الحكومة التونسية تعرض مشاريع قوانين على البرلمان الجديد

حزب يدعو الرئيس إلى إنهاء عمل هيئة الانتخابات بسبب «فشلها»

إبراهيم بودربالة رئيس البرلمان الجديد خلال إشرافه على اجتماع تنسيقي مع الكتل البرلمانية (موقع البرلمان)
إبراهيم بودربالة رئيس البرلمان الجديد خلال إشرافه على اجتماع تنسيقي مع الكتل البرلمانية (موقع البرلمان)
TT

الحكومة التونسية تعرض مشاريع قوانين على البرلمان الجديد

إبراهيم بودربالة رئيس البرلمان الجديد خلال إشرافه على اجتماع تنسيقي مع الكتل البرلمانية (موقع البرلمان)
إبراهيم بودربالة رئيس البرلمان الجديد خلال إشرافه على اجتماع تنسيقي مع الكتل البرلمانية (موقع البرلمان)

بعد تشكيل الكتل البرلمانية الست في البرلمان التونسي المنبثق عن الانتخابات البرلمانية الأخيرة، واختيار أعضاء اللجان البرلمانية التي ستنظر في مشاريع القوانين التي تعرض من رئاسة الجمهورية أو من الحكومة، أو من عدد من نواب البرلمان، كشف إبراهيم بودربالة، رئيس البرلمان الجديد، خلال إشرافه على اجتماع تنسيقي مع الكتل البرلمانية وبقية النواب غير المنتمين، عن إيداع الحكومة، برئاسة نجلاء بودن، مجموعة من مشاريع القوانين، ومطالبتها باستعجال النظر فيها.

وقال صابر المصمودي، رئيس كتلة «الأحرار» البرلمانية، إن نواب البرلمان الجديد الذي قام على أنقاض البرلمان المنحل، الذي كان يرأسه راشد الغنوشي رئيس حركة «النهضة»، «عازمون على التسريع في النظر في مشاريع القوانين الواردة من الحكومة»، مشيراً إلى أن البرلمان سينكب على النظر في مشاريع القوانين المعروضة عليه.

وأوضح المصمودي أن أعضاء المجلس النيابي لم يطلعوا بعد على فحوى المشاريع التي تقدمت بها الحكومة، ورجَّح أن تركز اللجان البرلمانية عملها خلال الأسبوع المقبل على مناقشة تلك القوانين.

وفي هذا الشأن، توقع جمال العرفاوي، المحلل السياسي التونسي، في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، ألا تجد الحكومة عقبات كثيرة في تمرير القوانين التي تريد إقرارها، على اعتبار أن تركيبة البرلمان الحالي «مكونة بالأساس من نواب يتماهون مع المسار السياسي للرئيس قيس سعيد، وبناء عليه فلن يسعى النواب إلى تعطيل تلك القوانين، خصوصاً أنها قوانين ذات طابع اقتصادي واجتماعي في المقام الأول».

وأضاف العرفاوي موضحاً أن مسؤولية رئاستي الجمهورية والحكومة «ستكون مضاعفة اعتباراً أن كليهما لن يجد صعوبة في التعامل مع السلطة التشريعية، وهذا ما يجعل الشارع التونسي ينتظر تغييرات كثيرة في نموذج التنمية، والمزايا التي ستقدمها الحكومة للفئات الضعيفة والمناطق الفقيرة». وتوقع أن تحظى المشاريع الاجتماعية والاقتصادية بالأولوية المطلقة، وذلك بالنظر إلى الصعوبات التي يعيشها التونسيون حالياً.

على صعيد آخر، دعا حزب مسار 25 يوليو المؤيد للرئيس سعيد، إلى حسم ملف هيئة الانتخابات، التي يرأسها فاروق بوعسكر، وإنهاء مهامها بسرعة، وذلك بعد الانتقادات الكثيرة التي رافقت أداءها، وتدخلاتها خلال المحطات الانتخابية الأخيرة، وعدم نجاحها في ضمان مشاركة قوية بالانتخابات البرلمانية الأخيرة، حيث لم تتجاوز نسبة المشاركة في الدورين الأول والثاني حدود 11 في المائة من إجمالي الناخبين بقليل.

فاروق بوعسكر رئيس هيئة الانتخابات (إ.ب.أ)

واتهم «مسار 25 يوليو» رئيس الهيئة بالسعي إلى إتلاف الأجهزة المستعملة خلال الانتخابات الماضية «للتغطية على عمليات تزوير الانتخابات»، مؤكدة أن حركة النهضة تعمل على السيطرة عليها، على حد قوله.

هيئة الانتخابات أكدت استعدادها لإنجاح المحطات الانتخابية المقبلة (أ.ف.ب)

في المقابل، لم ترد هيئة الانتخابات عن هذه الانتقادات، لكنها أكدت من خلال عدة تصريحات أنها على استعداد لإنجاح بقية المواعيد الانتخابية، وعلى رأسها الانتخابات الرئاسية المقررة سنة 2024، والانتخابات البلدية، والانتخابات الجزئية الرامية لسد الشغور في 7 دوائر انتخابية ممثلة للتونسيين بالخارج.



لماذا لا تتدخل مصر عسكرياً في اليمن؟

سفن حاويات تعبر قناة السويس المصرية في وقت سابق (رويترز)
سفن حاويات تعبر قناة السويس المصرية في وقت سابق (رويترز)
TT

لماذا لا تتدخل مصر عسكرياً في اليمن؟

سفن حاويات تعبر قناة السويس المصرية في وقت سابق (رويترز)
سفن حاويات تعبر قناة السويس المصرية في وقت سابق (رويترز)

أعاد نفي مصري لتقارير إسرائيلية عن استعداد القاهرة شن هجمات عسكرية ضد جماعة «الحوثي» في اليمن، تساؤلات بشأن أسباب إحجام مصر عن التدخل عسكرياً في اليمن، رغم ما تعانيه من تداعيات اقتصادية جراء هجمات «الحوثي» على السفن المارة في البحر الأحمر.

وأكد خبراء تحدثوا لـ«الشرق الأوسط» أن «مصر لا تفضل أن تقوم بأعمال عسكرية خارج حدودها»، وأشاروا إلى أن القاهرة «تدرك أن توترات البحر الأحمر سببُها استمرارُ الحرب في غزة»، ومن هنا فهي تُفضل «الطُرق الدبلوماسية لوقف الحرب».

ونفى مصدر مصري مسؤول، الأحد، ما تناولته تقارير إعلامية إسرائيلية عن «قيام مصر باستعدادات بهدف التدخل العسكري في اليمن».

وذكر المصدر المصري المسؤول، في تصريحات أوردتها قناة «القاهرة الإخبارية» الفضائية، أن مثل هذه التقارير، وما تتضمنه من معلومات «مُضللة»، ليس لها أساس من الصحة.

وادعت تقارير إسرائيلية أن «مصر تستعد لضرب الحوثيين بعد تكبدها خسائر اقتصادية كبرى جراء تصاعد التهديدات ضد هيئة قناة السويس التي تعد شرياناً حيوياً للتجارة العالمية».

كما زعمت التقارير أيضاً أن مصر «أبدت رغبة متزايدة في لعب دور فعال في الصراع اليمني، مع تجهيز طائرات لتنفيذ عمليات جوية تستهدف الحوثيين، الذين أثاروا مخاوف متزايدة حول سلامة الملاحة عبر البحر الأحمر».

نيران اشتعلت في ناقلة نفط استهدفها الحوثيون بالبحر الأحمر خلال وقت سابق (رويترز)

ومنذ نهاية نوفمبر (تشرين الثاني) 2023 غيّرت شركات شحن عالمية مسارها، متجنبةً المرور في البحر الأحمر، إثر استهداف جماعة «الحوثي» اليمنية السفن المارة بالممر الملاحي، «رداً على استمرار الحرب الإسرائيلية ضد قطاع غزة»؛ ما دفع شركات الشحن العالمية لتغيير مسارها، متجنبةً المرور في البحر الأحمر.

وعدَّ الخبير العسكري المصري، اللواء سمير فرج، التقارير الإسرائيلية، «محاولة للضغط على مصر ودفعها للعب دور في اليمن». وقال إن «مصر لن تشارك في أي عمل عسكري في اليمن»، مشيراً إلى أن القاهرة «تدرك أن السبب وراء التوترات في البحر الأحمر ليس في الحوثي أو في اليمن؛ بل في استمرار الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة». وأضاف فرج: «لو توقفت الحرب الإسرائيلية في غزة سوف تتوقف الهجمات على السفن بالبحر الأحمر».

واتفق معه مساعد وزير الخارجية المصري الأسبق، السفير حسين هريدي، وقال إن «المشكلة ليست في (الحوثي)، فما يحدث جزءٌ من حرب مفتوحة بين إيران وإسرائيل، و(الحوثي) مجرد أداة، والقاهرة لن تتعامل مع الأدوات ولن تتورط في هذا الصراع».

وأضاف أن «القاهرة تؤمن بالحلول الدبلوماسية لأزمات المنطقة، ولن ترسل قواتها خارج الحدود، لا سيما مع إدراكها حجم التوترات على جميع حدودها، سواء في غزة أو ليبيا أو السودان».

وفي ديسمبر (كانون الأول) 2023 شكّلت الولايات المتحدة الأميركية، تحالف «حارس الازدهار» للرد على هجمات «الحوثي»، لكن مصر لم تعلن انضمامها له، وهو ما فسره خبراء آنذاك بأن القاهرة «تفضل المسار الدبلوماسي لحل الأزمة».

سفينة شحن خلال عبورها قناة السويس المصرية في وقت سابق (رويترز)

وحسب أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة، الدكتور أحمد يوسف أحمد، فإن رفض مصر التدخل عسكرياً ضد «الحوثي» في اليمن «دليل على موضوعية السياسة المصرية». وقال إن «مصر هي الخاسر الأكبر من هجمات الحوثي، لكنها على مدار أكثر من عام لم تدنها، واقتصرت التصريحات الرسمية على التأكيد على ضرورة تأمين الملاحة في البحر الأحمر».

وأرجع أستاذ العلوم السياسية ذلك إلى أن «مشاركة مصر في أي تحالف حالياً ضد الحوثي قد ينظر له البعض على أنه دعم لتل أبيب في حربها على قطاع غزة».

وسبق وأشارت مصر مراراً إلى تأثر حركة الملاحة بقناة السويس بالتوترات الإقليمية. وتراجعت إيرادات قناة السويس من 9.4 مليار دولار (الدولار الأميركي يساوي 50.7 جنيه في البنوك المصرية) خلال العام المالي الذي يبدأ من يوليو (تموز) 2022 حتى نهاية يونيو (حزيران) 2023، إلى 7.2 مليار دولار خلال العام المالي 2023 - 2024، حسب ما أعلنته هيئة قناة السويس في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي.

وقال الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، نهاية الشهر الماضي، إن «إيرادات قناة السويس شهدت انخفاضاً تجاوز 60 في المائة مقارنة بعام 2023، مما يعني أن مصر خسرت ما يقرب من 7 مليارات دولار في عام 2024».

وذكرت مجلة «إسرائيل ديفنس»، الصادرة عن الجيش الإسرائيلي، في تقرير نشرته في أكتوبر الماضي، أنه «رغم ما تعانيه مصر من خسائر بسبب توترات البحر الأحمر، فإنها ترفض القيام بعمل عسكري ضد جماعة الحوثي»، وأشارت حينها إلى أن «القاهرة تضع الاعتبارات الاستراتيجية والخوف من التصعيد الإقليمي والعلاقات السياسية مع العالم العربي فوق أي اعتبار».