طالب المرشد علي خامنئي القضاء الإيراني باتخاذ خطوات جدية لضبط شبكات التواصل الاجتماعي، وتشديد الرقابة على المجال الافتراضي، للحد من نشاط من وصفهم بـ«المخلين بالنظام» و«التصدي للأنشطة المزعجة لسلامة نفوس وعقول الإيرانيين» في الإنترنت.
وقال خامنئي، لدى استقباله مجموعة من المسؤولين ومنتسبي الجهاز القضائي، اليوم (الثلاثاء)، إن «استخدام بعض الأشخاص المجال الافتراضي أو غير الافتراضي لإثارة أعصاب الناس وتعكير الرأي العام وترهيب الناس، يتعارض مع ضرورة إحقاق حقوق العامة»، حسبما أورد موقعه الرسمي باللغة الفارسية.
ومع ذلك، قال خامنئي إن «تأمين الحريات المشروعة للناس تحظى بأهمية». وقال: «وفقاً للتعبير الدقيق في الدستور، كل الحريات التي يجيزها الشرع، يجب تأمينها للناس». وأضاف: «تعارض بعض أجهزة القوة هذه الحريات عادة، ويجب على الجهاز القضائي القيام بواجبه».
وخلال الشهور التي أعقبت احتجاجات «المرأة، الحرية، الحياة» بعد وفاة الشابة الكردية مهسا أميني في سبتمبر (أيلول) الماضي، صعّد المرشد الإيراني انتقاداته لإدارة مجال الإنترنت وشبكات التواصل الاجتماعي.
وفي وقت سابق من هذا الشهر، اتهم خامنئي القوى الغربية، وعلى رأسها الولايات المتحدة، بـ«هندسة» الاحتجاجات، ملقياً باللوم على المعارضين في الشتات، ووصف من شاركوا في الاحتجاجات بأنهم «تشكيلة من عدة مغرضين، وعدد من الغافلين والعاطفيين والسطحيين، وجمع من الأراذل والأوباش». وقال: «كانوا مشاة هذا الحراك في الداخل»، كما اتهم وسائل الإعلام الأجنبية بـ«التعليم الصريح لصناعة القنابل اليدوية، وإشاعة شعارات انفصالية».
وخفّفت السلطات بعض القيود التي فرضتها على الاتصالات بعد قطع الإنترنت على نطاق واسع، اعتباراً من فبراير (شباط) الماضي، لكنها أبقت على القيود الأساسية، خصوصاً تلك المتعلقة بوقف تطبيقات ذات شعبية واسعة بين الإيرانيين، على رأسها «واتساب» و«إنستغرام».
وتقول المنظمات الحقوقية إن أكثر من 500 شخص قتلوا خلال حملة القمع العنيفة التي شنتها السلطات من أجل إخماد الاحتجاجات. كما أودت أعمال العنف بحياة نحو 70 شخصاً من منتسبي الأجهزة الأمنية.
وبلغ عدد المعتقلين بحسب التقديرات نحو 20 ألفاً. ولم تقدم السلطات إحصائية رسمية لعدد القتلى والمعتقلين. وفي أول تأكيد رسمي لتقديرات المنظمات الحقوقية، قال رئيس الجهاز القضائي، غلام حسين محسني إجئي، خلال المؤتمر السنوي لمسؤولي القضاء، إن أكثر من 20 ألف ملف قضائي جرى تشكيله على صلة بالاحتجاجات الأخيرة.
وفي مارس (آذار) الماضي، قال إجئي إن السلطات أطلقت سراح 80 ألفاً من السجون الإيرانية، بمن فيهم بعض الموقوفين خلال الاحتجاجات، وذلك بموجب عفو عام أعلنه خامنئي في فبراير الماضي.
وفي جزء من خطابه اليوم، انتقد خامنئي الصورة التي تنعكس من الجهاز القضائي في وسائل الإعلام، ووجّه توصيات باتخاذ إجراءات لتحسين تلك الصورة.
وقال خامنئي، في هذا السياق: «الصورة الإعلامية للجهاز القضائي ليست جيدة». وتابع: «جرى تنفيذ أعمال من وسائل الإعلام والدعاية لإظهار وإيصال المعلومات (الصحيحة)، لكن هذه السلطة لم توظف جيداً»، مشدداً على أن «جزءاً من هذا الضعف ناجم عن الإذاعة والتلفزيون وأجهزة الإعلام، لكن جزءاً منه مرتبط بالجهاز القضائي نفسه».