الحياة في مصر عبر 1200 عام.. موضوع المعرض الضخم المقبل للمتحف البريطاني

200 قطعة تروي تأثير الديانات السماوية والتعايش بين أتباعها في مرحلة ما بعد الفراعنة

الباحث سولمون شيشتر في مكتبه بجامعة كمبردج يبحث في وثائق «الجنيزة» التي حفظت لقرون في معبد بن عزرا اليهودي بالقاهرة (جامعة كمبردج)
الباحث سولمون شيشتر في مكتبه بجامعة كمبردج يبحث في وثائق «الجنيزة» التي حفظت لقرون في معبد بن عزرا اليهودي بالقاهرة (جامعة كمبردج)
TT

الحياة في مصر عبر 1200 عام.. موضوع المعرض الضخم المقبل للمتحف البريطاني

الباحث سولمون شيشتر في مكتبه بجامعة كمبردج يبحث في وثائق «الجنيزة» التي حفظت لقرون في معبد بن عزرا اليهودي بالقاهرة (جامعة كمبردج)
الباحث سولمون شيشتر في مكتبه بجامعة كمبردج يبحث في وثائق «الجنيزة» التي حفظت لقرون في معبد بن عزرا اليهودي بالقاهرة (جامعة كمبردج)

يبدو أن الموسم الفني في أوروبا يحمل اللمسة العربية والمصرية تحديدا، فمع استضافة معهد العالم العربي في باريس لمعرض حول الاكتشافات الأثرية في البحر المتوسط والتي قامت بها بعثة أثرية فرنسية، حمل عنوان «أوزوريس»، أعلن المتحف البريطاني في لندن عن معرض يطمح لتقديم صورة مختلفة من الحياة المصرية في ظل الأديان الثلاثة.
المعرض الذي يشرع أبوابه في 29 أكتوبر (تشرين الأول) المقبل ويستمر حتى فبراير (شباط) من العام المقبل، يحمل عنوان «مصر.. الديانات بعد الفراعنة». وحسب البيان الصحافي الصادر عن المتحف فهو يعتبر أول معرض ضخم في بريطانيا يقدم تاريخ مرحلة ما بعد الفراعنة في التاريخ الاجتماعي المصري.
المعرض، الذي يحشد له المتحف 200 قطعة أثرية مستعارة من جهات مختلفة، يتميز بالتركيز على 1200 عام من التاريخ المصري يلقي فيها الضوء على تأثير الديانات الثلاث وحياة معتنقيها، كما يبرز الرؤية المتغيرة للحضارة الفرعونية عبر الأعوام والحقب.
وفي حديث مع أماندين ميرات، منسقة مشروع معرض «مصر.. الديانات بعد الفراعنة»، أشارت إلى أن المعرض لا يتناول الأديان الثلاثة بشكل مباشر، بل يتعامل مع تأثيرها في الحياة اليومية للمصريين. وتضيف: «نتناول الأديان الثلاثة بشكلها المقدس فقط في مقدمة المعرض، حيث نضع الكتب السماوية الثلاثة إلى جانب بعض المعروضات الأخرى التي ترمز لها، مثل ثلاثة شواهد قبور أثرية، واحد يحمل الصليب وآخر يحمل الشمعدان السباعي (المينوراه) والثالث يحمل الكتابة العربية، أيضًا نعرض لقصة النبي إبراهيم (عليه السلام) الذي يعتبر القاسم المشترك بين الأديان الثلاثة (الإبراهيمية)». وخلال حديثها تشير ميرات أكثر من مرة إلى حرص القائمين على المعرض على التزام التوازن ما بين تناول الديانات الثلاث بصفتها المقدسة، وبين مظاهر الحياة اليومية المتأثرة بتلك الكتب المقدسة.
ينطلق القسم الأول من المعرض من العام الثلاثين قبل الميلاد، وتحديدا بعد وفاة كليوباترا ومارك أنطونيو، ثم يستمر عبر 1200 عام حتى يصل للدولة الفاطمية، ويختتم روايته في عام 1171 مع نهايتها. ولكن لماذا اختيار تلك النقطة تحديدا للاختتام المعرض؟ تجيبني ميرات بقولها: «تلك الفترة ارتبطت باكتشاف مخطوطات (الجنيزة) الأثرية في معبد بن عزرا في القاهرة، ويبلغ عددها 200 ألف وثيقة، يعود أقدمها إلى القرن الـ11 ميلادي». وتشير ميرات إلى أن الحالة الجيدة للوثائق ترجع للمناخ الجاف الذي تتميز به مدينة القاهرة.
وتروي وثائق «الجنيزة» بينها مقتطفات من تاريخ المجتمع اليهودي في مصر ما بين القرنين الـ11 والـ13 مكتوبة باللغات العبرية والآرامية والعربية، ولكون الطائفة اليهودية القاهرية طائفة يهودية مركزية في القرون الوسطى، فقد تم العثور في هذه «الجنيزة» على وثائق وكتب من جميع أنحاء العالم اليهودي، بما في ذلك بعض الوثائق المكتوبة بلغات يهودية أوروبية، مثل اللغة الييديشية، وتبرز من خلالها الصلات بين يهود مصر وبني دياناتهم في أماكن مختلفة من العالم من الهند إلى إسبانيا. ويعتبر الخبراء أن تلك الوثائق مهمة في أكثر من جانب، فهي تقدم دلائل وأمثلة للحياة اليومية لليهود في القاهرة خلال العصور الوسطى، لكنها أيضًا تعرض لحياة المجتمعات المسلمة والمسيحية في منطقة حوض البحر المتوسط في تلك الحقبة.
«مصر هي المكان الوحيد الذي توجد به وثائق نادرة وأوراق البردي التي تروي صفحاتها صورا من الحياة اليومية والتعايش والتماثل بين أتباع الديانات الثلاث»، تستكمل ميرات ملاحظاتها.. «على سبيل المثال نعرض لورقة بردي تتحدث عن الآلات التي اشترك المسلمون واليهود في استخدامها، في حد ذاتها نرى أنها ترسم بطريقتها لوحة للحياة والديانة والتعايش في مصر».
لكن الصراعات والنزاعات تمثل أيضًا جانبا من الصورة البانورامية التي يقدمها المعرض، فهو يروي معاناة اليهود واضطهادهم على يد المسيحيين، ثم معاناة المسيحيين من الوثنيين وغيرهم. وتعلق ميرات: «التوازن بين تصوير النزاعات وتصوير التعايش هو هدفنا هنا، فقبل كل شيء كان الناس يتشاركون في أنواع الطعام ويرتدون الملابس نفسها ويعيشون معا في المدن نفسها».
يعرض المعرض أيضا لتغيرات المشهد العمراني مع التغيرات العقائدية والمجتمعية، فعلى سبيل المثال نرى كيف اختلفت النظرة لأهرامات الجيزة بين الرؤية الفرعونية لها كمقابر لملوك الفراعنة وبين نظرة اليهود لها كخزائن الأرض التي تولاها النبي يوسف (عليه السلام)، كما نعرف أن بعض المعابد الفرعونية تحولت بدورها لكنائس، مثل القصر الذي بدأت كليوباترا السابعة في بنائه وأنهاه الإمبراطور أغسطس وتحول إلى الكنيسة الكبيرة في الإسكندرية. وبعد الفتح الإسلامي لمصر في الفترة 639 – 642م، تغيرت الأماكن المقدسة لتتواءم مع العصر الجديد، فنرى أن مسجد العطارين بالإسكندرية تم بناؤه باستخدام مئات الأعمدة الرومانية التي كانت جزءا من المعابد والقصور الرومانية. كما يروي المعرض الانبهار الذي أبداه الفاتحون العرب بأهرامات الجيزة، وكانت في نظرهم هي خزائن النبي يوسف (عليه السلام) وأيضًا مقابر ملوك الفراعنة، وهنا نرى التداخل بين التفسيرات اليهودية والفرعونية والإسلامية.
يستعير المعرض 200 قطعة أثرية من 18 جهة ليس من بينها أي جهة عربية للأسف، لكنه يلجأ لمكتبة البودليان في جامعة أكسفورد، وإلى خزائن المكتبة البريطانية، ومتحف اللوفر، وبعض المؤسسات الألمانية، ومؤسسات في مدينة فلورنسا بإيطاليا.



«البحر الأحمر السينمائي» يشارك في إطلاق «صنّاع كان»

يتطلّع برنامج «صنّاع كان» إلى تشكيل جيل جديد من قادة صناعة السينما
يتطلّع برنامج «صنّاع كان» إلى تشكيل جيل جديد من قادة صناعة السينما
TT

«البحر الأحمر السينمائي» يشارك في إطلاق «صنّاع كان»

يتطلّع برنامج «صنّاع كان» إلى تشكيل جيل جديد من قادة صناعة السينما
يتطلّع برنامج «صنّاع كان» إلى تشكيل جيل جديد من قادة صناعة السينما

في مسعى لتمكين جيل جديد من المحترفين، وإتاحة الفرصة لرسم مسارهم المهني ببراعة واحترافية؛ وعبر إحدى أكبر وأبرز أسواق ومنصات السينما في العالم، عقدت «معامل البحر الأحمر» التابعة لـ«مؤسسة مهرجان البحر الأحمر السينمائي» شراكة مع سوق الأفلام بـ«مهرجان كان»، للمشاركة في إطلاق الدورة الافتتاحية لبرنامج «صنّاع كان»، وتمكين عدد من المواهب السعودية في قطاع السينما، للاستفادة من فرصة ذهبية تتيحها المدينة الفرنسية ضمن مهرجانها الممتد من 16 إلى 27 مايو (أيار) الحالي.
في هذا السياق، اعتبر الرئيس التنفيذي لـ«مؤسسة مهرجان البحر الأحمر السينمائي» محمد التركي، أنّ الشراكة الثنائية تدخل في إطار «مواصلة دعم جيل من رواة القصص وتدريب المواهب السعودية في قطاع الفن السابع، ومدّ جسور للعلاقة المتينة بينهم وبين مجتمع الخبراء والكفاءات النوعية حول العالم»، معبّراً عن بهجته بتدشين هذه الشراكة مع سوق الأفلام بـ«مهرجان كان»؛ التي تعد من أكبر وأبرز أسواق السينما العالمية.
وأكّد التركي أنّ برنامج «صنّاع كان» يساهم في تحقيق أهداف «مهرجان البحر الأحمر السينمائي الدولي» ودعم جيل جديد من المواهب السعودية والاحتفاء بقدراتها وتسويقها خارجياً، وتعزيز وجود القطاع السينمائي السعودي ومساعيه في تسريع وإنضاج عملية التطوّر التي يضطلع بها صنّاع الأفلام في المملكة، مضيفاً: «فخور بحضور ثلاثة من صنّاع الأفلام السعوديين ضمن قائمة الاختيار في هذا البرنامج الذي يمثّل فرصة مثالية لهم للنمو والتعاون مع صانعي الأفلام وخبراء الصناعة من أنحاء العالم».
وفي البرنامج الذي يقام طوال ثلاثة أيام ضمن «سوق الأفلام»، وقع اختيار «صنّاع كان» على ثمانية مشاركين من العالم من بين أكثر من 250 طلباً من 65 دولة، فيما حصل ثلاثة مشاركين من صنّاع الأفلام في السعودية على فرصة الانخراط بهذا التجمّع الدولي، وجرى اختيارهم من بين محترفين شباب في صناعة السينما؛ بالإضافة إلى طلاب أو متدرّبين تقلّ أعمارهم عن 30 عاماً.
ووقع اختيار «معامل البحر الأحمر»، بوصفها منصة تستهدف دعم صانعي الأفلام في تحقيق رؤاهم وإتمام مشروعاتهم من المراحل الأولية وصولاً للإنتاج.
علي رغد باجبع وشهد أبو نامي ومروان الشافعي، من المواهب السعودية والعربية المقيمة في المملكة، لتحقيق الهدف من الشراكة وتمكين جيل جديد من المحترفين الباحثين عن تدريب شخصي يساعد في تنظيم مسارهم المهني، بدءاً من مرحلة مبكرة، مع تعزيز فرصهم في التواصل وتطوير مهاراتهم المهنية والتركيز خصوصاً على مرحلة البيع الدولي.
ويتطلّع برنامج «صنّاع كان» إلى تشكيل جيل جديد من قادة صناعة السينما عبر تعزيز التعاون الدولي وربط المشاركين بخبراء الصناعة المخضرمين ودفعهم إلى تحقيق الازدهار في عالم الصناعة السينمائية. وسيُتاح للمشاركين التفاعل الحي مع أصحاب التخصصّات المختلفة، من بيع الأفلام وإطلاقها وتوزيعها، علما بأن ذلك يشمل كل مراحل صناعة الفيلم، من الكتابة والتطوير إلى الإنتاج فالعرض النهائي للجمهور. كما يتناول البرنامج مختلف القضايا المؤثرة في الصناعة، بينها التنوع وصناعة الرأي العام والدعاية والاستدامة.
وبالتزامن مع «مهرجان كان»، يلتئم جميع المشاركين ضمن جلسة ثانية من «صنّاع كان» كجزء من برنامج «معامل البحر الأحمر» عبر الدورة الثالثة من «مهرجان البحر الأحمر السينمائي الدولي» في جدة، ضمن الفترة من 30 نوفمبر (تشرين الثاني) حتى 9 ديسمبر (كانون الأول) المقبلين في المدينة المذكورة، وستركز الدورة المنتظرة على مرحلة البيع الدولي، مع الاهتمام بشكل خاص بمنطقة الشرق الأوسط.