الجزائر: رفض الإفراج عن الصحافي القاضي وإرجاء محاكمته إلى الشهر المقبل

بعد إدانته بتهمة «التمويل الأجنبي بغرض الدعاية»

إحسان القاضي (الشرق الأوسط)
إحسان القاضي (الشرق الأوسط)
TT

الجزائر: رفض الإفراج عن الصحافي القاضي وإرجاء محاكمته إلى الشهر المقبل

إحسان القاضي (الشرق الأوسط)
إحسان القاضي (الشرق الأوسط)

رفضت محكمة الاستئناف بالعاصمة الجزائرية، الأحد، طلب دفاع الصحافي إحسان القاضي، الإفراج المؤقت عنه، وأجلت محاكمته إلى 4 يونيو (حزيران) المقبل، بناء على طلب المحامين.

في غضون ذلك، عالجت محكمتان، بالعاصمة وشرق البلاد، قضيتين مرتبطتين بصحافيين آخرين، أحدهما ورد اسمه في «قضية الإجلاء السري» للناشطة المعارضة أميرة بوراوي.

إحسان القاضي (الشرق الأوسط)

واستغرق الفصل في طلب دفاع إحسان القاضي بضع دقائق، سواء تعلق الأمر بإطلاق سراحه ليحاكم وهو خارج السجن، أو إرجاء محاكمته إلى الشهر المقبل. وقال عبد الله هبول، أحد أعضاء هيئة الدفاع عن الصحافي الستيني، في اتصال هاتفي، إن طلب التأجيل «أمر عادي طالما أن الملف يحال لأول مرة على قضاء الدرجة الثانية». حضر الجلسة كثير من الصحافيين المنتسبين لشركة «إنترفاس» التي يديرها إحسان، والناشرة للصحيفة الإلكترونية «ماغراب إيمرجنت»، والإذاعة التي تبث على الإنترنت «راديو إم».

وبنهاية العام الماضي، تم تشميع مقر الوسيلتين الإعلاميتين اللتين يديرهما القاضي، المعروف بمشاكساته ضد الحكومة، بحجة «تمويلهما من الخارج بغرض الدعاية السياسية». وهذه التهمة اتخذتها المحكمة الابتدائية أساساً، لإدانة إحسان، في 2 أبريل (نيسان) الماضي، بالسجن 5 سنوات، سنتان منها موقوفتا التنفيذ.

وأكد الدفاع عن إحسان القاضي أن المال الذي تحدثت عنه النيابة «لا يعدو أن يكون تحويلات بقيمة 35 ألف جنيه إسترليني، مصدرها ابنته التي تعيش ببريطانيا، إلى حسابه البنكي في الجزائر، لحل مشكلات مالية تخص مؤسسته الإعلامية».

الرئيس تبون (الرئاسة الجزائرية)

وفي 3 مايو (أيار) الحالي، استلم الرئيس عبد المجيد تبون بمناسبة «اليوم العالمي لحرية الصحافة» رسالة من «مراسلون بلا حدود»، تطالب فيها بإطلاق القاضي. وأكد تبون يومها، بهذا الخصوص، أن الصحافي، من دون ذكره بالاسم، «لم يسجن بسبب نشاطه المهني». لكنه ترك انطباعاً باحتمال استعادته حريته عندما يحاكم في القضاء الاستئنافي.

والأسبوع الماضي، شنت وسائل الإعلام الجزائرية والبرلمان هجوماً شديداً على البرلمان الأوروبي، على أساس أنه «تجنى على الجزائر» عندما ندد في لائحة أصدرها بـ«قمع الحريات في الجزائر». كما طالب فيها بإطلاق سراح إحسان القاضي «فوراً».

في غضون ذلك، ذكر محامون بعنابة (600 كيلومتر شرق البلاد) أن المحكمة المحلية نظمت محاكمة للصحافي مصطفى بن جامع، رئيس تحرير صحيفة «لوبرفنسيال» الفرنكفونية، على إثر إيداعهم معارضة لحكم شهرين حبساً، صدر غيابياً ضده في 2021. واتهم محافظ عنابة، بن جامع (30 سنة) بـ«القذف والتشهير الكاذب»، على أساس مقال تناول فيه «عدم احترام تدابير الوقاية من (كورونا)»، بشأن حفل عرس أقيم في عز الوباء. وعد المحافظ المقال «اتهاماً غير مباشر له بالتقصير في فرض الإجراءات الوقائية من الفيروس، في ولاية عنابة».

مصطفى بن جامع (الشرق الأوسط)

ويرتقب أن يحاكم بن جامع في قضية أخرى لاتهامه بـ«المشاركة في تهريب المعارضة أميرة بوراوي»، وهو مسجون على ذمة هذه القضية منذ فبراير (شباط) الماضي.

واعتقلت السلطات والدة بوراوي، ثم أفرجت عنها، لكنها احتفظت في السجن بابن عمها والسائق الذي نقلها إلى الحدود التونسية، ومن تونس منحتها الممثلية الدبلوماسية الفرنسية الحماية القنصلية، بحكم أنها تحمل الجنسية الفرنسية إلى جانب الجزائرية، وسافرت إلى فرنسا، بينما كانت ممنوعة من السفر في الجزائر حيث كانت تقيم.

أما الصحافي الثالث، الذي عالجت محكمة العاصمة قضيته، فهو منصف آيت قاسي مراسل «فرانس 24» سابقاً، الذي استأنف حكماً ضده بدفع غرامة مالية، وذلك بتهمة «تلقي أموال أجنبية». وتعود التهمة، حسب دفاعه، إلى مستحقات تسلمها كمراسل للقناة الفرنسية. كما تم إدانة عضوين بالفرقة الفنية للقناة، بالحكم ذاته.

منصف آيت قاسي (الشرق الأوسط)

وكان منصف آيت قاسي قد أوقف ووضع في الحجز المؤقت في 20 يوليو (تموز) 2020، لكن أطلق سراحه بعد 24 ساعة، وحصل رسمياً من السلطات الجزائرية على ورقة اعتماده صحافياً، وفق ما ذكرت «فرانس 24».



مصر تعدد «إنجازاتها» في «حقوق الإنسان» قبل مراجعة دورية بجنيف

بنايات على نيل القاهرة (تصوير: عبد الفتاح فرج)
بنايات على نيل القاهرة (تصوير: عبد الفتاح فرج)
TT

مصر تعدد «إنجازاتها» في «حقوق الإنسان» قبل مراجعة دورية بجنيف

بنايات على نيل القاهرة (تصوير: عبد الفتاح فرج)
بنايات على نيل القاهرة (تصوير: عبد الفتاح فرج)

عدّدت مصر «إنجازاتها» في ملف حقوق الإنسان خلال السنوات الأخيرة، قبل مناقشة «تقرير المراجعة الشاملة» أمام المجلس الدولي لحقوق الإنسان بجنيف، في يناير (كانون الثاني) المقبل، وأكدت القاهرة «هدم السجون (غير الآدمية) وإقامة مراكز إصلاح حديثة».

وتقدمت الحكومة المصرية في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، بتقريرها الرابع أمام «آلية المراجعة الدورية الشاملة» التابعة لمجلس حقوق الإنسان الدولي، تمهيداً لمناقشته الشهر المقبل، وهو تقرير دوري تقدمه مصر كل 4 سنوات... وسبق أن قدّمت القاهرة 3 تقارير لمراجعة أوضاع حقوق الإنسان في أعوام 2010، و2014، و2019.

وقال عضو «المجلس القومي لحقوق الإنسان» بمصر، رئيس «المنظمة المصرية لحقوق الإنسان» (مؤسسة حقوقية)، عصام شيحة، إن «الحكومة المصرية حققت (قفزات) في ملف حقوق الإنسان»، وأشار في تصريحات تلفزيونية، مساء الخميس، إلى أن «السنوات الأخيرة، شهدت قنوات اتصال بين المنظمات الحقوقية والمؤسسات الحكومية بمصر»، منوهاً إلى أن «مصر هدمت كثيراً من السجون القديمة التي كانت (غير آدمية) وأقامت مراكز إصلاح حديثة».

وأوضح شيحة في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، الجمعة، أن «الحكومة المصرية تبنت فلسفة عقابية جديدة داخل السجون عن طريق الحد من العقوبات السالبة للحريات، وأنها هدمت نحو 15 سجناً، وقامت ببناء 5 مراكز إصلاح وتأهيل وفق أحدث المعايير الدولية، وتقدم برامج لتأهيل ودمج النزلاء».

عادّاً أن تقديم مصر لتقرير المراجعة الدورية أمام «الدولي لحقوق الإنسان» بجنيف، «يعكس إرادة سياسية للتواصل مع المنظمات الدولية المعنية بملف حقوق الإنسان».

وشرعت وزارة الداخلية المصرية أخيراً في إنشاء «مراكز للإصلاح والتأهيل» في مختلف المحافظات، لتكون بديلة للسجون القديمة، ونقلت نزلاء إلى مراكز جديدة في «وادي النطرون، وبدر، و15 مايو»، وتضم المراكز مناطق للتدريب المهني والفني والتأهيل والإنتاج، حسب «الداخلية المصرية».

ورغم الاهتمام الحكومي بملف حقوق الإنسان في البلاد، وفق مراقبين؛ فإن عضو «المجلس القومي لحقوق الإنسان» يرى أن «هناك ملفات تحتاج إلى تحرك مثل ملف الحبس الاحتياطي في التهم المتعلقة بالحريات».

الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي يستعرض التقرير الثالث لـ«الاستراتيجية الوطنية لحقوق الإنسان» في مصر (الرئاسة المصرية)

وفي وقت سابق، أعلن الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، استجابته لتوصيات مناقشات «الحوار الوطني» (الذي ضم شخصيات عامة وحزبية وأكاديميين وسياسيين) بشأن قضية الحبس الاحتياطي، داعياً في إفادة للرئاسة المصرية، أغسطس (آب) الماضي، إلى «أهمية تخفيض الحدود القصوى لمدد الحبس، وتطبيق بدائل مختلفة للحبس الاحتياطي».

ويرى وكيل «لجنة حقوق الإنسان» بمجلس النواب المصري (البرلمان)، النائب أيمن أبو العلا، أن «الحكومة المصرية حققت تقدماً في تنفيذ محاور (الاستراتيجية الوطنية لحقوق الإنسان) التي أطلقتها عام 2021»، ودلل على ذلك بـ«إلغاء قانون الطوارئ، وتشكيل لجان للعفو الرئاسي، والسعي إلى تطبيق إصلاح تشريعي مثل تقديم قانون جديد لـ(الإجراءات الجنائية) لتقنين الحبس الاحتياطي».

وكان وزير الخارجية المصري، بدر عبد العاطي، قد عرض على الرئيس المصري، الأربعاء الماضي، التقرير الثالث لـ«الاستراتيجية الوطنية لحقوق الإنسان»، متضمناً «المبادرات والبرامج التي جرى إعدادها للارتقاء بأوضاع حقوق الإنسان بمفهومها الشامل، السياسي والاقتصادي والاجتماعي والثقافي».

وحسب إفادة للرئاسة المصرية، وجه الرئيس المصري بـ«استمرار جهود نشر الوعي بحقوق الإنسان في مؤسسات الدولة كافة، ورفع مستوى الوعي العام بالحقوق والواجبات»، وشدد على «تطوير البنية التشريعية والمؤسسية لإنجاح هذا التوجه».

عودة إلى وكيل «لجنة حقوق الإنسان» بـ«النواب» الذي قال إن ملف حقوق الإنسان يتم استغلاله من بعض المنظمات الدولية سياسياً أكثر منه إنسانياً، موضحاً لـ«الشرق الأوسط» أن «هناك ازدواجية في معايير بعض المنظمات التي تغض الطرف أمام انتهاكات حقوق الإنسان في غزة ولبنان، وتتشدد في معاييرها مع دول أخرى».