دلالات التوسع الفضائي المصري عبر بوابة الصين وروسيا

القاهرة تنتقل من مرحلة استيراد التكنولوجيا إلى توطينها

وزيرة التعاون الدولي المصرية رانيا المشاط في زيارة لوكالة الفضاء لمتابعة خطوات تجميع القمر «مصر سات 2» بالتعاون مع الصين (وكالة الفضاء المصرية)
وزيرة التعاون الدولي المصرية رانيا المشاط في زيارة لوكالة الفضاء لمتابعة خطوات تجميع القمر «مصر سات 2» بالتعاون مع الصين (وكالة الفضاء المصرية)
TT

دلالات التوسع الفضائي المصري عبر بوابة الصين وروسيا

وزيرة التعاون الدولي المصرية رانيا المشاط في زيارة لوكالة الفضاء لمتابعة خطوات تجميع القمر «مصر سات 2» بالتعاون مع الصين (وكالة الفضاء المصرية)
وزيرة التعاون الدولي المصرية رانيا المشاط في زيارة لوكالة الفضاء لمتابعة خطوات تجميع القمر «مصر سات 2» بالتعاون مع الصين (وكالة الفضاء المصرية)

ليس جديداً أن تُطلق مصر قمراً صناعياً، لكن الجديد أن يتم «تجميعه واختباره في الأراضي المصرية»، ضمن توجه وكالة الفضاء المصرية لتوطين صناعات الفضاء محلياً، بالشراكة مع الصين وروسيا، وذلك بالتزامن مع استضافة القاهرة مقر وكالة الفضاء الأفريقية.

وانتهت مصر أخيراً، بدعم وتمويل صيني، من تجميع القمر الصناعي «مصر سات 2» وتشغيله تجريبياً في مركز التجميع والتكامل والاختبار بمقر وكالة الفضاء المصرية، لتصبح «أول دولة أفريقية تتمتع بقدرات كاملة لتجميع وتكامل واختبار الأقمار الصناعية»، كما ستكون إحدى الدول التي تستهدف وكالة الفضاء الروسية توقيع اتفاق تعاون معها في «المنتدى الروسي الأفريقي» في يوليو (تموز) المقبل، حيث اتفق رئيسا وكالتي الفضاء المصرية والروسية على بنود هذا التعاون، الذي سيشمل «استكشاف الفضاء وإنتاج الأقمار الصناعية وإطلاقها، وتحقيق تقدم للرحلات المأهولة والبنية التحتية الفضائية الأرضية»، وفق بيان صادر (الاثنين) عن الوكالة الروسية.

وقال علاء النهري، النائب السابق لرئيس هيئة الاستشعار عن بُعد المصرية، نائب رئيس المركز الإقليمي لعلوم الفضاء بالأمم المتحدة، لـ«الشرق الأوسط»، إن «هذه التحركات تعكس رغبة مصرية واضحة في الانتقال من مرحلة استيراد التكنولوجيا إلى توطينها محلياً، حيث انتهجت القاهرة أداء مختلفاً في مشروع القمر الصناعي (مصر سات 2)، الذي يغادر إلى الصين (الأربعاء)، استعداداً لإجراء التجارب النهائية عليه قبل عملية الإطلاق في أكتوبر (تشرين الأول) المقبل».

وأوضح النهري أن «مصر تعمل منذ فترة على استراتيجية تهدف إلى تعليم وتدريب خبرات مصرية في مجال الأقمار الصناعية، لكن عملية التدريب كانت تتم في البلد الذي يتم إنشاء القمر الصناعي به، كما حدث مع القمر الصناعي (مصر سات 1)، الذي تم تنفيذه في أوكرانيا، وإطلاقه بواسطة صاروخ (دنيبر 1) في أبريل (نيسان) عام 2007 من قاعدة باكينور لإطلاق الصواريخ بكازاخستان، لكن الوضع يبدو مختلفاً مع (مصر سات 2) الذي تم تجميعه واختباره في مصر». ولفت إلى أنه «عندما تم الإعلان عن مناقصة لتصنيع (مصر سات 1) عام 2001، كان من بين الشروط التي وضعتها مصر القبول بشرط مشاركة العلماء المصريين في كل مراحل تصنيع القمر، ليتسنى لهم بعد ذلك صناعة أقمار بجهود مصرية خالصة، وأثمرت هذه الرؤية عندما تعاونت مصر مع الصين، في مشروع إنشاء القمر الصناعي (مصر سات 2)، حيث كان لدى القاهرة خبراء مدربون، لتجميع القمر الصناعي في وكالة الفضاء المصرية لأول مرة، وذلك بمنحة صينية تبلغ 74 مليون دولار».

من جانبه، يرى محمد أبو الفضل، أستاذ هندسة الفضاء بجامعة طوكيو باليابان، أن التعاون المصري - الصيني، وكذلك التعاون المصري - الروسي، الذي تم الإعلان عنه أخيراً، ليس بمعزل عن استضافة مصر لوكالة الفضاء الأفريقية، حيث «يمكن أن تتحول مصر بتوجه (التوطين) المبني على هذا التعاون، إلى مركز لتصنيع الأقمار الصناعية في أفريقيا، ولا سيما أن اقتصاد الفضاء الأفريقي يتنامى بشكل كبير».

ووفق أبو الفضل، فإن «قيمة اقتصاد الفضاء الأفريقي في عام 2021 بلغت 19.49 مليار دولار، ومن المتوقع أن ينمو بنحو 16 في المائة في السنوات الأربع المقبلة». وأضاف لـ«الشرق الأوسط» أنه مع هذا التصاعد الكبير في هذه القطاع، فإن «13 دولة أفريقية فقط تمتلك 48 قمراً صناعياً. ومن خلال وكالة الفضاء الأفريقية، يُمكن أن تتحول مصر إلى مركز لتجميع واختبار الأقمار الصناعية».

ورغم بنود التعاون الشامل مع وكالة الفضاء الروسية، التي تتضمن استكشاف الفضاء، إلى جانب إنتاج الأقمار الصناعية، فإن أبو الفضل يؤكد على أنه عملياً «سيكون المجال الأكثر زخماً، الذي يحظى باهتمام كبير، هو إنتاج الأقمار الصناعية، كونه المجال الذي يحقق أهداف التنمية المستدامة». وقال إن «الدول الأفريقية ليست مهتمة بالمنافسة في سباق الفضاء، لكنها مهتمة بتطوير القدرات الفضائية من أجل معالجة مسائل التنمية الاجتماعية والاقتصادية، مثل تغير المناخ، والمراقبة البيئية، وإدارة الكوارث».

وكانت وكالة الفضاء المصرية قد أعلنت أن مشروع القمر الصناعي «مصر سات 2» سوف «يُساهم في توفير صور تصل دقتها إلى مترين، ويمكن استخدامها في زيادة الاستفادة من موارد الدولة المصرية، مثل تحديد أنواع المحاصيل الزراعية وتوزيعها في ربوع البلاد طبقاً لطبيعة التربة والأجواء والتخطيط العمراني ومتابعة تغييرات الشواطئ، خاصة في السواحل الشمالية ومنطقة دلتا مصر، فضلاً عن تتبع مصادر المياه ومسارات الأنهار، وحالات التعدي على الأراضي المملوكة للدولة وغيرها من التطبيقات الحيوية».


مقالات ذات صلة

صورة استثنائية لنجم يُحتضَر على بُعد 160 ألف سنة ضوئية من الأرض

يوميات الشرق يمرّ بالمرحلة الأخيرة من حياته قبل موته (إكس)

صورة استثنائية لنجم يُحتضَر على بُعد 160 ألف سنة ضوئية من الأرض

أظهرت أول صورة مقرَّبة لنجم يُعرَف باسم «WOH G64» إحاطته بالغاز والغبار، مُبيِّنة، أيضاً، اللحظات الأخيرة من حياته، حيث سيموت قريباً في انفجار ضخم...

«الشرق الأوسط» (لندن)
يوميات الشرق مركبة الفضاء «ستارشيب» تظهر وهي تستعد للإطلاق من تكساس (رويترز)

«سبيس إكس» تستعد لإجراء اختبار سادس لصاروخ «ستارشيب» وسط توقعات بحضور ترمب

تجري «سبيس إكس» اختباراً سادساً لصاروخ «ستارشيب» العملاق، الثلاثاء، في الولايات المتحدة، في محاولة جديدة لاستعادة الطبقة الأولى منه عن طريق أذرع ميكانيكية.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
الاقتصاد جانب من الجلسة الافتتاحية لـ«منتدى دبي للمستقبل»... (الشرق الأوسط)

«منتدى دبي»: 7 تطورات رئيسية سيشهدها العالم في المستقبل

حدد نقاش المشاركين في «منتدى دبي للمستقبل - 2024» 7 تطورات رئيسية تمثل لحظة محورية للبشرية، منها العودة إلى القمر والطاقة الشمسية.

«الشرق الأوسط» (دبي)
الاقتصاد جناح «مجموعة نيو للفضاء» في معرض «جيتكس» (إكس) play-circle 01:45

رئيس «الخدمات الجيومكانية» في «نيو للفضاء»: سنطلق تطبيقاً للخرائط الرقمية

تمضي السعودية نحو مساعيها في التنويع الاقتصادي عبر تطوير قطاعات جديدة ومستقبلية، يبرز من ضمنها قطاع الفضاء بوصفه أحد القطاعات التي يتسارع فيها التقدم.

مساعد الزياني (الرياض)
يوميات الشرق رواد الفضاء ماثيو دومينيك ومايكل بارات وجانيت إيبس يعقدون مؤتمراً صحافياً في مركز جونسون الفضائي في هيوستن (أ.ب)

بعد 8 أشهر في الفضاء... رواد «ناسا» يرفضون الإفصاح عن شخصية من أصيب منهم بالمرض

رفض 3 رواد فضاء تابعين لـ«ناسا» انتهت مهمة طويلة قاموا بها في محطة الفضاء الدولية بالمستشفى، الشهر الماضي، كَشْفَ مَن منهم كان مريضاً.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)

لا أمل لدى سكان غزة في تراجع الهجمات بعد أمري اعتقال نتنياهو وغالانت

فلسطينيون يؤدون صلاة الجمعة على أنقاض مسجد مدمر في خان يونس بجنوب قطاع غزة (إ.ب.أ)
فلسطينيون يؤدون صلاة الجمعة على أنقاض مسجد مدمر في خان يونس بجنوب قطاع غزة (إ.ب.أ)
TT

لا أمل لدى سكان غزة في تراجع الهجمات بعد أمري اعتقال نتنياهو وغالانت

فلسطينيون يؤدون صلاة الجمعة على أنقاض مسجد مدمر في خان يونس بجنوب قطاع غزة (إ.ب.أ)
فلسطينيون يؤدون صلاة الجمعة على أنقاض مسجد مدمر في خان يونس بجنوب قطاع غزة (إ.ب.أ)

لم يشهد سكان غزة، اليوم الجمعة، ما يدعوهم للأمل في أن يؤدي أمرا الاعتقال اللذان أصدرتها المحكمة الجنائية الدولية بحق رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ووزير الدفاع السابق يوآف غالانت إلى إبطاء الهجوم على القطاع الفلسطيني، فيما قال مسعفون إن 21 شخصاً على الأقل قُتلوا في غارات إسرائيلية جديدة، وفق ما ذكرته وكالة «رويترز» للأنباء.

وقال مسعفون إن ثمانية أشخاص قُتلوا في غارة استهدفت منزلاً في حي الشجاعية بمدينة غزة في شمال القطاع. كما قُتل ثلاثة آخرون في غارة بالقرب من مخبز، وقُتل صياد في أثناء توجهه إلى البحر. وقُتل تسعة أشخاص في ثلاث غارات جوية شنتها إسرائيل في وسط وجنوب القطاع.

منطقة عازلة

في الوقت نفسه، توغلت القوات الإسرائيلية أكثر في الشمال، وكثفت القصف في هجوم رئيسي تشنه منذ أوائل الشهر الماضي.

ويقول الجيش الإسرائيلي إنه يهدف إلى منع مقاتلي حركة «حماس» الفلسطينية من شن هجمات وإعادة تنظيم صفوفهم. ويعبّر سكان عن مخاوفهم من أن يكون الهدف هو إخلاء جزء من القطاع بشكل دائم ليكون منطقة عازلة، وهو ما تنفيه إسرائيل.

قال سكان في البلدات الثلاث المحاصرة في الشمال، وهي جباليا وبيت لاهيا وبيت حانون، إن القوات الإسرائيلية فجرت عشرات المنازل.

وذكرت وزارة الصحة بغزة في بيان أن غارة إسرائيلية استهدفت مستشفى كمال عدوان في بيت لاهيا، وهو إحدى المنشآت الطبية الثلاث التي تعمل بالكاد في المنطقة، مما أسفر عن إصابة ستة من العاملين في المجال الطبي، بعضهم في حالة خطيرة.

وأضافت: «أدى الاستهداف أيضاً إلى تدمير المولد الكهربائي الرئيسي بالمستشفى، وثقب خزانات المياه لتصبح المستشفى من غير أكسجين ولا مياه، الأمر الذي ينذر بالخطر الشديد على حياة المرضى والطواقم العاملة داخل المستشفى، حيث يوجد فيه 80 مريضاً و8 حالات بالعناية المركزة».

أميركا والفيتو

وعدّ سكان في غزة قرار المحكمة الجنائية الدولية بالسعي إلى اعتقال اثنين من الزعماء الإسرائيليين بتهمة ارتكاب جرائم حرب بمثابة اعتراف دولي بمحنة القطاع. لكن الواقفين في طابور للحصول على خبز من أحد المخابز في مدينة خان يونس بجنوب القطاع يشكون في أن يكون لهذا القرار أي تأثير.

وقال صابر أبو غالي وهو ينتظر دوره بين الناس: «القرار لا ولن يُنفذ؛ لأن إسرائيل تحميها أميركا، ولها حق الفيتو في كل حاجة، أما إسرائيل فلا ولن تُحاسب».

وقال سعيد أبو يوسف (75 عاماً) إنه حتى لو تحققت العدالة فسيكون ذلك بعد تأخير عقود، «المحكمة الجنائية الدولية اتأخرت كتير، إلنا فوق الستة وسبعين عام بنسمع قرارات اللجنة هذه ولا تنفذ ولا تطبق ولا تعمل إلنا أي شيء».

وشنت إسرائيل حملة عسكرية على غزة رداً على هجوم «حماس» عليها في السابع من أكتوبر (تشرين الأول) 2023 والذي تشير إحصاءات إسرائيلية إلى أنه أسفر عن مقتل 1200 شخص واحتجاز أكثر من 250 رهينة.

وقال مسؤولو الصحة الفلسطينيون إن 44 ألف فلسطيني تقريباً قُتلوا في غزة منذ ذلك الحين، وتحول جزء كبير من القطاع إلى ركام.

تعثر جهود الوساطة

وقال ممثلو الادعاء في المحكمة إن هناك أسباباً كافية للاعتقاد بأن نتنياهو وغالانت مسؤولان جنائياً عن ممارسات تشمل القتل والاضطهاد واستخدام التجويع سلاحاً في الحرب، في إطار «هجوم واسع وممنهج ضد السكان المدنيين في غزة».

كما أصدرت المحكمة أمر اعتقال لمحمد الضيف، القائد العسكري في «حماس»، الذي تقول إسرائيل إنها قتلته في غارة جوية في يوليو (تموز)، إلا أن «حماس» لم تؤكد أو تنف مقتله.

وتقول إسرائيل إن «حماس» هي المسؤولة عن كل ما يلحق بالمدنيين من أذى في غزة؛ لأن مقاتليها مندسّون بينهم، وهو ما تنفيه الحركة.

وندد سياسيون إسرائيليون من مختلف الأطياف السياسية بأمري الاعتقال، ورأوا أنهما صدرا بناء على تحيز، واستناداً إلى أدلة كاذبة. وتقول إسرائيل إن المحكمة ليست مختصة بنظر قضايا الحرب. وأشادت «حماس» بأمري الاعتقال بوصفهما خطوة مبدئية صوب تحقيق العدالة.

وتعثّرت جهود الوسيطين، مصر وقطر، بدعم من الولايات المتحدة للتوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار. وتريد «حماس» التوصل إلى اتفاق ينهي الحرب، في حين تعهد نتنياهو بأن الحرب لن تنتهي إلا بعد القضاء على «حماس».