موعد نهائي جديد لسداد الديون الأميركية من دون التوصل لاتفاق

التخلف عن السداد يقترب... وبايدن متفائل

رئيس مجلس النواب كيفين مكارثي يتحدث لوسائل إعلام حول مفاوضات رفع سقف الدين في مبنى الكابيتول بواشنطن (أ.ب)
رئيس مجلس النواب كيفين مكارثي يتحدث لوسائل إعلام حول مفاوضات رفع سقف الدين في مبنى الكابيتول بواشنطن (أ.ب)
TT

موعد نهائي جديد لسداد الديون الأميركية من دون التوصل لاتفاق

رئيس مجلس النواب كيفين مكارثي يتحدث لوسائل إعلام حول مفاوضات رفع سقف الدين في مبنى الكابيتول بواشنطن (أ.ب)
رئيس مجلس النواب كيفين مكارثي يتحدث لوسائل إعلام حول مفاوضات رفع سقف الدين في مبنى الكابيتول بواشنطن (أ.ب)

اتفق المفاوضون في الولايات المتحدة على موعد نهائي جديد لسداد الديون الأميركية، لكن من دون التوصل لاتفاق على رفع سقف الديون البالغ 31.4 تريليون دولار، في الوقت الذي حذرت فيه وزارة الخزانة من أن التخلف عن السداد في الخامس من يونيو (حزيران) يلوح في الأفق دون اتخاذ إجراء.

وقال الرئيس الأميركي جو بايدن ومفاوض جمهوري، إنهما يعكفان على التوصل لاتفاق بخصوص رفع سقف ديون الحكومة الأميركية، ويتفاوض الجانبان منذ أسابيع على اتفاق لرفع حد اقتراض الحكومة الاتحادية، إذ يضغط الجمهوريون أيضا من أجل تقليص الإنفاق بشدة. ومن دون اتفاق، يمكن أن تواجه الولايات المتحدة تخلفا عن السداد له تداعيات كارثية.

وقال بايدن للصحافيين: «الأمور تبدو جيدة. أنا متفائل». وقال النائب الجمهوري باتريك ماكهنري إنه يتفق مع تعليقات بايدن، لكنه حذر من أن المفاوضات لم تنته بعد.

أدلى الاثنان بتصريحاتهما على نحو منفصل بعد وقت قصير من قول وزيرة الخزانة الأميركية جانيت يلين إن الحكومة ستعجز عن تدبير المال المطلوب لسداد فواتيرها بحلول الخامس من يونيو. وكانت يلين قد ذكرت في وقت سابق أن هذا الموعد النهائي قد يحل في الأول من يونيو.

ويناقش المفاوضون اتفاقا من شأنه أن يرفع الحد لمدة عامين، لكنهم يظلون على خلاف حول ما إذا كان سيتم تشديد متطلبات العمل لبعض برامج مكافحة الفقر.

وذكرت محطة «سي إن إن» أن رئيس مجلس النواب الجمهوري كيفن مكارثي غادر مبنى الكونغرس الجمعة بعد مؤتمر عبر الهاتف أبلغ خلاله أحد كبار مساعديه الجمهوريين أنه لم يتم التوصل إلى اتفاق.

ويجب أن يحصل أي اتفاق على موافقة في مجلس النواب الذي يسيطر عليه الجمهوريون ومجلس الشيوخ الذي يقوده الديمقراطيون قبل أن يوقع بايدن عليه ليصبح قانونا، وهي عملية قد تستغرق أكثر من أسبوع.

وذكر مسؤول أميركي أن المفاوضين توصلوا مبدئيا إلى اتفاق من شأنه أن يحد من الإنفاق على العديد من البرامج الحكومية العام المقبل.

موعد نهائي جديد

قالت وزيرة الخزانة الأميركية جانيت يلين في رسالة إلى أعضاء الكونغرس إنه «استناداً إلى أحدث البيانات المتاحة، نقدر الآن أن وزارة الخزانة لن يكون لديها موارد كافية للوفاء بالتزامات الحكومة إذا لم يرفع الكونغرس أو يعلق سقف الدين بحلول الخامس من يونيو».

وأضافت أن أكثر من 130 مليار دولار مخصصة للرواتب التقاعدية والصحة خصوصا للمحاربين القدامى، يجب أن تدفع في أول يومين من يونيو، موضحة أن ذلك «سيجعل حجم الموارد في الخزانة ضئيلا جدا».

وضيق بذلك البيت الأبيض والمفاوضون من الحزب الجمهوري الخلافات مبدئيا، ولكن النزاع تواصل حتى مساء الجمعة، بشأن قضايا رئيسية، فيما أشارت وزارة الخزانة إلى وجود وقت إضافي قبل عجز محتمل عن سداد الدين الأميركي، بحسب «بلومبرغ».

وقالت وزيرة الخزانة جانيت يلين إن الوزارة تتوقع أن تكون قادرة على سداد الدين الأميركي حتى الخامس من يونيو المقبل، إذا لم يتمكن النواب من التوصل لتحديد سقف للدين الأميركي. ويضع ذلك موعدا أكثر دقة للتخلف المحتمل عن السداد. ويأتي ذلك بعد أربعة أيام من تصريحات سابقة للوزيرة أشارت فيها إلى توقع حدوث مشكلات في الأول من يونيو، على أقرب تقدير.

ويشتري ما يطلق عليه الموعد إكس المزيد من الوقت للمفاوضين وللمتحدث باسم مجلس النواب كيفن ماكارثي والرئيس جو بايدن للتوصل لاتفاق. ولم تتقابل فرق التفاوض بشكل شخصي منذ يوم الأربعاء الماضي، ولكن أعضاءها تحدثوا في وقت متأخر من يوم الخميس وكانوا على تواصل منتظم طوال يوم الجمعة.

وقال بايدن وهو يغادر البيت الأبيض مساء الجمعة إلى منتجع كامب ديفيد، إنه «متفائل للغاية» بشأن فرص التوصل لاتفاق. وقال باتريك ماكهنري، أحد ممثلي المفاوضين الجمهوريين، إن موعد الخامس من يونيو يعني أنه لا تزال هناك ضرورة أن يتوصل الجانبان إلى اتفاق. وأضاف: «الآن لدينا موعد محدد».

وواصلت فرق التفاوض العمل حتى الساعات الأولى من صباح السبت للتوصل إلى صيغة لاتفاق.

الأمل موجود

قال مصدر مقرب من المناقشات: «نحن أقرب (إلى اتفاق) لكن ذلك لم يتم بعد»، مشككا في إمكانية الإعلان عن اتفاق السبت. من جهته، تحدث رئيس مجلس النواب الجمهوري كيفن مكارثي أحد أبطال هذا المسلسل السياسي المالي، عن إحراز تقدم. لكنه قال: «لا شيء مؤكد حتى يتم الاتفاق على كل شيء»، في مسعى لمواصلة الضغط على الرئيس.

ولا يوجد نقص في الضغط في هذه القضية التي يصعب فهمها خارج الولايات المتحدة وبشكل عام خارج فقاعة واشنطن. ومن النقاط الشائكة الرئيسية إصرار الجمهوريين على أن الذين يتلقون دعما حكوميا، مثل المساعدات الغذائية، يجب أن يعملوا مقابل الحصول عليها.

وقال المتحدث باسم البيت الأبيض أندرو بيتس إن الجمهوريين مستعدون لتعريض «أكثر من ثمانية ملايين وظيفة للخطر إذا لم يتمكنوا من إخراج الخبز من أفواه الأميركيين الجياع».

هذه المناورة البرلمانية كانت دائما إجراء شكليا للحزبين. لكن هذه المرة يطالب الجمهوريون، مقابل موافقتهم على رفع سقف الدين، بتخفيض الإنفاق العام. ورسميا، يرفض جو بايدن التفاوض على ذلك، مؤكدا أنه «رهينة».

لكن في الواقع، يواصل مستشارو المعسكرين محادثات بلا توقف منذ أيام حسب وسائل إعلام أميركية، واتفقوا على بعض الخطوط الرئيسية.

وذكرت صحيفتا «نيويورك تايمز» و«واشنطن بوست» مثلا أن الاتفاق سيجمد بعض النفقات لكن من دون المساس بالميزانيات المخصصة للدفاع والمحاربين القدامى. وسيسمح بتأجيل لمدة عامين، أي إلى ما بعد الانتخابات الرئاسية المقبلة، لخطر تخلف عن السداد.

خفض الدين

يمكن لكيفن مكارثي الذي يحتاج إلى تعزيز موقعه كرئيس لمجلس النواب، أن يقول إنه أضفى مزيدا من الصرامة على الميزانية، بينما يستطيع الديمقراطيون القول إنهم حموا الامتيازات الاجتماعية والمشاريع الاستثمارية الكبرى.

وأوضح بايدن الذي ترشح لولاية رئاسية ثانية، الخميس، أن المناقشات تجري بين «رؤيتين متعارضتين».

وقدم نفسه على أنه بطل العدالة الاجتماعية والمالية. لكن وسائل الإعلام ذكرت أن بايدن (80 عاماً) تنازل في هذه المفاوضات عن أي زيادة في الوسائل المخصصة لمكافحة التهرب الضريبي.

وفي حال التوصل إلى اتفاق، يفترض أن يقره مجلس الشيوخ الذي يتمتع فيه الديمقراطيون بأغلبية ضئيلة، ومجلس النواب حيث يتمتع المحافظون بأغلبية هشة.

لكن برنامج الكونغرس مضغوط. فقد عاد عدد كبير من أعضائه إلى معاقلهم حيث سيمضون عطلة نهاية أسبوع طويلة في «يوم الذكرى».

من جهة أخرى، هدد بعض التقدميين داخل الحزب الديمقراطي وبعض برلمانيي الحزب الجمهوري بعدم المصادقة على نص - أو تأخيره قدر الإمكان - يتضمن تنازلات مبالغا فيها للمعسكر المعارض.

خيارات صعبة

في منتصف يناير (كانون الثاني) بلغت الحكومة الفيدرالية الأميركية سقف الاستدانة الذي يتجاوز 31 تريليون دولار. مذاك، استخدمت وسائل محاسبة خاصة لإطالة عمر الأموال المسموح لها بإنفاقها دون رفع سقف الاستدانة.

لكن لا يمكنها مواصلة تطبيق ذلك إلا لفترة محدودة قبل أن تواجه معضلة سقف الدين. في تلك الحالة - التاريخ الجديد هو الخامس من يونيو - ستكون قادرة فقط على الإنفاق مما تجمعه من العائدات الضريبية.

بين الأول من يونيو والخامس عشر منه، ستواجه وزارة الخزانة عجزا في التمويل بأكثر من 100 مليار دولار، بحسب تحليل أجراه مركز الأبحاث بايبارتيزان بوليسي لمعطيات الخزانة.

وإذا بلغت الولايات المتحدة سقف الدين «فسيكون أمامها خيارات صعبة بشأن أي من الفواتير لن تُسدد»، حسبما قالت جانيت يلين مؤخرا.

ومع تأكيد طرفي المفاوضات على أن الولايات المتحدة لن تتخلف عن سداد ديونها، يصبح الإنفاق الحكومي هو المسألة التي ينبغي اتخاذ تلك القرارات الصعبة بشأنها. ويمكن أن تختار الخزانة إرجاء بعض المدفوعات للضمان الاجتماعي وميديكير وبرامج ميديك ايد (للتأمين الصحي)، والتي تساعد عشرات ملايين الأشخاص في تكاليف التقاعد والرعاية الصحية. أو، يمكنها أن توقف موقتا بعض المدفوعات في جميع المجالات، ما من شأنه تخفيف تداعيات ذلك على متلقي الضمان الاجتماعي والرعاية الصحية، ولكنه سيزيد من عدد الخدمات الحكومية المتضررة.

وإذا تمكنت وزارة الخزانة من بلوغ تاريخ 5 يونيو من دون التخلف عن سداد أي من التزاماتها المالية، فقد تستطيع تفادي تعثر مؤذ في الأسابيع اللاحقة. وهناك نحو 80 مليار دولار من العائدات المستحقة من ضرائب الدخل الفصلية للأفراد والشركات، بحسب مركز بايبارتيزان بوليسي للأبحاث، ما يتجاوز بكثير مبلغ الإنفاق البالغ 22 مليار دولار.

ومن شأن ذلك أن يبث حياة جديدة في خزائن الحكومة، وإبعاد المشكلة عن الخزانة لفترة أطول، شرط عدم بروز حاجة غير متوقعة لمدفوعات مالية كبيرة.

ولكن بالنظر إلى أن حجم عائدات الضرائب دائما ما يكون أقل مما تنفقه الحكومة، فإن هذه الخطة ليست مستدامة.

وقال البيت الأبيض في بيان مؤخرا: «التخلف عن السداد ليس خيارا، وكل المشرعين المسؤولين يفهمون ذلك». وسيتعين على الجمهوريين والديمقراطيين في مرحلة ما التوصل إلى اتفاق لرفع سقف الدين، أو إجراء تخفيضات كبرى في الإنفاق.


مقالات ذات صلة

انخفاض عائدات سندات الخزانة الأميركية بعد بيانات ضعيفة لأسعار المنتجين

الاقتصاد متداول في قاعة بورصة نيويورك (أ.ب)

انخفاض عائدات سندات الخزانة الأميركية بعد بيانات ضعيفة لأسعار المنتجين

انخفضت عائدات سندات الخزانة الأميركية يوم الثلاثاء، بعد أن أظهرت البيانات ارتفاعاً معتدلاً في أسعار المنتجين لشهر ديسمبر، وهو ما جاء دون التوقعات.

«الشرق الأوسط» (نيويورك )
الاقتصاد عمال ينتجون بعض الصمامات المتخصصة في مصنع شركة «إمرسون إليكتريك» في مارشالتاون (رويترز)

ارتفاع معتدل لأسعار المنتجين في الولايات المتحدة خلال ديسمبر

ارتفعت أسعار المنتجين في الولايات المتحدة بشكل معتدل في ديسمبر (كانون الأول).

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
الاقتصاد أوراق الدولار الأميركي (رويترز)

الدولار يحافظ على مكاسبه مع تقليص رهانات خفض الفائدة الأميركية

استقر الدولار قرب أعلى مستوى في أكثر من عامين يوم الثلاثاء، مع تقليص المتعاملين رهاناتهم على خفض أسعار الفائدة الأميركية في 2025 بعد بيانات اقتصادية قوية.

«الشرق الأوسط» (سنغافورة )
الاقتصاد شخص يقف بالقرب من نصب واشنطن التذكاري في واشنطن (رويترز)

نمو الوظائف الأميركية يفوق التوقعات والبطالة تتراجع إلى 4.1 %

تسارع نمو الوظائف في الولايات المتحدة بشكل غير متوقع في ديسمبر، بينما انخفض معدل البطالة إلى 4.1 في المائة، مما يعكس قوة سوق العمل في نهاية العام.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
الاقتصاد متداول في بورصة نيويورك (رويترز)

بيانات التضخم الأميركية الأسبوع المقبل تضع الأسواق تحت الاختبار

قد تختبر بيانات التضخم في الولايات المتحدة الأسبوع المقبل أعصاب المستثمرين في أسواق الأسهم، ما يزيد من المخاوف المتعلقة بارتفاع عائدات سندات الخزانة.

«الشرق الأوسط» (نيويورك )

السعودية: التعدين العالمي يحتاج إلى استثمارات بـ6 تريليونات دولار لتلبية الطلب

وزير الصناعة والثروة المعدنية السعودي بندر الخريّف يتحدث في مستهل الاجتماع الوزاري الدولي (الشرق الأوسط)
وزير الصناعة والثروة المعدنية السعودي بندر الخريّف يتحدث في مستهل الاجتماع الوزاري الدولي (الشرق الأوسط)
TT

السعودية: التعدين العالمي يحتاج إلى استثمارات بـ6 تريليونات دولار لتلبية الطلب

وزير الصناعة والثروة المعدنية السعودي بندر الخريّف يتحدث في مستهل الاجتماع الوزاري الدولي (الشرق الأوسط)
وزير الصناعة والثروة المعدنية السعودي بندر الخريّف يتحدث في مستهل الاجتماع الوزاري الدولي (الشرق الأوسط)

يحتاج العالم إلى استثمارات بقيمة 6 تريليونات دولار على مدى السنوات العشر المقبلة لتلبية الطلب في قطاع التعدين، وهو ما يُمثل تحدياً للقطاع، بحسب ما أعلنه وزير الصناعة والثروة المعدنية السعودي بندر الخريّف في اجتماع دولي للوزراء المعنيين بشؤون التعدين.

وهو ما يشير إلى تعطش القطاع للاستثمارات، في وقت يشهد اهتماماً متزايداً في السعودية التي تعمل على أن يصبح قطاع التعدين الركيزة الثالثة للصناعة الوطنية.

وجاء هذا الاجتماع من ضمن أعمال المؤتمر الدولي للتعدين الذي تستضيفه المملكة تحت شعار «تحقيق الأثر»، الذي تشارك فيه نحو 90 دولة وأكثر من 50 منظمة، مما يعكس دور قطاع التعدين الحيوي في المملكة والعالم.

ويبحث مؤتمر التعدين الدولي زيادة القيمة المضافة في الدول المنتجة للمعادن وإنتاج المعادن الخضراء باستخدام التقنيات الحديثة والطاقة المتجددة.

وكان الاجتماع الوزاري مناسبة لعقد العديد من مذكرات التفاهم التي تستهدف تعزيز الشراكات الدولية وتطوير قطاع التعدين والمعادن في المملكة.

وكانت المملكة رفعت العام الماضي تقديراتها لإمكانات الثروات المعدنية غير المستغلة فيها من 1.3 تريليون إلى 2.5 تريليون دولار، ما من شأنه أن يدعم رحلة تنويع اقتصادها.

الخريّف متحدثاً خلال الاجتماع الوزاري (واس)

قطاع المعادن العالمي

وقال الخريّف في مستهل الاجتماع إن قطاع المعادن العالمي يحتاج إلى استثمارات تقدر بـ6 تريليونات دولار، لتلبية الطلب على مدى العقد المقبل، مشدداً على أن المعادن تمثل جوهر سلسلة التوريد، وهي مهمة لتلبية الطلب المتزايد المدفوع بالتحول في مجال الطاقة.

وأشار إلى أهمية استكمال المبادرات الثلاث التي تم إطلاقها خلال الاجتماع الدولي نفسه في العام الماضي، وهي: الإطار الدولي للمعادن الحرجة، والاستمرار بإنشاء شبكة من مراكز التميز لبناء القدرات التعدينية في الشرق الأوسط، وتعزيز منهجية أولويات التوريد.

واقترح إنشاء مجموعة توجيهية على مستوى الوزراء تكون مهمتها الإشراف على هذه المبادرات والدفع نحو إشراك الحكومات، داعياً المنظمات المتعددة الأطراف للعمل على وضع خريطة طريق للحد من مخاطر الاستثمار وتعزيز التعاون. وقال: «نطمح إلى صياغة اتفاق عام بشأن المعادن للنظر فيه في المائدة المستديرة المقبلة».

صورة جماعية للمشاركين في الاجتماع الوزاري (الشرق الأوسط)

التكامل بين الدول

وعلى هامش الاجتماع، أكد الخريّف لـ«الشرق الأوسط» أن المملكة تعمل من كثب مع جميع الدول العربية، لا سيما تلك التي تمتلك تجارب في قطاع التعدين مثل المغرب والأردن ومصر. وأشار إلى التشابه الكبير في الجيولوجيا بين المملكة ومصر، حيث يتقارب كل من الدرع العربي والدرع النوبي بشكل كبير.

الوزير الخريّف متحدثاً في مؤتمر صحافي عقب الاجتماع (الشرق الأوسط)

وأبان أن قطاع التعدين يتطلب تكاملاً بين الدول، حيث تعمل شركات التعدين في أكثر من منطقة، لافتاً إلى أن الدول العربية قد دعمت هذا المؤتمر منذ انطلاقه.

وأضاف أن قطاع التعدين يشكل جزءاً حيوياً من «رؤية المملكة»، خاصة في ظل توجهات العالم نحو حلول الطاقة المستدامة والتقنيات الحديثة التي تتطلب كميات كبيرة من المعادن.

الصناعات المحلية

بدوره، كشف وزير الطاقة والموارد الطبيعية الجيبوتي، يونس علي جيدي، لـ«الشرق الأوسط» عن توقيع بلاده اتفاقية تعاون جديدة مع السعودية في إطار تعزيز التعاون بين البلدين في قطاع التعدين، ولتبادل الخبرات التدريبية. وأوضح أن الاتفاقية تشمل أيضاً مشاركة الإمكانات في هذا المجال الحيوي بين البلدين، فضلاً عن حاجة جيبوتي للاستثمارات السعودية، مشيراً إلى ما حققته بلاده من تقدم في تطوير العديد من الصناعات المحلية.

توقيع مذكرة تعاون بين الوزير الخريّف ووزير الطاقة والموارد الطبيعية الجيبوتي يونس علي جيدي (واس)

ولفت إلى أن جيبوتي تحتاج إلى مستثمرين من المملكة في التعدين، حيث توجد الآن كبرى الشركات السعودية التي من الممكن أن تلعب دوراً مهماً في تطوير هذا القطاع في بلاده.

وعلى الصعيد الإقليمي، لفت جيدي إلى النمو الذي يشهده قطاع التعدين في أفريقيا، مع تأكيده ضرورة أن تواصل القارة تقدمها في هذا المجال لمواكبة الطلب العالمي المتزايد.

المعادن الحيوية

من جانبه، قال وزير المناجم والموارد المعدنية في سيراليون، جوليوس ماتاي، لـ«الشرق الأوسط»، إن التحدي الأكبر الذي يواجه قطاع التعدين في بلاده هو التمويل.

ولفت إلى أن استكشاف المعادن الحيوية يتطلب استثمارات ضخمة ذات مخاطر عالية، وهو ما يعاني منه معظم الدول الأفريقية. كما أكد أهمية تحسين البنية التحتية وقدرات سلسلة القيمة المعدنية في سيراليون، من الاستكشاف إلى المعالجة، مشيراً إلى تطلع بلاده للاستفادة من الخبرات السعودية في هذا المجال.

وأوضح أن سيراليون تسعى لتعزيز التعاون الدولي لضمان إطار شامل للمعادن الحيوية، مشيراً إلى أهمية تطوير مراكز التميز التي تركز على الاستدامة في قطاع التعدين.

أما وزير الموارد الطبيعية والبيئة والتغير المناخي الماليزي، نظمي أحمد، فقد شدد على أن أبرز التحديات التي تواجه بلاده في مجال التعدين هي الفجوة التكنولوجية، مشيراً إلى أن بعض الدول الكبرى هي التي تمتلك التكنولوجيا المتقدمة في إنتاج ومعالجة المعادن النادرة. وأكد أن هذه الفجوة تؤثر بشكل كبير على قدرة ماليزيا التنافسية في الأسواق العالمية.

وأضاف لـ«الشرق الأوسط»، أن التوترات الجيوسياسية تؤثر أيضاً على سلاسل الإمداد العالمية، مما يزيد من تعقيد الوضع بالنسبة للدول مثل ماليزيا، التي تعتمد بشكل كبير على التجارة مع الصين والولايات المتحدة. وعلى الرغم من هذه التحديات، أكد أحمد أن ماليزيا تعمل على تعزيز قدرتها على معالجة المعادن النادرة محلياً، بدلاً من تصديرها كمواد خام، وذلك في إطار استراتيجيات تعزيز القطاع المحلي.

نقص البنية التحتية

وفي تصريح لـ«الشرق الأوس»، أشار وزير المعادن اليمني، الدكتور سعيد الشماسي، إلى أن بلاده تمتلك موارد معدنية قيمة يمكن استخدامها في صناعة البطاريات والطاقة المتجددة. وأوضح أن اليمن يملك احتياطيات من الليثيوم، وهو معدن حيوي يستخدم في إنتاج البطاريات والألواح الشمسية، بالإضافة إلى معادن أخرى مثل النحاس. وأكد أن هناك حاجة ملحة للاستثمارات الأجنبية في هذه المجالات، خصوصاً في ظل نقص البنية التحتية المتطورة في قطاع التعدين.

كما لفت إلى أن اليمن يتطلع إلى تعزيز التعاون مع السعودية في هذا المجال، موضحاً أن بلاده قد بدأت مؤخراً في تشكيل مجلس لرجال الأعمال السعودي اليمني بهدف تيسير التعاون الاستثماري بين البلدين في القطاعات المختلفة.

هذا، وشهد الاجتماع الوزاري توقيع وزارة الصناعة والثروة المعدنية السعودية مذكرات تفاهم واتفاقيات تعاون مع 6 دول، وهي: جيبوتي، والمملكة المتحدة، والأردن، وزامبيا، والنمسا، وفرنسا، في خطوة نوعية تستهدف تعزيز الشراكات الدولية وتطوير قطاع التعدين والمعادن في المملكة.

كم تم افتتاح المعرض المصاحب بالمؤتمر بمشاركة نخبة من الشركات والجهات الدولية، لعرض أحدث التقنيات والابتكارات في قطاع التعدين، ودعم التعاون لتحقيق استدامة القطاع على المستوى العالمي.

وتوازياً، فازت شركتان وتحالفان، من بينهم شركات عالمية ومحلية، برخص استكشاف في 6 مواقع تعدينية في المملكة، ضمن الجولة السابعة للمنافسات التعدينية، بحسب بيان لوزارة الصناعة والثروة المعدنية يوم الثلاثاء.