن يجد بديلاً، وهذا البديل كان سلسلة «The Expendables» التي خرج منها، ابتداءً من عام 2010 ثلاثة أجزاء والرابع على الطريق في غضون هذا الشهر.

الذئب الوحيد

كل من «فاست أند فيوريوس» و«المستهلَكون» يقومان على عدد أكبر من المعتاد من الممثلين المعروفين للقيام معاً بمهام صعبة، مثل محاربة مجرمين محترفين أو عصابة تهريب مخدرات أو أخرى لتهريب السلاح أو أي تهريب آخر يكون عذراً لحملة واسعة ومغامرات كبيرة والكثير من الأكشن. إذا كان مسلسل «ڤن ديزل» يقوم على السيارات، فإن اختصاص مجموعة «المستهلَكون» هو كل أنواع السلاح. كلاهما يلتقيان على مبدأ أن «الرجولة كنز لا يفنى» وهو المبدأ العام الذي تسير عليه باقي الشخصيات في مثل هذه الأفلام.

لا يجب أن ننسى كذلك أن كيانو ريڤز عمد في سلسلته الشهيرة «جوني ويك» (4 أجزاء إلى الآن) إلى الكثير من مشاهد العنف إنما بأسلوب خفيف من «الماتشوويزم». العنف أساسي في الشخصية التي يؤديها، لكنه الضحية بقدر ما هو الجلاد كما رأيناه في الجزء الرابع الذي تسلّل إلى العروض خلال موسم الصيف أسوة ببعض الأفلام الأخرى. ريڤز هو مثل «الذئب الوحيد» بل التجسيد الصحيح له. ليس فقط في أنه يعمل وحيداً، بل لأنه لا يعرف حقيقة أعدائه فيقاتل الجميع.

في خضم هذه المجموعة، عُرض فيلم العودة لشخصية إنديانا جونز في جزء خامس منذ أسبوعين، معيداً للأذهان تلك الشخصية المغامراتية التي وُلدت على الشاشة لأول مرّة سنة 1981، ومن ثمّ تكررت بعد ذلك في 1984 و1989 ثم 2008. بعد 15 سنة فكّرت هوليوود بإطلاقه في مغامرة خامسة تحت عنوان «إنديانا جونز وقرص القدر»، ذلك القرص الذي لم يمنع القدر من حصول الفيلم على إيرادات متدنية لا بالنسبة لسواه من أفلام هذا الموسم فقط، بل كذلك بالنسبة للأجزاء السابقة منه أيضاً. فبعد شهر من إطلاقه في 30 يونيو (حزيران) الماضي، جمع 248 مليون دولار أي أقل بمليوني دولار عن تكلفته.

الذين حلموا في شركة ديزني بجمهور غفير يملأ الصالات طمعاً في مشاهدة لص الآثار وهو يخوض مغامرة جديدة في هذا الصدد، فوجئوا بذلك العزوف الذي من بين أسبابه أن أحداً لم يقبض بطله هاريسون فورد (80 سنة) على محمل الجد رغم عمليات تحديث العمر في برامج الكومبيوتر. فورد الذي كان أعلن في «كان»، حين شهد الفيلم عرضه العالمي الأول عن أن الفيلم هو بمثابة «معجزة» بالنسبة إليه، ملتزم حالياً الصمت مدركاً أن للسن أحكاماً.

الوحيد

بالمقارنة فإن توم كروز، رغم بلوغه الـ61 سنة، يبدو أكثر طواعية في مشاهد الأكشن التي يؤديها. هذا الممثل لا يزال الرقم الأول بين المداومين على تمثيل الشخصيات المتداولة لهم. فيلمه الجديد Mission‪: Impossible‪: Dead Reckoning Part One (سينطلق على الشاشات خلال أيام) سيكون شاهداً جديداً على ذلك، إنه الجزء السابع من السلسلة التي وُلدت من رحم المسلسل التلفزيوني الشهير بالاسم ذاته (خلال الستينات). وتوم كروز ملتصق به بكل نواشذه لدرجة أننا قلما نراه يؤدي دوراً آخر في فيلم لا ينتمي إلى هذه السلسلة.

هذا طبعاً باستثناء «توب غن: ماڤيريك» الذي خرج في العام الماضي جزءاً ثانياً (بدوره) من جزء سابق قبل نحو 30 سنة.

اللافت هو أنه إذا شاهد الجزء الأخير من إنديانا جونز، ألهبته حقيقة أن فورد (80 سنة) ما زال يلمع بالنسبة لمشاهديه، فإذا به يصرّح: «أود الاستمرار في بطولة (المهمّة: مستحيلة) حتى ذلك العمر». يومها لم يدرك كروز أن اللمعان كان بريقاً خاطفاً مضى بأسرع ما خطط له.

يبقى هناك بطل واحد ومسلسل آخر مبرمج للعروض في الشهر التاسع لينافس سيلفستر ستالون وفريقه. البطل هو خارج كل نطاق سابق وأفلام مسلسله لم تتعد بعد الثلاثة.

إنه دنزل واشنطن الذي يعود إلى دور روبرت ماكول في مسلسل «المساوي» (The Equalizer). ظهر في السينما من بطولة واشنطن (وإخراج أنطوان فوكوا) لأول مرّة سنة 2014، ومن ثمّ للمرة الثانية سنة 2018 ويعود قريباً لدورة ثالثة. وهو، مثل «المهمّة: مستحيلة» نبع من مسلسل تلفزيوني شهد نجاحه في الثمانينات.

المثير في شخصية ماكول هو الطريقة المقنعة التي يؤدي بها دنزل واشنطن الدور. هو شخصية عملية. ماهرة. سديدة. تنصف المظلومين ضد الظالمين، وقادر على أن يبتسم من القلب.

لا سيارات تطير ولا دراجات نارية تسبق الريح ولا عشرات الأشرار يواجهونه فيطيح بهم كما لو كان يخفق البيض قبل القلي. إنه واحد لواحد وأحياناً واحد ضد اثنين. يؤديه دنزل بكل قناعة ومن خلفية مختلفة كذلك وهي إنه ليس بحاجة لتأكيد نجوميّته عبر الإصرار على هذا المسلسل. لكن مجرد وجوده في مواجهة كل أولئك الممثلين الباحثين عن أقصى الضوضاء وأقصى السرعات وأقصى أعمال العنف، نوع من النسيم العليل والمختلف.


مقالات ذات صلة

فيصل الأحمري لـ«الشرق الأوسط»: لا أضع لنفسي قيوداً

يوميات الشرق فيصل الأحمري يرى أن التمثيل في السينما أكثر صعوبة من المنصات (الشرق الأوسط)

فيصل الأحمري لـ«الشرق الأوسط»: لا أضع لنفسي قيوداً

أكد الممثل السعودي فيصل الأحمري أنه لا يضع لنفسه قيوداً في الأدوار التي يسعى لتقديمها.

أحمد عدلي (القاهرة)
يوميات الشرق يتيح الفرصة لتبادل الأفكار وإجراء حواراتٍ مُلهمة تتناول حاضر ومستقبل صناعة السينما العربية والأفريقية والآسيوية والعالمية (واس)

«البحر الأحمر السينمائي» يربط 142 عارضاً بصناع الأفلام حول العالم

يربط مهرجان البحر الأحمر 142 عارضاً من 32 دولة هذا العام بصناع الأفلام حول العالم عبر برنامج «سوق البحر الأحمر» مقدماً مجموعة استثنائية من الأنشطة.

لقطة من فيلم «عيد الميلاد» (أ.ب)

فيلم «لاف أكتشلي» من أجواء عيد الميلاد أول عمل لريتشارد كيرتس

بعد عقدين على النجاح العالمي الذي حققه الفيلم الكوميدي الرومانسي «لاف أكتشلي» المتمحور حول عيد الميلاد، يحاول المخرج البريطاني ريتشارد كورتس تكرار هذا الإنجاز.

«الشرق الأوسط» (لندن)
سينما أغنييشكا هولاند (مهرجان ڤينيسيا)

أغنييشكا هولاند: لا أُجمّل الأحداث ولا أكذب

عد أكثر من سنة على عرضه في مهرجاني «ڤينيسيا» و«تورونتو»، وصل فيلم المخرجة البولندية أغنييشكا هولاند «حدود خضراء» إلى عروض خاصّة في متحف (MoMA) في نيويورك.

محمد رُضا (نيويورك)
يوميات الشرق من كواليس فيلم «المستريحة» (إنستغرام ليلى علوي)

أفلام مصرية جديدة تراهن على موسم «رأس السنة»

تُراهن أفلام مصرية جديدة على موسم «رأس السنة»، من خلال بدء طرحها في دور العرض قبيل نهاية العام الحالي (2024)، وأبرزها «الهنا اللي أنا فيه»، و«الحريفة 2».

داليا ماهر (القاهرة)

تانيا صالح تُغنّي للأطفال وترسم لُبنانَهم الأحلى

باكتمال الألبوم واستعداد الفنانة لنشره بين الأطفال تشعر بالاستراحة (صور تانيا صالح)
باكتمال الألبوم واستعداد الفنانة لنشره بين الأطفال تشعر بالاستراحة (صور تانيا صالح)
TT

تانيا صالح تُغنّي للأطفال وترسم لُبنانَهم الأحلى

باكتمال الألبوم واستعداد الفنانة لنشره بين الأطفال تشعر بالاستراحة (صور تانيا صالح)
باكتمال الألبوم واستعداد الفنانة لنشره بين الأطفال تشعر بالاستراحة (صور تانيا صالح)

أمَّنت الإقامة في باريس للفنانة اللبنانية تانيا صالح «راحة بال» تُحرِّض على العطاء. تُصرُّ على المزدوجَين «...» لدى وصف الحالة، فـ«اللبناني» و«راحة البال» بمعناها الكلّي، نقيضان. تحطّ على أراضي بلادها لتُطلق ألبومها الجديد الموجَّه إلى الأطفال. موعد التوقيع الأول؛ الجمعة 6 ديسمبر (كانون الأول) الحالي. والأحد (8 منه) تخصّصه لاستضافة أولاد للغناء والرسم. تريد من الفنّ أن يُهدّئ أنين أطفال الصدمة ويرأف بالبراءة المشلَّعة.

تريد من الفنّ أن يُهدّئ أنين أطفال الصدمة ويرأف بالبراءة المشلَّعة (صور تانيا صالح)

وطَّد كونها أُماً علاقتها بأوجاع الطفولة تحت النار؛ من فلسطين إلى لبنان. تُخبر «الشرق الأوسط» أنها اعتادت اختراع الأغنيات من أجل أن ينام أطفالها وهم يستدعون إلى مخيّلاتهم حلاوة الحلم. لطالما تمنّت الغناء للصغار، تشبُّعاً بأمومتها وإحساسها بالرغبة في مَنْح صوتها لمَن تُركوا في البرد واشتهوا دفء الأحضان. تقول: «أصبح الأمر مُلحّاً منذ تعرُّض أطفال غزة لاستباحة العصر. لمحتُ في عيون أهاليهم عدم القدرة على فعل شيء. منذ توحُّش الحرب هناك، وتمدُّد وحشيتها إلى لبنان، شعرتُ بأنّ المسألة طارئة. عليَّ أداء دوري. لن تنفع ذرائع من نوع (غداً سأبدأ)».

غلاف الألبوم المؤلَّف من 11 أغنية (صور تانيا صالح)

وفَّر الحبُّ القديم لأغنية الطفل، عليها، الكتابةَ من الصفر. ما في الألبوم، المؤلَّف من 11 أغنية، كُتب من قبل، أو على الأقل حَضَرت فكرته. تُكمل: «لملمتُ المجموع، فشكَّل ألبوماً. وكنتُ قد أنقذتُ بعض أموالي خشية أنْ تتطاير في المهبّ، كما هي الأقدار اللبنانية، فأمّنتُ الإنتاج. عملتُ على رسومه ودخلتُ الاستوديو مع الموسيقيين. بدل الـ(CD)؛ وقد لا يصل إلى أطفال في خيامهم وآخرين في الشوارع، فضَّلتُ دفتر التلوين وفي خلفيته رمز استجابة سريعة يخوّلهم مسحه الاستماع المجاني إلى الأغنيات ومشاهدتها مرسومة، فتنتشل خيالاتهم من الأيام الصعبة».

تُخطّط تانيا صالح لجولة في بعلبك وجنوب لبنان؛ «إنْ لم تحدُث مفاجآت تُبدِّل الخطط». وتشمل الجولة مناطق حيث الأغنية قد لا يطولها الأولاد، والرسوم ليست أولوية أمام جوع المعدة. تقول: «أتطلّع إلى الأطفال فأرى تلك السنّ التي تستحقّ الأفضل. لا تهمّ الجنسية ولا الانتماءات الأخرى. أريد لموسيقاي ورسومي الوصول إلى اللبناني وغيره. على هذا المستوى من العطف، لا فارق بين أصناف الألم. ليس للأطفال ذنب. ضآلة مدّهم بالعِلم والموسيقى والرسوم، تُوجِّه مساراتهم نحو احتمالات مُظلمة. الطفل اللبناني، كما السوري والفلسطيني، جدير بالحياة».

تعود إلى لبنان لتُطلق ألبومها الجديد الموجَّه للأطفال (صور تانيا صالح)

باكتمال الألبوم واستعداد الفنانة لنشره بين الأطفال، تشعر أنها تستريح: «الآن أدّيتُ دوري». الفعل الفنّي هنا، تُحرّكه مشهديات الذاكرة. تتساءل: «كم حرباً أمضينا وكم منزلاً استعرنا لننجو؟». ترى أولاداً يعيشون ما عاشت، فيتضاعف إحساس الأسى. تذكُر أنها كانت في نحو سنتها العشرين حين توقّفت معارك الحرب الأهلية، بعد أُلفة مريرة مع أصوات الرصاص والقذائف منذ سنّ السادسة. أصابها هدوء «اليوم التالي» بوجع: «آلمني أنني لستُ أتخبَّط بالأصوات الرهيبة! لقد اعتدْتُها. أصبحتُ كمَن يُدمن مخدِّراً. تطلَّب الأمر وقتاً لاستعادة إيقاعي الطبيعي. اليوم أتساءل: ماذا عن هؤلاء الأطفال؛ في غزة وفي لبنان، القابعين تحت النار... مَن يرمِّم ما تهشَّم؟».

تريد الموسيقى والرسوم الوصول إلى الجميع (صور تانيا صالح)

سهَّلت إقامُتها الباريسية ولادةَ الألبوم المُحتفَى به في «دار المنى» بمنطقة البترون الساحلية، الجمعة والأحد، بالتعاون مع شباب «مسرح تحفة»، وهم خلف نشاطات تُبهج المكان وزواره. تقول إنّ المسافة الفاصلة عن الوطن تُعمِّق حبَّه والشعور بالمسؤولية حياله. فمَن يحترق قد يغضب ويعتب. لذا؛ تحلَّت بشيء من «راحة البال» المحرِّضة على الإبداع، فصقلت ما كتبت، ورسمت، وسجَّلت الموسيقى؛ وإنْ أمضت الليالي تُشاهد الأخبار العاجلة وهي تفِد من أرضها النازفة.

في الألبوم المُسمَّى «لعب ولاد زغار»، تغنّي لزوال «الوحش الكبير»، مُختَزِل الحروب ومآسيها. إنها حكاية طفل يشاء التخلُّص من الحرب ليكون له وطن أحلى. تقول: «أريد للأطفال أن يعلموا ماذا تعني الحروب، عوض التعتيم عليها. في طفولتي، لم يُجب أحد عن أسئلتي. لم يُخبروني شيئاً. قالوا لي أنْ أُبقي ما أراه سراً، فلا أخبره للمسلِّح إنْ طرق بابنا. هنا أفعل العكس. أُخبر الأولاد بأنّ الحروب تتطلّب شجاعة لإنهائها من دون خضوع. وأُخبرهم أنّ الأرض تستحق التمسُّك بها».

وتُعلِّم الصغار الأبجدية العربية على ألحان مألوفة، فيسهُل تقبُّل لغتهم والتغنّي بها. وفي الألبوم، حكاية عن الزراعة وأخرى عن النوم، وثالثة عن اختراع طفل فكرة الإضاءة من عمق خيمته المُظلمة. تقول إنّ الأخيرة «حقيقية؛ وقد شاهدتُ عبر (تيك توك) طفلاً من غزة يُفكّر في كيفية دحض العتمة لاستدعاء النور، فألهمني الكتابة. هذه بطولة».

من القصص، تبرُز «الشختورة» (المركب)، فتروي تانيا صالح تاريخ لبنان بسلاسة الكلمة والصورة. تشاء من هذه الحديقة أن يدوم العطر: «الألبوم ليس لتحقيق ثروة، وربما ليس لاكتساح أرقام المشاهدة. إنه شعوري بتأدية الدور. أغنياته حُرّة من زمانها. لم أعدّها لليوم فقط. أريدها على نسق (هالصيصان شو حلوين)؛ لكلّ الأيام».