صونيتا ناضر المذيعة التي «أدخلت طبيباً إلى كل بيت»

ابتسامة عافية من شاشة «فرانس 24»

صونيتا ناضر المذيعة التي «أدخلت طبيباً إلى كل بيت»
TT

صونيتا ناضر المذيعة التي «أدخلت طبيباً إلى كل بيت»

صونيتا ناضر المذيعة التي «أدخلت طبيباً إلى كل بيت»

أمران يميزان صونيتا ناضر، صاحبة برنامج «الصحة أولاً» من قناة «فرانس 24»، الأول هو أنها صهباء الشعر ولها نمش لطيف على الوجنتين، والثاني أن عينيها تبتسمان قبل شفتيها. وليس من السهل على من تتعامل بقضايا المرض وأنواعه وأوجاعه وتشخيصاته أن تحافظ على البسمة المتفائلة وهي تتحاور مع كبار الأطباء المتخصصين في فرنسا والعالم العربي. لكن هذا الهدوء اللطيف هو الذي ضمن النجاح لهذه المذيعة النشيطة والمثابرة.

في طفولتها، لم تكن صونيتا تتوقع أن تكون مذيعة. وقالت في مقابلة مع «الشرق الأوسط» إنها كانت على يقين، في بدايات تفتح وعيها، بأنها تتمنى العمل في مهنة لها علاقة بالحقيقة والعدل والإنصاف. وطالما رددت أمام والدتها بأنها ستكون محامية أو صحافية. ولعل مما ساهم في تقريبها من هذه الأجواء أن والدها كان شاعراً ومسرحياً وعازف عود. بل إنه شارك قبل سنوات بعيدة مغنياً في برنامج «استوديو الفن». والمثل يقول إن «كل فتاة بأبيها مُعجبة». وفي سنوات المراهقة امتدت يداها إلى كل الكتب الموجودة في مكتبة الأب. قرأت كتباً أدبية وأخرى فلسفية لم تفهم منها الكثير. وأحبت روايات جرجي زيدان التاريخية وألكسندر دوما. وتعرفت على جان بول سارتر مترجماً إلى العربية. ثم وقعت على روايات أغاثا كريستي، التي حفزت لديها حب الاستقصاء والبحث عن الحقيقة.

لم تتوقع صونيتا، في تلك السن المبكرة، أنها ستفارق بلدها لبنان. فهي نشأت في بلدة قريبة من قصر بعبدا وكان منزل العائلة يطل على مزارع الزيتون. وهي تتذكر كيف كانت تلك الحقول تتحول في الربيع إلى تموجات من أزهار اللؤلؤ. لقد تعلقت ببيتها وأسرتها لكن زواجها نقلها إلى فرنسا، بلد دراسة زوجها وعمله.

صونيتا ناضر (إنستغرام)

كان من الطبيعي، في باريس، أن تقودها خطاها إلى إذاعة «مونت كارلو». فهي قد درست الصحافة في بيروت ونالت «الماجستير» وتود أن تجرب حظها في العمل الإذاعي. وتحقق لها ذلك بفضل معرفتها بالصحافي أنطوان بارود، الذي قدمها إلى مدير البرامج، آنذاك، حنا مرقص. كانت «مونت كارلو» تزدحم بالأسماء التي يحفظها المستمعون العرب. وهي قد تقدمت للاختبار ونجحت فيه.

أن تكون مذيعة أخبار أو معدة برامج منوعات، أمر متوقع. لكن صونيتا ناضر لم يخطر ببالها أن تقدم برنامجاً طبياً. كانت هناك دورة جديدة مدتها 3 أشهر وقد طلبوا منها تقديم البرنامج الطبي قبل 3 أيام من بدء الدورة. لعلها وافقت مرغمة لكنها تدرك اليوم كما أن ذلك الاختيار كان مناسباً لها وفاتحة لنجاح طيب. تقول: «بما إنني أحب التجديد فقد وجدت عنواناً لم يكن مستخدماً من قبل في عالم الصحة. كان الكل يتحدث عن التنمية المستدامة، وكنت أول من أدخل تلك المفردة وسمّيت برنامجي الصحة المستدامة. وقد انتقد بعض الزملاء التسمية لكنني مضيت في العناية بمواد برنامجي والابتعاد قدر المستطاع عن اللغة الأكاديمية وتيسير المعلومة الطبية للمستمعين. وكم أسعدني تجاوب الجمهور والأطباء».

نجح البرنامج وذاع صيته وانتقل إلى شاشة «فرانس 24» ضمن المجموعة الفرنسية للإعلام الموجه للعالم العربي. وخلال 12 عاماً تحاورت صونيتا ناضر مع أكثر من 2000 طبيب حتى الآن. إن استضافة طبيب مقيم في فرنسا أمر ممكن، لكن كان عليها أن تتابع الحياة الطبية في العالم العربي لكي تختار ضيوفها من الأطباء هناك، بعد أن تقرأ عن إنجازات الأطباء وتشاهد مداخلاتهم في وسائل الإعلام. ثم إن هناك مشكلة تتمثل في أن الواحد منهم قد يكون عبقرياً في تخصصه لكنه لا يجيد الكلام على الشاشة وتبسيط المعلومة للجمهور العريض.

بفضل نجاح البرنامج صارت تُدعى لتغطية المؤتمرات الطبية وتُطلب لتدريب الصحافيين المبتدئين على تحضير البرامج الصحية وتقديمها. ومن أنواع هذا التعاون برنامج يتم عبر منصة «زوم» لتدريب مجموعة من خريجي الصحافة والإعلام في الجامعات الأردنية في مجال الإعلام الصحي. وهو برنامج يجري تنفيذه بالتعاون مع الجمعية الملكية للتوعية الصحية. وجرى الأمر نفسه مع العراق لتدريب إعلاميين وأيضاً أطباء ممن يقدمون برامج تلفزيونية.

هل امتلكت المذيعة من الخبرات ما يجعلها تبادر إلى علاج أفراد أسرتها بنفسها؟ تقول إنها أصبحت طبيبة الأسرة دون أن تدرس الطب. وهي لا تكتفي بتقديم المشورة لأبنائها وأسرتها الصغيرة، بل يتصل بها الأقارب والمعارف لحل مشكلاتهم الصحية أو إرشادهم إلى أماكن العلاج. وهناك مستمع اتصل بها من العراق وشكرها لأنها «أدخلت طبيباً إلى كل بيت». ومستمعة من لبنان قالت لها إنها أنقذت والدتها من جلطة دماغية بفضل النصائح التي سمعتها من البرنامج وكيفية التعرف على أعراض الجلطة والتعامل معها على الفور. هذا على الهواء. أما خارج أوقات البث فإن كثيرين يتصلون بها للحصول على عناوين الأطباء وفي أغلب الأحيان يحصلون على مساعدة من دون مقابل.

في عام 2011 تسلمت صونيتا ناضر جائزة درع الأردن من الدكتور سامي خطيب، وكان آنذاك رئيس رابطة الأطباء العرب لمكافحة السرطان. وفي عام 2014 حصلت على جائزة جمعية الإمارات للأمراض الجينية التي ترأسها الدكتورة مريم مطر. وفي عام 2019، قبل يوم من عيد ميلادها، تسلمت من دبي جائزة «غلوبال هيلث بايونير» للرعاية الصحية عن فئة أفضل شخصية وبرنامج صحي.


مقالات ذات صلة

تصريحات «صادمة» لإيناس الدغيدي تعيدها إلى دائرة الجدل

يوميات الشرق إيناس الدغيدي تثير الجدل مجدداً (إنستغرام)

تصريحات «صادمة» لإيناس الدغيدي تعيدها إلى دائرة الجدل

أعادت تصريحات تلفزيونية جديدة وُصفت بأنها «صادمة» المخرجة المصرية إيناس الدغيدي إلى دائرة الجدل، حين تحدثت عن عدم ارتباطها بزواج عرفي لكنها عاشت «المساكنة».

«الشرق الأوسط» (القاهرة )
يوميات الشرق شخصية (برّاك) التي يقدمها كاكولي في المسلسل مليئة بالعقد النفسية (إنستغرام الفنان)

علي كاكولي لـ«الشرق الأوسط»: دوري في «فعل ماضي» مستفز

المسلسل الذي بدأ عرضه الخميس الماضي على منصة «شاهد»، يُظهر أنه لا هروب من الماضي؛ إذ تحاول هند تجاوز الليالي الحمراء التي شكّلت ماضيها.

إيمان الخطاف (الدمام)
إعلام الإعلامي الأميركي فيل دوناهيو (أ.ب)

وفاة رائد البرامج الحوارية في أميركا فيل دوناهيو عن 88 عاماً

توفي فيل دوناهيو، الذي غيّر وجه التلفزيون الأميركي في الفترة الصباحية ببرنامج حواري كان يسلط الضوء على قضايا اجتماعية وسياسية راهنة ومثيرة للجدل، عن 88 عاماً.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
يوميات الشرق «مش مهم الاسم» أحدث أعمالها الدرامية (إنستغرام)

رولا بقسماتي تطل في «جنون فنون» على شاشة «إل بي سي آي»

في «جنون فنون» تتفنن رولا بقسماتي بفضل سرعة البديهة والعفوية اللتين تتمتع بهما. البرنامج يعتمد على التسلية والترفيه.

فيفيان حداد (بيروت)
يوميات الشرق الإعلامي الساخر باسم يوسف (صفحته في «فيسبوك»)

أنظارٌ على احتمال عودة باسم يوسف إلى الشاشة عبر «آرابس غوت تالنت»

اختيار باسم يوسف للظهور في برنامج مسابقات ضخم هو انعكاس للمعايير الجديدة لاختيار وجوه مشهورة على الشاشات لجذب الجمهور.

منى أبو النصر (القاهرة )

معرض فوتوغرافي يستعيد «الخضرة والوجه الحسن» في مصر 

حديقة الحيوان في الثمانينات (مركز بساط الثقافي)
حديقة الحيوان في الثمانينات (مركز بساط الثقافي)
TT

معرض فوتوغرافي يستعيد «الخضرة والوجه الحسن» في مصر 

حديقة الحيوان في الثمانينات (مركز بساط الثقافي)
حديقة الحيوان في الثمانينات (مركز بساط الثقافي)

تستعيد صور فوتوغرافية فكرة النزهة العائلية «المُفتَقَدة» في الحدائق العامة، التي طالما كانت متنفساً لأغلب الأسر المصرية، وهي ما تبدو أنها صارت بعيدة المنال مع تعرُض عديد من الحدائق العامة للإهمال، أو إخضاعها لخطط التطوير، أو تقلص مساحاتها مع ابتلاع الأرصفة لها، وهي نقاط ترددت أصداؤها ونقاشاتها في أروقة فعالية «أغسطس الأخضر» التي اختتم بها القائمون على «مركز بساط الثقافي» بالقاهرة شهر أغسطس (آب)، مع الدعوة لاستحضار ذكريات الحدائق وهوامشها الاجتماعية.

وبعد دعوة أطلقها «مركز بساط الثقافي» بالقاهرة، عبر مواقع التواصل، لاستقبال صور من الأرشيف العائلي الشخصي في الحدائق، فوجئت مديرة المركز، دعاء الشريف، بتدفق المشارَكات من الصور التي شاركها الجمهور مع القائمين عليه، في احتفاءٍ بذاكرة الحدائق والمتنزهات.

لقطة من حديقة الأزهر وسط القاهرة (مركز بساط الثقافي)

«كان الغرض من المعرض الفوتوغرافي بشكل رئيسي ملاحظة تغيّر ممارساتنا الاجتماعية في الحدائق، والمساحات التي تقلّصت. لاحظنا كثيراً من الأشجار التي اختفت، والحدائق التي لم نعد نعرف أسماءها، وذلك من خلال صور عادية شاركت معنا حكايات أصحابها الشخصية مع الحدائق، بعضهم دوّن اسم الحديقة مع تاريخ تصوير الصور، وآخرون لم يجدوا حدائق فقاموا بمشاركة صورهم داخل مساحات خضراء ضيقة أو حتى اكتفوا بتصوير ورود عبروا بجوارها، وهي توثق فترة تمتد من الخمسينات حتى هذا العام، بكثير من المشاعر التي افتقدها الناس بتقلص اللون الأخضر» وفق ما قالته دعاء لـ«الشرق الأوسط».

أطفال جيل الثمانينات (مركز بساط الثقافي)

ويمكن من خلال التجوّل بين الصور المعروضة، التقاط ملامح من حدائق الخمسينات، حيث الألفة تطغى على كادرات حديقة «الأندلس» العريقة، و«حديقة الحيوان» بالجيزة، التي ظهرت في أكثر من لقطة، ما بين لقطات لها في الخمسينات وأخرى في فترة الثمانينات، في استعادة لواحدة من أشهر حدائق مصر التي تم إغلاق أبوابها أمام الجمهور منذ عامين بعد إدراجها للتطوير، ويعود تأسيسها إلى عام 1891 وتعدّ أكبر حدائق الحيوان في منطقة الشرق الأوسط من حيث المساحة، حيث تقع على نحو 80 فداناً.

لقطة عائلية في حديقة الحيوان (مركز بساط الثقافي)

وهناك صور خلت من العنصر البشري، اعتمد أصحابها على توثيق زياراتهم لها؛ مثل حديقة «قصر عابدين» الأثري، وصور مُلتقطة من داخل حديقة «الأورمان» بأشجارها وزهورها النادرة، علاوة على تكوينات أظهرت كثيراً من ملامح البهجة في حديقة «الأزهر» ما بين صور لأمهات يلتقطن أنفاسهن وسط اللون الأخضر، وصور بالأبيض والأسود لحديقة النباتات بأسوان (جنوب مصر)، وأطفال يطلقون العنان للعب.

وفي تعميق للارتباط المتجذر بين اللون الأخضر وذاكرة المدينة، دارت محاضرة «المياه والخضرة والوجه الحسن» ضمن فعاليات المعرض، التي تحدثت فيها المهندسة علياء نصار، مؤسسة «مدرسة خزانة للتراث»، التي تعدّ أن «إحياء ذاكرة الأماكن والتراث يبقيها حيّة حتى لو نالها التغيير، فليست فقط الحدائق التي يتم تقليصها لأغراض التطوير، ولكن حتى الشجر يُقطع من مكانه، وصار يختفي تدريجياً من الشوارع»، كما تقول في حديثها مع «الشرق الأوسط».

حديقة الأندلس الشهيرة (مركز بساط الثقافي)

وتضيف أن «مسألة الاهتمام بالحدائق والمساحات الخضراء طالما ارتبطت تاريخياً بالاهتمام بالتخطيط البيئي للمدن، حيث كان هناك قديماً اتجاه حدائق بينية بين العمارات بمساحات مختلفة، فكانت تمثل متنزهات صغيرة للأهالي مثلما كان في شوارع شبرا، مروراً بالاهتمام بتخصيص كيانات للاهتمام بالزراعة والبستنة مثل (المعرض الزراعي الصناعي) الذي تأسس عام 1897، وكان حدثاً يفتتحه الملك، ثم صار يفتتحه الرئيس الراحل جمال عبد الناصر، وقد ظهر في فيلم (حب حتى العبادة) وهو من بطولة صلاح ذو الفقار وتحية كاريوكا».

اللون الأخضر يتسع للجميع (مركز بساط الثقافي)

وتعدّ المهندسة علياء نصار أن «ذاكرة السينما مصدر مهم لتتبع تاريخ الحدائق في مصر» على حد تعبيرها، وتقول: «السينما أرّخت لعديد من الحدائق التي لم نعد نعلم أسماء كثير منها، كما أنها احتفظت بذاكرة حدائق ارتبطت بقصص حب شهيرة في الخمسينات والستينات، وأشهرها حديقة الأسماك، وحديقة الحيوان، وحديقة الأندلس».