كن لوتش: المأساة السورية تحتاج لأكثر من فيلم

فيلمه الجديد عن مهاجرة سورية في قرية آيرلندية

إلبا ماري في دور يارا (Eyeoncinema)
إلبا ماري في دور يارا (Eyeoncinema)
TT

كن لوتش: المأساة السورية تحتاج لأكثر من فيلم

إلبا ماري في دور يارا (Eyeoncinema)
إلبا ماري في دور يارا (Eyeoncinema)

ذا أولد أوك (The Old Oak) هو اسم حانة (Pub) في إحدى قرى آيرلندا الشمالية. لا هناء في المكان الذي كان يعج بالزبائن بعدما طغت عليه الأوضاع الاقتصادية منذ إغلاق منجم الفحم في البلدة.هذا ليس كل ما تعاني منه القرية، بل حقيقة إنها تحوّلت إلى مكان غير مؤهل للحياة العائلية الهانئة والهادئة كما كان الحال من قبل. بالإضافة إلى ذلك، فإن المقيمين الجدد باتوا يشكلون عبئاً على مجتمع القرية الصغيرة. العائلات تبحث عن لقمة العيش أو تفكر بالهجرة أو تعيش في يأس وبؤس.

كما لو أن ذلك لا يكفي، استقبلت القرية فوجين من اللاجئين: لاجئين من خريجي السجون نقلتهم الحكومة إليها ولاجئين من سوريا وضعتهم الحكومة في المكان ذاته مع القليل من الاهتمام وأقل من ذلك من حسن تدبير معيشتهم.

يرد هذا كله في فيلم كن لوتش (86 سنة) المسمّى «ذَ أولد أوك»، الذي هو الفيلم الرابع والثلاثين من حين قدّم أول أفلامه (Poor Cow) سنة 1967. تتمحور الحكاية حول وصول حافلة من اللاجئين السوريين إلى البلدة. معظم من فيها منهكون يبحثون عن معالم حياة جديدة بعيداً عن خطوط القتال في بلدهم. لم يكن اختيارهم الرحيل، بل دفعتهم الحرب إلى ذلك. بين هؤلاء تنفرد يارا (إلبا ماري) بإجادتها للغة الإنجليزية كما بكونها مصوّرة فوتوغرافية طموحة. تختلف عن معظم النساء في أنها أصغر سناً وغير محجّبة. أول وصولها تجد نفسها في إشكال مع أحد سكان البلدة، الذي يحطم الكاميرا. ينبري صاحب الحانة، تي جي (ريف تيرنر) للدفاع عنها. هذا يقود إلى رابطة إنسانية تدفع صاحب الحانة لافتتاح حانته المقفلة من جديد بغية إطعام اللاجئين مجاناً.يارا ليست وحيدة، بل بصحبة والدتها، مما يتيح للمخرج إظهار وجه عائلي في مواجهة وضع تي جي، الوحيد بين آماله وحالات يأسه. افتتاح المطعم يرتفع بحسّه الإنساني حيال المعوزين، وهذا إلى أن تتغلب عليه عوامل ليست من صنع يديه أو عواطفه، بل بفعل الأوضاع الاقتصادية البائسة التي يعيشها الجميع وتدفع بعضهم ليتّخذ موقفاً معادياً وعنصرياً من السوريين.

في فيلم لوتش الجديد، ذلك التقليد الدائم في أفلامه: استثمار حكاية اجتماعية تدور في رحى الزمن الحالي ليطرحها على خلفية الوضع الاقتصادي. حقيقة إنه «يساري التوجه» تلعب الدور الأول في إدمانه على هذا النوع من الاحتفاء بعالم خالٍ من الحياة السهلة، كما حاله في «بلاك جاك» (1979) و«نظرات وابتسامات» (1981) و«اسمي جو» (1989) و«أنا دانيال بلايك» (2015) وجل أفلامه الأخرى.

لوتش

لا يعمد المخرج هنا، أو في أي من أفلامه، إلى الميلودراما لإيصال فكرته المنسوجة من الحكاية الداكنة التي يتولى سردها. وهو ليس بحاجة إلى أكثر من ذلك الأسلوب الفني المبسّط الذي يطرح عمق رسالته من دون استعراضات من أي نوع. الجدار الذي يكتب عليه لوتش أطروحاته في أفلامه هو للتعبير عن مناهضته لما أصبحت بريطانيا عليه اليوم في زمن «نيوليبراليزم»، الذي يراه، كما يقول في حديث قصير دار بيننا: «وُلد من رحى الفاشية ذاتها التي احتفت بهتلر والنازية المنتمية إلى أقصى اليمين».

وهو يُشيد بما كانت عليه بريطانيا قبل نهاية السبعينات عندما أرست الدولة دعائم قوية لخدمة «الطبقة العاملة» إلى أن «بدأ الهدم بكل ذلك الإنجاز من نظم تعليم وعناية وطبابة مجانية وخدمات أخرى بوصول مارغريت ثاتشر للحكم».

لا ريب أن المخرج يعكس مداركه وآراءه الشخصية عما آل إليه الوضع ومن زاوية يسارية واضحة، لكن الصحيح أيضاً أن بريطانيا الجديدة تختلف عن الأمس بعدما أتاحت للمؤسسات الخاصّة امتلاك المرافق العامّة المختلفة التي أنشئت بعد الحرب العالمية الثانية وتحويلها إلى مصالح تجارية.

يُضيف لوتش بلا تردد: «أنجزت مرحلة ما قبل ثاتشر كل ما يتمناه المواطن البريطاني. أمّنت له حاجياته من عمل وتأمين صحي كامل وشجعت القطاع الصناعي المتمثل بمناجم الفحم. كان العمّال يعملون ثماني ساعات فقط وينصرفون إلى حياتهم الأسرية فيما تبقى من اليوم. هل ترى هذا حاصلاً اليوم؟»

يتحدّث لوتش طويلاً عن الوضع السياسي حتى حين سؤاله عن الكيفية التي يختار فيها معالجاته لكنه لاحقاً ما يُجيب: «أعمل مع الكاتب (بول لافرتي الذي وضع له غالبية سيناريوهاته منذ عقود) على اختيار الموضوع ثم البحث عما نريد الوصول إليه من خلال ذلك الموضوع. بعد ذلك هي مسألة تأمين معالجة واقعية تناسب الموضوع الذي نتطرق إليه».

كن لوتش (سيكستين فيلمز)

سوابق «كانيّة»

تم عرض فيلم لوتش في مسابقة «كان» ولم يحز على أي جائزة. لكن المخرج سبق له وأن فاق معظم المخرجين الآخرين الذين تباروا في كل دورات هذا المهرجان سابقاً بعدد الترشيحات الرسمية التي شارك بها، التي قادته للفوز بسعفتين ذهبيّتين حتى الآن.

بدأت علاقته بمهرجان «كان» سنة 1970 حين وصل ليعرض فيلمه Kes (ثاني أفلامه بعد Poor Cow) بعد ثلاثة أفلام أخرى عاد إلى «كان» بفيلم «بلاك جاك» سنة 1979. هذا الفيلم نال جائزة الفيبريسكي (الاتحاد الفيدرالي لنقاد وصحافيي السينما) قبل عامين من عودته إلى «كان» بفيلم آخر في المسابقة الرسمية هو «نظرات وابتسامات» (Looks and Smiles). في عام 1990 خرج من «كان» بجائزة «لجنة التحكيم». ثم نال الجائزة ذاتها سنة 1993 عن فيلمه «مطر من حجارة» (Raining Stone). بعد عامين

في سنة 2006، وبعد مشاركته بأفلام أخرى له، حظي بالسعفة الذهبية الأولى عن فيلمه «الريح التي تهز الشعير» (The Wind that Shakes the Barley). بعد عشر سنوات وأربعة أفلام نال بعضها جوائز دون السعفة، حقق فوزه الثاني بفيلم «أنا، دانيال بليك» (I‪,‬ Daniel Blake).

يقول لي ردّاً على سؤال آخر حول أفلامه: «المخرج الذي ينتقل من أسلوب عمل إلى آخر أو ينوّع بشدّة في مواضيعه المختارة يبدو لي ما زال يبحث عن هويته الفنية والفكرية حتى ولو جاءت أفلامه عموماً حسنة التنفيذ. أعتقد أن على المخرج حرية اختيار أسلوبه ومواضيعه وإذا ما فعل سيجد أنه يبني من فيلم لآخر كماً مرتفعاً من الأفلام التي لم تخن مبادئه ولا تغرّبت بحثاً عن معالجات مختلفة في كل حين».

وعن فيلمه الأخير: «المأساة السورية تحتاج إلى أكثر من فيلم. معظم ما شاهدته منها يدّعي الاهتمام لكنه مصنوع لأغراض تجارية».

دعوات وئام

«ذَ أولد أوك» ينتمي، طبيعياً، إلى اهتمامات المخرج الفنية والاجتماعية، لكنه يكرر في بعض مشاهده ميله إلى حرص على إعادة المفاد الذي سبق قوله في مشهد سابق. إنه كما لو أنه ليس واثقاً من أن مرّة واحدة أو مرّتين كافيتين لإيصال البعد الذي يريده فيقدم على مرّة ثالثة للتأكد. هذا حدث له في بعض أعماله السابقة كذلك وأحياناً على نحو أفدح كما الحال في «أجندة مخفية» (Hidden Agenda) عن الحرب الآيرلندية (1990) و«أرض وحرية» عن الحرب الأهلية الإسبانية في الثلاثينات. ففي كليهما يخصص وقتاً مستفيضاً يتحول فيه إلى مسجّل لحوارات سياسية طويلة.

في مثل هذا العمر المتقدّم ما زال كن لوتش يسعى لمزيد من الأفلام يدعو فيها إلى وئام اجتماعي عارضاً لشخصيات إنسانية تعاني الفقر أو البطالة أو، كما الحال هنا، من انسداد نافذة أمل. المختلف في فيلمه الجديد هو أنه من خلال الصلة الإنسانية التي تربط بطليه يؤكد أن الروابط بين البشر ما زالت قوية، وأنها قد تكون السبيل الوحيد الباقي لغدٍ أفضل.


مقالات ذات صلة

فيصل الأحمري لـ«الشرق الأوسط»: لا أضع لنفسي قيوداً

يوميات الشرق فيصل الأحمري يرى أن التمثيل في السينما أكثر صعوبة من المنصات (الشرق الأوسط)

فيصل الأحمري لـ«الشرق الأوسط»: لا أضع لنفسي قيوداً

أكد الممثل السعودي فيصل الأحمري أنه لا يضع لنفسه قيوداً في الأدوار التي يسعى لتقديمها.

أحمد عدلي (القاهرة)
يوميات الشرق يتيح الفرصة لتبادل الأفكار وإجراء حواراتٍ مُلهمة تتناول حاضر ومستقبل صناعة السينما العربية والأفريقية والآسيوية والعالمية (واس)

«البحر الأحمر السينمائي» يربط 142 عارضاً بصناع الأفلام حول العالم

يربط مهرجان البحر الأحمر 142 عارضاً من 32 دولة هذا العام بصناع الأفلام حول العالم عبر برنامج «سوق البحر الأحمر» مقدماً مجموعة استثنائية من الأنشطة.

لقطة من فيلم «عيد الميلاد» (أ.ب)

فيلم «لاف أكتشلي» من أجواء عيد الميلاد أول عمل لريتشارد كيرتس

بعد عقدين على النجاح العالمي الذي حققه الفيلم الكوميدي الرومانسي «لاف أكتشلي» المتمحور حول عيد الميلاد، يحاول المخرج البريطاني ريتشارد كورتس تكرار هذا الإنجاز.

«الشرق الأوسط» (لندن)
سينما أغنييشكا هولاند (مهرجان ڤينيسيا)

أغنييشكا هولاند: لا أُجمّل الأحداث ولا أكذب

عد أكثر من سنة على عرضه في مهرجاني «ڤينيسيا» و«تورونتو»، وصل فيلم المخرجة البولندية أغنييشكا هولاند «حدود خضراء» إلى عروض خاصّة في متحف (MoMA) في نيويورك.

محمد رُضا (نيويورك)
يوميات الشرق من كواليس فيلم «المستريحة» (إنستغرام ليلى علوي)

أفلام مصرية جديدة تراهن على موسم «رأس السنة»

تُراهن أفلام مصرية جديدة على موسم «رأس السنة»، من خلال بدء طرحها في دور العرض قبيل نهاية العام الحالي (2024)، وأبرزها «الهنا اللي أنا فيه»، و«الحريفة 2».

داليا ماهر (القاهرة)

أغنييشكا هولاند: لا أُجمّل الأحداث ولا أكذب

أغنييشكا هولاند (مهرجان ڤينيسيا)
أغنييشكا هولاند (مهرجان ڤينيسيا)
TT

أغنييشكا هولاند: لا أُجمّل الأحداث ولا أكذب

أغنييشكا هولاند (مهرجان ڤينيسيا)
أغنييشكا هولاند (مهرجان ڤينيسيا)

بعد أكثر من سنة على عرضه في مهرجاني «ڤينيسيا» و«تورونتو»، وصل فيلم المخرجة البولندية أغنييشكا هولاند «حدود خضراء» إلى عروض خاصّة في متحف (MoMA) في نيويورك. «لا يهم»، تقول: «على الأفلام التي تعني لنا شيئاً أن تشقّ طريقاً للعروض ولو على مدى سنة أو أكثر».

فيلمها الأخير «حدود خضراء» نال 24 جائزة صغيرة وكبيرة واجتاز حدود نحو 30 دولة حول العالم. ترك تأثيراً قوياً منذ افتتاحه في المهرجان الإيطالي، حيث نال جائزةَ لجنة التحكيم الخاصة وفوقها 8 جوائز فرعية.

مردّ ذلك التأثير يعود إلى أن الفيلم (بالأبيض والأسود) تحدّث عن مهاجرين سوريين (ومهاجرة من أفغانستان) علِقوا على الحدود بين بروسيا وبولندا، وكلّ حرس حدود كان يسلبهم شيئاً ومن ثمّ يعيدهم إلى حيث أتوا. الحالة لفتت نظر جمعية بولندية أرادت مساعدة هؤلاء الذين تناقص عددهم بعدما اختفى بعضهم وسُجن آخرون. الدراما كما قدّمتها هولاند (75 سنة حالياً) نابعة من مواقف ونماذج حقيقية وأحداثٍ وقعت عالجتها المخرجة بأسلوب تقريري غير محايد.

نقطة حياة: «حدود خضراء» (مترو فيلمز)

لحظات إنسانية

> حال مشاهدتي لفيلم «حدود خضراء» في «مهرجان ڤينيسيا» خطر لي أنه يلتقي مع أفلام سابقة لكِ تناولت قضايا مهمّة وحادّة مثل «يوروبا، يوروبا» و«الحديقة السّرية» و«أثر» (Spoor) الذي عُرض في «برلين». كيف تُصنّفين أفلامك؟ وكيف تختارين قضاياها؟

- أفلامي السابقة تنوّعت كثيراً في موضوعاتها باستثناء أنني قصدت دوماً تناول ما اعتقدت أنه أجدى للمعالجة. والأفلام التي ذكرتها هي بالنسبة لي من بين أهم ما أخرجته. اخترتها لجانبها الإنساني أو، أُصحّح، لقضاياها الإنسانية. اخترتها لأن الأحداث وقعت في لحظات تاريخية ليست فقط مهمّة، بل هي لحظاتٌ بدت فيها الإنسانية بمنحدرٍ. هناك كثيرٌ ممّا يحدث في هذا العالم، وما حدث سابقاً يشكّل صدمة لي ولملايين الناس والفيلم هو صلتي مع هذه الأحداث. رأيي فيها.

«حدود خضراء» الفرار صوب المجهول (مترو فيلمز)

> «حدودٌ خضراء» هو واحد من أفلام أوروبية تناولت موضوع المهاجرين، لكن القليل منها انتقد السّلطات على النحو الذي ورد في فيلمك.

- أنا لست في وارد تجميل الأحداث. ولا أريد الكذب على المشاهد وأقول له إن ما تعرّض له مهاجرون مساكين على الحدود التي لجأوا إليها بحثاً عن الأمان غير صحيح، أو أنه حدث في شكل محصور. ومهنتي هذه استخدمها لقول الحقيقة، ولأفيد المشاهد بما أصوّره ولا يمكنني الكذّب عليه أو خداعه. ما شاهدته أنتَ على الشّاشة حصل وربما لا يزال يحصل في دول أوروبية أخرى.

نحو المجهول

> كيف كان رد فعل الجمهور البولندي حيال فيلمك؟

- إنها تجربة مهمّة جداً بالنسبة لي. سابقاً كان هناك حذرٌ من قبول ما أقدّمه لهم من حكايات. كثيرون قالوا إن هذا لا يمكن أن يحدث. نحن في أوروبا والعالم تغيّر عمّا كان عليه. والآن، مع هذا الفيلم، وجدتُ أن غالبية النّقاد وقراء «السوشيال ميديا» يوافقون على أن هذا يحدث. هناك من يأسف وهناك من يستنكر.

> نقدُك لحرس الحدود البولندي والبروسي في هذا الفيلم يؤكّد أن المعاملة العنصرية لا تزال حاضرة وربما نشطة. اليمين في أوروبا يجد أن طرد اللاجئين الشرعيين أو غير الشرعيين بات أولوية. صحيح؟

- نعم صحيح، لكن الاكتفاء بالقول إنه موقف عنصريّ ليس دقيقاً. نعم العنصرية موجودة ولطالما كانت، وعانت منها شعوب كثيرة في كل مكان، ولكن العنصرية هنا هي نتاج رفض بعضهم لقاء غريبٍ على أرض واحدة، هذا رفض للإنسانية التي تجمعنا. للأسف معظمنا لا يستطيع أن يمدّ يده إلى الآخر في معاملة متساوية. الحروب تقع وتزيد من انفصال البشر عن بعضهم بعضاً. ثم لديك هذا العالم الذي يسير بخطوات سريعة نحو المجهول في كل مجالاته.

> هل تقصدين بذلك التقدم العلمي؟

- بالتأكيد، لكني لست واثقة من أنه تقدّمَ حقاً. الذكاء الاصطناعي؟ هذا وحده قد يذهب بما بقي من ضوابط أخلاقية ومجتمعية. أعتقد أن التأثير الأول لذلك أننا نعيش في زمن نعجِز عن فهم تغيّراته، والنتيجة أننا بتنا نهرب إلى حيث نعتقده ملجأً آمناً لنا. نهرب من التّحديات ونصبح أكثر تقوقعاً معتقدين أن ذلك خير وسيلة للدفاع عن مجتمعاتنا.

ضحايا

> عمَدتِ في «حدود خضراء» إلى تقسيم الفيلم إلى فصول. هذا ليس جديداً لكنه يطرح هنا وضعاً مختلفاً لأننا ننتقل من وضع ماثلٍ ومن ثَمّ نعود إليه لنجده ما زال على حاله. ما الذي حاولتِ تحقيقه من خلال ذلك؟

- هذه ملاحظة مهمّة. في الواقع هناك قصصٌ عدة في هذا الفيلم، وكل شخصية تقريباً هي قصّة قابلة للتطوّر أو التوقف. وهناك 3 فرقاء هم الضحايا والمسعفون ورجال السُّلطة. بعضُ هذا الأسلوب المطروح في الفيلم مشتقٌ من العمل الذي مارسته للتلفزيون وهو يختلف عن أسلوب السّرد السينمائي، وقد اعتمدت عليه هنا لأنني وجدته مناسباً لفيلمٍ يريد تقديم الأحداث في شكلٍ ليس بعيداً عن التقريرية.

> هناك أيضاً حربٌ أوروبية دائرة على حدود بولندا في أوكرانيا. هل يختلف الوضع فيما لو كان أبطال فيلمك أوكرانيين هاربين؟

- نعم. يختلف لأنّ الرموز السياسية للوضع مختلفة. البولنديون يشعرون بالعاطفة حيال الأوكرانيين. السلطات لديها أوامر بحسن المعاملة. لكن هذا لم يكن متوفراً وليس متوفراً الآن للاجئين غير أوروبيين.