«نيويورك تايمز»: الجنرال سوروفيكين كان على علم بتمرد بريغوجين

الكرملين عدّها مجرد «شائعات» و«نميمة»... والبيت الأبيض يقول إن بوتين يخسر الحرب

الرئيس الروسي فلاديمير بوتين يخاطب قوات من وزارة الدفاع (أ.ف.ب)
الرئيس الروسي فلاديمير بوتين يخاطب قوات من وزارة الدفاع (أ.ف.ب)
TT

«نيويورك تايمز»: الجنرال سوروفيكين كان على علم بتمرد بريغوجين

الرئيس الروسي فلاديمير بوتين يخاطب قوات من وزارة الدفاع (أ.ف.ب)
الرئيس الروسي فلاديمير بوتين يخاطب قوات من وزارة الدفاع (أ.ف.ب)

كشفت صحيفة «نيويورك تايمز» أن الجنرال الروسي سيرغي سوروفيكين، نائب قائد العمليات العسكرية الروسية في أوكرانيا، كان على علم مسبق بالتمرد الذي خطط له، يفغيني بريغوجين، قائد مجموعة «فاغنر» شبه العسكرية، يوم الجمعة الماضي، ضد القيادة العسكرية الروسية. وهو ما أثار تساؤلات حول الدعم الذي يحظى به زعيم المرتزقة داخل الرتب العليا في الجيش الروسي.

وزير الدفاع الروسي مع الجنرال الروسي سيرغي سوروفيكين نائب قائد العمليات العسكرية الروسية في أوكرانيا (أ.ب)

ونقلت الصحيفة عن مسؤولين أميركيين، اطلعوا على معلومات الاستخبارات الأميركية عن هذا الأمر، أنهم كانوا يحاولون معرفة ما إذا كان الجنرال سوروفيكين، قد ساعد، أم لا، في التخطيط لتحركات بريغوجين، التي شكلت التهديد الأكثر خطورة للرئيس فلاديمير بوتين خلال 23 عاماً في السلطة، أم لا.

ويقول المحللون إن الجنرال سوروفيكين هو قائد عسكري محترم ساعد في تعزيز الدفاعات عبر خطوط المعركة بعد الهجوم المضاد الذي شنته أوكرانيا العام الماضي. وعين في أكتوبر (تشرين الأول) قائداً للعمليات في أوكرانيا. غير أن وزير الدفاع الروسي سيرغي شويغو، كلف في يناير (كانون الثاني) الماضي، رئيس الأركان العامة، فاليري غيراسيموف، بالإشراف على الحملة، على أن يكون سوروفيكين نائباً له، محتفظاً بنفوذ في إدارة العمليات الحربية، حيث لا يزال يحظى بشعبية في الجيش الروسي.

وزير الدفاع الروسي (أ.ب)

وقال المسؤولون الأميركيون أيضاً إن هناك دلائل على أن جنرالات روس آخرين، ربما أيدوا أيضاً محاولة بريغوجين، تغيير قيادة وزارة الدفاع بالقوة. وقال مسؤولون أميركيون حاليون وسابقون، إن بريغوجين ما كان ليبدأ «انتفاضته» ما لم يكن يعتقد أن الآخرين في مناصب السلطة سيساعدونه.

عناصر من مجموعة «فاغنر» العسكرية يجلسون فوق دبابة في روستوف أون دون (أ.ب)

وفي حال تبين أن الجنرال سوروفيكين كان متورطاً في أحداث نهاية الأسبوع الماضي، فسيكون ذلك أحدث علامة على الاقتتال الداخلي الذي ميز القيادة العسكرية الروسية منذ بداية حرب الرئيس بوتين في أوكرانيا. ويمكن أن يشير إلى انقسام أوسع بين مؤيدي بريغوجين واثنين من كبار مستشاري بوتين العسكريين؛ وزير الدفاع سيرغي شويغو، ورئيس الأركان العامة الجنرال فاليري غيراسيموف. ويقول المسؤولون الأميركيون إنه يتعين على بوتين الآن، أن يقرر ما إذا كان يعتقد أن الجنرال سوروفيكين ساعد بريغوجين، أم لا، وكيف ينبغي أن يرد.

«شائعات» و«نميمة»

وسعى الكرملين يوم الأربعاء، إلى احتواء تداعيات الانتفاضة القصيرة التي حدثت في نهاية الأسبوع الماضي، بما فيها محاولة الرئيس الروسي إعادة صياغة التمرد المجهض كتأكيد على «وحدة الدولة». وبعد وقت قصير من نشر الصحيفة تقريرها، قال المتحدث باسم الكرملين، دميتري بيسكوف، إن التقرير كان مجرد «شائعات». وقال بيسكوف في حديث مقتضب مع «نيويورك تايمز»، إن الأمر ليس أكثر من «نميمة»، لكنه لم ينفِ التقرير ولم يتضمن تعبيراً عن ثقة الكرملين بالجنرال سوروفيكين. وأصر على أن الجيش الروسي وشعبه قد توحدوا حول الرئيس بوتين.

ويوم الثلاثاء، قالت وكالة المخابرات المحلية الروسية إنها أسقطت التهم الجنائية المتعلقة بـ«التمرد المسلح» ضد بريغوجين وأفراد قوته. لكن إذا وجد بوتين دليلاً على أن الجنرال سوروفيكين ساعد بشكل مباشر بريغوجين، فلن يكون أمامه خيار سوى عزله من قيادته، بحسب مسؤولين ومحللين. وقال بعض المسؤولين السابقين إن بوتين يمكن أن يقرر الاحتفاظ بالجنرال سوروفيكين، إذا توصل إلى أن لديه بعض المعرفة بما خطط له بريغوجين، لكنه لم يساعده. وقال المحللون إنه في الوقت الحالي، يبدو أن بوتين عازم على تثبيت «تهمة التمرد» على بريغوجين فقط.

ويقترح كبار المسؤولين الأميركيين أن تحالفاً بين الجنرال سوروفيكين وبريغوجين، يمكن أن يفسر سبب بقاء الأخير حياً، على الرغم من الاستيلاء على مركز عسكري روسي رئيسي والزحف بمسيرة مسلحة إلى موسكو.

ويؤكد المسؤولون الأميركيون الذين تحدثوا للصحيفة، شرط عدم كشف هويتهم، أن كثيراً مما تعرفه الولايات المتحدة وحلفاؤها معلومات أولية. وتجنب المسؤولون الأميركيون مناقشة التمرد علناً، خوفاً من تغذية رواية بوتين بأن الاضطرابات كانت من تدبير الغرب. وكرر الرئيس الأميركي مساء الثلاثاء، التأكيد على أن بلاده «ليست ضالعة ولا علاقة لها بهذه الأحداث، وأنها مشكلة داخلية للرئيس بوتين». وأكد أن الأميركيين وحلفاءهم لا يريدون «إعطاء أي ذريعة لبوتين لاتهام الغربيين أو لاتهام حلف الناتو»، مشدداً في الوقت ذاته على أهمية أن يبقى الغربيون «على تنسيق تام». وأشار إلى أنه سيبقى على اتصال مستمر مع الشركاء والحلفاء، بمن فيهم الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، بعد مكالماته معهم، لتأكيد دعم الولايات المتحد لأوكرانيا.

الرئيس الروسي فلاديمير بوتين في اجتماع مع كبار الضباط العسكريين بموسكو (أ.ب)

ومع ذلك، تضيف الصحيفة أن المسؤولين الأميركيين لديهم مصلحة في نشر المعلومات التي تقوض مكانة الجنرال سوروفيكين، الذي يعدّونه أكثر كفاءة، وأكثر قسوة من أعضاء القيادة الآخرين. ولا شك في أن عزله سيفيد أوكرانيا، التي تشن قواتها المدعومة من الغرب، هجوماً مضاداً جديداً، يهدف إلى محاولة استعادة الأراضي التي استولت عليها موسكو. ويتمتع سوروفيكين البالغ 56 عاماً، الملقب بـ«جنرال يوم القيامة»، من قبل وسائل الإعلام الروسية، بسجل عسكري طويل وسمعة بالوحشية والقسوة. وجاء تعيينه لقيادة القوات بعد أن واجهت روسيا هزيمة محرجة في شمال شرقي أوكرانيا، واعتبرت رداً على الانتقادات الموجهة إلى وزارة الدفاع الروسية من قبل بريغوجين وآخرين. وتعرف سوروفيكين وبريغوجين على بعضهما، على الأقل، منذ تدخل روسيا في الحرب السورية، حيث يقول محللون عسكريون إن الجنرال لعب دوراً بارزاً في تحويل القتال لمصلحة الرئيس السوري، بشار الأسد، ونسق مع عناصر «فاغنر» بشكل وثيق. وعندما تم تعيينه قائداً للقوات في أوكرانيا، وصفه بريغوجين، بأنه «القائد الأكثر كفاءة في الجيش الروسي»، وفقاً لبيان نقلته وكالة أنباء «لايف 24» الروسية في ذلك الوقت.

وبناء على هذا التخبط الذي تعيشه روسيا هذه الأيام، قال الرئيس الأميركي الأربعاء، إن من الواضح أن فلاديمير بوتين «المنبوذ» يخسر الحرب في أوكرانيا، لكن من المبكر القول إن كان تمرد مجموعة فاغنر المسلحة أضعف الرئيس الروسي من عدمه. وأكد بايدن رداً على أسئلة صحافيين في البيت الأبيض تمحورت على احتمال أن يكون التمرد أضعف بوتين: «من الصعب البت بذلك، من الواضح أنه يخسر الحرب» في أوكرانيا، و«يخسر الحرب في الداخل الروسي». وشدد الرئيس الأميركي على أن بوتين بات «منبوذاً عبر العالم».

الرئيس الأميركي جو بايدن (أ.ب)

ويبقى البيت الأبيض حذراً بشأن تفسير تداعيات الأحداث المفاجئة التي شهدتها روسيا نهاية الأسبوع الماضي، عندما تمردت مجموعة «فاغنر» على القيادة العسكرية الروسية، وسيطرت على قواعد للجيش وتوجهت قواتها نحو موسكو قبل أن توقف زحفها وتعود أدراجها.


مقالات ذات صلة

13 قتيلاً بضربة روسية على زابوريجيا الأوكرانية

أوروبا رجال الإطفاء يعملون في موقع مبنى إداري تضرر جراء الغارات الجوية والصاروخية الروسية في زابوريجيا (رويترز) play-circle 00:36

13 قتيلاً بضربة روسية على زابوريجيا الأوكرانية

قُتل 13 شخصاً اليوم (الأربعاء) في ضربة روسية على مدينة زابوريجيا الأوكرانية، وفق ما أعلن حاكم المنطقة، في حصيلة تعد من الأعلى منذ أسابيع لضربة جوية واحدة.

«الشرق الأوسط» (كييف)
الخليج الأمير محمد بن سلمان والرئيس فولوديمير زيلينسكي (الخارجية السعودية)

محمد بن سلمان وزيلينسكي يبحثان جهود حل الأزمة الأوكرانية - الروسية

بحث ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان مع الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، جهود حل الأزمة الأوكرانية - الروسية.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
الولايات المتحدة​ الرئيس المنتخب دونالد ترمب أثناء المؤتمر الصحافي ظهر الثلاثاء بمقر إقامته بمنتجع مارلارغو بولاية فلوريدا (أ.ب)

ترمب متعاطف مع موقف موسكو الرافض لعضوية أوكرانيا في «الناتو»

الرئيس الأميركي المنتخب يعبر عن تعاطفه مع موقف روسيا الرافض لانضمام أوكرانيا لحلف الناتو

هبة القدسي (واشنطن) «الشرق الأوسط» (كييف) «الشرق الأوسط» (برلين)
أوروبا صورة وزعها حاكم المنطقة رومان بوسارجين عبر تطبيق «تلغرام» حول فرق الطوارئ في المكان (أ.ب)

أوكرانيا تستهدف مخزن وقود على بُعد 500 كيلومتر من الحدود الروسية

كييف تقول إن قواتها ضربت ليلاً مخزن وقود في روسيا يقع على بُعد 500 كيلومتر من الحدود بين البلدين يستخدمه سلاح الجو لقصف أوكرانيا

«الشرق الأوسط» (كييف) «الشرق الأوسط» (موسكو)
الولايات المتحدة​ الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب (أرشيفية- رويترز)

ترمب عن الـ«ناتو»: يدفعون أقل مما ينبغي لكي تحميهم الولايات المتحدة

حضّ ترمب أعضاء حلف «الناتو» على زيادة إنفاقهم الدفاعي إلى 5 % من إجمالي ناتجهم المحلي، مقابل «حماية الولايات المتحدة».

«الشرق الأوسط» (مارالاغو (الولايات المتحدة))

13 قتيلاً بضربة روسية على زابوريجيا الأوكرانية

TT

13 قتيلاً بضربة روسية على زابوريجيا الأوكرانية

رجال الإطفاء يعملون في موقع مبنى إداري تضرر جراء الغارات الجوية والصاروخية الروسية في زابوريجيا (رويترز)
رجال الإطفاء يعملون في موقع مبنى إداري تضرر جراء الغارات الجوية والصاروخية الروسية في زابوريجيا (رويترز)

قُتل 13 شخصاً، اليوم (الأربعاء)، في ضربة روسية على مدينة زابوريجيا الأوكرانية، وفق ما أعلن حاكم المنطقة، في حصيلة تعد من الأعلى منذ أسابيع لضربة جوية واحدة، في إطار الحرب التي تقترب من إتمام عامها الثالث، وفقاً لـ«وكالة الصحافة الفرنسية».

وتكثّف موسكو ضرباتها على أوكرانيا منذ بداية فصل الشتاء، وتؤكد أن بعض هذه الهجمات الانتقامية تأتي رداً على ضرب كييف الأراضي الروسية بأسلحة زوّدها بها الغرب.

ووصف الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي القصف بأنه هجوم «قاس»، داعياً العالم إلى الالتفاف حول أوكرانيا ضد روسيا لتحقيق «سلام دائم».

ونشر تسجيل فيديو يظهر أشخاصاً مصابين وممدّدين أرضاً يغطيهم الركام، ومسعفين يجلون ضحايا.

جاءت الضربة بعد ساعات على استهداف مسيّرات أوكرانية مخزناً يزوّد سلاح الجو الروسي بالوقود، يقع على بعد مئات الكيلومترات من خطوط المواجهة.

وقال حاكم زابوريجيا، إيفان فيدوروف، في فيديو نشرته وسيلة إعلامية محلية: «لقد ضرب العدو حيّاً سكنياً بقنبلتين جويتين موجّهتين. ما نعرفه إلى الآن هو أن 13 شخصاً قتلوا». فيما أشار إلى إصابة 29 بجروح.

ونشر الحاكم تسجيل فيديو يظهر حريقاً مشتعلاً في مبنى أمامه سيارات مدمّرة، وصورة تظهر متطوّعين يعملون على مساعدة مدنيين ممددين أرضاً.

رجال الإنقاذ يعملون في موقع غارة جوية روسية في زابوريجيا (أ.ب)

وندّد زيلينسكي باستهداف متعمّد للمدنيين.

وقال: «تجب ممارسة الضغط على روسيا بسبب إرهابها»، وأضاف: «لا شيء أكثر قسوة من إطلاق قنابل جوية على مدينة، مع العلم بأن ذلك سيسبب معاناة للمدنيين».

وتبعد زابوريجيا نحو 35 كلم من خط المواجهة في جنوب أوكرانيا. وكان عدد سكانها قبل الحرب نحو 700 ألف نسمة.

وتسيطر روسيا على مساحات محيطة بمنطقة زابوريجيا التي أعلنت ضمّها في عام 2022.

وتسري في أوكرانيا أنباء بشأن هجوم روسي جديد محتمل على العاصمة الإقليمية التي تعرّضت مراراً لضربات روسية منذ بدء الغزو مطلع عام 2022.

ضرب مخزن للوقود

في وقت سابق، أعلنت أوكرانيا أن قواتها ضربت مخزن وقود في روسيا يقع على بعد 500 كيلومتر من الحدود بين البلدين، مشيرة إلى أن سلاح الجو الروسي يستخدمه لقصف أوكرانيا.

يندرج الهجوم في سياق سلسلة من الضربات التي تنفذها مسيّرات أوكرانية في العمق الروسي.

وأفاد حاكم منطقة ساروتوف، حيث وقع الهجوم، باندلاع حريق كبير في «مؤسسة صناعية تعرضت لهجوم بواسطة مسيّرات»، معلناً حال طوارئ في المنطقة.

وقال الحاكم رومان بوساغرين إن عنصري إطفاء قتلا خلال مكافحة الحريق.

وأظهرت مشاهد تم تداولها على شبكات التواصل الاجتماعي وتعذّر التحقق من صحّتها، كرة نار كبيرة تتصاعد ليلاً من الموقع.

وقالت هيئة الأركان العامة الأوكرانية إن «تدمير مستودع النفط يسبب مشاكل لوجيستية خطيرة للطيران الاستراتيجي للاحتلال الروسي، ويقلل بشكل كبير من قدرته على ضرب المدن الأوكرانية والأهداف المدنية».

وفي الوقت نفسه، قالت كييف إن أنظمة الدفاع الجوي الأوكرانية أسقطت خلال الليل 41 طائرة مُسيرة روسية بينما أسقطت أنظمة التشويش الإلكترونية 22 مُسيرة أخرى.

وفي منطقة خيرسون بجنوب أوكرانيا التي أعلنت روسيا ضمّها، قالت السلطات إن شخصين قُتلا وأصيب خمسة آخرون بنيران المدفعية الروسية والمُسيرات.

وكانت روسيا أعلنت ضم مناطق زابوريجيا وخيرسون (جنوب) ودونيتسك ولوغانسك (شرق)، وهي تشترط تخلي أوكرانيا عنها قبل الانخراط في أي محادثات سلام.