تونس تفرج عن صحافي انتقد الرئيس بعد يومين من اعتقاله

نقابة الصحافيين أدانت استمرار محاكمة الإعلاميين بتهم «فضفاضة»

زياد الهاني مع بعض أفراد عائلته بعد إطلاق سراحه (أ.ف.ب)
زياد الهاني مع بعض أفراد عائلته بعد إطلاق سراحه (أ.ف.ب)
TT

تونس تفرج عن صحافي انتقد الرئيس بعد يومين من اعتقاله

زياد الهاني مع بعض أفراد عائلته بعد إطلاق سراحه (أ.ف.ب)
زياد الهاني مع بعض أفراد عائلته بعد إطلاق سراحه (أ.ف.ب)

أفرج قاض تونسي، اليوم الخميس، عن الصحافي زياد الهاني، وهو صوت ناقد بقوة للرئيس قيس سعيد، وذلك بعد يومين من التحفظ عليه بشبهة إهانة الرئيس عقب تصريحات إذاعية. وجاء قرار الإفراج، بحسب وكالة «رويترز» للأنباء، في أعقاب حملة تضامن مع الصحافي، وانتقادات للسلطات بأنها تسعى إلى ضرب حرية التعبير، وهو المكسب الرئيسي الذي حققه التونسيون بعد ثورة 2011، التي أنهت حكم الرئيس الراحل زين العابدين بن علي. وسيطر سعيد على سلطات واسعة في عام 2021، وحل البرلمان وانتقل للحكم بمراسيم في خطوة وصفتها المعارضة بأنها انقلاب، لكن الرئيس سعيد أكد في أكثر من مناسبة أنها كانت خطوات قانونية وضرورية لإنهاء سنوات من الفوضى والفساد المستشري. وقال الهاني للصحافيين أمام مقر محكمة تونس بعد الإفراج عنه: «ما حدث كان محاولة غبية لترويعي وإخماد صوتي، لكن ذلك لن يحدث»، مضيفا: «أقول لمن فكر في ذلك: أخطأت العنوان... أنت لا تواجه زياد الهاني فقط، بل تواجه مهنة وصحافيين متمسكين بحريتهم واستقلاليتهم». وعرف الهاني بانتقاده الشرس لكل الحكومات طيلة السنوات الماضية. وهو الآن صوت منتقد للرئيس قيس سعيد. ويتهم الهاني، الذي يعمل معلقا صحافيا في برنامج إذاعي يومي، سعيد بالسعي لتقويض الديمقراطية وضرب الحريات. وفي الأشهر القليلة الماضية سُجن أكثر من 20 شخصية سياسية وقضائية أو إعلامية، لها علاقات مع المعارضة بعضهم بشبهة التآمر ضد أمن الدولة. وشجبت أحزاب المعارضة الرئيسية الاعتقالات، ووصفتها بدوافع سياسية وحثت جماعات حقوقية السلطات على إطلاق سراح السجناء. لكن الرئيس سعيد وصف السجناء بأنهم إرهابيون ومجرمون وخونة، وكرر بأنه لن يكون ديكتاتورا، وتعهد بحماية الحريات، بما فيها حرية التعبير.

الرئيس سعيد ينفي باستمرار اعتقال أي شخص بسبب آرائه (رويترز)

ومن جهتها، استنكرت النقابة الوطنية للصحافيين التونسيين، أمس الأربعاء، استمرار محاكمة الصحافيين بتهم وصفتها بأنها «متخلفة وفضفاضة»، وذلك بعد التحفظ على الصحافي الهاني بتهمة الإساءة لرئيس الجمهورية، وهي الخطوة التي زادت من المخاوف من التضييق على الحريات بعد سيطرة الرئيس على سلطات واسعة عقب إجراءات أعلنها في2021.

من مظاهرة صحافيين للمطالبة بعدم التضييق على الحريات (رويترز)

وأبدت النقابة استغرابها من «مواصلة محاكمة التونسيين بتهم متخلفة وفضفاضة، من قبيل ارتكاب أمر موحش في حق رئيس الجمهورية، وهضم جانب موظف عمومي والعصيان وغيرها من التهم». واعتبرت أن «السلطة وأجهزتها» توظف التهم «من أجل التنكيل بالمخالفين، وقمع الأصوات الحرة، والتضييق حتى على حق الناس في الرأي والتعبير والنقد». وأدانت النقابة استجواب الهاني في غياب محاميه، وقالت إن المحامين «لم يتمكنوا من حضور البحث (الاستجواب) مع موكلهم بتعلة عدم طلبه حضور محام، في خرق واضح للقانون». وعبرت عن تضامنها مع الهاني، واعتبرت أن اعتقاله والتحفظ عليه «كانا فقط لأنه انتصر لحرية التعبير وكرامة التونسيين وحقوقهم». وكشف نقيب الصحافيين التونسيين، محمد ياسين الجلاصي، في وقت سابق أن أكثر من 20 صحافيا يواجهون عقوبة السجن. لكن الرئيس سعيد ينفي اعتقال أي شخص بسبب آرائه.


مقالات ذات صلة

تونس: انتشال 6 جثث متحللة لمهاجرات من بينهن رضيعة

شمال افريقيا «الحرس الوطني التونسي» ينقذ قارباً يحمل مهاجرين غير نظاميين (صفحة الحرس الوطني التونسي على فيسبوك)

تونس: انتشال 6 جثث متحللة لمهاجرات من بينهن رضيعة

أعلن مصدر قضائي في تونس الخميس العثور على ست جثث متحللة لمهاجرات غرقى من بينهن رضيعة في أحدث مأساة تشهدها سواحل تونس.

«الشرق الأوسط» (تونس)
شمال افريقيا جانب من وقفة سابقة نظمها محامون وسط العاصمة التونسية للاحتجاج على «التضييق على الحريات» (أرشيفية - إ.ب.أ)

تونس: المحامون يحملون «الشارات الحمراء» احتجاجاً على «قيود مسلطة على مهامهم»

يتّهم المحامون، السلطةَ التنفيذية «بالهيمنة على جهاز القضاء» منذ إطاحة الرئيس قيس سعيد بالنظام السياسي في 2021، وتوسيع صلاحياته في دستور جديد، و«بإعاقة عملهم».

«الشرق الأوسط» (تونس)
شمال افريقيا الرئيس التونسي وعلم بلاده (د.ب.أ)

توقيف 4 أشخاص في تونس بسبب رفع علم تركيا خطأ على مبنى حكومي

فتحت وزارة النقل تحقيقاً في الواقعة «لتحميل المسؤوليات، واتخاذ الإجراءات الإدارية والترتيبية في الغرض».

«الشرق الأوسط» (تونس)
شمال افريقيا العلم التونسي أمام البنك المركزي في العاصمة تونس 4 أكتوبر 2017 (رويترز)

توقيف 4 أشخاص في تونس بسبب رفع علم تركيا خطأ على مبنى حكومي

أوقف القضاء التونسي 4 أشخاص إثر رفع علم دولة تركيا من طريق الخطأ على مبنى حكومي بالعاصمة، على ما ذكرت وسائل إعلام محلية، الأربعاء.

«الشرق الأوسط» (تونس)
شمال افريقيا إحدى الطائرات الأربع التي تسلمتها تونس (وكالة الأنباء التونسية)

4 طائرات استطلاع من أميركا إلى تونس

سلمت أميركا تونس 4 طائرات مخصصة للاستطلاع ومجهزة بأحدث المنظومات؛ «بما سيعزز القدرات العسكرية والعملياتية للجيش الوطني في مكافحة الإرهاب والجريمة المنظمة».

«الشرق الأوسط» (تونس)

كيف ينظر الليبيون لما يجري في غزة ولبنان؟

كيف ينظر الليبيون لما يجري في غزة ولبنان؟
TT

كيف ينظر الليبيون لما يجري في غزة ولبنان؟

كيف ينظر الليبيون لما يجري في غزة ولبنان؟

لا يجد بعض المسؤولين الليبيين غضاضة في ارتداء الكوفية الفلسطينية الشهيرة أمام عدسات المصورين، تعبيراً عن دعمهم لقطاع غزة ضد العدوان الإسرائيلي، في ظل تمسك البلد المنقسم سياسياً بـ«تجريم التطبيع مع إسرائيل».

فمن أمام جلسات الجمعية العامة للأمم المتحدة، إلى قاعات الاجتماعات في ليبيا، تأتي الموافقة الرسمية لتعكس جانباً من رؤية البلاد حيال الأحداث في غزة، وما يجري في لبنان، لكن تظل ردود الفعل المجتمعية «أكثر غضباً» في كثير من الأحايين.

وفي ظل تعاطف مجتمعي ليبي واسع مع الشعبين الفلسطيني واللبناني، يأتي الخطاب الرسمي على لسان رئيس «المجلس الرئاسي» محمد المنفي، ليؤكد أن «ما يرتكبه الاحتلال الإسرائيلي من جرائم إبادة وتطهير عرقي ضد الشعبين الفلسطيني واللبناني يُمثل انتهاكاً صارخاً للقوانين الدولية».

وتعبر قطاعات ليبية عدة عن «تعاطفها وتضامنها» مع ما يجري في غزة ولبنان، وفق ما يرصد عبد الرؤوف بيت المال، النائب بحزب «ليبيا النماء»، لكنه يشير إلى أن الانقسام الحاصل في البلاد «يفتت الرؤية في ظل عدم وجود حكومة واحدة».

والمنفي الذي أكد حق الشعب الفلسطيني في تقرير مصيره و«إقامة دولته المستقلة وعاصمتها القدس الشريف»، ذكّر أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة نهاية الأسبوع الماضي، بموقف بلده، الذي انضم إلى جنوب أفريقيا في القضية المرفوعة أمام محكمة العدل الدولية ضد إسرائيل.

وفيما دعا المنفي لتعزيز المساءلة عن «الانتهاكات والإبادة الجماعية» التي يتعرض لها الشعب الفلسطيني، رأى أن «إبعاد شبح نشوب حرب إقليمية في المنطقة، يكون من خلال معالجة الوضع في غزة، وإيقاف الانتهاكات والاعتداءات الجسيمة في فلسطين ولبنان».

وفي أعقاب اندلاع الحرب على غزة، شهدت طرابلس بعض المظاهرات الغاضبة، مثل بقية العواصم العربية؛ إذ احتشد آلاف المواطنين في «ميدان الشهداء» بوسط طرابلس، للتنديد بالعدوان الإسرائيلي على قطاع غزة، وتضامناً مع الشعب الفلسطيني.

ويرى بيت المال في حديث إلى «الشرق الأوسط»، أن الشعب الليبي «واعٍ لما يحاك للقضية الفلسطينية؛ وأن النظام الصهيوني يعمل على تفتيت العرب والعمل على تأسيس إسرائيل الكبرى». ويعتقد أن كل ما يحدث في فلسطين ولبنان وسوريا والعراق «يسير في اتجاه تكوين إسرائيل الكبرى».

الموقف الرسمي الليبي المُعلن من إسرائيل والتطبيع معها «مجرّم» وفق قرار سابق لمجلس النواب، الذي أكد رئيسه، عقيلة صالح، عدم «إقامة أي اتصالات أو علاقات مع الأشخاص الطبيعيين أو الاعتباريين الإسرائيليين، وتجريم سفر الطائرات والسفن الإسرائيلية عبر ليبيا».

وظهر صالح مرتدياً الكوفية الفلسطينية في جلسة رسمية عقدها البرلمان، عقب الكشف عن «لقاء سري» بين وزيرة الخارجية بحكومة «الوحدة الوطنية» المقالة نجلاء المنقوش، ونظيرها الإسرائيلي إيلي كوهين في روما.

وقال صالح: «عاشت فلسطين في الوجدان الليبي اسماً عزيزاً يثير الحزن، ويشعل الغضب، ويلهب الأحاسيس، فنشأ تقارب كبير بينها وبين ليبيا، أسهم في إبراز خصوصية ما بينهما من روابط، ومنشأ هذا التقارب في العروبة والإسلام هو تعرض البلدين إلى احتلال استيطاني هدف إلى طمس الهوية».

ومندوب ليبيا بالأمم المتحدة الطاهر السني، الذي ظهر مرتدياً الكوفية الفلسطيني هو الآخر خلال كلمة سابقة له في جلسة أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة، تتعلق بالشأن الليبي، قال إن ليبيا «لن تعدّ المقاومة ضد الاحتلال والدفاع عن النفس إرهاباً؛ ومن منكم نال استقلاله وتحرر من الاستعمار دون مقاومة».

ونقل السني جانباً من كلمته في تغريدات قصيرة عبر حسابه على منصة «إكس»، وزاد: «التاريخ سيتذكر من أخذ موقفاً قانونياً أو إنسانياً مما يجري؛ وسيتذكر كل من كانت إنسانيته في غيبوبة ودعم، أو صمت على الجرائم والفظائع المرتكبة بالبث المباشر صوتاً وصورة».

وكان رئيس حكومة «الوحدة الوطنية» المؤقتة عبد الحميد الدبيبة، قد سارع لإصدار قرار في 25 يونيو (حزيران) الماضي، يستثني بموجبه مواطني دولة فلسطين من جميع الرسوم المتعلقة بالتأشيرات والإقامة، المحددة باللائحة التنفيذية للقانون رقم 6 لسنة 1987.

ولم تمنع الاتهامات المواجهة لحكومة «الوحدة» بالسعي لـ«التطبيع مع إسرائيل» من ارتداء الدبيبة الكوفية الفلسطينية خلال جولة ميدانية، بالعاصمة طرابلس قبل نحو عام تقريباً.

كما استقبل في مرات سابقة بمكتبه نائب رئيس الوزراء، ووزير الإعلام الفلسطيني نبيل أبو ردينة، والسفير الفلسطيني لدى ليبيا محمد رحال، وبحث معهما مستجدات الأوضاع السياسية في فلسطين، وآلية تقديم المساعدات الإنسانية لأهالي غزة، إضافة إلى سُبل تعزيز العلاقات الثنائية بين البلدين.

وبموازاة المواقف الرسمية، تعكس ردود الفعل الخاصة مواقف «أكثر سخونة» تجاه ما يحدث في غزة ولبنان، إذ انتقد أحمد قذاف الدم المسؤول السياسي لـ«جبهة النضال الوطني الليبية»، «الصمت على ما يحدث من عدوان سَافِرْ على لبنان».

وقال في تصريح صحافي: «أحيي الصمود البطولي لـ(حزب الله)، والشعب اللبناني لوقوفهما بكبرياء في وجه الغطرسة الإسرائيلية».