البرهان: الجيش مستعد لـ«القتال حتى النصر» ولم يستخدم كامل قوته

تجدد القتال في السودان عقب تجديد «الهدنة»

TT

البرهان: الجيش مستعد لـ«القتال حتى النصر» ولم يستخدم كامل قوته

البرهان متفقداً جنوده، الثلاثاء (موقع القوات المسلحة على «فيسبوك»)
البرهان متفقداً جنوده، الثلاثاء (موقع القوات المسلحة على «فيسبوك»)

تفقد رئيس مجلس السيادة الانتقالي في السودان، قائد الجيش، عبد الفتاح البرهان، الثلاثاء، بعض مواقع قواته، مشيداً بوقفة الشعب السوداني بكامله خلف جيشه بالرغم من المعاناة التي يعيشها منذ ما يقارب الشهرين.

وخاطب البرهان حشداً من قواته، مؤكداً أن القوات المسلحة «لم تستخدم بعد كامل قوتها المميتة حتى لا تدمر البلاد، لكن إذا لم ينصع العدو أو يستجب فسنضطر لاستخدام أقصى قوى لدينا».

وقال إن القوات المسلحة وافقت على هدنة وقف إطلاق النار لتسهيل انسياب الخدمات للمواطنين الذين أنهكتهم تعديات المتمردين، الذين نهبوا ممتلكاتهم وانتهكوا حرماتهم وعذبوهم وقتلوهم دون وازع أو ضمير.

البرهان متفقداً جنوده، الثلاثاء (موقع القوات المسلحة على «فيسبوك»)

ودعا البرهان إلى عدم الالتفات إلى ما يبثه إعلام قوات «الدعم السريع»، التي وصفها بأنها «ميليشيا متمردة»، مضيفاً: «يقولون إن الحرب ضد الكيزان (اسم يطلق على الإسلاميين)... أين الكيزان؟».

وشدد البرهان على أن القوات المسلحة ستظل «مستعدة للقتال حتى النصر»، وأنها تسيطر على جميع المواقع العسكرية في السودان بشكل كامل، وأن المتمردين «لن يستطيعوا أن ينالوا من هذه البلاد»، مؤكداً أن «النصر قريب لا محالة».

وتجدد القتال بين طرفي الصراع في السودان، الجيش وقوات «الدعم السريع»، عقب توقيعهما ليلة أمس على تجديد اتفاق وقف لإطلاق النار قصير المدى، لمدة 5 أيام إضافية، واندلعت اشتباكات عنيفة بين الطرفين المتحاربين في مناطق متفرقة من العاصمة الخرطوم.

الدخان يتصاعد في الخرطوم، الأربعاء، رغم أن وقف إطلاق النار لا يزال قائماً (أ.ف.ب)

ووقّع ممثلو الجيش و«الدعم السريع» تجديد الهدنة والترتيبات الإنسانية في مدينة «جدة» السعودية، بوساطة سعودية أميركية، وفقاً للاتفاق السابق.

وأعلنت الوساطة أن الطرفين اتفقا على مناقشة وقف إطلاق نار طويل الأمد، وإخلاء المناطق السكنية من القوات العسكرية.

وأفاد شهود عيان بأن القتال لم يهدأ طوال الأيام الماضية، وأن الاشتباكات مستمرة على الرغم من التوقيع على هدنة جديدة أمس.

وقال عثمان جعفر، من منطقة «الحاج يوسف»، شرق الخرطوم، لـ«الشرق الأوسط»: «نسمع أصوات تبادل الرصاص بكثافة بالقرب من منطقتنا»، مضيفاً: «لا يوجد أي شيء يدل على أن هناك هدنة».

ويقول جعفر: «أحوالنا متوقفة منذ أكثر من 40 يوماً. نحن شبه عالقين في منازلنا، لا نستطيع الخروج لكسب لقمة العيش خوفاً من وقوع قتال بين الجيش و(الدعم السريع) في أي وقت».

وقالت فاطمة أحمد، من المنطقة ذاتها: «صحونا باكراً، اليوم (الثلاثاء)، على أزيز الرصاص في المنطقة التي تقع بجوارنا مباشرة»، مضيفة: «لا يبدو أن هناك التزاماً من الطرفين بوقف القتال».

قوى التغيير تحض على الالتزام بالهدنة

ودعا الائتلاف الحاكم السابق (قوى الحرية والتغير) قادة الجيش و«الدعم السريع» إلى الالتزام باتفاق وقف إطلاق النار المجدد، لمعالجة الوضع الإنساني المتدهور.

وقال الائتلاف، في بيان، إن الهدنة السابقة شهدت تحسناً طفيفاً في انخفاض حدة المواجهات، إلا أنها شهدت تجاوزات باستخدام الطيران، وحدوث اشتباكات مسلحة، والتأخر في وصول المساعدات الإنسانية، داعياً الطرفين إلى الالتزام بالتعاون لإعادة الخدمات الضرورية.

وأدان الائتلاف بشدة استمرار الوجود المسلح في المناطق السكنية، والمرافق الخدمية والتعدي على المدنيين، وحضّ على وقفها فوراً ومحاسبة مقترفيها، وإعادة الممتلكات المنهوبة.

وأعلن ائتلاف «قوى التغيير» رفضه دعوات تسليح المدنيين والزج بهم في الصراع المسلح، لأن ذلك سيجرّ البلاد إلى حرب أهلية شاملة.

وأكد دعمه قرار «مجلس السلم والأمن الأفريقي» رقم 1156، الذي صدر السبت الماضي، ودعا إلى توحيد الجهود الدولية لتمديد وقف إطلاق النار، ومعالجة الأوضاع الإنسانية، وتسريع وتيرة الوصول إلى حل مستدام للأزمة في السودان.

سكان العاصمة الخرطوم يستغلون فرص الهدن لقضاء حاجاتهم على عجل (أ.ف.ب)

الأمم المتحدة: 1.4 مليون شخص فروا من مناطق القتال

من جهتها، قالت الأمم المتحدة إن القتال مستمر بين القوات المسلحة السودانية وقوات «الدعم السريع» في العاصمة الخرطوم، ومدينة «وزالنجي» في وسط دارفور، و«الفاشر» شمال دارفور، و«الأبيض» في شمال كردفان، على الرغم من وقف إطلاق النار الذي دخل حيز التنفيذ في 22 مايو (أيار) الماضي.

وأفادت الأمم المتحدة أن القتال الدائر في البلاد منذ 15 أبريل (نيسان) الماضي أجبر ما يقارب 1.4 مليون شخص على الفرار من منازلهم إلى داخل وخارج البلاد.

وبحسب مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، عبر حوالي 345 ألف سوداني إلى البلدان المجاورة (مصر، جنوب السودان، تشاد، إفريقيا الوسطى، إثيوبيا).

وذكر التقرير الأممي أن منظمة الصحة العالمية تحققت من 38 هجوماً على المرافق الصحية والعاملين الصحيين ومستودعات الإمداد والنقل، منذ التوقيع على اتفاق إعلان المبادئ بين طرفي القتال في مدينة جدة السعودية في 11 من الشهر الماضي.

ووفقاً لآخر تحديث لمنظمة الأغذية والزراعة، ارتفعت أسعار السلع الأساسية والمواد الغذائية والوقود، بما في ذلك المياه المعبأة، بنسبة 40 إلى 60 في المائة، في المناطق المتضررة من النزاع، متوقعة تصاعد ارتفاع الأسعار بنسبة 25 في المائة إضافية في الأشهر الستة المقبلة إذا استمر الصراع.

وتوقع برنامج الأغذية العالمي أن 18 مليون شخص لن يكونوا قادرين على تلبية احتياجاتهم الغذائية الأساسية.


مقالات ذات صلة

قبل رحيلها... إدارة بايدن تفرض عقوبات على «حميدتي» وتتهمه بـ«جرائم حرب»

شمال افريقيا حميدتي قال في خطاب الاستقلال الأربعاء إن السودان في مفترق طرق (الشرق الأوسط)

قبل رحيلها... إدارة بايدن تفرض عقوبات على «حميدتي» وتتهمه بـ«جرائم حرب»

«الخارجية الأميركية»: «قوات الدعم السريع»، والميليشيات المتحالفة معها، شنَّت هجمات ضد المدنيين، وقتلت الرجال والفتيان بشكل منهجي، وحتى الرُّضع، على أساس عرقي.

هبة القدسي (واشنطن)
شمال افريقيا مواطنون في بورتسودان يطالبون بتمديد مهلة تبديل العملة (أ.ف.ب)

تبديل الجنيه السوداني يتحول أداةً حربية بين طرفي النزاع

عدّت «قوات الدعم السريع» العملات الجديدة «غير مبرئة للذمة» في المناطق التي تسيطر عليها، وقالت إن العملات القديمة «سارية» وصالحة للتداول فيها.

أحمد يونس (كمبالا)
شمال افريقيا سودانيون يحاولون الدخول إلى حافلة في بورتسودان (أ.ف.ب)

بلينكن يؤكد ارتكاب «الدعم السريع» إبادة في السودان

قال وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن إن واشنطن تأكدت أن أعضاء «قوات الدعم السريع» والجماعات المتحالفة معها ارتكبوا إبادة جماعية في السودان.

شمال افريقيا أطفال يحملون حزماً من المساعدات الإنسانية في مدرسة للنازحين بمدينة القضارف شرق السودان (أ.ف.ب)

أزمة بيع مواد الإغاثة تتفاقم في السودان... وتبرؤ حكومي

تفاقمت أزمة بيع المواد الإغاثية في أسواق سودانية، فيما تبرَّأت المفوضية الإنسانية التابعة للحكومة من المسؤولية عن تسريبها.

محمد أمين ياسين (نيروبي) وجدان طلحة (بورتسودان)
المشرق العربي الحرب في السودان والقيود المفروضة على توصيل المساعدات تسببتا في مجاعة في شمال دارفور (رويترز)

الأمم المتحدة: أكثر من 30 مليون شخص في السودان بحاجة إلى المساعدة

قالت الأمم المتحدة الاثنين إن أكثر من 30 مليون شخص، أكثر من نصفهم من الأطفال، يحتاجون إلى المساعدة في السودان بعد عشرين شهرا من الحرب المدمرة.

«الشرق الأوسط» (بورتسودان)

رسائل السيسي لـ«طمأنة» المصريين تثير تفاعلاً «سوشيالياً»

الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي خلال مشاركته الأقباط الاحتفال بعيد الميلاد (الرئاسة المصرية)
الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي خلال مشاركته الأقباط الاحتفال بعيد الميلاد (الرئاسة المصرية)
TT

رسائل السيسي لـ«طمأنة» المصريين تثير تفاعلاً «سوشيالياً»

الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي خلال مشاركته الأقباط الاحتفال بعيد الميلاد (الرئاسة المصرية)
الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي خلال مشاركته الأقباط الاحتفال بعيد الميلاد (الرئاسة المصرية)

حظيت رسائل «طمأنة» جديدة أطلقها الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، خلال احتفال الأقباط بـ«عيد الميلاد»، وأكد فيها «قوة الدولة وصلابتها»، في مواجهة أوضاع إقليمية متوترة، بتفاعل واسع على مواقع التواصل الاجتماعي.

وقال السيسي، خلال مشاركته في احتفال الأقباط بعيد الميلاد مساء الاثنين، إنه «يتابع كل الأمور... القلق ربما يكون مبرراً»، لكنه أشار إلى قلق مشابه في الأعوام الماضية قبل أن «تمر الأمور بسلام».

وأضاف السيسي: «ليس معنى هذا أننا كمصريين لا نأخذ بالأسباب لحماية بلدنا، وأول حماية فيها هي محبتنا لبعضنا، ومخزون المحبة ورصيدها بين المصريين يزيد يوماً بعد يوم وهو أمر يجب وضعه في الاعتبار».

السيسي يحيّي بعض الأقباط لدى وصوله إلى قداس عيد الميلاد (الرئاسة المصرية)

وللمرة الثانية خلال أقل من شهر، تحدث الرئيس المصري عن «نزاهته المالية» وعدم تورطه في «قتل أحد» منذ توليه المسؤولية، قائلاً إن «يده لم تتلوث بدم أحد، ولم يأخذ أموال أحد»، وتبعاً لذلك «فلا خوف على مصر»، على حد تعبيره.

ومنتصف ديسمبر (كانون الأول) الماضي، قال السيسي في لقاء مع إعلاميين، إن «يديه لم تتلطخا بالدم كما لم تأخذا مال أحد»، في إطار حديثه عن التغييرات التي تعيشها المنطقة، عقب رحيل نظام بشار الأسد.

واختتم السيسي كلمته بكاتدرائية «ميلاد المسيح» في العاصمة الجديدة، قائلاً إن «مصر دولة كبيرة»، مشيراً إلى أن «الأيام القادمة ستكون أفضل من الماضية».

العبارة الأخيرة، التي كررها الرئيس المصري ثلاثاً، التقطتها سريعاً صفحات التواصل الاجتماعي، وتصدر هاشتاغ (#مصر_دولة_كبيرة_أوي) «التريند» في مصر، كما تصدرت العبارة محركات البحث.

وقال الإعلامي المصري، أحمد موسى، إن مشهد الرئيس في كاتدرائية ميلاد المسيح «يُبكي أعداء الوطن» لكونه دلالة على وحدة المصريين، لافتاً إلى أن عبارة «مصر دولة كبيرة» رسالة إلى عدم مقارنتها بدول أخرى.

وأشار الإعلامي والمدون لؤي الخطيب، إلى أن «التريند رقم 1 في مصر هو عبارة (#مصر_دولة_كبيرة_أوي)»، لافتاً إلى أنها رسالة مهمة موجهة إلى من يتحدثون عن سقوط أو محاولة إسقاط مصر، مبيناً أن هؤلاء يحتاجون إلى التفكير مجدداً بعد حديث الرئيس، مؤكداً أن مصر ليست سهلة بقوة شعبها ووعيه.

برلمانيون مصريون توقفوا أيضاً أمام عبارة السيسي، وعلق عضو مجلس النواب، محمود بدر، عليها عبر منشور بحسابه على «إكس»، موضحاً أن ملخص كلام الرئيس يشير إلى أنه رغم الأوضاع الإقليمية المعقدة، ورغم كل محاولات التهديد، والقلق المبرر والمشروع، فإن مصر دولة كبيرة وتستطيع أن تحافظ علي أمنها القومي وعلى سلامة شعبها.

وثمّن عضو مجلس النواب مصطفى بكري، كلمات السيسي، خاصة التي دعا من خلالها المصريين إلى التكاتف والوحدة، لافتاً عبر حسابه على منصة «إكس»، إلى مشاركته في الاحتفال بعيد الميلاد الجديد بحضور السيسي.

وربط مصريون بين عبارة «مصر دولة كبيرة» وما ردده السيسي قبل سنوات لقادة «الإخوان» عندما أكد لهم أن «الجيش المصري حاجة كبيرة»، لافتين إلى أن كلماته تحمل التحذير نفسه، في ظل ظهور «دعوات إخوانية تحرض على إسقاط مصر

وفي مقابل الكثير من «التدوينات المؤيدة» ظهرت «تدوينات معارضة»، أشارت إلى ما عدته تعبيراً عن «أزمات وقلق» لدى السلطات المصرية إزاء الأوضاع الإقليمية المتأزمة، وهو ما عدّه ناجي الشهابي، رئيس حزب «الجيل» الديمقراطي، قلقاً مشروعاً بسبب ما تشهده المنطقة، مبيناً أن الرئيس «مدرك للقلق الذي يشعر به المصريون».

وأوضح الشهابي، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، أنه «رغم أن كثيراً من الآراء المعارضة تعود إلى جماعة الإخوان وأنصارها، الذين انتعشت آمالهم بعد سقوط النظام السوري، فإن المصريين يمتلكون الوعي والفهم اللذين يمكنّانهم من التصدي لكل الشرور التي تهدد الوطن، ويستطيعون التغلب على التحديات التي تواجههم، ومن خلفهم يوجد الجيش المصري، الأقوى في المنطقة».

وتصنّف السلطات المصرية «الإخوان» «جماعة إرهابية» منذ عام 2013، حيث يقبع معظم قيادات «الإخوان»، وفي مقدمتهم المرشد العام محمد بديع، داخل السجون المصرية، بعد إدانتهم في قضايا عنف وقتل وقعت بمصر بعد رحيل «الإخوان» عن السلطة في العام نفسه، بينما يوجد آخرون هاربون في الخارج مطلوبون للقضاء المصري.

بينما عدّ العديد من الرواد أن كلمات الرئيس تطمئنهم وهي رسالة في الوقت نفسه إلى «المتآمرين» على مصر.